samedi 14 janvier 2012

مليار جنيه فساد المحليات ومليون جنيه للرشوة الواحدة

46

 رغم أن حجم فساد المحليات في عهد الرئيس المخلوع خلال 30 عاما كان للركب كما وصفه من قبل زكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس السابق حسني مبارك الذي يحاكم الآن بتهم الفساد والتربح إلا أن الوضع يقول إن الفساد أكبر وأكثر من ذلك بعد أن أثبتت التقارير والدراسات أن حجم الفساد في المحليات وصل إلي درجة لا يتصورها عقل وفي مقدمة هذه التقارير تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتقارير التنمية البشرية المتعاقبة والدراسات الاقتصادية وتقارير بعض منظمات المجتمع المدني، التي أكدت أن حجم الفساد في المحليات خلال 30 عاما بلغت حوالي 14 مليار جنيه وأكدت أن حجم الدعاوي القضائية التي كانت تحال إلي النائب العام بخصوص المحليات بلغ أكثر من 90 ألف دعوي قضائية منها إحالة 54 ألف مهندس في الإدارة الهندسية بالمحافظات والمدن والأحياء لتحقيقات النيابة الإدارية والنيابة العامة بتهم تلقي رشاوي أو اختلاس أو تسهيل استيلاء علي أراضي مباني أو أراض زراعية أو تسهيل عمليات الهدم والبناء وأن السبب يرجع في ذلك إلي اختراق الحزب الوطني لها واختيار قياداتها من داخل الحزب فقط وقد بلغ حجم الفساد في عام واحد 390 مليون جنيه. وأكدت الدراسات والتقارير أن حجم الفساد لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد ليشمل التراخي في تحصيل إيرادات الدولة المستحقة مثل الايجار والضرائب وصرف حوافز بدون وجه حق وصرف مبالغ مالية من حساب الموازنة العامة بدون أوراق أو مستندات وصرف واسناد المناقصات بالأمر المباشر.
وأكدت التقارير أن الرشاوي في بعض الأوقات وصلت إلي ما يزيد عن مليون جنيه في المحليات بعد أن كانت في بداية الثمانينيات ونهاية التسعينيات تصل لعدة آلاف من الجنيهات لكن مع تفاقم الوضع وصلت الرشاوي في المحليات إلي ما يزيد علي مليون جنيه للتغاضي عن مخالفات تصل إلي مائة مليون جنيه، وهو ما رصدته التقارير مثلما حدث في إدارة أملاك القاهرة وبالتحديد في منطقة الزمالك عما قام المسئولون بإدارة الأملاك بعدم التحصيل والتقاعس عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح المحافظة من أحد الكازينوهات الشهيرة بحي الزمالك تقدر بمائة مليون جنيه وتغاضي إدارة حماية النيل بالقاهرة عن استيلاء أصحاب الكازينو علي 4 قراريط و55 مترا من أراضي طرح النهر والبناء عليها دون أن تكون ضمن العقد المبرم.
وعلي سبيل المثال لا الحصر اثبتت التقارير المالية بمحافظة القليوبية للتضرر المالي عام 2006 وجود عجز في قطاع الإدارة المحلية بمديرية القليوبية تجاوز 6 ملايين و791 ألف جنيه علي الأرباح التجارية والصناعية المحصلة والمحليات و16 مليونا و173 ألفا عجزا في بند الصندوق المشترك بالمحليات بالمحافظة و254 ألفا في بند الايرادات والرسوم و26 ألف عجز وبند ايرادات المناجم ومليون و567 ألفا عجزا في بند ضرائب ورسوم السيارات و3.7 مليون و879 ألفا عجزا في بند خدمات مؤسسات لا تهدف للربح و3.1 مليونا و311 ألفا عجز في إيرادات المشروعات الانتاجية و31 مليون و77 ألف في بند موارد جارية من الصناديق والحسابات الخاصة وفي الإسكندرية وخلال نفس الفترة تم احالة عدد من الموظفين والمسئولين إلي النيابة العامة بعد أن أثبتت التحقيقات قيام المسئولين بتسهيل استيلاء إحدي شركات الاستصلاح الزراعي علي قطعة أرض قيمتها 70 مليون جنيه مقابل رشوة مالية قيمتها 150 ألف جنيه وهي نماذج بسيطة من آلاف النماذج التي شملها التقارير والتي أحيل أغلبها أو عدد منها إلي المحاكم والنيابات وأكدت التقارير أن القاهرة والجيزة والإسكندرية في مقدمة المحافظات التي انتشر بها الفساد في المحليات وأصبح الفساد هو الأصل بعدما كان ظاهرة وتأتي بعدهما محافظات القليوبية والسويس والإسماعيلية وسوهاج وأسيوط وفي المؤخرة محافظات شمال سيناء ومرسي مطروح والوادي الجديد.
وقد بلغت الرشاوي في المحليات حوالي 400 مليون جنيه في العام الواحد في السنوات الأخيرة وتحديدا منذ منتصف التسعينيات وحتي آواخر عام 2009 لتصبح هي السمة الرئيسية والتي تسببت في خسائر فادحة للاقتصاد المصري بلغت مليارات جنيه بسبب هروب المستثمرين كما جاء في عدة تقارير أكدت أن السبب يرجع للمعاناة في إجراءات إنشاء المشروعات وتجميد تكاليف للمشروعات بسبب الرشاوي وإسناد مهام بالأمر المباشر في بعض المناقصات والخدمات مما تسبب في ظهور الاحتكار في بعض السلع والخدمات التي حصل عليها بعض المستثمرين ورجال الأعمال المصريين منهم أمين تنظيم الحزب الوطني السابق المهندس أحمد عز الذي يحاكم الآن بتهم الفساد والاحتكار.
يقول يحيي عبدالفتاح عضو مجلس محلي سابق كنت عضوًا بالمجالس المحلية الشعبية طوال أكثر من 15 عاما حتي قيام ثورة 25 يناير ولم أكن أتوقع حجم الفساد داخل المجالس المحلية الشعبية والأجهزة التنفيذية فرغم أن المجالس المحلية كان يمكن لها أن تحل مشاكل البلد وبطرق سهلة وميسرة فإنها كانت عالة علي الوطن ومستنقعا للفساد لعدم قيامها بدور الرقابة علي الأجهزة التنفيذية بقدر ما كانت شريكًا لها في كل شيء وعندما يصبح عضو المجلس المحلي هو الذراع اليمني لأصحاب المصالح والوسيط بينهم وبين مهندسي وموظفي الأحياء فكل شيء وقتها يضيغ ويتحول الاثنين إلي شركاء في الفساد وبشكل منظم فأغلب المجالس المحلية في مصر خاصة في فترة التسعينيات وبداية القرن الحالي كانت مرتعا للفساد وخاصة بعد أن ظهرت طبقة رجال الأعمال علي السطح وبدأت تنخر كالسوس في كل شئ داخل الأجهزة التنفيذية. فإذا عرفنا مثلا أن موظف الإدارة المحية لا يتجاوز راتبه 600 جنيه والمهندس لا يتجاوز راتبه 1500 جنيه ويتعامل كل يوم مع آلاف الطلبات والمعاينات التي تقدر بالملايين سواء كانت لرجال أعمال أو لمواطنين عاديين فتحول الموظف إلي خزينة صغيرة تتلقي الأموال من كل هؤلاء حتي ينجز لهم أعمالهم وبدون ذلك لن يستطيع أن ينهي مصالحهم وحتي لو كان صاحب الطلب علي حق فإنه لن يستطيع أن ينهي أعماله ويحصل علي حقه داخل أي حي إلا عندما يدفع الأموال للموظفين والمهندسين حتي يستطيع أن ينهي أعماله في الوقت المطلوب وإلا تأخر إلي شهور وسنوات وكان الحل من وجهة نظري أن يكون هناك تشريع واضح وصريح يحدد اختصاصات الإدارات المحلية وعملها حتي لا يتوه المواطن البسيط داخل الإدارات المحلية ويقول عيسي عبدالحليم عضو مجلس محلي سابق من خارج الحزب الوطني إن الحزب الوطني هو السبب الرئيسي في فساد المجالس المحلية لأنه سيطر عليها وعلي الإدارات المحلية بأجهزتها التنفيذية وكان عضو المجلس المحلي للقرية أو المدينة أو المحافظة يستطيع أن ينقل أي مسئول داخل الإدارة المحلية في حالة امتناعه عن تنفيذ ما يريد لذلك تحول الاثنان إلي شركاء في الفساد فموظف الإدارة المحلية يسرق ويحصل علي الرشوة ويستغل نفوذه وعضو المجلس المحلي الشعبي رغم أنه يجب أن يراقبه ولا يتستر علي أفعاله وكأنه لم ير شيئا لأنه تربح بدوره من ورائه بالإضافة إلي أن المجالس المحلية كانت لها ميزانيات ضخمة تأتي إليها لصرفها في مشروعات الرصف والنظافة والصرف الصحي وغيرها من المشروعات فإن أعضاء المجالس المحلية يختارون الجهات التي تتبعهم فقط لتنفيذ هذه المشروعات وحتي تنفيذ المهام كانت تسند إما لأعضاء المجالس المحلية أو لأقربائهم لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة والتربح الشخصي لذلك كان أعضاء الحزب الوطني يتقاتلون علي الدخول في المحليات وبعد فترة وجيزة من دخول أي عضو إلي المحليات يتغير وضعه المالي وسريعًا ما يصبح من الأغنياء لدرجة أنه في مثل هذه الأوقات من السنة كان أعضاء المجالس المحلية يتدخلون في أزمة أنابيب البوتاجاز حتي يستطيعوا أن يتربحوا منها ورغم ذلك يحاولون الظهور أمام الجميع في صورة من يحاولون حل المشكلة عن طريق توزيعها عن طريق المحليات من أجل وصولها للمواطن البسيط وهو حق يراد به باطل.
ويقول محيي الدين فهمي رئيس مجلس محلي سابق بأن المجالس المحلية أنشئت في البداية لخدمة الوطن والمواطن وظلت تسير في مسارها الصحيح لكنها انحرفت عن الواقع في العشر سنوات الأخيرة وأصبحت المجالس المحلية عبارة عن مغارة علي بابا من أجل التربح منها ولكن ليس في كل الأماكن فهناك مجالس محلية كان بها أعضاء شرفاء لم يتربحوا منها علي الاطلاق ورغم أنهم قلة إلا أنهم عملوا بجد وباجتهاد لكن عدد كبيرا انحرف واستغل منصبه عن طريق العمل كوسيط بين المواطن وموظفي من الادارات المحلية الذين أصبح أكبر هم للبعض منهم الحصول علي الأموال وأكد أن أغلب القضايا التي تم ضبطها لا تمثل علي الاطلاق أكثر من 20% من حجم الفساد الحقيقي داخل المحليات وأن خسائر الدولة وإهدار المال العام في المحليات أكبر بكثير مما أشارت له التقارير والإحصائيات فمصر خلال العشر سنوات شهدت تدهورًا حادًا في جميع المجالات كان أهمها علي الإطلاق التدهور في المحليات التي أرتكبت كل المخالفات بل قل كل الموبقات لدرجة أنها سمحت بالبناء دون ترخيص وسمحت بتركيب الكهرباء بدون ترخيص ودخول المياه بدون ترخيص وسمحت بالبناء علي أراضي الدولة وعلي الأراضي الزراعية وحولت المرء والفرد إلي ما يشبه علبة السردين بالاضافة إلي اضاعة أموال الدولة في مشروعات لا تهم المواطن وأصبح هناك كم كبير من عمليات الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ بشكل غير معقول بالمرة والفساد في المحليات يصعب حصره أو إثباته وهو يفوق الواقع ويضيف أتمني أن تكون المجالس المحلية في الفترة المقبلة مختلفة تماما عن المجالس المحلية السابقة ويجب قبل البدء في انتخابات المجالس المحلية أن يكون هناك تشريع جديد يحد مهامها ودورها واختصاصاتها بشكل واضح وأن يختصر القوانين والاجراءات داخل الإدارات المحلية في إجراءات بسيطة تجعل المواطن يستطيع أن يقضي ما يريد من المجالس المحلية دون دفع رشاوي أو تأخير.

روزاليوسف اليومية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire