vendredi 27 janvier 2012

حازم عبدالعظيم يكتب: نقل السلطة.. وشرعية الإعلان الدستوري

7

بقلم - حازم عبد العظيم :

لقد عشنا الفترة الماضية و مازلنا نعيش حالة (معتادة) من التخبط والهرتقة الدستورية بخصوص موعد اجراء انتخابات الرئاسة قبل او بعد الدستور الجديد.انه استمرار لتوابع زلزال استفتاء 19 مارس والذي نتج عنه الخلطة السرية بين تعديلات دستورية  تم استفتاء الشعب عليها واعلان دستوري عسكري صدر بفرمان وبارداة عسكرية منفردة .

لقد نزل ملايين المصريين للاستفتاء في 19 مارس يملؤهم الامل و الطموح في اول ممارسة ديمقراطية بعد ثورة 25 يناير .

ورغم الضبابية المعتادة من مماراسات العسكر عن مدى عودة او احياء او تعليق او سقوط  (وغيرها من الالقاب) دستور 71 الذي تم التعديل منه !! بقى ذلك سرا فقط عند المجلس العسكري الذي لم يفصح وقتها عن ماذا تعني ''لا''  وهل سيعود دستور 71 ام لا. نتيجة الاستفتاء  كانت بنعم  بنسبة 77% واحترمنا جميعا هذه الشرعية بها و فرحنا بها حتى لو اختلفنا معها .

عند هذه النقطة وهذا التاريخ مساء 19 مارس من المفترض ان هذه المواد اصبحت مقدسة و لها شرعية تفوق شرعية المجلس العسكري وبالتالي توقعنا عدم المساس  بالحرف او باللفظ او بالمضمون لاي من هذه المواد . ولكن تم التلاعب بارادة الشعب وهذه الشرعية كالآتي :

تم التلاعب والتعديل لفظيا في 4 مواد من المواد التي تم الاستفتاء عليها وهي 148 و 189 و 189 مكرر و 189 مكرر1 . قد يقول البعض انها لا تغير المضمون وتعبيرات مثل ''هي مجرد ظبط" لهذه المواد ! اعتقد ان هذا مرفوض لانه ليس من حق اي احد التعديل بنقطة و ليست بحرف قبل الرجوع لصاحب الحق و هو الشعب .

بل وتم حذف فقرة في المادة 189 تماما ''ويعرض رئيس الجمهورية المشروع (الدستور)   خلال خمس عشرة يوماً من اعداده  على الشعب لإستفتائه فى شأنه" وكان رئيس الجمهورية في التعديلات هو الذي سيتم انتخابه عن طريق المواد (75-76-77-88-93) . اي انه بوضوح هناك رئيس منتخب قبل الدستور. وقد تنبه العسكري لذلك مبكرا و يبدو انه اراد ان يترك مخرج لو اراد التحايل لتأجيل انتخابات الرئاسة بعد الدستور.

تم اضافة 54 مادة أخرى في الاعلان الدستوري لم يتم استفتاء الشعب عليها منها مثلا مادة العمال والفلاحين المرفوضه من الغالبية  كمادة تمييزية عنصرية ليس لها مثيل في العالم وانتهى الغرض منها منذ ايام ثورة يوليو .

وقد يرد البعض  ان هذه مواد عامة و منظمة للمرحلة الانتقالية و من حق المجلس ان يضعها  كما يحالو له. ايضا كلام مغلوط و مردود عليه : فلماذا لم يتم الاستفتاء على الاعلان الدستوري كاملا؟ اليس من حق الشعب ؟ ولماذا يفرض المجلس مواد ليس من حقه ان يفرضها!

رضينا بذلك واعتبرنا ان هذا الاعلان الدستوري مقدس ولن يتم التلاعب به مرة أخرى الا بالرجوع الى الشعب مصدر السلطات!  ولكن حدث ان تم تغيير المادة 38 في الاعلان الدستوري بدون استفتاء ايضا! وبصرف النظر عن فحوى التغيير و مضمونه  الخاص بالانتخابات ! انه المبدأ في حد ذاته .

ثم مؤخرا بدأنا الدخول في دوامة انتخابات الرئاسة قبل ام بعد الدستور . .المستشار محمد عطية اعلن في الشروق  يوم 5 يناير "جواب نهائي الدستور قبل الرئيس"  ثم تراجع عن ذلك يوم 11 يناير بقوله بجواز فتح باب الترشيح  للرئاسة قبل الدستور والذي قدر انه يستغرق اسبوعين!المجلس تحاشى تماما اي ارتباط رسمى و موثق بتاريخ محدد لانتخابات الرئاسة منذ الاستفتاء عن التعديلات الدستورية و الاعلان الدستوري!.

وهذا يفسر التلاعب السري في غفلة من الزمن المشار اليها في النقطة (1) عن حذف فقرة كاملة عن وجود رئيس الجمهورية  صراحة قبل الدستور .   فرغم التزامه المحدد بميعاد  واضح لانتخابات الشعب والشورى  في المادة 41 :" تبدأ إجراءات انتخاب مجلسى الشعب والشورى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا الإعلان" وتاريخ الاعلان هو 30 مارس ولكنه لم يحدد اي موعد او تاريخ او فترة وزمنية لها اي علاقة بميعاد انتخابات الرئاسة.

ورغم عدم الالتزام الرسمي بالرئاسة صدر تصريح  للواء ممدوح شاهين في المصري اليوم بتاريخ 30 مارس ان انتخابات الرئاسة ستتم بعد شهرين او ثلاثة من انتخابات الشعب و الشورى  المقررة في سبتمبر آنذاك اي ان المرحلة الانتقالية ستنتهي بتعيين رئيس منتخب للبلاد قبل نهاية 2011 و هو ما اكد عليه اعلان رقم 28 الصادر من المجلس الاعلى للقوات المسلحة .

اذن كان خريطة الطريق (الغير رسمية) ولكن على الاقل المعلنة ان انتخابات الرئاسة ستتم قبل نهاية عام 2012 وكان من المعلوم وقتها ان انتخابات الرئاسة ستسبق الدستور الجديد  وشروط الترشح لانتخابات الرئاسة واضحة في المواد من 25 الى 31 و سيعمل الرئيس المنتخب بصلاحيات الاعلان الدستوري المادة 56. هذه هي كانت قناعة المجلس العسكري ولجنة التعديلات الدستورية!

ثم ماذا حدث؟ حدث تحول جذري و غريب في علاقة المجلس العسكري بالثورة منذ اواخر يوليو الى الآن . حدث انقلابين على الثورة و على الاعلان الدستوري تقريبا في آن واحد .

انقلاب على الثورة والثوار حيث بدأت حملة تشويه وتعقب واعتقال لنشطاء سياسيين ومداهمة قنوات فضائية و منظمات حقوقية وشهدنا احداثا مروعة في ماسبيرو و محمد محمود و مجلس الوزراء .

الاهم من ذلك انه حدث بالتزامن مع انقلاب المجلس على الاعلان الدستوري  حدث ذلك في اجتماع غير مفهوم الى الآن هو اجتماع الفريق سامي عنان بالقوى السياسية في 1 اكتوبر 2011 (الشهير باجتماع الشاي بالياسمين)  حيث المادة رقم 1 في البيان تتحدث عن فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة في اليوم التالي للاستفتاء على الدستور الجديد ثم ظهر اللواء العصار بعدها في الفضائيات يتحدث عن تسليم السلطة في صيف 2013!
المستشار الجليل طارق  البشري وهو المهندس الرئيسي للتعديلات الدستورية والمرحلة الانتقالية   نشر مقالا في 7 اكتوبر في جريدة الشروق بعنوان " التراخي في الفترة الانتقالية"  وقد قال بالنص :" ـ ثمة مخالفة للأحكام الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى والمستفتى عليها شعبيا والتى توجب انتخابات مؤسسات الدولة السياسية بما يشمل رئاسة الجمهورية ومجلس البرلمان خلال المرحلة الانتقالية. أى قبل تمام إعداد الدستور الجديد ولينشأ هذا الدستور فى ظل مؤسسات ديمقراطية مدنية ."

معنى ذلك ان تصريحات المستشار محمد عطية الأخيرة و المادة رقم واحد في بيان الفريق سامي عنان والتى تحدد الدستور ثم الاستفتاء ثم الرئاسة هو مخالف للاعلان الدستوري ! المستشار البشري وصف ذلك بالتراخي و المخالفة .لكن يسمحلي المستشار الجليل ان اصفه بانقلاب على شرعية التعديلات و على الاعلان الدستوري  . ما فهمناه من فلسلفة التعديلات الدستورية بصرف النظر عن اتفاقنا او اختلافنا معها (من قالو نعم و من قالوا لا) ان البشري ولجنته رسموا خريطة طريق للمرحلة الانتقالية وتم تحديدها و تعريفها كالآتي :

1.تبدأ في 30 مارس وليس لها تاريخ محدد لنهايتها.

2.تاريخ انتهاء المرحلة الانتقالية هو يوم الاستفتاء على دستور جديد.

3.في خلال المرحلة الانتقالية سيتم بناء  مؤسسات الدولة السياسية الرئيسية وهي المؤسسة الشريعية (شعب و شورى) ثم مؤسسة الرئاسة (انتخابات رئاسة).

4.يتم نقل السلطة على مرحلتين من المجلس العسكري : التشريعية (شعب و شوري) ثم التنفيذية (رئاسة)

5.هذه المؤسسات لم يكن الغرض بناؤها كمؤسسات دائمة بل مؤسسات "مؤقتة" في مرحلة انتقالية بهدف واضح و محدد هو صياغة دستور جديد للبلاد تحت سلطة "مدنية" كاملة حيث يتنهي دور العسكر سياسيا تماما بعد انتخابات الرئاسة "قبل" وضع الدستور الجديد. وان كان من الممكن انتخاب الجمعية التأسيسية اثناء اجراء انتخابات الرئاسة ولكن مرحلة النقاش والحوار الوطنى حول الدستور الجديد كانت يجب ان تتم فى مناخ سياسي مدني ديمقراطي خالص بدون اي تدخل "عسكري"  !

6.تنتهي المرحلة الانتقالية بعد الاستفتاء على الدستور الجديد

7.سيحدد الدستور الجديد حكم المؤسسات السياسية الانتقالية (البرلمان والرئاسة) ومدى استمراريتها وهل سيتم عمل انتخابات جديدة ام  سيكون هناك احكام انتقالية!

هذا ما فهمناه من المستشار طارق البشري الذي سواء اختلفنا او اتفقنا مع فكره يمثل المرجعية لفلسفة التعديلات من جذورها. وقد يستغرب الجميع ان هدف الدكتور البشري لا يختلف كثيرا عن من طالب بالدستور اولا . ذلك لان المستشار البشري كان هدفه منصب على ان يتم صياغة الدستور الجديد في مناخ مدني ديمقراطي بعيدا تماما عن حكم العسكر وهو توجه صحيح لا يختلف عليه أحد ولكن في الوصول الى هذا الهدف شرع في بناء مؤسسات كاملة و تقليدية لازاحة حكم العسكر بطريقة شرعية وديمقراطية من خلال مؤسسات البرلمان و الرئاسة .

افتقد البشري بعض المرونة والابداع في منهجه و هو بناء المؤسسات كاملة (وان كانت وقتية وانتقالية) من اجل صياغة الدستور الجديد في مناخ مدني ديمقراطي. تونس أخذت منحى آخر أكثر مرونة و ابداعا حيث تم تعريف   ما يسمي بالمجلس التأسيسي الذي تم انتخابه ويقوم هذا المجلس التأسيسي بادارة المرحلة الانتقالية مدنيا لمدة عام بدون اي تدخل عسكري.

واذا كان فهمنا للمستشار البشري صحيحا فمعنى ذلك ان مؤسسات الدولة التشريعية (الشعب و الشورى)  ومؤسسة الرئاسة هى مؤسسات وقتية بصلاحيات أقل كثيرا من صلاحيات دستور 71 والهدف الرئيسي لهذه المؤسسات السياسية  في فترة من المفترض انها وجيزة جدا وهي 6 اشهر  هو انتخاب الجمعية التأسيسية و صياغة دستور جديد في مناخ سياسي مدني لاسلطة للمجلس العسكري عليهم.  ولم يكن طبيعي ولا منطقي ان تكون لهذه المؤسسات دور تشريعي و رقابي فاعل لفترة 6 أشهر .

و الدليل على ذلك ما أشار اليه المستشار البشري في مقالته حين ذكر عندما تحدث عن المؤسسة التشريعية و مؤسسة الرئاسة باعتبارهم مؤسسات انتقالية تخدم هدف واحد و هو صياغة دستور جديد  "وأن الدستور الجديد وشأنه فيما يقرره من بقاء هاتين المؤسستين فى ظل لتستكمل مددها الدستورية أو أن يوصى بإجراء انتخابات جديدة لها أو لأيهما" يتضح من ذلك ان بقاء و استمرار تشكيل  هذه المؤسسات من عدمه يتوقف على الدستور الجديد و هو الذي يحدد ذلك! معنى ذلك ان المؤسسات المؤقتة  (رئاسة و برلملن) كانت وسيلة و ليست هدف في حد ذاتها !  وسيلة من اجل تحقيق هدف اسمى هو صياغة دستور جديد للبلاد !

اما بخصوص مجلس الشورى فهو مجلس كمالة كان يمكن الاستغناء عنه بسهولة في فترة الستة أشهر في المرحلة الانتقالية خاصة ان صلاحياته لا تذكر في ظل الاعلان الدستوري  حيث قال اللواء شاهين بالنص في 30 مارس بالمصري اليوم " أنه تم تقليص سلطات مجلس الشورى حيث أصبح له سلطات محدودة جداً، "

الغرض من هذا المقال سرد كم اللغط  والتخبط والهرطقة الدستورية  التي  عشناها من أول الثورة الى الآن وبدا واضحا كيف تلاعب المجلس العسكري بارادة و شرعية الاستفتاء والاعلان الدستوري أكثر من مرة مما يجعلنا نسأل لماذا اذن لا نطالب بتسريع نقل السلطة في اقرب وقت من خلال  احد السيناريوهين :

السيناريو الأول : اعلان فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة قبل مجلس الشورى ..   لم يعد هناك اي ثقة في ادارة المجلس العسكري للبلاد الى منتصف يونيو 2012 !  والى هذه اللحظة لايوجد اي مرسوم رسمي او دستوري  موثق يلتزم به المجلس العسكري  فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة .. كلها تصريحات شفهية .!! لماذا لا نطالب بالغاء وتأجيل مجلس الشورى لحين صدور دستور جديد للبلاد يقرر ما يراه قي هذا الشأن طالما كما وضحت من قراءتي  لفلسفة المرحلة الانتقالية من رئيس اللجنة انها مؤسسات وقتية وليست دائمة و مرهونة بالمرحلة الانتقالية ..

مقولة ان الغاء الشوري سيخالف الاعلان الدستوري ! سيكون الرد هو كم المخالفات و التلاعب الذي قام بها المجلس العسكري  والانقلاب على شرعية الاعلان الدستوري كما حاولت التوضيح. مجلس الشورى سيتكلف مئات الملايين من الجنيهات  وهناك احتمالية لاعادة انتخابه قريبا بعد الدستور فلماذا يترك مصير مجلس الشورى للدستور الجديد هو الذي يحدد ذلك ؟ ونطالب بفتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة في نهاية يناير .

السيناريو الآخر : هو العودة للنموذج التونسي حيث يصبح مجلس الشعب المصري بمثابة المجلس التاسيسي التونسي و تنقل له السلطة كاملة مثلما حدث في تونس. مجلس الشعب المصري الذي تم انتخابه مؤخرا يمثل السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في مصر بل اعلى سلطة شرعية في مصر تفوق شرعية المجلس العسكري الذي لم ينتخبه أحد بل تم تكليفه من المخلوع و الذي سقطت شرعيته كرئيس للبلاد قبل تكليفه للقوات المسلحة بادارة شؤون البلاد . وهذا التكليف تم من شخص فاقد للشرعية وبطريقة غير دستورية.

شرعية المجلس العسكري مصدرها الشرعية الثورية  من الشعب الذي يستطيع سحبها مرة أخرى . وكم كانت رائعة ميادين التحرير اليوم في 25 يناير تطالب بسقوط حكم العسكر و استعادة روح الثورة . الجماهير في ميادين التحرير اليوم لا تريد انتخابات رئاسية و لا دستور ولا حكومة تحت حكم عسكري ولا تريد يده الثقيلة المسيطرة على كل الأمور في الدولة  .

هل يتحمل مجلس الشعب مسئوليته التاريخية و يتسلم السلطة ويعيد تعريف المرحلة الانتقالية تحت حكم مدني خالص  لفترة محددة ونأخذ وقتنا في عمل دستور جديد يليق بالثورة ثم انتخابات رئاسة بدون تدخل من مجلس العسكر ؟ هل يحقق مجلس الشعب و نوابه طموحات ميادين التحرير و طموحات الثورة النبيلة  وينقذ البلاد؟  سنرى ماذا تخبيء الايام القادمة ! والثورة مستمرة !

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire