samedi 14 janvier 2012

برلمان الثورة.. لحية وجلباب !

 44

برلمان الثورة.. لحية وجلباب !

إيهاب حجازي أكتوبر : 15 - 01 - 2012

تستقبل مصر خلال أيام أول برلمان بعد ثورة 25 يناير بعد انتخابات حرة ونزيهة كانت محط أنظار وإعجاب العالم. وقد أسفرت النتائج عن حصول التيار الإسلامى على الأغلبية وسط مخاوف التيارات الليبرالية من خلط الدين بالتشريع مما سيؤثر على قدرة البرلمان الجديد على إفراز تشريعات تخطو بمصر خطوات أوسع نحو الديمقراطية.
«أكتوبر» التقت نخبة من الخبراء والمحللين السياسين للحديث حول هذه الإشكالية التى تشغل بال كثير من المصريين.
فى البداية يقول اللواء حمدى بخيت الخبير العسكرى إن خريطة مجلس الشعب المقبل تحددت بالفعل بعد ان تخطى التيار الاسلامى حاجز ال 60%من المقاعد وهو ما يعنى أنه سيكون مسيطرا بشكل كبير على البرلمان، مشيرا إلى أن القوى الخارجية سترفض هذه الأغلبية رغم انها تدعم النظم الديمقراطية ولن يكون مستساغا أن تقف امام برلمان جاء بالإرادة الشعبية ولكنها سوف تضطر إلى الاقتناع بالنتيجة وصعود التيار الإسلامى.
وأضاف بخيت: أنا مشفق على من حصدوا الأغلبية لأن الشعب سيطالبهم بحلول سريعة لمشاكله، كما أن التيار الإسلامى الذى حصد الاغلبية ليس لديه أدوات للتواكب مع المطالب المشروعة من للمواطنين.
وأشار إلى أن التيار الاسلامى متواجد فى الشارع منذ 80عاما ولكن عن طريق تنظيمات سرية ورغم مطاردته من الأنظمة المتعاقبة إلا أنه أصر على التواجد فى الشارع السياسى للحفاظ على شرعيته فى العمل السياسى ولكنه فى النهاية مطالب بأن يضع خطة عاجلة للمشاكل التى يشتكى منها المواطنون وعلى رأسها الانفلات الأمنى والتدهور الاقتصادى ويجب أن يكون لدى التيار الاسلامى برنامج يرضى طموح المواطن العادى، وأكد بخيب أن نجاح البرلمان المقبل يتوقف على تكاتف كافة التيارات داخل المجلس من أجل تنفيذ برنامج الإصلاح، كما أن التيارات الليبرالية التى نجحت فى الانتخابات ستكون رمانة الميزان لكى لا يستأثر التيار الإسلامى بالسلطة، مشيرا إلى أن الظاهر الآن لايطمئن الشارع خاصة أن كل التيارات بما فيها الإسلامية تتكالب على مصالحها الشخصية ومن ثم فانها لن تتكاتف داخل البرلمان من أجل تحقيق المصلحة العامة.
وتوقع أن يشهد البرلمان المقبل كتلا جديدة تسعى إلى إثبات ذاتها مثل التيار السلفى الذى سيبذل كل جهده للعمل دون النظر إلى تطبيق اجندته الخاصة وسيكون كل همه تلبية مطالب الشعب، لكن الأخطر من ذلك هوتعطيل التيارات الأخرى للكتلة الإسلامية من أجل إفشال أجندتها التى ستكون بشكل كبير فى مواجهة الأجندة الليبرالية.
من جهته، قال العميد صفوت الزيات الخبير الأمنى إن مجلس الشعب المقبل هوالضمان الوحيد للحفاظ على أمن الشارع وتحقيق الازدهار الاقتصادى.
مشيرًَا إلى أن حل مشاكل المرحلة الراهنة يتوقف على تشكيل مجلس الشعب لحكومة تستحوذ على ثقة الشعب ويكون لها كامل الصلاحيات لإدارة الفترة المقبلة حتى انتخاب الرئيس الجديد فى الموعد المحدد فى الثلاثين من يوليو لبناء مؤسسات الدولة إلى جانب الاصرار على انعقاد مجلس الشعب القادم فى مواعيده المحددة، لأنه سيصبح المؤسسة الوحيدة التى اختارها الشعب فى هذه المرحلة والقادرة على قيادة شئون البلاد.
وشدد الزيات على ضرورة أن يغيب المجلس العسكرى عن المشهد إلى حد كبير فى الفترة المقبلة، وألا يتعامل مع الوضع فى مصر بصورة مباشرة، أويصدر أى قرارات خاصة بهذه المرحلة وأن يحيل معظم صلاحياته المرتبطة بالمتظاهرين وبالشئون السياسية والداخلية إلى الحكومة، وأن يتفرغ لإدارة الشئون الداخلية للقوات المسلحة والسياسات العامة واستقبال الرموز العامة من الدول المختلفة، مشيرا إلى أن القضاء ومنظمات حقوق الإنسان يجب أن يعملا على تحديد المسئولية المباشرة لكل من ساهم فى هذه الأزمة الأمنية والسياسية فى مصر، حتى تعاد الصورة الصحيحة للقوات المسلحة.
وقال: للأسف ساهمت بعض الأقلام والقنوات الفضائية فى الفوضى فعندما تخرج وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون تطالب القوات الأمنية فى مصر بعدم استخدام العنف مع المتظاهرين فهذا معناه أن الولايات المتحدة تتربص لمصر وبعدها تخرج الأمم المتحدة وتدعو دول العالم إلى عدم تصدير الأسلحة الخفيفة لبلدنا، واعتقد أن هذا كله يندرج تحت اسم مؤامرة على مصر والتى ستنتهى حينما ينعقد البرلمان المنتخب من الشعب المصرى.
وأوضح أن هدف الولايات المتحدة وإسرائيل حاليا بعد صعود التيار الإسلامى هو تفتيت أقوى، جيش فى العالم العربى والحادى عشر عالميا كجيش نظامى والسابع عشر كجيش عالمى متعدد القوى وهذا الجيش الذى نفتخر به جميعا يسبق كوريا وإسبانيا وباكستان واستراليا وتايلاند والأرجنتين والسعودية والسويد واليونان وإسرائيل، والأخيرة تهدف حاليا إلى تدمير هذا الجيش الذى أصبح هاجسا ورعبا لها، خاصة بعدما استطاعت عن طريق الغرب تدمير الجيش العراقى والليبى، مطالبا بعدم منح الفرصة لهذه القوى لتدمير الجيش المصرى.
ويضيف اللواء طلعت مسلم الخبير العسكرى أن العقبة التى ستقف أمام البرلمان المقبل هى سعى بعض القوى الضعيفة إلى اجهاض مشروع الأغلبية التى تضعه للنهوض الاقتصادى بالبلاد، وذلك لتشويه صورة الأغلبية وبعث رسالة للقوى الشعبية التى اختارت هؤلاء النواب بأنهم مخطئون . مشيرا إلى أن هناك قوى أخفقت فى الانتخابات وتريد أن تتصدر المشهد السياسى ولكن عن طريق التظاهرات والاعتصامات باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، فليس من المقبول أن تعطيل التظاهرات والاعتصامات الدولة عن القيام بواجباتها والحكومة عن مهامها.
وأكد أن السياسة الأمريكية لا تتغير بتغير الإدارات، فقد قررت هذه السياسة نشر الفوضى فى البلدان العربية بأساليب وطرق ملتوية وأخطرها استخدام القوى الصلبة والناعمة لتحقيق هدفين هما السيطرة على البترول وحماية أمن إسرائيل.
وعن دور القوات المسلحة فى نجاح الانتخابات وخروج البرلمان المقبل للنور قال مسلم: « إن الإعلام الخاص معظمه يصنع صورة مختلفة لقواتنا المسلحة التى ضحت وستضحى بنفسها من أجل مصر إلى يوم القيامة، ورسمت للشباب صورة بأن قواتهم المسلحة معتدية عليهم وأنها تسحلهم وتقتلهم وهذا الكلام فى منتهى الخطورة لأن الثقة لوفقدت بين الطرفين سينتهى بنا المطاف لأوضاع كارثية والذى يرضى بحرق المؤسسات الحيوية دون محاسبة مرتكبيها فهوشريك فى هذا الجرم.
معالجة المشاكل
من جانبه أكد نجاد البرعى الناشط الحقوقى أنه رغم كل المشاكل التى واجهت العملية الانتخابية إلا أنها تمت بأعلى درجة من النزاهة إذا جاز التعبير ..وأن المشكلات الانتخابية لابد من معالجتها وتلافيها مستقبلا ومنح الثقة الأكبر للجنة العليا للانتخابات حتى تخرج من ارتباكها ولا يمكن أن نتحدث عن العملية الانتخابية ولا نشيد بالسلوك الحضارى للناخبين وعمليات التأمين التى تمت بنجاح.
وأضاف أنه رغم هذا النجاح إلا أن المشهد السياسى لم يتغير بعد، فلقد ولدت أغلبية لها وجهة نظر واحدة فى تكرار لسيطرة الحزب الوطنى على الدورات السابقة، محذرًا من أن احتكار أى تيار سياسى نسبة 75% من مقاعد البرلمان يمثل خطرًا على الديمقراطية سواء كان هذا التيار علمانيا أو اشتراكيا أو ليبراليا، فاحتكار العملية التشريعية لمدة طويلة صنع برلمانا ضعيفا واليوم احتكار التيار الإسلامى بنسبة كبيرة جعلت الإخوان لهم أكثر من 50% ويليهم السلفيون بنسبة 25% وانحصرت مشاركة باقى الأحزاب فى نسبة ال 25% وتقليص تواجد المعارضة الفعالة سيجعل الوضع غير متوازن.
وقال البرعى: على المجلس العسكرى أن يعلن عن كل الأطراف الخفية والكشف عمن يمول أى جماعة مجهول مصدر تمويلها.. وأتساءل هنا ما هو مصدر تمويل الإسلاميين فى مصر؟
وأشار إلى أنه حاليا لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالمستقبل؛ لأنه غامض وملبد بالعشرات من الصراعات السياسية، وأتوقع أن البرلمان القادم لن يعيش طويلا قبل الوصول إلى الاستقرار السياسى؛ لأننا عشنا أكثر من 60 عاما تحت وطأة ديمقراطية وهمية ليس لها أصول حقيقية.
بينما أكد الدكتور عثمان محمد عثمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة 6 أكتوبر أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعتبر نقطة فارقة فى الحياة السياسية المصرية بصفة عامة وللحياة البرلمانية بصفة خاصة حيث أقيمت فى ظل توقعات متشائمة تؤكد عدم إمكانية إجرائها خاصة بعد أن عشنا فترة الانفلات الأمنى، ولكن جاءت الانتخابات بأجواء ديمقراطية، وحرص الشعب على الحضور والمشاركة لتنتقل مصر من مرحلة الشرعية الثورية إلى مرحلة الشرعية الدستورية لنؤكد إعادة بناء مؤسسات الدولة وأن الديمقراطية الحقيقية ليس لها طريق إلا صناديق الاقتراع.
وأضاف أنه لا يمكن أن ننظر للديمقراطية بشكل انتقائى فعندما تأتى النتائج بعكس ما نريد نشكك فيها. فالصندوق الانتخابى هوالحكم فكان لابد للقوى والأحزاب والتيارات السياسية التى عبرت عن الثورة أن تستعد للانتخابات بعيدا عن الفضائيات والإعلام وتتجه إلى جماهير المواطنين وهوما فعلته التيارات الدينية بمختلف أحزابها فلم يضيعوا الوقت فكانت النتيجة لصالحهم، ومن جاء بأصوات الناخبين سيكون حريصا على الحفاظ على هذه الثقة.
وأشار إلى أنه إذا كنا نتحدث عن خريطة البرلمان القادم فلابد أن نذكر أن التيار الدينى قد تمكن من الحصول على الأغلبية فى المجلس، بجانب وجود تمثيل لبعض الأحزاب الليبرالية، كما استطاعت أيضا بعض العناصر التى خرجت من عباءة الحزب الوطنى الحصول على 19 مقعدا وبذلك تكون الخلطة البرلمانية متنوعة فكريا وسياسيا وهوما يثرى العمل البرلمانى وتنوع الآراء.
ويؤكد الدكتور سيد صبحى أستاذ الطب النفسى أن ما قيل عن الجماعات الدينية بمختلف اتجاهها هو من صنع الفوبيا أى الخوف المرضى، فالفكر الإسلامى سليم ولا يليق تسميته بما لا يليق خصوصًا لو تم تطبيق الفكر الإسلامى الصحيح وبطريقة موضوعية بعيدا عن الاعتماد على الآراء والفتوى غير المشروعة.
المشهد مرتبك
ويقول عصام شيحة عضو اللجنة العليا لحزب الوفد إن المشهد السياسى فى مصر مازال مرتبكا والمجتمع مصاب بحالة من التناحر بين القوى السياسية وهناك اتجاه لتحالفات جديدة على الساحة السياسية ولعل أهمها تحالف الليبراليين مع حزب النور السلفى فى مواجه الإخوان المسلمين بهدف تقسيم (الكيكة) التى تسمى مجلس الشعب والصراع على منصب رئيس المجلس والوكيلين واللجان وخاصة لجنة الأمن القومى والخطة والموازنة والتشريعية.
وأضاف شيحة أن هناك حالة من التخبط أصابت قطاعات المجتمع بسبب الخوف من سيطرة الإسلاميين على المجلس واللجنة المنوط بها وضع الدستور، وأيضًا الخوف من الآراء الحدية داخل القوى السياسية من خلال طرح هوية جديدة للدولة المصرية تخالف ما استقرت عليه الأمة منذ عهد محمد على عام 1805 وتأسيس دولة مصر الحديثة مرور بثورة مصر الأولى بقيادة سعد زغلول والتى أسست الدولة المدنية من خلال شعارها الخالد الدين لله والوطن للجميع، وعاش الهلال مع الصليب. واليوم أصبح هناك آراء تسعى إلى تحويل هوية الدولة المصرية من المواطنة إلى دولة ذات مرجعية دينية من خلال طرح قضايا أيديولوجية تم حسمها على الأقل من مائة عام .. وتابع: أخشى من حالة الاستقطاب التى فرضتها الأحزاب الدينية بوضوح فى عمليات التصويت والتى تمت على أساس طائفى وكل ذلك لا يصب فى مصلحة الوطن لان سمتها الأساسية هوالانتهازية السياسية.
وأكد المستشار كمال الإسلامبولى المحامى أن هناك صراعا بين فصيلين الأول تيار ثورى مستند على الميدان والثانى تيار سياسى مستند على شرعية الصندوق الانتخابى وهذا الصراع هو صراع وجود وتزاحم للانفراد بالمشهد السياسى.
يضاف إلى ذلك الخلاف الحاد الذى سوف يظهر على السطح الآن بين التيار الذى حصل على الأغلبية فى البرلمان والمجلس العسكرى وهذا الخلاف يدور فى خمس نقاط.
أهمها أولًا: معايير اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، حيث سيسعى التيار الغالب ليكون له الغلبة فى الاختيار والمجلس سيرى أن التشكيل لابد أن يكون متوافقا وليس بالأغلبية وأن السلطة التشريعية نطاق عملها فى سن القوانين ما دون الدستور الذى يعلو على كل السلطات باعتباره عقدا اجتماعيا بين الشعب السلطات التى تتعامل مع الشعب بما فيها البرلمان.
ثانيًا: التيار الغالب فى البرلمان سيسعى إلى السير فى مسار الدولة الدينية والقوى الأخرى مع المجلس العسكرى سيقفون لهذا المضمون الذى يمس مدنية الدولة.
ثالثًا: محاولة التيار صاحب الأغلبية أن يدشن فى الدستور أطر ومضامين الدولة البرلمانية وهوما سيقف له المجلس العسكرى ومعه باقى القوى لأن المجتمع متوافق على نظام توزيع السلطة بين الحكومة ورئيس الجمهورية على أن يكون البرلمان رقيبا على الاثنين.
رابعًا: وضع المؤسسة العسكرية فى الدستور الجديد وهل سيكون على غرار المادة 9 ،10 من وثيقة الدكتور على السلمى أم سيكون هناك شكل يحفظ الوضعية مع تقنين سبل المراقبة بما لا ينال من وضع المؤسسة ولا يجعلها بمعزل عن السلطة والرقابة.
خامسًا: التوافق حول تدعيم شخص من مرشحى الرئاسة أن يكون صاحب خلفية عسكرية أم دينية أم مدنية حول هذه النقاط الخمس يمكن ان يتفرع المشهد السياسى إلى مشهد من ثلاث تاءات تقاسم أم تصادم أم توافق .
عناصر مؤثرة
ومن جانبه أكد الدكتور وائل أحمد حسين أستاذ بجامعة الملك عبد العزيز أن الوضع الاقتصادى ومستوى التعليم (ارتفاع نسبة الأمية فى صفوف السكان) وعامل الدِّين، كانت عناصر مؤثرة فى نتيجة الانتخابات، إضافة إلى أن النتائج التى حققتها بعض القوى الجديدة، مثل (الكتلة المصرية)، مقارنة بالوقت الذى أتيح لها للاستعداد للانتخابات، مثَّلت مفاجَأة، وربّما تمثل انطلاقة تبنى عليها لما هو قادم، معتبرا أن المرونة التى أبداها التيار السلفى والذى غير من ثوابته، بموافقته على دخول حلَبة السياسة واستفادته من الوضع الرّاهن، عكْس بعض القوى التى لم تُبْدِ أية مرونة، وتصر على إدارة العملية السياسية من ميدان التحرير.
مشيرا إلى أن البرلمان المقبل سيكون خليطًا من قوى سياسية مختلفة، فى المرجعيات أوالتوجهات، وإذا لم يحدث توافُق، فربما يؤثر ذلك على استقرار مصر.
ويقول الدكتور وائل: « إن التيار الإسلامى ما لم يُطَوِر من خطابه السياسى ويحاول أن يدير المرحلة المقبلة بحِكمة سياسية، بعيدا عن محاولة السيطرة على المشهد بأكمله، دون توافُق مع القوى الأخرى والمجلس العسكرى الحاكم، فربما يصطدم بالداخل والخارج ويفقِد كل شىء ليعود مجددا إلى المربع رقم واحد.

اكتوبر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire