vendredi 13 janvier 2012

وائل قنديل : سارق فرح الثورة

313

منتهى اللطافة أن يحتكر الاحتفال بالثورة من يهين الثورة ويحتقر الثوار ويطاردهم فى الميادين، ويوسعهم قتلا واعتقالا وسحلا وفقأ للعيون.

هى ليست ثورة المشير ولا الفريق ولا اللواء عتمان حتى يقرروا مكان وزمان الاحتفال بها ويفرضوا على صانعيها طريقة الاحتفال ومن يغنى ومن لا يغنى.

إنها ثورة الشعب، هو وحده الذى دفع ثمنها من لحمه الحى ودماء شبابه الطاهرة، هو من صنع المعجزة وأذهل العالم وأسقط الديكتاتور من عليائه، وبالتالى أن تمارس عليه ديكتاتورية الاحتفال.

إنها لم تكن ثورة لقيطة ولا مجهولة النسب حتى يأتى من يمثل عليها دور الأب البديل ويزوجها لمن يريد، ويختار للغناء فى فرحها من يشاء، ولأنها إبداع شعبى خالص من الألف إلى الياء فهى تعرف شعراءها ومغنيها، تعرف أبناءها وأصدقاءها وأهلها الحقيقيين، وهى التى أفرزتهم فى أرضية الميدان واحتضنتهم وعرفت الدفء معهم.

لقد كان من الجائز أن نحاول أن نصدق هذا العطف المفاجئ والحنان المباغت الذى ظهر قبل العيد، غير أن قوائم المسحولات واللاتى جرت تعريتهن بأحذية وهراوات الجنود، والذين فقدوا عيونهم فى الشوارع والميادين بخرطوش العسكر، والراقدين بين الحياة والموت فى المستشفيات، هذه القوائم تقف أمامنا شاهدا وشهيدا على منتهى الازدراء لثورة والامتهان لضحاياها، الأحياء منهم والأموات.

إنها المهزلة مكتملة التفاصيل لو أن حمادة هلال أو تامر حسنى فى مسرح الجلاء يجريان بروفات على أغانى حفل الثورة، بينما علاء الأسوانى ونوارة نجم ومظهر شاهين أمام النيابة.. أو أن يتجلى سيادة اللواء إبداعيا فيكتب كلمات أغانى الثورة، بينما سيد حجاب والأبنودى ونجم وإبراهيم عبدالفتاح وطابور من الشعراء الحقيقيين فى بيوتهم غير مدعوين للمشاركة فى الاحتفال.

وإذا كان السادة اللواءات الذين يحكموننا جادين حقا فى الاحتفال بالثورة ورد الاعتبار لها، فليفرجوا عن النشطاء المحالين للمحاكمات العسكرية والاستثنائية، كما يفعلون فى المواسم والأعياد فيفرجوا عن مئات من المسجونين فى قضايا سرقة وبلطجة وسطو مسلح.

إذا كانوا صادقين ومصدقين أنها بالفعل ثورة عظيمة فليحاكموا الذين صوبوا طلقاتهم على عيون الثوار، وعروا البنات وسحلوهن فى الشوارع، وليعتذروا عن الأكاذيب وحملات التشويه التى مورست فى حق مؤيدى الثورة وداعمى الثوار.

إن الحكمة العربية القديمة تقول: «كيف أعاودك وهذا أثر فأسك» ومن ثم لن يصدق أحد أن الذين مازالت طلقات رصاصهم مغروسة فى أجساد الضحايا، يحبون الثورة ويحترمون الثوار على هذا النحو المصطنع.

إنهم للأسف يريدون «تأميم الثورة» ومصادرتها من أصحابها الحقيقيين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire