dimanche 22 janvier 2012

أين كان مرشحوا الرئاسة وقت الثورة ؟!

15

إذا لم يتحقق ما يتحدث عنه الكثيرون من أن هناك «مرشحا رئاسيا» لم يظهر بعد، وسيكون له النصيب الأوفر في الفوز بالمنصب الرفيع بعد عمل عدد من «المعادلات السياسية» بين المجلس العسكري والتيار الإسلامي الذي فاز بأغلبية برلمانية في انتخابات «مهندسة وراثيا» لكي لا تكون هناك نتيجة سوي ما حدث من فوز تيار كان معاديا من الأصل لفكرة الثورة.. إذا لم يحدث هذا، فنحن أمام عدد من الأسماء المحددة والمعروفة منذ شهور عدة ممن أطلق عليهم «المرشحون المحتملون للرئاسة»، واحد منهم سيكون هو رئيس مصر القادم، وبعيدا عن اعتبارات كثيرة لتحليل مواقف أو برامج المرشحين يبقي هناك عامل هو الأكثر أهمية هو.. من منهم كان من الأصل مع الثورة سواء بالدعوة لها أو المشاركة الحقيقية فيها، ومن الذي كان جزءا عضويا من النظام السابق ثم خرج فيما أعقب الثورة من ادعاء بطولة وأكاذيب ليمارس نفس الأداء مع أي سلطة ومع أي صفقة.. أيام قليلة تفصلنا عن أعظم وأمجد وأشرف وأطهر يوم في كل التاريخ المصري «25 يناير» وفي مثل هذه المناسبة وبعد مرور عام لابد أن نعرف عن هؤلاء المرشحين أين كانوا قبل هذا اليوم الفاصل في 2011 حتي نعرف ما الذي يفعلونه الآن ولماذا.. وماذا يمكن أن يحدث لو صعد أحدهم إلي منصب «الرئيس».

 دكتور محمد سليم العوا

باعتباره الرجل الذي يتحدث الآن بثقة وجرأة ويملي آراء وتوجيهات، ويتحدث أحيانا بلسان المجلس العسكري، وكثيرا باعتباره «الرمز الروحي للثورة»، ودائما ما يقول «ثورتنا» الأمر الذي ربما هيأ للبعض أن الرجل أحد رموز الثورة بالفعل.. قبل 25 يناير وطيلة عام 2010 كان العوا يحتفظ بمواقعه ومكاسبه كاملة.. مفكر إسلامي لا يزعج السلطة أبدا.. له ارتباطات ومصالح مع الجهاز الأمني بقيادة حبيب العادلي.. محامي عدد من أفسد نظام مبارك.. مختبئ دائما في كل المواجهات علي الأرض وفي الشارع التي مهدت للثورة.. وفي حين كان مفكر إسلامي وعربي كبير مثل الدكتور عبد الوهاب المسيري قد رأي أن الأحداث لا تحتمل سوي النزول للشارع والمشاركة في معارضة النظام علي الأرض منذ عام ,2005 حينما انضم لحركة كفاية.. كان العوا بعيدا جدا عن أي معارضة بل إنه امتدح مبارك في عدة مقالات.. وفي حين كانت مصر تنتفض وتتحرك بغضب في هذا العام من خلال تصاعد الحركات الاحتجاجية والاعتصامات «أكثر من 25 ألف اعتصام واحتجاج شهدتها مصر في هذا العام » كان العوا يخرج للناس بقضية أمنية تماما.. أقصد تخدم توجه الأمن المصري في إثارة فتن طائفية حينما اخترع قضية تافهة اسمها «وجود أسلحة في الكنائس» ظلت تشغل الرأي العام وذلك قبل حادث تفجير كنيسة القديسين التي قال عنها أنها «من تدبير الموساد الإسرائيلي»، وحذر في ندوة عقدها في جمعية مصر للثقافة والحوار من «مؤامرات تستهدف الأمن المصري» لأن مصر هي «العقبة الوحيدة أمام الصيونية»، أي أن مصر مبارك كانت ضد الصهيونية، وبالتالي فإسرائيل هي التي فجرت الكنيسة لا رجال حبيب العادلي المتهمين الآن ، أيضا وقبل أيام قليلة من الثورة، كان الشغل الشاغل للدكتور العوا قضية أقباط مصر فقد خرج قبل الثورة بساعات ليقول «شروط بناء الكنائس أسهل كثيرا من الاشتراطات اللازمة لبناء المساجد، فإجراءات بناء المساجد معقدة جدا مقارنة بالكنائس التي لا تستلزم إقامتها رسما معماريا معينا».. الرجل كان يتحدث تماما بلسان دولة مبارك وهو ما ظهر بوضوح في مطالبته بالتحقيق مع الدكتور محمد البرادعي، لأنه طالب بتدويل قضية النوبة مع أن البرادعي لم يطالب بهذا أبدا، لكن الدعوي كانت جزءا من حملة دعاوي قضائية ضد البرادعي قام بها محامون منتمون للحزب الوطني البائد مباشرة أو قام بها متطوعون من الخارج مثل العوا، و«مع 25 يناير 2012 العوا هو أكثر المؤمنين بالطرف الثالث، ولم يمنع هذا كونه رجل قانون مطلوب منه المطالبة بالأدلة والقرائن وهو من أول من أشاعوا فكرة كرات اللهب الكامنة في ميدان التحرير، وهو أيضا من الداعين للاحتفال بالثورة علي طريق وطريقة المجلس العسكري».

الدكتور محمد البرادعي

له نصيب حقيقي وكبير ليس فقط في المشاركة في الثورة في بدايتها، بل أيضا في صناعتها وتحويل المعارضة المتناثرة أيام مبارك إلي تيار حقيقي له هدف بعد انضمام شرائح وقطاعات كبيرة من الجماهير إلي الحملة التي دعا لها لجمع مليون توقيع.. في عام 2010 ومنذ مجيئه في فبراير من نفس العام «أربك» الرجل تماما حسابات نظام مبارك بتصورات سياسية محددة وقوية ومفاجئة، صاغ البرادعي عددا من الشعارات ألهمت قطاعات واسعة من الشباب الأكثر ثقافة، وأكثر مللا من الوجوه القديمة كلها «قوتنا في عددنا» «المصريون سينزلون في يوم واحد.. وسيكون النزول الأول والأخير»، وغيرها من شعارات بددت حالة الجمود والتيبس التي صاغها نظام مبارك مع معارضيه المختارين، تعرض البرادعي طيلة هذا العام إلي أقذر حملة إعلامية وسياسية ووجه بعدم فهم لافت، قيل أنه لا ينزل إلي الشارع مع أنه كان الوحيد الذي نزل إلي الإسكندرية وسط 100 ألف مصري في قضية خالد سعيد، وقيل أنه يسافر إلي الخارج كثيرا مع أن هذا هو الطبيعي والمفهوم بالنسبة لشخصية دولية، وأثناء الدعوة للنزول يوم 25 يناير أيد البرادعي الدعوة ولارتباطه بسفر إلي الخارج فقد عاد فورا يوم 28 يناير ونزل إلي التحرير بعد أن تعرض لهجوم من الداخلية أثناء خروجه من مسجد الاستقامة بالجيزة، وكما كان البرادعي محركا ومحرضا رئيسيا علي قيام الثورة، فقد ظل طيلة هذا العام مخلصا لقضية «التغيير الجذري» من أجل تحقيق أهداف الثورة.. وبنفس المنطق لا يزال الرجل عرضة لهجوم من أطراف متعددة ولايزال محتفظا بموقفه وموقعه.. في 25 يناير القادم سيكون البرادعي في ميدان التحرير بعد أن أعلن رفضه لديمقراطية مصنوعة، وللاستهانة بمطالب الثورة وطالب الشباب بالوحدة.. ولم يقل وإن كان مفهوما أن الجميع قفزوا واستفادوا علي ما يتخيلونه أنقاضًا لثورة لا تزال متقدة.

الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح

كان أول المشاركين والمتواجدين من مرشحي الرئاسة في أحداث الثورة منذ بدايتها، ففي حوالي الساعة الثانية ظهر 25 يناير الماضي كان أبو الفتوح يقف أمام دار القضاء العالي، وفي حين كان بلال فضل وغيره من الكتاب والصحفيين والنشطاء يهتفون «يسقط حسني مبارك»، كان أبو الفتوح يلقي خطبة مزلزلة موجها حديثا غاضبا لقوات الشرطة التي كانت تحاصر عددًا لم يكن يتجاوز العشرين فردا، قبل أن يأتي المدد الشعبي الكاسح من كل الجهات، قال أبو الفتوح «لا أظن أن كل رجال الشرطة يتحالفون مع هذا النظام المجرم، ويقفون ضد شعبهم من أجل إرضاء المجرم مبارك وعصابته»، قبل أن يستطرد «حتي وإن كان، ففي مواجهة هذا الشعب العظيم لن ينجحوا»، قبل ذلك بعام كامل كان أبو الفتوح قد ترك عضوية مكتب إرشاد جماعة الإخوان الذي استمر فيه من عام 87 إلي ,2009 وبدا أن الرجل بشعبيته يشكل قلقا لجماعة السمع والطاعة وبتمرده يستحيل استمراره في جماعة تقبيل يد محمد بديع، ولكنه لم يترك الإخوان رسميا إلا في أبريل 2011 ليتفرغ لمشروعه الرئاسي، وقد حافظ أبو الفتوح طيلة العام علي نفس النبل والنقاء والصرامة الأخلاقية التي تميز بها، فقد ذهب إلي التحرير حتي في أحداث تباعد عنها الكثيرون «مثل محمد محمود وأحداث قصر العيني»... «أعلن أبو الفتوح مشاركته في 25 يناير القادم لاستكمال مطالب الثورة والمطالبة بحق الشهداء».

عمرو موسي

يشبه المرشح سليم العوا.. ففي الأيام التي سبقت الثورة كان موسي عائدا من العراق، حيث التقي برزاني وطالباني وقال كلاما لا يعني أي شيء، وتحدث عن مبادرات بروتوكولية لا تزعج أحدا في النظام العربي لكنه كان واضحا جدا في موقفه من النظام المصري تحديدا، فقد قال في لقاء تليفزيوني قبل الثورة بأيام قليلة «جمال مبارك شاب لطيف وسياسي وكفء وشاطر وفي الانتخابات القادمة سأصوت للرئيس مبارك»، وفي حوار صحفي مطول أجرته معه إحدي الصحف اليومية كان موسي مذعورا تماما من انتقاد نظام مبارك ولو بكلمة، موسي الذي لم يشاهده أحد في ميدان التحرير، ولا أي ميدان من ميادين الثورة ظهر بعد أن كانت الثورة في كل الشوارع والمحافظات وبعد أن تبين أن النظام قد تهاوي بالفعل وكان أول ظهور له في 5 فبراير.. وفي «25 يناير القادم موسي يمسك العصا من المنتصف فلا هو مع أحد ولا ضد أحد من القوي السياسية المتباينة للغاية في تقييمها لمسار الثورة، وهو لم ينزل الميدان إلا بعد أن يعرف ماذا حدث بالضبط».

الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل

طيلة سنوات مبارك وتحديدا في الأيام التي سبقت الثورة بل حتي في بدايات الثورة، كان من أشد رجال الدين ابتعادا عن فهم والعمل بالحديث النبوي «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» فقد طلب منه عام 86 ألا يناقش رسالة الماجستير التي أعدها عن «حق الشعوب في مقاومة السلطات الجائرة»، فاستجاب لأمن الدولة ولم يطبع الرسالة حتي في كتاب خارجي، لكن بعد الثورة تغير الأمر، فالرجل يكذب بوضوح لافت لدرجة أن أنصاره يكتبون علي لسانه في الحملة الانتخابية له «يدعو الشيخ حازم منذ عام 2008 إلي اعتصام المصريين في الشارع إلي حين إسقاط الحكم الديكتاتوري»؟!

لم ينزل حازم في 25 يناير الماضي وظهر بعد تأكده من الملايين في الشوارع، وهو ما يتسق مع مواقفه التي اتسمت بالخوف الشديد وعدم مواجهة أي شيء، قبل الثورة كان يتكلم في برنامج علي قناة الناس، البرنامج اسمه «التبيان»، ولم يتحدث بحرف فيه لا عن السياسة ولا الفساد وطبعا ولا حرف عن مبارك، وفي 25 يناير القادم سينزل أبو إسماعيل متجنبا الاقتراب من شباب الثورة حيث طردوه أثناء آخر ظهور له بالميدان بعد أحداث محمد محمود.

حمدين صباحي

يبدو من خلال كل فترة مبارك وحتي الآن صاحب موقف متسق وحاد في معارضته، وقد كان ممن أعلنوا نزولهم يوم 25 يناير، وقبلها كان قد صعد في هجومه ضد الرئيس مباشرة سواء في حركة كفاية أو في صحيفة حزبه «الكرامة» وهو ممن يرون النزول في 25 يناير القادم للضغط من أجل استكمال مطالب الثورة ضد تصعيد المجلس العسكري الذي يختلف معه صباحي لكنه لا يشكك في حمايته للثورة، أما أيمن نور الذي كان ظهوره في ميدان التحرير يوم 27 يناير الماضي فينزل هذه المرة تماما مثل العام الماضي، ففي نهايات 2010 كان نور محبطا بسبب تراجع شعبيته جدا، خاصة بعد أن كتب مقالا بالنيوزويك عن حق إسرائيل في الحماية من أي هجوم إرهابي، وهو ماعرضه لانتكاسه أكبر في شعبيته، وهو نفس حاله هذه المرة، فشعبيته منخفضة جدا بالمقارنة بغيره من المرشحين.

كتب محمود صالح
روز اليوسف

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire