vendredi 10 février 2012

الصحف : كانت أهم أبواق الترويج لتوريث جمال مبارك حكم مصر

بعد السقوط.. الصحف القومية انقلبت على النظام الذى سبحت بحمده

بين ليلة وضحاها غيرت الصحف القومية سياستها التحريرية وأصبحت أحد أهم قنوات الدفاع عن ثورة 25 يناير وثوارها، بعد أن أضاعت عمرها فى الدفاع عن الرئيس المخلوع وحاشيته ووزراء حكوماته،

وكانت أهم أبواق الترويج لتوريث جمال مبارك حكم مصر، مكثت طويلاً تهاجم الأحزاب المعارضة والجماعات الدينية، وكانت بمثابة كلب السلطة الذى يوجهه النظام السابق على منتقديه، قاطعت شخصيات تتمتع بشعبية كبيرة ورفضت نشر أى أخبار عنهم بناء على أوامر عليا، وأسرع رؤساء تحريرها فى إصدار الملاحق الصحفية للتوسع فى تمجيد آل القصر لأن مساحة الجرائد لم تعد تتسع لنفاقهم، وعلى الرغم من حالة الانتعاش الوطنية التى حلت بالصحف القومية بعد الثورة، إلا أن القائمين عليها لم يستمروا طويلاً فى وطنيتهم، وراحوا يصنعون إلاهاً جديداً، فبسقوط مبارك سارت تلك الصحف فى اتجاهين متوازيين، الأول: ذم مبارك ونشر فضائحه وأسرته وكل رجالاته، والثانى: مدح المجلس العسكرى، وتحويله إلى إله جديد، وكأن الصحف القومية والقائمين عليها لم يعد بإمكانهم العمل بدون سقف وبدون وصاية من القادة، وكأنهم لم تستوعبوا الدرس.

جريدة «الأهرام»

تصدرت جريدة «الأهرام» قائمة المدافعين عن الرئيس السابق ونظامه، ولم تذكر أى شىء عن الأحداث الواقعة فى ميدان التحرير والميادين العامة، وتحدت الثوار بنشر حوار مطول على صفحتيها «السادسة والسابعة» داخل العدد الصادر يوم 25 يناير 2011 مع حبيب العادلى، وزير داخلية مبارك.. أجراه رئيس تحريرها وقتها أسامة سرايا والصحفى أحمد موسى، تحدث خلاله العادلى ب«عجرفة» شديدة فشلت فى تجميل صورته عن تفجيرات كنيسة القديسين وقدرة ضباط الداخلية على ضبط المتهمين والمتورطين من العناصر الخارجية التى تريد زعزعة الأمن على حد وصفه.

ولم تكتف بذلك، حيث جاءت إشارة الحوار تحت مانشيت عريض قال «تنظيم إرهابى من 19 انتحارياً لتفجير دور العبادة، وحوار للرئيس السابق حسنى مبارك نقلته عن مجلة الشرطة قال فيه: «أمن مصر القومى قضية وطن وحماية السلام لا تتحقق إلا بقوات مسلحة قوية».

وعلى المنوال نفسه، تجاهلت الصحيفة القومية الأكبر نشر أى خبر عن المظاهرات أو الاحتجاجات التى ضربت البلاد فى عددها الصادر يوم 26 يناير، والأكثر من ذلك أنها كتبت المانشيت عن الإضرابات الواسعة الواقعة فى لبنان، ثم تحدثت عن الاهتمام الإعلامى الواسع بحوار وزير الداخلية.

لم تكتف بذلك، حيث استمرت فى الحديث فى باقى أعدادها الصادرة تباعاً عن تنسيق مبارك مع القيادات الأمنية والحكومية لوضع حلول فورية للمشاكل الجماهيرية، وكان أكثر ما كتب استفزازاً، مانشيت يوم الجمعة الموافق 28 يناير، والتى قالت فيه: «مبارك يتابع الأحداث ويتصل بمحافظ السويس للاطمئنان على المواطنين»، «الرئيس يطالب وضع البطالة والفقر والأسعار على رأس أولويات الحكومة»، واستمرت الصحيفة على هذا المنوال، وتارة تتحدث عن التغييرات الحكومية، وتارة أخرى تؤكد على الخطة المستقبلية للنهوض بالبلاد، مع الحديث باستحياء عن المظاهرات والاحتجاجات.

لم تتوقف سياستها التحريرية الموالية لمبارك ونظامه حتى يوم 11 فبراير، وقبل ساعات قليلة من تنحى المخلوع، حيث زادت من تحسينها لصورة المخلوع ونشرت فى صدر صفحتها الأولى «الرئيس يخاطب شباب التحرير» «دماء الشهداء والجرحى لن تضيع هدراً ومطالبكم عادلة ومشروعة» و«الرؤية التى طرحتها للخروج من الأزمة تؤدى إلى الاستقرار»، و«لم أخضع يوماً لضغوط أجنبية أو إملاءات خارجية»، ثم قامت بنشر صورة فى قلب صفحتها الأخيرة بالألوان لشرطى وهو يلوح بالتحية أحد قائدى السيارات الملاكى وكتب تحتها تعليق «المعاملة قبل الشعار».

وكانت المفاجأة الكبرى للجميع هو المانشيت الذى خرجت به الصحيفة يوم 12 فبراير، والذى كان إيذاناً ببدء تغيير «جلد الصحيفة» وسياستها كاملة، حيث جاء فيه «الشعب أسقط النظام» ووضع صورة كبيرة لاحتفالات الشباب بالتنحى فى ميدان التحرير، وعلى الفور بدأ فى مداعبة المجلس العسكرى والدفاع عنه حيث جاء فى العدد نفسه «القوات المسلحة تتعهد بإجراء الانتخابات البرلمانية فى حرية ونزاهة، وأخذت فى الدفاع عن الثوار والتمجيد فى ثورتهم المجيدة التى كتبت شهادات ميلاد مصر الجديدة، كما جاء فى تقريرها الصادر فى العدد نفسه على الصفحة الثالثة تحت عنوان «المصريون يحتفلون بسقوط النظام».

ومن مدح مبارك ونظامه وخططه التى لا تنتهى للقضاء على مشكلات المواطن المصرى إلى سياسة وطنية وحنكة المجلس العسكرى، وبدلاً من ذكر اسم مبارك فى مانشيتات الصحيفة، تم إحلال مصطلح المجلس العسكرى بدلاً منه واستكمال العناوين، ففى عددها الصادر يوم 13 فبراير، قالت: «الجيش يتعهد بسلطة مدنية وانتقال سلمى للسلطة والحفاظ على المعاهدات الدولية، ثم وضعت المانشيت الرئيسى «تنظيف مصر على صور للوزراء السابقين فى إشارة واضحة إلى قذارة وفشل وزراء مبارك فى إدارة البلاد، وكأن الصحيفة التى كانت تمتدحهم من ساعات ليست الأهرام ولكنها صحيفة أخرى سقطت بسقوط النظام.

جريدة  «الجمهورية»

ومن «الأهرام» إلى «الجمهورية»، وعلى بعد أمتار قليلة فى شارع الصحافة لم تتغير السياسة التحريرية للجريدة، بل على العكس من ذلك، دافعت جريدة «الجمهورية» باستماتة شديدة عن نظام الرئيس السابق ورجالاته وأمانة سياسات الحزب الوطنى، وكل الحاملين لكارنيهات عضوية الحزب الوطنى، وهاجمت بكل ضراوة الحركات الثورية وصفتها فى أكثر من موقع بالمشبوهة، ومن ثم تحولت إلى بوق دعاية للوزراء فى حكومة نظيف، وحاولت بشتى الطرق التقليل من أعداد المتظاهرين وتجريم حقهم فى التظاهر.

وعلى نفس وتيرة سابقتها تجاهلت الجريدة ذكر أى شىء عن استعدادات القاهرة والمحافظات للمظاهرات، وأبرزت فى صدر صفحتها الأولى حوار الرئيس السابق نقلاً عن مجلة «الشرطة»، وتصريح لوزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد، قال فيه: «الحكومة حريصة على زيادة دخول العاملين بالشركات وتوفير السلع بالمجمعات»، ثم تضمن العدد نفسه باقات تهنئة إعلانية من شركات وهيئات حكومية للمخلوع بعيد «الشرطة»، داعين له بطول العمر والاستمرار فى حكم مصر،

المانشيت الأسوأ بين الصحف المصرية كان من نصيب «الجمهورية» فى عددها الصادر يوم 26 يناير، حيث هاجمت فيه بشدة الثوار والثورة وأفردت صفحتها الأولى لعناوين قالت فيها «50 متظاهراً بالمنصورة و100 بدمياط و200 بالإسكندرية وبورسعيد والمنوفية هادئة»، «المتظاهرون عطلوا المرور وأثاروا الشغب فى ميدان التحرير»، و«عناصر المحظورة وسط 10 آلاف من المتجمهرين ألقوا الحجارة وأتلفوا المنشآت».

وأخذت فى الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين والحركات الثورية ووصفتهم بالمشبوهة فى عددها التالى، وفى عدد 30 يناير سردت شكاوى المواطنين من الأضرار الكثيرة التى وقعت على كاهلهم بسبب الثورة، أعلى صفحتها الأولى، وبمجرد إعلان تولى الفريق أحمد شفيق لرئاسة الوزراء أسرعت الصحيفة فى مغازلته وسردت له تقريراً تم نشره على صفحتها الرابعة فى العدد نفسه تحت عنوان «الجمهورية تكشف أهم ملامح الفريق أحمد شفيق»، «حقق نهضة غير مسبوقة فى الطيران المدنى»، «قاد طائرته وأنقذها من التدمير فى 67» نجح فى إسقاط طائرتين خلال حرب أكتوبر».

واستمرت الصحيفة فى دفاعها المستميت عن كل تغييرات مبارك، وحرمت الثوار من أية مساحة على صفحاتها، واستمرت فى وصف الإخوان المسلمين بالجماعة المحظورة، حتى عدد 11 فبراير الذى صدر بعنوان «مبارك يفوض سليمان باختصاصاته وفقاً للدستور»، «الرئيس: سيثبت المصريون أن أحداً لا يفرض عليهم قراراً أو رأياً».

وما هى إلا لحظات ودقائق حتى قرر مبارك التنحى عن رئاسة الجمهورية، وفى الوقت نفسه وبسرعة البرق استطاعت الصحيفة تغيير سياستها كاملة دون الإبقاء على شىء من ماضيها، حيث صدر المانشيت فى عددها يوم 12 فبراير، مغايراً تماماً لكل ما كتب على صفحتها من قبل، متهمة مبارك وأعوانه بخراب مصر وتضييع حق المواطنين وجاء فيه «سطعت شمس الحرية وأصحاب الملايين يتساقطون»، ولأول مرة قامت بنقل رسالة من شباب التحرير إلى الأمة جاء فيها «ثورتنا مستمرة حتى تحقيق المطالب كاملة».

لم تستمر الصحيفة فى الدفاع عن الثورة والثوار طويلاً، وما هى إلا ساعات قليلة وبدأت فى مداعبة المجلس العسكرى، حيث ذكرت فى تقرير لها نشر فى صفحتها الأولى فى عدد يوم 14 فبراير «الجيش ينفذ مطالب الثورة»، ثم قامت بكتابة مانشيت «رحيل البرلمان المزور»، التى كانت قد وصفته من قبل على لسان فتحى سرور بالشرعية.

جريدة «الأخبار»

جريدة «الأخبار» سلكت نفس طريق سابقتيها حيث تجاهلت نشر الاستعدادات الخاصة للثورة والإضراب العام فى البلاد، وقامت بنشر إشارة حوار مبارك فى قلب صفحتها الأولى فى عدد الثلاثاء الموافق 25 يناير، ولم يكتف القائمون عليها بذلك، حيث قامت بنشر تصريح جاء على لسان اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة يهدد فيه الداعين للتظاهر والمستجيبين له، عبر مانشيت جاء بعرض الصفحة الأولى قال فيه: «أنذرنا دعاة يوم الغضب بضرورة الحصول على تصاريح»، «القبض على كل من يخرج عن الشرعية ويخالف القانون».

وجاء مانشيت يوم 26 معبراً عن سياسة الجريدة التى تولت هى الأخرى دور المدافع عن نظام فاسد حكم البلاد بلا عقلانية، وكان كل همه تحقيق مصالح القائمين على حكمه «مظاهرات فى بعض المناطق، وهدوء فى معظم المحافظات»، «غالبية الأحزاب قاطعت.. وعناصر الإخوان اندسوا لتحويل المسيرات السلمية لإحداث الشغب»، ثم نقلت تصريحاً أشبه بالتهديد من صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى الأمين العام للحزب الوطنى، استنكر فيه المظاهرات التى ضربت عرض البلاد، قال فيه: «الفرق كبير بين حرية التعبير والفوضى».

وفى اليوم التالى، انحازت الصحيفة للداخلية وضباطها بشكل مبالغ فيه حيث خرجت بمانشيت لا يملك للحقيقة بصلة قالت فيه: «استشهاد مجند وإصابة 103 من رجال الشرطة وحبس 64 من مثيرى الشغب، ولم تكتف بذلك بل قامت بنشر صورة كبيرة لبعض الثوار أثناء قيامهم بتكسير كشك مرور، واستكملت العدد بتصريح لرئيس الوزراء أحمد نظيف، قال فيه «الحكومة تضمن حرية التعبير.. والشرطة التزمت بضبط النفس».

بدأت الصحيفة فى التخلى عن دفاعها عن المخلوع وأعوانه، ولكنها كانت أكثر ذكاء من سابقتيها، حيث بدأت فى الاقتراب من الجيش والمجلس العسكرى بخطوات ثابتة مبكراً بمجرد انتقال السلطة إليه، وتجلى ذلك بوضوح فى إحلال تصريحات وبيانات العسكر مكان مبارك وقيادات الحزب الوطنى، وخرجت الصحيفة يوم 11 فبراير بمانشيت «الجيش ينحاز للشعب».

ثم بدأت فى نشر كواليس القصر الرئاسى، وتباهت بنشر تقرير وصفته بالانفراد فى عدد يوم التنحى عن تفاصيل مشادة عنيفة بين نجلى الرئيس مبارك «علاء لشقيقه جمال: أنت الذى وضعت والدك فى هذا الموقف.. أجبروه على التنحى بدلاً من تكريمه بسبب تصرفاتك».

وكانت الأخبار من أكثر الصحف التى تولت فضح سياسات النظام السابق وأعوانه ورجالاته بعد تنحى الرئيس السابق، ونشرت العديد من المستندات التى تدينهم وعمل العديد من التحقيقات الصحفية والانفرادات عن مظاهر الفساد، ولكنها لم تكف عن مغازلة العسكرى وحكوماته.

جريدة  «روزاليوسف»

لم تدافع «روزاليوسف» عن الرئيس السابق ونظامه أثناء الثورة ووقوع المظاهرات فقط، بل إنها هاجمت بشتى الطرق الثورة والثوار، وحاول رئيس تحريرها عبدالله كمال تصوير الثوار على أنهم مجموعة من المأجورين التى تحاول تخريب مصر، مقابل تلقيهم أموالاً من الخارج، وتعمد توسيع مساحات التصريحات التى تسىء لهم ونشر الصور الدالة على ذلك وشأنها شأن جميع الصحف القومية نشرت حوار مبارك لمجلة «الشرطة»، وقبلها حواراً للعادلى، وزير داخليته، استنكرت بشدة المظاهرات وراحت عدساتها تتصيد الأخطاء لمتظاهرين، وكتب محرروها أحداث لم تقع، ووقائع ليس لها أساس من الصحة، وجاء مانشيتات الجريدة ابتداء من يوم 27 يناير واصفة للثوار بأبشع الأوصاف، واستمر ذلك حتى يوم 8 فبراير عندما نشرت تصريحاً نسبته للواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، قال فيه. «الهدف هو إسقاط مصر» كتب الخبر عبدالله كمال، رئيس التحرير، وفى اليوم التالى قالت: «اجتماعات مهمة فى الرئآسة وترضية جديدة لميدان التحرير»، وفى اليوم التالى قالت: «اجتماعات مهمة فى الرئاسة وترضية جديدة لميدان التحرير، وفى يوم 12 فبراير بعد لحظات من تنحى المخلوع، ثبتت الجريدة على موقفها المدافع وصدرت بمانشيتات «قرار شعب» وعلى صفحة العدد نفسه كتب رئيس تحريرها مقالاً بالعنوان نفسه قارن فيه بين وضعين، الأول: بقاء الرئيس مبارك وتنفيذ وعوده التى قطعها على نفسه من عدم الترشح وتنفيذ أجندة الإصلاح، والثانى: ترك الرئيس لمنصبه، إلا أن الشعب اختار الثانى، ثم استكمل مقاله بوضع العديد من العراقيل أمام الثوار التى سوف تعوق قطار التنمية بعد رحيل الرئيس.

وفى العدد التالى حاولت الصحيفة البعد عن الأحداث الجارية وميدان التحرير وقامت بنشر العديد من التقارير كان أبرزها التقارير البعيدة عن الأحداث لم تسلك الصحيفة طريق سابقيها فى تغيير جلدها المهنى ولكنها استمرت تدافع عن رموز النظام السابق ولكن على استحياء.

الوفد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire