samedi 11 février 2012

مبارك من كرسي الرئاسة إلى سرير المحاكمة

77

ي مثل هذا اليوم 11 شباط 2011، أعلن نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان عن قرار تنحي الرئيس مبارك عن إدارة البلاد، وإسناد المهمة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شؤون البلاد، واستقبل المتظاهرون في التحرير وقتها هذا الخبر بالزغاريد والتصفيق والهتاف الحاد، فيما استقبله مؤيدو الرئيس السابق بالبكاء والحزن والصمت الشديد.


ربما يعتبر العام 2011 العام الأكثر ظلامًا وكآبة بالنسبة إلى مبارك وعائلته، إذ تحولت حياتهم إلى بؤس وهلاك، وتغيرت بزاوية 180 درجة، بعدما كانوا في القصور، أصبحوا في السجون وعبرة أمام العالم أجمع، لكن لم ينتقل مبارك إلى هذه المرحلة في ليلة وضحاها، لكن استقر به الأمر قليلا في مدينة شرم الشيخ، الذي فر هاربا إليها هو وعائلته، وتكاثرت الأقاويل حوله، وزادت الضغوط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمساءلته قانونيًا، وكيف يتمتع هو وعائلته بالتجول والعيش بحرية في قصورهم في شرم الشيخ، بعدما قتل وعذب وأفسد الحياة السياسية في مصر، وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمه.


ومن وجهة نظره الشخصية لم يتحمل مبارك كثرة الأقاويل التي ذكرت أن ثروته هو وعائلته تزيد عن 70 مليار دولار، وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في مقال لها في شهر آذار/مارس 2011 أن ثروة مبارك "بلغت أكثر من 70 مليار دولار، وجميعها خارج مصر"، فقد أصدر مبارك، بالتحديد في 10 نيسان/أبريل من العام نفسه، أول تسجيل صوتي له منذ الإطاحة به وقال فيه "قررت الكشف عن سرية حساباته البنكية خارج مصر وعن الأصول العقارية التي أمتلكها في الخارج سواء بشكل مباشر أو غير مباشر  لدفع الاتهامات التي تستهدف النيل مني ومن أسرتي، كما أكد قائلا "أحتفظ بكل حقوقي القانونية تجاه كل من تعمد النيل مني ومن سمعتي وسمعة أسرتي".


وفي الكلمة التي بثتها قناة العربية الفضائية وقتها أعرب مبارك عن ألمه مما أسماها "حملات ظالمة تستهدف الإساءة إلى سمعتي والطعن في نزاهتي ومواقفي وتاريخي العسكري والسياسي الذي اجتهدت خلاله من أجل مصر وأبنائها"، مؤكدًا على أنه لن يلتزم الصمت "في مواجهة تواصل حملات الزيف والافتراء والتشهير واستمرار محاولات النيل من سمعتي ونزاهتي".


فور نشر هذا التسجيل الصوتي أمر النائب العام المصري، عبد المجيد محمود، بالتحقيق مع الرئيس السابق، وكأنه فتح النار على نفسه بهذه المعلومات التي أدلى بها، والتأكد من صحة حديثه حول ثروته، ولم يمر سوى شهر أو ربما أقل، حتى أمر النائب العام بإحالة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه إلى محكمة الجنايات وبداية التحقيق معهم في 25 أيار/مايو من العام الماضي، إلى أن يتم تحديد جلسة المحاكمة معه، ووقع هذا الخبر كالصاعقة على كثير من المصريين، حيث لم يتخيل أحد يومًا ما أن يتم محاكمة الرئيس مبارك، الذي استمر في الحكم قرابة الـ 30 عامًا، ولم يفكر أحد أن يتطور الأمر إلى هذا الحد.


وقد حددت محكمة الجنايات أول جلسة لمحاكمة القرن، كما أطلقوا عليها، يوم 2 أب/أغسطس من العام نفسه، وقرر بث القضية على التلفزيون المصري، حسبما طالبت القوى السياسية والشعب المصري، وبالفعل ظهر مبارك على سريره مستلقيًا أمام العالم، ودخل القفص الحديدي والذي أعد له خصيصًا في أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، وظهر إلى جانبه نجلاه ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار معاونيه، وبدأت محاكمته في قضايا قتل المتظاهرين وإهدار المال العام.


ومنذ يوم 2 أب /أغسطس مازالت القضية مستمرة حتى الآن، وشهدت العديد من الاعتراضات والسخرية من قبل القوى السياسية وبعض المصريين، الذين اعتبروها مسرحية هزلية، ولم تقدم أي جدوى، وتسير بشكل بطئ للغاية، فضلا عن التصريحات التي أدلى بها محامي مبارك، فريد الديب، وأكد فيها أن مبارك "ما زال رئيسًا للبلاد، ولا يجب أن يحاكم إلا أمام القضاء السعكري، وأنه لم يأمر بإطلاق النار على المتظاهرين"، وغيرها من التصريحات التي اعتبرها الكثير "لاذعة".

وأصبح العام 2011 عام التحول في مجرى حياة مبارك، وتحول من قائد عسكري له مركزه الخاص، ومن صاحب أول ضربة جوية، ضد المحتل الإسرائيلي في حرب تشرين الثاني/أكتوبر 1973،  إلى "متهم" داخل القفص يواجه أبشع التهم وهي قتل المتظاهرين وإفساد الحياة السياسية وإهدار المال العام.
وبعد مرور العام على تنحيه، مازال مبارك شاردًا بين المركز الطبي حيث يرقد هناك تحت حراسة مشددة، وبين أكاديمية الشرطة في التجمع الخامس، مقر محاكمته، ويظهر بين يوم وآخر في المشهد ذاته، مستلقيًا على سريره، ينزل من الطائرة العسكرية إلى القفص، ليعود إلى محبسه مجددًا، وكأن المصريين تعودوا على ذاك المشهد وكأنه افتتاحية كل يوم من أيام محاكمته.

العرب اون لاين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire