vendredi 10 février 2012

كواليس ما جرى فى ماسبيرو ليلة إذاعة البيان


أمجد مصباح
ستبقى ذكرى ليلة الخميس 10 فبراير 2011 ويوم الجمعة 11 فبراير 2011 عالقة فى أذهان المصريين ربما لعشرات السنين وبهما العديد من الفصول الدرامية والسيناريوهات التى تبدو خيالية فى بعض الأحيان بدأ يوم الخميس 10 فبراير بإعلان العصيان حتى رحيل الرئيس حسنى مبارك.
ملايين المصريين فى جميع المحافظات يطالبون بتنحى مبارك بإصرار شديد، وكانت اللحظة الفارقة فى الخامسة مساء عقد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى وفى غياب القائد الأعلى للقوات المسلحة فى إشارة واضحة لتخلى المجلس بالكامل عن مبارك، ورفع عبداللطيف المناوى، رئيس قطاع الأخبار، لواء المغامرة، وقرر إذاعة الخبر دون علم مبارك وأنس الفقى، وأصابهم هذا الخبر بالصدمة، خاصة أنه أذيع على القنوات الرسمية للدولة، وبمجرد عرض هذا الاجتماع على الشاشة تناثرت الأخبار حول قرب إعلان قرار التنحى.
وأعلن الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء، أنه من المنتظر إعلان الرئيس قرار التنحى الليلة ثم عاد أنس الفقى، ليؤكد أن مبارك لن يتنحى، فى تلك الليلة، عقد مبارك اجتماعاً مطولاً مع عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، وأحمد شفيق، رئيس الوزراء، لبحث كيفية الخروج من الأزمة، وقرر بالفعل إلقاء خطاب التنحى مساء الخميس، ولكن تدخل جمال مبارك وأنس الفقى لإقناع مبارك بمنح اختصاصاته لعمر سليمان ويبقى أيضاً بالسلطة واقتنع مبارك، وأذيع الخطاب منتجاً فى الثانية عشرة والربع بعد منتصف الليل ليشتعل الموقف تماماً، وفى مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون كان الجميع محاصراً بآلاف المتظاهرين، الذين منعوا العاملين من الخروج أو الدخول وكادت تحدث مجاعة لو لم يتنح الرئيس، لأن جميع المأكولات نفدت تماماً من المبنى ظهر الجمعة، وابتهل الجميع إلى الله أن يتنحى مبارك، وقضى مبارك ليلته بقصر الرئاسة لآخر مرة، وكان مقرراً فى ذلك اليوم (10 فبراير) أن يكون خطاب الرئيس متضمناً نقاط تركز على استجابته لبعض المطالب وأن يقول فى خطابه: «لقد كانت لدى الشجاعة أن أحارب فى 1967، وكانت لدى الشجاعة أن أحارب فى 1973، وكانت لدى الشجاعة أن أتولى مسئولية إدارة البلاد فى 1981، واليوم لدى الشجاعة أن أقول إن المصريين يستحقون نظاماً آخر مختلفاً لذلك سأعطى كل صلاحياتى لنائبى وسأكتفى بأن أراقب أول انتقال سلمى للسلطة.
إلا أن أنس الفقى، وزير الإعلام، أخذ هذه النقاط فى ظهر (10 فبراير) وأعد خطاباً انتهى منه فى منتصف الليل، وتضمن 34 صفحة قرأها الرئيس ما بين الورق وما بين الشاشة أمامه، فبدا مشتتاً وكان أسوأ خطاب لمبارك، وكان المجلس العسكرى فى حالة انعقاد دائم، واجتمع المشير مع عمر سليمان، وأبلغه بضرورة تنحى الرئيس الآن، وطلب منه محادثته هاتفياً، وظهر يوم الجمعة أجرى عمر سليمان اتصالاً بمبارك، ورد عليه مبارك عايزين إيه تانى أنا مش إديتك اختصاصات الرئيس، قال سليمان ياريس اتفق الجميع داخل المجلس الأعلى على أن تتنحى الآن، منعاً لانهيار البلد، واضطر مبارك للموافقة مرغماً، وقرأ عليه عمر سليمان بيان التنحى واتفق المجلس على أن يلقى سليمان البيان، بعد أن رفض مبارك أن يلقيه بنفسه، ولكن الرئيس السابق قال له: لا تذيعوا البيان إلا بعد سفر جمال وسوزان لشرم الشيخ بنصف ساعة، وبالفعل غادر مبارك القاهرة قبيل المغرب على متن طائرة هليكوبتر متجهاً إلى شرم الشيخ، من قاعدة ألماظة الجوية ولحقه بعدها زوجته وابناه جمال وعلاء وزوجاتهما على متن طائرة، بمطار ألماظة، واتصل أحد أعضاء المجلس بعبداللطيف المناوى الذى كان ملازماً داخل مكتبه بماسبيرو لإبلاغه بتجهيز الاستوديو لإذاعة البيان، وحمل اللواء إسماعيل عتمان الشريط بنفسه، وأخفاه داخل ملابسه وشق طريقه وسط المتظاهرين أمام ماسبيرو.
واستقبله المناوى بالطابق الأول وصعد به مباشرة إلى الاستوديو تمهيداً لإذاعة البيان، وأجهش بعض العاملين بالقطاع لمجرد سماع خبر التنحى، واستمر البيان بصوت عمر سليمان لمدة 37 ثانية فقط، ولكنها كلمات كانت فارقة فى تاريخ مصر، وكان نص البيان «فى ظل الظروف العصيبة التى تعيشها مصر قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، والله المستعان».
وبمجرد انتهاء البيان انطلقت الأفراح فى ربوع مصر، وتم الإفراج عن موظفى ماسبيرو والإعلاميين لنبدأ مرحلة إقصاء قيادات ماسبيرو واندلاع المظاهرات داخل المبنى تطالب بتطهير ماسبيرو من رموز الإعلام التى ساندت النظام السابق.
الوفد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire