samedi 4 février 2012

وائل قنديل : على خطى المخلوع (نحن أو الفوضى)… مقالة رائعة

352

قرأ الناس رسالة بورسعيد جيدا منذ اللحظة الأولى «دى مش كورة دى بولوتيكا» ودقق جيدا فى التفسيرات العفوية البسيطة للجماهير التى تابعت الفاجعة، وراجع الهتافات التى انطلقت فى محطة باب الحديد وأمام النادى الأهلى، وقارن بين كل ذلك وبين تحليلات السياسيين والنواب، فهل ترى فى فطرة المصريين السليمة من تفاوت؟

من أصغر مشجع يتمتع بحس إنسانى سوى إلى أكبر نائب فى البرلمان، مرورا بالخبراء السياسيين كان هناك إجماع على أن كارثة بورسعيد مدبرة ومخطط لها جيدا، فى معسكرات الإعداد إياها، لمواجهة الضغوط المتزايدة من اجل تسليم السلطة وتحرير مصر من حكم الطوارئ.. وعلى طريقة «نحن أو الفوضى» أديرت معركة ملعب بورسعيد لابتزاز المصريين بفزاعات الأمن مرة أخرى، ووضعهم أمام صورة شديدة السواد والرعب أن هم أصروا على مطلب تحرير السياسة من العسكر، صونا للاثنين معا، غير أن كلفة هذه الصورة جاءت هذه المرة أفدح وأعلى بكثير من سابقاتها، ٧٤ شهيدا سقطوا فى دقائق على مرأى ومسمع من الملايين التى تسمرت أمام شاشات التليفزيون، ومئات الجرحى، وآلاف المكلومين من أسر وأصدقاء شهداء الملعب فى بورسعيد.

إنها لم تكن مباراة فى كرة القدم بين المصرى والأهلى، بل كانت معركة سياسية دامية ضد الثورة، خطط لها ونفذها خصومها من المتظلمين من مطالبها وأصدقاؤهم من حثالات النظام السابق، فى توقيت بالغ الدلالة قبل يوم واحد من ذكرى موقعة الجمل، وهو اليوم الذى قايضنا فيه المخلوع «أنا أو الفوضى» وإن هى إلا ساعات حتى كانت قطعان البلطجية تعمل آلة القتل والتنكيل من فوق ظهور الجمال والخيول فى حشود الثوار بالميدان.

ومن العبث أن يحاول أحد قراءة هذه المأساة على ضوء قاموس الشغب الرياضى، ومن العهر أن يلقى آخرون بمسئوليتها على الثورة والثوار، كما فعل بعض خدم جمال وعلاء مبارك من لاعقى الأحذية المحتفظين بأماكنهم فى منظومة الإعلام الرياضى حتى الآن، بعد أن تلونوا وغيروا جلودهم كالحرباوات والأفاعى نفاقا للثورة فى أيامها الأولى، ثم انقلبوا نافثين سمومهم عليها مع اول فرصة للعودة إلى وضاعتهم وانحطاطهم.

لقد استنفد الذين التصقوا بمقاعد السلطة كل الألاعيب والحيل وسيناريوهات الرعب والخراب والدم من أجل ثنى الثورة عن استكمال دورتها فى إنتاج التغيير الشامل، وكلما بدت الثورة أقرب إلى تحقيق غاياتها النبيلة المشروعة زادت شراستهم وخستهم فى توجيه الضربات.

ولا يمكن لعاقل أن يستوعب أن ماسورة الانفلات الأمنى قد قررت أن تنفجر ذاتيا فجأة فى هذا التوقيت بالذات، من حوادث السطو الكوميدية  على البنوك والتى يغلفها إخراج ردئ وسيناريو ركيك، وصولا إلى موقعة بورسعيد، خصوصا أن كل هذا يجئ، بينما قصائد المديح فى الحالة الأمنية التى جاء بها وزير الداخلية الجديد لم تتوقف.

أيها السادة: إن لم تكونوا متواطئين على هذه الثورة، فالمؤكد أنكم فاشلون وعاجزون عن إدارة وطن أذهل شعبه العالم بثورته، وفى الحالتين نسألكم الرحيل عائدين إلى أعمالكم الأصلية.. لسنا فئران تجارب تختبرون بها خبراتكم الفقيرة.. ولسنا عقارا تتقاسمونه أنتم وشركاؤكم ممن زعموا أنهم رفقاء الثورة ذات يوم ثم تحولوا إلى «عكاشيين» يدبجون بيانات تردد أن تسليم السلطة يساوى الانفلات الأمنى.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire