vendredi 4 mai 2012

تفاصيل معركة العباسية

لم يكن يوما عاديا في تاريخ مصر، بل كان كما توقع البعض يوما داميا، المتظاهرين والمعتصمين أمام وزارة الدفاع منذ الجمعة الماضية، كان واضحا أنهم لن يتنازلوا عن ما يسعون إليه ايا كان، بدليل أنهم اسموها "جمعة النهاية"، والجيش من ناحيته ايضا كان واضحا، عندما قال في مؤتمره الصحفي الذي عقد مساء الخميس أن الإلتزام والانضباط الذي يتحلى به ضباط وجنود القوات المسلحة لن يستمر إذا ما حاول أحد الإقتراب من مبني وزارة الدفاع.
اليوم بدأ هادئا، متسارعا في أحداثه، مثيرا في تطوراته، الآلاف يحتشدون في ميدان التحرير، ومثلهم أو يزيد يحتشدون في العباسية، والنية لدى الجميع تؤكد أنها جمعة النهاية، والجيش أيضا استعد جيدا ونشر قواته في محيط وزارة الداخلية مستعينا بقوات الأمن المركزي.

الأخوان كعادتهم غردوا بعيدا عن سرب التيارات السياسية، وفضلوا البقاء في ميدان التحرير، في نفس الوقت كانت المسيرات تتوافد من العديد من مساجد وميادين القاهرة متوجهة إلى العباسية من مسجد الفتح ورابعة العدوية وغيرهما، وكانت تلاحقها ايضا مسيرات من ميدان التحرير متوجهة العباسية، تاركة الأخوان يلقون مصيرا مختلفا عن مصير باقي المتظاهرين.

هناك في العباسية، كان الجو ملبدا بالغيوم، وعدم التفاؤل، الجميع ينتظر ساعة الصفر، وكأنها الحرب، هناك من كان ينتظر البلطجية، وهناك من ينتظر قوات الجيش، الجميع في حالة ترقب، أخبار عن وجود ملثمين في يحملون اسلحة في محيط وزارة الداخلية، وكلام يكاد يصل لدرجة اليقين في بعض الأحيان، عن وجود مسلحين وسط المتظاهرين.
الساعات تمر بهدوء، وسط توافد الآلاف من ميادين القاهرة ومن الأقاليم، للتظاهر في العباسبة وأمام محيط وزارة الدفاع، حتى جاءت ساعة الصفر، والتي بدأت هادئة بتراشق بالحجارة بين قوات الأمن المركزي والجيش من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى، وحاولت القوات العسكرية تفريق المتظاهرين من خلال خراطيم المياه، بسبب محاولة بعض الشباب تمزيق السلاك الشائكة التي كانت تفصل بين طرفي الصراع، وكانت "سلمية.. سلمية" تخترق قطرات المياه، إلا أن سلمية تحولت بعد ذلك، لقذائف من الحجارة بين الطرفين، لتظهر من جديد القنابل المسيلة للدموع، لتكسب قوات الجيش أرضا، بعد أن تراجع المتظاهرين نحو ميدان العباسية، وتخلو عن مواقعهم بالقرب من وزارة الدفاع.
المشهد حتى الآن يبدو طبيعيا بالنسبة للأوضاع السياسية التي تعيشها مصر، ولكن سرعان ما تغيرت الصورة وتبدلت الأوضاع، بعد أن حلقت طائرة هليكوبتر فوق في سماء العباسية، وهو ما اصاب المتظاهرين بالارتباك، ووسط هذه الأجواء، واثناء محاولات بعض المتظاهرين تخطي الأسلاك الشائكة، تبدأ معركة من الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة العسكرية، وملاحقات ومطاردات من جوانب قوات الأمن، ورغم كيل كل طرف الاتهام للآخر بأنه المسئول عن تدهور الأوضاع، إلا أنه تبقى هناك حقيقة مؤكدة وهي وفاة مجند يدعى سمير أنور سمير، وإصابة ما يقرب من 373 مصري.

وفي هذه الأثناء، ووسط هروب المئات من المتظاهرين من العباسية، فضلت جماعة الإخوان المسلمين الانسحاب من ميدان التحرير تجنبا لحدوث اي تصادم مع المتظاهرين الفارين من جحيم العباسية، وعلى ما يبدو أن سكان العباسية كانوا الأكثر سعادة بما حدث اليوم من فض للاعتصام، حيث ساعدوا الشرطة العسكرية في فض الاعتصام، وتمشيط المنطقة بحثا عن أي متظاهر.

وبعد تمكن الجيش من فرض سيطرته على العباسية ومحيط وزارة الداخلية، ألقى الواء مختار الملا عضو المجلس العسكرى، بيانا قال فيه إن المجلس أصدر قراراً بفرض حظر التجوال فى محيط وزارة الدفاع والشوارع المؤدية إليها والمحيطة بالوزارة ابتداءً من الساعة 11 مساء الجمعة، وحتى الساعة 7 صباح السبت، وقال إن الشوارع التى فرض حظر التجوال فيها هى الفنجرى مع صلاح سالم، وشارع سرايا القبة مع مترو الأنفاق، وتقاطع شارع محمود شكرى مع سرايا القبة وشارع رمسيس حتى مستشفى الدمرداش وشارع لطفى السيد حتى مستشفى الدمرداش.وقال إنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات تجاه من يخالف قرار حظر التجوال، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المحرضين على أحداث العباسية، كما أهاب بكافة المواطنين بضرورة الالتزام التام بحظر التجوال.

إلى هنا، وتوقفت الأحداث في العباسية بعد أن أصبحت في قبضة الجيش، لتنجح إرادة الجيش، أمام إرادة ومطالب المتظاهرين ولو مؤقتا، لتنتهي جولة جديدة بين العسكري والثوار، وكالعادة ظهر المحللون والخبراء، وأصحاب الأصوات العالية ليحاول كسب أرضية وشهرة ومصالح، لتظل المكاسب الشخصية هي الهدف الأول للبعض، ويظل المواطن المصري هو الخاسر الوحيد
الشباب

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire