samedi 26 mai 2012

لاول مرة .. فاروق حسنى يكشف أسرار أسرة مبارك

سيظل رجال النظام السابق صندوقاً أسود يحمل الخبايا عن فترة حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، خاصة أولئك الذين قضوا إلى جانبه وقتاً طويلاً وأثاروا جدلاً واسعاً، و«الوفد» تحاور اليوم واحداً منهم.

لا يحب لقب معالى الوزير، ويفضل أن يسبق اسمه لقب «الفنان»، استمر على كرسى الوزارة قرابة ربع قرن، كان قريباً من آل مبارك ودارت حوله شائعات كثيرة، منها أنه المسئول الأول عن شياكة الهانم، والذى يختار لها ملابسها

إنه فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، الذى قال إنه تحمس كثيراً لثورة يناير وتمنى أن يكون واحداً من الثوار، مشيراً إلى أن خطأ «مبارك» أنه لم يستوعب الأفكار وأنه كان يفتقر للخيال، مضيفاً أن المشير حسين طنطاوى لم يكن راضياً عن سيناريو التوريث.

* سألناه: لماذا كان يؤخذ عليك أن وزارتك مليئة بالفاسدين؟

- الحالة الوحيدة التى يمكن اعتبارها فساداً، هى حالة أيمن عبدالمنعم فقط، أما محمد فودة فلا علاقة لنا به وما ارتكبه «سمسرة»، وعندما تم القبض على أيمن لم يكن هو المقصود بها، لكن كنت أنا الهدف من وراء تسريب القضية.

* من كان يستهدفك؟ ولماذا؟

- أولاً لم أكن عضوا فى الحزب الوطنى، وكان هناك فى الحزب وزراء وقيادات لا يحبوننى، وكنت أرى أن مسئولية الوزارة فى الإبداع والابتكار وعمل المشروعات بعيدا عن الصوت العالى، أما قيادات الوطنى فكانت السياسة بالنسبة لهم هى المؤامرات والدسائس والوقيعة، كمان أنا دماغى ناشفة ولا أنفذ أى مشروع إلا إذا كنت مقتنعاً به.

* لكن قبل ذلك بسنوات وعند إعلان قرار تعيينك وزيراً للثقافة، قال المثقفون لصحيفة «الوفد» لن نضع أيدينا فى أيدى فاروق حسنى وتبرأ عاطف صدقى منك.

- لا لم يتبرأ عاطف صدقى منى، وما حدث أننى أقسمت اليمين وسافرت إلى الإسكندرية، ووجدت فى جريدة الوفد أن عبدالرحمن الشرقاوى يكتب «لا نقبل مصافحته» وهو لا يعرفنى، وصالحنى بعد ذلك واعتذر فى مؤتمر عام للمثقفين.

* هل نجحت فى ترويض المثقف لصالح النظام السابق؟

- لم يحدث هذا بل على العكس تماما حينما كان يأتى معرض الكتاب كانوا يلتقون الرئيس ويتكلمون معه بحرية، ولم أتصل بأى أحد لأطلب منه الاتصال بالرئيس أو الكتابة عنه، ولم أجند أحدا لينضم لحزب الرئيس.

* هل خذلك المثقفون بعد الثورة؟

- لا لم يحدث، لكن الوزارة تفتتت بعد تقسيمها إلى ثقافة وآثار.

* هل توقعت أن يتحول يوم 25 يناير إلى ثورة؟

- إطلاقاً.. وسعدت كثيراً لقيامها، وكنت أتمنى أن أنزل إلى ميدان التحرير، فأنا قدمت استقالتى 3 مرات وكنت ضد سياسة الحزب الوطنى المنحل ولا أحبه.

* لماذا لم تكن تحب جمال مبارك؟

- عندما توليت الوزارة كان جمال عمره 24 عاماً، وينادينى «يا أنكل»، لكنه عندما تقدم به العمر تغير كثيراً، وعندما دخل إلى عالم السياسية فى 2004 «كبر ولسانه تغير»، وأنا لا أفضل الاختلاط بالحزب ولم أكن عضواً فيه، وهو لاحظ انعزالى عنهم، وكلماتى له كانت مقتصرة على تبادل التحيات فقط.

* كيف وعلاقتك كانت جيدة مع سوزان مبارك؟

- ظلت علاقتى بها جيدة حتى ظهور «جمال» فى الصورة، لكن رغبتها فى تولى «جمال» الحكم بعد والده كانت ظاهرة، وعارضت هذا وذكرته فى الإعلام عدة مرات، لذلك فقدت علاقتى بها، وكنت أرى أن رحيل «مبارك» يعنى رحيلى. وأتذكر أيضاً أن المشير حسين طنطاوى، كان مستاء من هذا الوضع بحكم صداقتى به، وبحكم أننا أقدم الوزراء، فكنت على علم بموقفه ضد التوريث وكان يحدثنى عن غضبه من ذلك.

* هذا يعنى أن جمال مبارك لم يستعن بك على الإطلاق فى عمله؟

- طلب لقائى فى مكتبه بدار القوات الجوية بمصر الجديدة قبل الثورة بنحو 9 أشهر، لحضور جلسة محدودة كان بها رشيد محمد رشيد وأنس الفقى ومحمد كمال ومفيد شهاب، وعندما تكلم ابتدى يستعرض وكأنه العالم بجميع الأمور وتحدث عن مشروع «ترقيم الوثائق»، فسكت كثيراً حتى انتهى ثم ثرت قائلاً: «إزاى الحزب مش عارف إحنا عملنا إيه، نحن لدينا 100 مليون وثيقة رقمنا منها 55، إضافة إلى أن دار الكتب أصبحت مزاراً، وأصبحنا ننشر لكل الشعراء بالأقاليم وكذلك الأدباء»، فصمت جمال مندهشاً، ورد رشيد قائلاً «لكن الكتاب بـ3 و4 جنيهات»، قلت هذه كتب تقدمها الحكومة للشعب ليتمكن من شراء الكتاب، وأيضاً عندما توليت الوزارة كان عدد دور النشر 42 داراً وصلت إلى 450، وأيدنى «جمال» فى طرح الكتب بثمن زهيد.

* بعد الكشف عن الكثير من أسرار القصر الرئاسى بعد الثورة قالوا إنك كنت تختار ملابس سوزان مبارك.. هل هذا صحيح؟

- هذا لم يحدث وكلام سخيف جداً «أنا لم أختر لأمى، هختار لها إزاى»، وهى كانت لا تقبل رأى أحد على الإطلاق، ولا أنا أحب أن ألعب هذا الدور، ولا أفتخر باقترابى من السلطة، وفى النهاية أنا أقدرها كشخص فهى امرأة ذكية وهى حرم رئيس، أى سيدة خدمت المجتمع النسائى والدولة فى الخارج.

* وما موقف الرئيس منك؟

- أنا مدين لـ«مبارك» أنه تركنى أعمل كل شىء، وكان يقف بجوارى فى أى أزمة، ولكننى أتذكر عندما رأيت «مبارك» جالساً فى أحد المؤتمرات الاقتصادية واضعاً قلماً 3 ميلى فى فمه ويستمع، قلت «الراجل ده مش هيتغير، وهو لم يتغير»، ولكن هناك أشياء أخرى تغيرت وهو السبب فى رحيله بهذا الشكل منها طول المدة ونجله وحاشيته.

* ألم تفكر فى زيارة «مبارك» فى المستشفى؟

- اتصلت به أثناء تواجده فى مستشفى شرم الشيخ وردت علىّ السكرتارية ولم يتم توصيلى به، وبعدها لم أفكر فى الاتصال مرة أخرى، وبقدر ارتباطى به إلا أننى مرتبط بالثورة ومفتخر بها لأن من قام بها شباب نقى، وتمنيت أن أشارك فيها.

* على الرغم من انتمائك للنظام؟

- الثورة لم تكن ضد أشخاص، لكنها ثورة شعب يطلب التغيير، حتى لو كنت أنا طرفاً، فالسياسة لدى مختلفة ودخلتها بـ«الزق»، أنا فى الأصل فنان يتذوق الأشياء.

* من خلال خبرتك كوزير استمر فى الحكومة 24 عاماً، ما عيوب «مبارك» ومميزاته؟

- من عيوب «مبارك» أنه يفتقد الخيال، لكنه يسعد بالإنجاز، ولديه شىء مهم أنه يساند الرجال أصحاب التطوير، ولم أنس له أثناء أزمة تصريحاتى حول الحجاب وقف بجانبى، لكن «سوزان» عندما عرفت بالأزمة رددت عبارة نجلها جمال «هو ده وقته»، وكلمتنى الشيخة موزة وقالت نحن نفتخر بك فى أى وقت.

* هل تعتقد أن زكريا عزمى أسهم فى تضليل «مبارك»؟

- زكريا شاطر جداً ولم يكن يحب أن يكون لأحد علاقة بالرئيس السابق، ولا تمر من أمامه ورقة إلى الرئيس إلا وعرف ما بها، لكنه لم يستطع منعى من التواصل مع الرئيس، بل كان يمنع عنه الاتصال الجماهيرى، فذات مرة كتبت استقالة وطلبت منه أن يعطيها إلى «مبارك»، فصمم أن يعرف المكتوب بداخها ولم يتركنى أرحل إلا بعد أن عرف.

* من طرح «مبارك» أرضاً وتسبب فى هذه النهاية؟

- طموحات «جمال» كانت كبيرة وانصاعت لها الأم، حباً فى البقاء فى رغد السلطة.

* فاروق حسنى الفنان.. هل رسمت لوحة عن الثورة؟

- فنى فى حد ذاته ثورة وغير ملتزم لأنه تجريدى، لكننى لم أرسم لوحة عن الثورة.

* الانتخابات الرئاسية التى تعيشها مصر الآن.. كيف تراها؟

- هذا جو عبثى والسياسة متخبطة والإدارة أيضاً وليس هناك حكمة، والهلع يسيطر على الطامعين فى المنصب، بخلاف الخوف فالمجتمع لا حول له ولا قوة فى الاختيار، فالرئيس القادم هو رئيس الظروف والصدفة وليس بترتيب حقيقى، فنحن لم نتعلم التعامل الحر الديمقراطى لأنه لم يكن موجوداً وتعلمنا مبادئ الرأى الفترة الماضية فقط والمنظم هو من سيفوز ويكذب من يتوقع النتيجة.

* ولمن ستعطى صوتك.. ولماذا؟

- اختيارى ينحصر بين ثلاثة مرشحين إما عمرو موسى أو أحمد شفيق أو حمدين صباحى، «حمدين» هيجرب فينا فترة وهيضيع وقت، وأحمد شفيق يتسبب فى إشكالات اجتماعية كبيرة، وممكن يكون عنده فهم لتحقيق مشروعاته، أما عمرو موسى فهو دبلوماسى وسيتعامل على أساس علاقاته الخارجية، وأرى أنه لابد من تواجد خبرات أجنبية بجانبهم، فنحن لا نمتلك أصحاب تخطيط شامل لبناء مصر.

* وهل عدم معرفة من سيفوز تعد ظاهرة إيجابية؟

- لا غير إيجابية، لأن التيار القادم فى كل الحالات ليس بالاختيار الكامل، وإنما الصدفة والعشوائية، والبرامج كلها فضفاضة، والحلول تقليدية فلم يتقدم مرشح بحلول غير تقليدية تسمعه تقول «هو ده».

* هل أنت قلق من الحكم الإسلامى؟

- مصر يجب ألا يكون فيها حكم إسلامى، وسينتهى القلق لو استطاع الجانب الآخر أن يكون معارضاً قوياً ويحقق لغة حوار مع الحاكم، أما لو تشدد كل منهم سيكون هناك صدام حضارى كبير، والإسلاميون عملوا تحت الأرض قديما والثقافة كانت فى النور، ولو بدلوا الأوضاع سيدمرون أنفسهم، ومشكلة الإسلاميين أنهم يعتبرون الثقافة ديناً فقط، لكن هذا غير صحيح، وأعتقد سيكون هناك خلافات داخلية بين التيارات المختلفة، ولو قارنا حكم مبارك فنجد أنه كان أكثر رفقا بهم من تعاملهم هم مع معارضيهم، وبالطبع لازم أخاف لأننا سنعود للخلف وسيكون هناك تغيير لملامح الدولة وملامح الشعب وتتأثر علاقتنا مع دول خارجية.

* أين فاروق حسنى الآن؟

- فى قمة تألقى الذهنى والفنى والإنسانى، فأصبحت أخرج وأتحرك بحرية، عكس الوضع السابق، فأنا أعشق الحرية وهو ما افتقدته طوال 24 سنة، استرددت حريتى بعد مؤبد «24 سنة فى الوزارة» وخرجت إفراج، والناس تقابلنى بحب شديد.

* كم كسبت من بيع لوحاتك؟

- كتير جداً.

* قيل إن بعض رجال الأعمال كانوا يشترون لوحاتك مجاملة لك كوزير ثقافة؟

- لا أبداً لم أشعر بهذا، لو كانت مسألة مجاملة كان زمانى فى السجن وقد حاول البعض مجاملتى ورفضت.

* هل مبيعات لوحاتك تأثرت بعد الثورة؟

- لم تتأثر، ومشكلة المصريين أنهم ليسوا على دراية بالفن التجريدى.

* ما رأيك فى الإعلام قبل وبعد الثورة؟

- كان واضحاً، حجم الكبت والانفجار بعد الثورة، وأرجو أن يستمر لبعد الانتخابات الرئاسية ولا يتحول الأمر إلى نفاق سلطة أو ثورة، فالكثيرون يلبسون ثوب الثورة، حتى أصبح الإعلام مهنة للربح.

* البعض يرى المثقفين فشلوا فى دعم الثورة؟

- لأن العاطفة تغلبت لديهم على العقل، وعاطفة الثورة غلفتهم وأنستهم أدواراً كان لابد من القيام بها، فلم أقرأ مقالاً لمثقف بعنوان «الدستور أولاً»، لأن المنطق يقول كذا وكذا، وبعضهم تخوف من عدم تأثير حديثه فاختار الصمت بديلا للتنظير.

بوابة الوفد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire