samedi 14 juillet 2012

وائل قنديل يكتب:إنها الثورة يا دكتور مرسى

ماذا تعنى كلمة «ثورة».. معناها أن حاكما مستبدا يسجن مواطنا معارضا، وبعد ١٨ شهرا يصبح الحاكم فى السجن والسجين رئيسا للبلاد.. حالة حسنى مبارك ومحمد مرسى نموذجا.
معناها أيضا أن ديكتاتورا يشرد مواطنا معارضا فى المنافى، وبعد حين يهرب الديكتاتور كالفأر إلى المنفى، ويعود المشرد المطرود ليعتلى سلطة بلاده.. حالة زين العابدين بن على ومنصف المرزوقى نموذجا.
ويقال، والعهدة على الرواة، إن الرئيس محمد مرسى وهو يصلى خلف إمام الحرم بكى حين ارتفع صوت الإمام بالآية الكريمة «وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال».
وبناء عليه أتوقع أن الدكتور مرسى وهو يقف مع الرئيس المرزوقى فى مؤتمر صحفى أمس قد حلق على جناح الذاكرة عائدا إلى الماضى القريب جدا، وليس أفضل من هذا موقف لكى يتدبر الرئيس فى صنع الله وتدبيره، ويستحضر قضية معتقلى الثورة التى تفرض نفسها عليه كواجب وقت لا يحتمل الإرجاء والتأجيل، ولا يتحمل رفاهية تشكيل لجنة تبحث وتفحص وتمحص وتدرس وتفكر، بينما قائمة معتقلى الثورة تتمدد وتستقبل معتقلين جددا، لن يكون آخرهم المتظاهرون المتعاطفون مع ثوار السويس الذين ألقت الشرطة العسكرية القبض عليهم أمام النيابة العسكرية فى السويس الأسبوع الماضى، ولا الشبان الثلاثة الذين جرى اختطافهم فى مدينة نصر الليلة قبل الماضية أثناء مشاركتهم فى مسيرة سلمية ترفع مطالب استكمال الثورة، ولم يظهر لهم أثر حتى تاريخه ويقال إنهم فى «باستيل الثورة» الشهير باسم س ٢٨.
ولعل الدكتور مرسى يدرك أنه بقدر حرص الثوار على انتزاع الرئيس المدنى المنتخب على صلاحياته المخطوفة بواسطة إعلان دستورى مقيت، فإن حرصهم على انتزاع حرية أقرانهم وزملائهم أكبر، ذلك أن الطرفين ــ مرسى ومعتقلى الثورة ــ شريكان فى زنزانة واحدة اسمها «الحكم العسكرى» الذى بات يشبه ليل الشاعر الشهير «امرؤ القيس» الذى قال فيه:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ●●● على بأنواع الهموم ليبتلى
فقلت له لما تمطى بصلبه ●●● وأردف اعجازاً وناء بكلكلِ
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى ●●● بصبحٍ وما الاصباح منك بأمثلِ
ومن هنا فقضية صلاحيات الرئيس لا تنفصم أبدا عن قضية حرية معتقلى الثورة، كلاهما لا تحتمل التأجيل والمماطلة، ولن تعرف إحداهما طريقا إلى الحل بمعزل أو قبل الأخرى، فلو أراد الرئيس صلاحياته كاملة فلتكن البداية قرارا رئاسيا جريئا بالإفراج الفورى عن جميع معتقلى الثورة، بعفو شامل، وهذا من صميم صلاحيات الرئيس المنتخب، وأحسب أن من شأن خطوة كهذه أن توصل للجماهير إشارات واضحة وقوية بأن هناك رئيسا منهم يشعر بمعاناتهم ويستجيب لمطالب إنسانية وثورية بامتياز، وفى الوقت نفسه تقدم دليلا عمليا على استعادة الرئيس صلاحياته الشرعية.
و ليتذكر الرئيس مرسى كلماته فى ميدان التحرير وسط الجماهير التى يعى يقينا أنها زاده وعتاده فى رحلته الشاقة الطويلة لمواجهة نظام عتيد يمارس عليه وعلينا تحرشات الليل البهيم بالشاعر «امرؤ القيس» ولا يريد أن ينجلى، ولن ينجلى إلا بالحسم والجرأة فى انتزاع حقوق الشعب.

وائل قنديل يكتب:إنها الثورة يا دكتور مرسى
قسم الأخبار
Sat, 14 Jul 2012 10:31:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire