mardi 3 juillet 2012

هل ينجح إعلام الفلول في إسقاط الثورة المصرية؟!

هل ينجح إعلام الفلول في إسقاط الثورة المصرية؟!

أيمن بريك

جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير بهدف الإطاحة بنظام فاسد دأب لعقود طويلة على تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام لتحقيق أهداف ومكاسب خاصة بعيدًا عن مصلحة الشعب، غير عابئ بخطورة ذلك على المجتمع، مستخدمًا الإعلام كوسيلة لخداع الجمهور بإنجازات وهمية وتضحيات واهية.

إلا أن الثورة نجحت فقط في الإطاحة بمبارك وليس بنظامه كما يعتقد الكثيرون، فنظام مبارك لا يزال يسعى في الأرض فسادًا، مستخدمًا نفس أساليبه السابقة، وإن كان هناك تغيير تكتيكي بحسب ظروف المرحلة الراهنة، فظهر إعلام الفلول كوسيلة لوأد الثورة، حتى أصبح الكثيرون يرددون أكاذيب هذا الإعلام بشكل أصبح يهدد بضياع الثورة وعودة النظام البائد أكثر تغولًا وتوحشًا.

خطورة الإعلام

لقد أدرك رجالات مبارك والمنتفعون من نظامه البائد والخائفون من أن تصل يد العدالة إليهم إذا ما استقرت الأوضاع، أدركوا جميعًا ومبكرًا أهمية الإعلام وتأثيره على مجريات الأمور، فخصصوا جزءًا من الأموال التي نهبوها من الشعب بهدف الدفاع عن مكتسباتهم لمحاولة إفشال الثورة وتفريغها من مضمونها، مستعينين ببعض الإعلاميين المتلونين الموالين الذين دخلوا جحورهم بعد الثورة ثم ما لبثوا أن خرجوا علينا في ثوب جديد ظاهره مناصرة الثورة وباطنه النيل منها ومن الثوار شيئًا فشيئًا.

وذلك في الوقت الذي غفلت فيه القوى الثورية بشكل عام والإسلامية منها بشكل خاص عن أهمية الإعلام وتأثيره بل وخطورته في نفس الوقت، حتى أصبحت اليوم تحصد ما اقترفت يداها، كما أصبحت الثورة مهددة بالضياع، بل وأضحت مصر الثورة أمام مرحلة فارقة، فإما استكمال أهداف الثورة أو العودة إلى نقطة الصفر.

إمبراطوريات إعلامية

لقد انبرى رجال أعمال الحزب الوطني البائد والمستفيدون منه طول عام ونصف مضت على ثورة يناير لتدشين إمبراطوريات إعلامية سُلطت للنيل من الثورة والثوار، وحتى نعرف مدى سيطرة الفلول على وسائل الإعلام في مصر، فإننا يكفي أن نعرف أن مالك قنوات cbc والنهار ومودرن هو محمد الأمين، شريك منصور عامر، ومن المعروف أنهما كانا عضوين في الحزب الوطني المنحل، وأن مالك قناة on tv هو نجيب ساويرس، وهو معروف بمواقفه من الإسلاميين، ومدى علاقته بالنظام البائد، فضلًا عن الرسوم التي سخر فيها من الحجاب واللحية.

أما أحمد بهجت فيملك قنوات دريم 1و2، وهو معروف بعلاقاته بعلاء وجمال مبارك، واتهامه بالاستيلاء على أراضي الدولة، في حين يملك حسن راتب قناة المحور، وهو معروف بانتمائه للحزب الوطني المنحل، ومتهم بالتحريض على الثورة في موقعة الجمل، والاستيلاء على أراضي الدولة بسيناء، وتصدير أسمنت مصانعه لإسرائيل.

وضمن القائمة يأتي توفيق عكاشة، مالك قناة الفراعين، المعروف بولائه الشديد لرجالات الحزب الوطني البائد، خاصة صفوت الشريف، والذي تلاعب طوال الأشهر الماضية بعقول وعواطف المصريين، من خلال تزييف الحقائق والدفاع عمن تلوثت أيديهم بدماء أبناء مصر الأبرار، مستخدمًا أسلوبه الركيك البعيد كل البعد عن الموضوعية في التأثير على شريحة ليست قليلة من المواطنين جذبهم بأسلوب "إعلام المساطب" القائم على الفبركة والأكاذيب، وكذلك محمد أبو العينين مالك قناة صدى البلد وأحد رجال الحزب الوطني المنحل، في حين أن قناة 25 يملكها محمد جوهر وهو متهم بالتطبيع مع إسرائيل، وغيرها.

تضليل.. وترهيب

لقد عملت هذه القنوات طوال الفترة الماضية إلى جانب ما يسمى بـ (الإعلام الحكومي) على تضليل الشارع المصري، من خلال تزييف الحقائق ونشر الأكاذيب والأباطيل، مستهدفة بشكل أساسي العامة من أبناء شعب مصر حديثي الاهتمام بالسياسة والذين شغلتهم وتشغلهم لقمة العيش واستقرار الأوضاع الأمنية.

لقد تورطت هذه القنوات في المشاركة في مسلسل تخويف المصريين من مخاطر التمادي في السلوك الثوري، من خلال تبني سياسة الترهيب من الانفلات الأمني تارة، ومن المارد الإسلامي تارة أخرى، معتمدةً في ذلك على استخدام أساليب مبتذلة في شكلها تركز على العاطفة في مضمونها، من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسي وهو نزع الثورة من أهدافها وتركها اسما بلا مسمى، وذلك في إطار حملة ممنهجة لتعويق عملية التحول الديمقراطي في مصر.

السم في العسل

لقد تبنّت هذه الوسائل وغيرها، بالإضافة إلى الإعلام الحكومي، هجومًا شرسًا على القوى الثورية، خاصة الإسلامية منها، بل وصل الأمر إلى تخويف الناس وإرهابهم من وصول هذه القوى إلى السلطة، والترحم على أيام المخلوع، والترويج لفلول الحزب الوطني البائد على أنهم منقذو الأمة من الضياع، وذلك من خلال عمليات تشويه متعمدة للأغلبية البرلمانية والأحزاب والشخصيات ذات المرجعية الإسلامية، والنيل منها من خلال تصيُّد الأخطاء تارة، والتلاعب بالمواقف والتصريحات تارة ثانية، والتزييف والتضليل تارة ثالثة.

كما أن الأمر لم يختلف شيئًا على صفحات الصحف القومية، التي انبرت لمهاجمة قوى الثورة، معتمدة على أسلوب دس السم في العسل، وبالتالي فإنه ليس غريبًا أن نجد مانشيتات وعناوين الصحف الحكومية تسعى في كثير من الأحيان إلى التشكيك في القوى الثورية والنيل منها والترويج للفلول، عن طريق نشر استطلاعات رأي كاذبة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة، أو أن ينبري الكاتب الصحفي المعروف أحمد رجب في صحيفة أخبار اليوم للدفاع عن آخر رئيس وزراء في نظام مبارك، ويدعو الناخبين إلى التصويت له في جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة، بل ويشبهه بخالد بن الوليد.

هجوم منظم

فضلًا عن الهجوم المنظم على البرلمان في جميع وسائل الإعلام، وتبني سياسة تصيد الأخطاء، بل والتزييف في كثير من الأحيان، بهدف إثارة الرأي العام ضد البرلمان، ومن ذلك ما نشرته صحيفة الأهرام من أكاذيب تناقلتها عنها وسائل الإعلام في الدخل والخارج عما يسمى بـ(قانون مضاجعة الوداع)، وذلك بهدف إثارة سخط المصريين على البرلمان، في حين أن الأمر بعيد كل البعد عن الحقيقة، وغيرها من الوقائع التي كان آخرها ما أثارته وسائل الإعلام مؤخرًا حول قانون الحد الأعلى للأجور، من أن رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني طلب استثناء رئيسي مجلسي الشعب والشورى من هذا القانون.

وهو ما نفاه الكتاتني بشدة، مطالبًا وزير الإعلام بإلقاء بيان أمام مجلس الشعب يوضح فيه سياسة الإعلام تجاه البرلمان وتجاه القضايا الجماهيرية، مؤكدًا أن هناك حملة إعلامية شرسة على مجلس الشعب المصري بهدف تشويه صورته أمام الرأي العام، والتقليل من إنجازاته اليومية لصالح المواطن المصري، من مشروعات قوانين تلبي طموحات الناس وتحقق مطالب الثورة.

قبل فوات الأوان

وفي النهاية فإنه يمكن القول أن ما يحدث على الساحة الإعلامية المصرية الآن يؤكد وبشكل قاطع أن الثورة لم تصل إلى الإعلام المصري، مع التأكيد على أن إعلام الفلول نجح حتى الآن في ما وضعه لنفسه من أهداف تمثلت في تشويه صورة الثورة والثوار من خلال نشر الأكاذيب وترويج الخدع والأباطيل، في حين فشلت القوى الثورية على اختلاف مشاربها في مواجهة الهجمات الشرسة لإعلام الفلول، ووقفت لتدافع عن نفسها ولكن بدون أنياب حقيقية أو وسائل مسموعة يمكن أن تجد صدًى لها لدى الجمهور الذي وجد نفسه محاطًا بهالة إعلامية أرضية وفضائية تقوم على التشكيك في القوى الثورية، ومحاولة الترويج للحكم العسكري ومؤيديه.

يبقى التأكيد على أنه ليس كافيًا استدعاء وزير الإعلام للبرلمان بهدف الاستفسار عن دوافع الهجوم الشرس على القوى والمؤسسات التي لعبت دورًا محوريًا بعد ثورة يناير، وهي دوافع معروفة للقاصي والداني، أو توجيه الانتقادات لإعلام الفلول المسموع والمرئي والمقروء على سمومه التي يبثها في عقول المصريين.. بل حان الوقت لأن تدرك القوى الثورية بشكل عام والإسلامية منها بشكل خاص أهمية الإعلام وقوة تأثيره، وأن تعي أهمية تسخير الوسائل الإعلامية لتحقيق أهداف الثورة والحفاظ على مكتسباتها وذلك قبل فوات الأوان.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire