samedi 3 novembre 2012

اسرائيل تنتهك المياه الاقتصادية لمصر ونهبت غاز مصري بـ 200 مليار دولار

لكل دولة حدود إقليمية بموجب القانون الدولى المتعارف عليه؛ هذه الحدود تعنى بسط سيادة الدولة عليها، وهى تمتد من اليابس إلى خارج البحر، فيعتبر هذا الجزء من البحر كأنه جزء من اليابس تمامًا؛ تفرض عليه سيادتها، وتمارس عليه كافة حقوقها، وأى اعتداء على هذه الحدود يعتبر اعتداءً على سيادة الدولة واحتلالاً لأراضيها.

وقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة اكتشاف حقول غاز هائلة على أعماق سحيقة بشرق المتوسط؛ ما جعل منطقة شرق البحر المتوسط تنتظر فترة تحوّل تاريخية تنقلب فيها موازين القوى.

وكعادته دائمًا، لم يترك العدو الصهيونى الفرصة دون أن يستغلها بما يحقق مصالحه، حتى لو تنافى ذلك مع الأعراف والقوانين الدولية. وقد حذر كثير من الباحثين والخبراء من الممارسات الصهيونية تجاه استيلائها على ثرواتنا البترولية فى مياهنا العميقة بالبحر المتوسط.

فى هذا الصدد، أعلن الكيان الصهيونى أن حقلى الغاز المتلاصقين "لفياثان" الذى اكتشفه الصهاينة فى 2010 و"أفروديت" الذى اكتشفته قبرص فى 2011؛ يذخران باحتياطيات قيمتها قرابة 200 بليون دولار. وهما يمتدان إلى المياه الإقليمية المصرية، على بُعد 190 كيلومترًا شمال دمياط، و235 كيلومترًا من حيفا و180 كيلومترًا من ميناء ليماسول القبرصى. وفى فبراير 2012 بدأ الكيان الصهيونى تطوير حقل على بعد 110 كيلومترات من دمياط.

لنعرف أصل الحكاية نعود قليلًا إلى الوراء؛ ففى 2004 أعلنت شركة «شل- مصر» اكتشاف احتياط للغاز الطبيعى فى بئرين على عمق كبير فى شمال شرق البحر الأبيض المتوسط. وأوضحت الشركة أنها فى صدد مواصلة عملها لمدة 4 سنوات، بهدف تحويل المشاريع المكتشفة إلى حقول منتجة. وأشارت الشركة إلى الحفار العملاق «ستِنا تاى»، الذى أُعدّ للعمل خمس سنوات فى المياه العميقة.

يشار إلى أن عمل «ستِنا تاى» فى البرازيل أدى الى اكتشاف حوضى «سانتوس» و«كامبوس» على عمق ألفى متر، اللذين يدرّان للبرازيل قرابة 50 مليار دولار سنويًّا. وفى مطلع 2004، حفر «ستِنا تاى» ثلاث آبار فى مصر بعمق 2448 مترًا. وفجأة، انقطعت أخبار حفريات الغاز فى شمال شرق البحر المتوسط!!.

وفى 2008، أعلن العدو الصهيونى عن بدء نشره مجسات متنوعة فى قعر البحر المتوسط، بدعوى كشف أعمال تخريبية أو هجوم قادم من إيران. وفى 2009 أعلن الصهاينة وشركة «نوبل إنرجى» عن اكتشاف حقل «تمار» للغاز فى الحوض المشرقى «المتداخل» مع الحدود البحرية الاقتصادية للبنان، قبالة مدينة صور. ويعود الخلاف بين الدولتين الى أن الكيان الصهيونى يزعم أن الحدود البحرية يجب أن تكون عمودية على الميل العام للخط الساحلى اللبنانى (وهى النقطة 1 فى ترسيم الحدود اللبنانية القبرصية). فى المقابل، يوجد فى لبنان رأيان: الأول هو أن الحدود البحرية تُرسَم خطًا متعامدًا على الخط الساحلى عند رأس الناقورة (النقطة 23 فى ترسيم الحدود اللبنانية- القبرصية)، والرأى الثانى هو أن الحدود البحرية تكون امتدادًا للحدود البرية؛ ما يضاعف مساحة النزاع.

اكتشاف حقل «لفياثان» العملاق

وفى 2010، أعلنت شركات «أفنير» و«دلك» الصهيونيتان و«نوبل إنرجى»، عن اكتشاف حقل «لفياثان» العملاق للغاز، فى جبل إراتوستينس المختفى تحت البحر والمثبت هويته المصرية من 200 قبل الميلاد، باحتياطى 16 تريليون قدم مكعبة. واعترف الكيان الصهيونى بأن الحقلين موجودان فى مناطق بحرية متنازع عليها، على خلاف الوضع مع حقلى «سارة» و«ميرا». وإذا استغل الحقلان الجديدان، يستغنى الكيان الصهيونى عن الغاز الطبيعى المصرى الذى يشكل 43% من الاستهلاك الصهيونى الداخلى.

وفى يناير 2010، استعار العدو الصهيونى سفينة الاستكشاف الأمريكية «نوتيلس»، لأخذ عينات من إراتوستينس، بغرض استخدام سونار (أداة لكشف الأعماق تعمل بالموجات الصوتية) كبير لمسح أعماق بالكيان الصهيونى، وضمنها البحث عن الغاز والنفط، واستكملت «نوتيلس» مسح السفح الجنوبى من إراتوستينس.

بداية الصراع التركى الصهيونى

فى 2011، قصفت البوارج التركية الشريط الضيق (كيلومتران) بين حقلى «أفروديت» القبرصى و«لفياثان» الصهيونى، على بُعد 190 كيلومترًا شمال دمياط. وتقدّمت قبرص بشكوى إلى الأمم المتحدة حول ما وصفته بـ«دبلوماسية البوارج». وفى أواخر العام نفسه، ألغى الكيان الصهيونى صفقة قيمتها 90 مليون دولار لتزويد سلاح الجو التركى بنظام استطلاع ورؤية متقدمين.

وفى فبراير 2012، بدأت شركة «نوبل إنرجى» للطاقة تطوير حقل «تنين» للغاز وهو يقع بين حقلى « لفياثان » و«تمار»، فى منطقة يطالب بها لبنان.

فى أواخر أبريل 2012، بدأت شركة «إيه ‌تى ‌بى» الأمريكية للنفط والغاز، تطوير حقل «شمشون» البحرى، الذى تُقدّر احتياطاته بقرابة 3.5 تريليونات قدم مكعب. ويقع على عمق ألف متر تحت سطح البحر، جنوب لفياثان؛ ما يجعله على بُعد 114 كيلومترًا شمال دمياط و237 كيلومترًا غرب حيفا.

ثم فى مطلع 2012، وقعت «نوبل إنرجى» صفقة أولى لبيع غاز حقل «تمار» بكمية 330 مليون متر مكعب سنويًّا لمدة 16 سنة (قيمتها 1.2 مليار دولار) مع شركة «زورلو إنرجى» التركية التى تشغل محطتى توليد كهرباء صهيونيتين.

العدو الصهيونى ينتهك المياه الاقتصادية لمصر

"الشعب" استطلعت آراء الخبراء المصريين حول هذه القضية الخطيرة. وكانت البداية مع د. إبراهيم زهران الخبير البترولى العالمى، الذى أكد أن لكل دولة حدودها التى تدافع عنها بالسلاح لو لزم الأمر، كما فرّق بين المياه الإقليمية والمياه الاقتصادية. والمياه الاقتصادية طبقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار فى عام 1974، محددة بعرض 200 ميل بحرى من الشاطئ.

وأكد الخبير البترولى أن العدو الصهيونى ينتهك المياه الاقتصادية لمصر وغزة، وأن الاكتشافات الصهيونية للغاز تقع فى المياه الاقتصادية لمصر وغزة، وهو ما يستلزم رفع الملف إلى الأمم المتحدة للحصول على الحقوق المصرية والفلسطينية، لكن واقع الأمر أن هناك تخاذلًا شنيعًا وبشعًا من القيادة المصرية تجاه استغلال ثروات مصر.

وأضاف زهران أن الانتهاكات الصهيونية للثروات المصرية بدأت منذ عام 2003، وأن عدد الحقول المكتشفة التى انتهكها الصهاينة تقدر قيمتها بـ 400 مليار دولار.

بدوره أكد د. يحيى قزاز أن "ما حدث هو نوع من التفريط من قبل النظام السابق فى مياهنا الإقليمية، كما تم التفريط فى السيادة على كامل الوطن، ومن ثم لم يكن العدو الصهيونى يفعل فعلته لولا أن رأى أن المناخ مهيأ".

وتابع: "بموجب أن هذه الحقول الصهيونية فى المياه إقليمية، فإن هذا يعد احتلالًا صهيونيًّا لجزء أصيل من الدولة المصرية. وأطالب المجتمع المصرى بتحرير المياه الإقليمية من هذا العدوان الصهيونى الغادر. وإذا كان للصهاينة بئر أو اثنتان اليوم، فغدًا سنرى العديد من الآبار الصهيونية فى مياهنا الإقليمية، وقد ينسحب هذا إلى اليابس؛ ما يهدد باحتلال واضح وصريح!".

وقال الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون الدولى وعميد كلية حقوق الزقازيق سابقًا، إن هناك تقسيمًا واضحًا لتوضيح حدود المياه فى البحار لتبدأ من البحر الإقليمى والمنطقة المجاورة له والمنطقة الاقتصادية الخالصة والامتداد القارى، وهى مناطق قانونية لتوزيع الحقوق والواجبات، وهذا ينطبق على الدول المتقابلة أيضًا فى البحار والدول المجاورة والكيان الصهيونى مجاور لمصر، ومن ثم لا بد أن يتبع خط الحدود البحرى وفقًا للقانون الدولى للبحار، وخاصةً اتفاقية الأمم المتحدة للبحار، وإنه إذا تجاوز الكيان الصهيونى فى استغلاله للثروات الطبيعية المصرية، وثبت هذا، فإن على الكيان الصهيونى أن يدفع تعويضًا عن كافة المكاسب التى كسبتها ثمنًا للثروات الطبيعية وفقا ًللقواعد القانونية.

جريدة الشعب يصدرها حزب العمل

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire