dimanche 13 janvier 2013

أحمد منصور يكتب : جبهة إنقاذ النخبة

 

رغم أن جبهة الإنقاذ بدأت تتفكك وسوف تشهد مزيداً من التفكك كلما اقتربنا من الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية القادمة لأن كلاً منهم يرى أنه الأحق بأن يكون القائد أو الزعيم، حتى إن منظر الدكتور البرادعى وهو يلح على عمرو موسى أن يعطيه الميكروفون فى أول مؤتمر لهم، حيث أخذ يردد أمام شاشات التليفزيون: «إدينى الميكروفون بقى يا عمرو بيه» وعمرو بيه لا يريد أن يتوقف عن الكلام، والبرادعى يلح، وحمدين يتدخل إلى آخر المشهد.. لذلك إذا تأملنا فى تشكيلة الجبهة ورجالها المتشاكسين المختلفين الذين جاءوا من كل حدب وصوب نجد أنهم كانوا رجال ما يسمى النخبة، وهذه النخبة ليست سوى امتداد للنخب التى تشكلت حول الأنظمة المتعاقبة منذ أول برلمان أسس فى مصر عام 1876، حيث حرص النظام، الذى كان قد اقترب من الغرب آنذاك وبدأ يتخلى عن الهوية العربية الإسلامية لمصر، على تكوين نخبة علمانية حوله، حتى من المعارضين له أو الذين يرتدون ثوب المعارضة، بدأت تبتعد بمصر عن هويتها العربية الإسلامية، ووصلت فى بداية القرن العشرين إلى حد الدعوة للفرعونية، وبرز منظرون ومثقفون ينظِّرون لهذه الفكرة التى واكبتها دعوة لفصل الدين عن الدولة، وكان من أبرز دعاة هذه الأفكار مصطفى عبدالرازق وسلامة موسى وطه حسين من بعد وآخرون، كما ظهرت أفكار أخرى غريبة غذاها نظام الحكم بدعم من المحتلين البريطانيين الذين لعبوا دوراً فى تأكيد هذه الدعوات وإبرازها وإعطاء المكانة لأصحابها فى الصحف والمجلات وإصدارات الكتب، وقد تأثر كثيرون بهذه الدعوات فى ظل حماية الأنظمة المتعاقبة لها، ولو نظرنا إلى النخبة السياسية والفكرية التى ظهرت خلال هذه الفترة وحتى عام 1952 فسنجدها نخبة مغتربة ابتعدت بمصر عن عمقها العربى الإسلامى، وقد تنبه بعض المفكرين البارزين مبكراً لهذه الدعوات، مثل الإمام محمد عبده وحسن البنا فى بداية القرن الماضى، لكن صوتهم كان أضعف من صوت النخبة التى كان لها كل شىء، وبعد انقلاب يوليو عام 1952 تم تدمير النخبة السياسية لكن «الفكرية» استمرت وتكونت نخبة جديدة محيطة بالنظام لكنها لم تكن سوى امتداد للنخبة العلمانية التى تفصل بين الدين والدولة والهوية والانتماء العميق لمصر، ساعدها توجيه ضربات قاصمة لجماعة الإخوان المسلمين، وسارت هذه النخبة مع النظام بكل أشكال الإبداع من أفلام ومسلسلات وروايات وكتابات وإصدارات كانت كلها أبعد ما تكون عن الهوية العربية الإسلامية لمصر، فكان هؤلاء هم رواد الثقافة والفكر والسياسة، وحينما جاء مبارك انحرف أكثر بما يسمى النخبة وأفسدهم بشكل بارز، وأضاف إليهم كثيراً من الهامشيين ورجال الأعمال الفاسدين ولم يكن غريباً أن نجد بعض رجال الأعمال الفاسدين يحتفون برجال النخبة الثقافية أو السياسية الفاسدة، حيث حدث تزاوج واضح بين هذه الأطراف جميعها.
أما الآن وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت هذه النخبة تتآكل لصالح نخبة جديدة بدأت تتشكل لتعود بمصر لهويتها وجذورها العربية الإسلامية، هذه الهوية التى يمكن أن تعيد للعرب جميعاً مكانتهم التى كانوا عليها فى التاريخ القريب، لكن النخبة القديمة تحارب بكل ما أوتيت من قوة ظهور نخبة جديدة، لذلك فإن جبهة الإنقاذ بتشكيلتها المتناقضة ليست سوى جبهة إنقاذ النخبة التى فى طريقها للتآكل والانزواء لأن الراعى الرسمى لهم سوف يتآكل وينتهى ولو بعد حين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire