mardi 12 février 2013

استقالة البابا المفاجئة تزلزل الكنيسة الكاثوليكية

 

روما (رويترز) - قال البابا بنديكت السادس عشر في اعلان تاريخي انه لم تعد لديه القدرة الذهنية ولا البدنية على إدارة شؤون الكنيسة الكاثوليكية ليصبح أول بابا يتنحى منذ أكثر من 700 عام تاركا دائرته الداخلية في حالة "من عدم التصديق".
وحاول مسؤولو الكنيسة بث اجواء من الثقة المشوبة بالهدوء في إدارة المؤسسة التي يبلغ عمرها 2000 عام لكن القرار قد يؤدي إلى واحدة من اكثر الفترات غموضا وبلبلة منذ عقود لكنيسة حاصرتها الفضائح والانشقاقات.
واهتزت الكنيسة خلال ولاية البابا التي دامت نحو ثمانية أعوام بسبب أزمة انتهاكات جنسية بحق الأطفال وموجة غضب من المسلمين بعد أن قال البابا إن هناك صلة بين الإسلام والعنف. وشهدت ولاية البابا ايضا حالة من الاستياء بين اليهود بسبب إعادة تأهيل أحد المنكرين لمحارق النازي وفضيحة تسريب أوراق البابا الخاصة على يد كبير خدمه.
وقال البابا الألماني المولد (85 عاما) في اعلانه الذي تلاه على كرادلة باللغة اللاتينية "مع علمي التام بأهمية هذه الخطوة التي أتخذها بكامل ارادتي أعلن التخلي عن كرسي البابوية في روما."
وأضاف "بدءا من 28 فبراير 2013 الساعة 20:00 (1900 بتوقيت جرينتش) سيصبح كرسي البابوية شاغرا هو وساحة القديس بطرس وسيتعين اجتماع أصحاب الاختصاص لانتخاب بابا جديد."
وقال المتحدث باسم الفاتيكان الأب فدريكو لومباردي إن البابا المعروف بنهجه المتحفظ لم يشأ التأثير على قرار الكرادلة الذين سيعقدون اجتماعا سريا لانتخاب البابا الجديد.
وصعد البابا بنديكت من معارضة الكنيسة لزواج المثليين وعارض تعيين نساء قسيسات واستخدام أجنة بشرية في الابحاث المتعلقة بالخلايا الجذعية.
وأضاف المتحدث باسم الفاتيكان أنه قد يتم انتخاب بابا جديد للكنيسة التي يتبعها 1.2 مليار شخص بحلول 24 مارس اذار وسيكون جاهزا لتولي المنصب بعد ذلك باسبوع بحلول عيد القيامة.
وقال لومباردي إن البابا لا يخشى من احتمال حدوث "شقاق" لكن عدة أشخاص تولوا منصب البابا في السابق ومنهم البابا السابق يوحنا بولس الثاني امتنعوا عن التنحي بسبب المخاوف من أن يؤدي وجود "بابا سابق" وبابا حالي في نفس الوقت إلى حدوث حالة من التشوش والانقسام.
وقد يؤدي هذا إلى خلق مشكلة صعبة على نحو خاص إذا كان البابا القادم تقدميا يؤثر على تعاليم مثل حظر تعيين السيدات قساوسة وتحديد النسل بطريقة اصطناعية والإصرار على عدم زواج الكهنة.
وقالت اليساندرا موسوليني النائبة بالبرلمان وحفيدة الدكتاتور الإيطالي السابق موسوليني ابان الحرب "هذا أمر يبعث على الحيرة انه يترك اتباعه."
وأضافت "البابا ليس اي شخص. انه نائب المسيح. يجب أن يبقى حتى النهاية وان يمضي قدما ويحمل صليبه إلى النهاية. هذه دلالة كبيرة على عدم استقرار العالم ستضعف الكنيسة."
وقال جورج راتزينجر الشقيق الأكبر للبابا والبالغ من العمر 89 عاما والذي يشارك البابا حبه للموسيقى للصحفيين في بلدة ريجنسبرج الألمانية حيث كان يرأس ذات يوم الجوقة الكاتدرائية انه "اندهش للغاية" عندما علم باستقالة شقيقه.
وأضاف "هو وحده الذي يستطيع أن يقيم حالته البدنية والنفسية."
وقال لومباردي إن البابا سيتوجه اولا إلى المقر الصيفي البابوي جنوبي روما ثم ينتقل إلى دير منعزل داخل جدران الفاتيكان.
وكان اخر بابا يتنحى بإرادته هو سلستين الخامس في عام 1294 بعد ان شغل المنصب لمدة خمسة أشهر فقط ووصفت استقالته باسم "الرفض الأكبر" وانتقدها الشاعر دانتي في مؤلفه "الكوميديا الالهية". وتخلى البابا جريجوري السابع عن منصبه على مضض عام 1415 لينهي نزاعا مع منافس له على كرسي البابوية.
وقال لومباردي إن قرار بنديكت ينم عن "شجاعة كبيرة". واستبعد ان يكون البابا يعاني من أي مرض ما أو أي اكتئاب وقال إن القرار اتخذ خلال الاشهر القليلة الماضية "دون التعرض لضغط خارجي".
وبدا الوهن على البابا في الاونة الاخيرة حيث بدأ يستخدم عصا للسير ومنصة متحركة لنقله عبر ممر طويل في ساحة القديس بطرس ولم يبد أي اشارة مؤخرا على انه يفكر في مثل هذا القرار.
وقال سائح برتغالي يدعى ريكاردو رودريجيز في ساحة القديس بطرس "انا مندهش حقا.. آمل ان يكون البابا القادم افضل من هذا البابا وأن يبذل كل ما في وسعه من اجل العالم والكاثوليك."
وانتخب البابا بنديكت في عام 2005 ليتولى المنصب خلفا للبابا يوحنا بولس الثاني. ولم يبد قط انه يشعر بالارتياح في منصب وقال انه لم يسع اليه مطلقا. وكان يريد التقاعد في ألمانيا مسقط راسه ليواصل كتاباته الدينية وهو امر سيفعله الان من داخل دير في الفاتيكان.
وتعني استقالة البابا ان كرادلة من انحاء العالم سيبدأون في التوافد على روما في مارس اذار وبعد اجتماعات تمهيدية سيعقدون اجتماعا سريا لاختيار البابا الجديد.
وهناك ضغوط متزايدة على الكنيسة لاستبعاد متنافسين اوروبيين واختيار بابا من العالم النامي حتى يعبر بشكل افضل عن مناطق من العالم يعيش فيها معظم الكاثوليك ويتعاظم فيها شأن الكنيسة.
وقال البابا للكرادلة انه من أجل سلامة الحكم "...من الضروري توفر القوة الذهنية والبدنية..القوة التي تدهورت لدي في الشهور القليلة الماضية لدرجة انه بات يتعين علي أن اعترف بعجزي عن أداء الواجب الكهنوتي المنوط بي على أكمل وجه."
وكان يشير إلى "عالم اليوم الذي يشهد الكثير من التغييرات السريعة وتزلزله تساؤلات ذات صلة عميقة بحياة الايمان."
وقبل انتخابه بابا للفاتيكان كان الكردينال السابق يوزيف راتسينجر يعرف بموقفه المتشدد بشأن القضايا اللاهوتية.
لكن بعد عدة سنوات في المنصب الجديد لم يبد البابا مواقف متشددة.
وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إنه يجب احترام قرار البابا اذا كان يشعر انه أضعف من أن يؤدي مهامه. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انهم "سيفتقدونه كزعيم روحي للملايين".
وانتخب البابا بنديكت في 19 ابريل نيسان 2005 حين كان عمره 78 عاما أي أكبر من عمر البابا يوحنا عند انتخابه بعشرين عاما.
وفي حين أشاد به المحافظون لسعيه لإعادة التأكيد على الهوية الكاثوليكية التقليدية اتهمه منتقدوه بالعودة بعقارب ساعة الإصلاحات إلى الوراء بنحو خمسين عاما وبإلحاق ضرر بالحوار مع المسلمين واليهود والطوائف المسيحية الأخرى.
وبعدما بدا منزعجا تحت الأضواء في البداية بدأ يشعر بالألفة مع منصبه الجديد وأظهر أنه ينوي أن يكون بابا على طريقته.
وقال لومباردي إن البابا لا يعاني من مرض معين وإن قراره بالتنحي اتخذ دون التعرض لضغط خارجي.
والبابا بنديكت هو أول بابا ألماني منذ نحو 1000 عام ودأب على السفر حيث كان يقوم بنحو اربع رحلات خارجية سنويا لكنه لم ينجح ابدا في حشد نفس شعبية سلفه.
وهيمنت فضائح الانتهاكات بحق الأطفال على معظم ولايته. وأمر باجراء تحقيق رسمي في انتهاكات في ايرلندا أدت إلى استقالة عدد من الأساقفة.
ووقعت فضيحة أخرى في 2012 عندما سرب كبير خدم البابا وثائق تزعم بوجود فساد في تعاملات الفاتيكان التجارية الأمر الذي اثار ضجة دولية.
وواجه ماضي بلاده عندما زار معسكر النازي في اوشفيتز. لكن زيارته لألمانيا تسببت أيضا في أول أزمة كبيرة في بابويته عندما اقتبس خلال محاضرة ألقاها بجامعة ريجنسبرج عن امبراطور بيزنطي في القرن الرابع العشر قوله إن الإسلام لم يجلب على العالم سوى الشرور وإنه انتشر بحد السيف.
وبعد احتجاجات تخللتها هجمات على كنائس في الشرق الأوسط ومقتل راهبة في الصومال قال البابا فيما بعد إنه يأسف لأي سوء فهم نتج عن خطبته.
وفي خطوة اعتبرت على نطاق واسع تصالحية قام البابا بزيارة تاريخية لتركيا في اواخر 2006 وصلى في الجامع الأزرق باسطنبول مع مفتي تركيا.
لكن بعد ذلك بشهور التقى البابا مع الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي الذي قال إن الجروح بين المسيحيين والمسلمين لا تزال "غائرة" بسبب خطاب ريجنسبرج.

استقالة البابا المفاجئة تزلزل الكنيسة الكاثوليكية
قسم الأخبار
Mon, 11 Feb 2013 21:06:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire