dimanche 17 février 2013

وائل قنديل يكتب : ابن مرسى وبنت السيسى: مصر مجتمعًا للشياطين

 

المعارضة تشكو من محاولات «شيطنة» النظام وإعلامه لها.. والنظام يئن من شيطنته على أيدى المعارضة، وبين الطرفين ترقد مصر جثة هامدة لا تقوى على الحركة، ولا تجرؤ على الحلم أو تجأر بالأمل فى حياة تليق ببشر ثاروا على القبح والفساد والاستعباد.
إن المواطن المصرى البسيط صار محبوسا بين معسكرين، يريد كلاهما أن يبيد الآخر، فى حرب غير مقدسة، تدور بكل أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، وكأن مصر صارت وكرا لشياطين يتصارعون ويتقاتلون من مطلع الشمس حتى اختفاء القمر، فى لعبة عبثية مكررة ونمطية، حتى فقدت جاذبيتها للمتابعين.
ووسط هذه المعمعة الصاخبة شاهت الوجوه وديست المعانى المحترمة بالأقدام، بعد أن صار لكل طرف معياره الخاص وتعريفه الذاتى لمفاهيم كنا نظنها ثابتة وموضوعية فتبين أن كل شىء صار نسبيا بما فى ذلك قيم مثل الصدق والشهادة والوطنية.
وبالأمس كتبت عن عبقرية استشهاد الشاب محمد محرز فى سوريا، وهى واحدة من الأشياء التى يخلدها تاريخ البشرية، مثله مثل جيفارا وسليمان الحلبى وجول جمال وقائمة طويلة من شخصيات كانت عادية واتخذت مواقف استثنائية فدخلت تاريخ الإنسانية من بوابة الدفاع عن الحق والمقاومة ضد الظلم والقمع.
غير أن حكاية محرز مثلها مثل كل الحكايات الخلابة دهست فى غمار الحرب الكلامية الساقطة بين شركاء الوطن، وضنت عليه صفحات وشاشات بما يستحقه من احتفاء وتكريم، إلا فيما ندر، ولم يصل إلى واحد فى المائة مما جرى مع الأبطال المزيفين فى بلادنا التى صارت بلاد الزند والسند وطابور من «حمادات» الإصدار الجديد من الثورة.
وفى أجواء كهذه لم يعد ثم يقين يجمع عليه الناس، بعد أن صارت البراعة فى صناعة الكذب وترويجه هى القيمة العليا للمجتمع، أكاذيب للمضغ ليوم واحد وربما لساعات، دون خجل أو وجل.
لقد قيل مثلا إن ابن الرئيس خريج 2012 عين فى وظيفة براتب يتجاوز الأربعين ألف جنيه فى إحدى شركات وزارة الطيران، وخرج رئيس الشركة لينفى صحة المبلغ ولم يكذب خبر التعيين، ولا تزال المعركة دائرة استنادا على أن رقم الأربعين ألفا صحيح، على الرغم من أن واقعة التعيين فى حد ذاتها بها كثير من الفجاجة والإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص والابتعاد عن قيمة التعفف وضرب المثل الأعلى فى التجرد والنزاهة، خصوصا أن فى مصر نوابغ ومتفوقين ينتحرون شنقا بحبل البطالة الممتدة لسنوات طويلة بعد التخرج.
ولعلك تذكر واقعة انتحار الشاب عبدالحميد شتا قبل سنوات لرفض وزارة الخارجية تعيينه لأنه فقير، رغم كونه أول دفعته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
والأمر نفسه تكرر بالطريقة ذاتها وفى الشركة نفسها مع ابنة وزير الدفاع، حين قالوا إنها عينت بمبلغ مماثل، الأمر الذى تطلب خروج المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة لينفى الخبر جملة وتفصيلا.. وهذا تصرف جيد من المؤسسة العسكرية، نتمنى أن تأتى مؤسسة الرئاسة بمثله، لأن هذا النوع من «الشماريخ الإعلامية» من شأنه أن يسكب كميات إضافية من السموم فى مياه البحيرة المسممة أصلا.
نريد بيانا رسميا يعلن الحقائق والأكاذيب فى موضوع تعيين ابن الرئيس، ونريد مبادرة من الرئيس شخصيا بإلغاء قرار تعيين ابنه حديث التخريج فى هذا المكان، لأنه بالتأكيد جاء على حساب من يستحق هذه الفرصة أكثر منه.
ولن يعيب المسئول تصحيح خطأ، بينما العيب كل العيب فى التعامل مع الأمر بطريقه «دعه يمر».

وائل قنديل يكتب : ابن مرسى وبنت السيسى: مصر مجتمعًا للشياطين
قسم الأخبار
Sun, 17 Feb 2013 08:07:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire