dimanche 17 février 2013

المصري الرخيص

 

لماذا أعتقد أحيانًا أن الدم المصري رخيص جدًّا، لا يساوي ثمن زجاجة بيبسي، أو مَلَل ليلةٍ لباشا صغير في نقطة شرطة يريد أن يتسلى، أو بضعة ألوف في صفقة، أو ثمن كرسي تغوص أقدامه في الخيانة، ويأذن به العدو؟!
لماذا أزعم هذا حين أرى زعماء وقادة ونجومًا وشخصيات سياسية وإسلامية تتنادى بالدم، وتهدد بمذابح، وتتداعى لحرب أهلية، وتطبيق سيناريو الفوضى المنظمة في مصر، وحين أشهد بعيني وأعلم بالأدلة القاطعة عن عشرات المجازر التي أريق فيها الدم سابقًا؛ أحيانًا باسم الثورة (في محمد محمود وماسبيرو والاتحادية ومعركة الجمل وقناصة الفلول أثناء الثورة والدهس بالسيارات وغيرها) وأحيانًا باسم الوحدة الوطنية بتفجير عصابات العادلي للكنائس وقتل النصارى، ونسبة ذلك للإسلاميين، وإشعالها فتنة طائفية شيطانية سرطانية خبيثة، وأحيانًا باسم مكافحة الإرهاب، وتصفية مئات الأبرياء، خارج السجون وداخلها، وقتلهم تعذيبًا بوحشية لا تتأتي من حيوان بري ضارٍ مجوَّع! وأحيانًا بصفقات قاتلة مشبوهة (دم فاسد/ حبوب مسرطنة/تسميم النيل/ دفن نفايات/ نهب الخيرات/ بيع البلد لصالح اللصوص الكبار/ توزيع البلد على المحاسيب) وأحيانًا باسم الحرب كما حصل مع الجيش المصري المكشوف للطيران الإسرائيلي في 67 والتائهين في سيناء، الذين دفنوا دفنًا جماعيًّا بأيدي البرابرة الصهاينة، رؤوس الإرهاب في العالم، دون أن يطالب بدمهم أحد، ناهيك عن استئجار(الشرطة خادمة الشعب) للنخانيخ والبلطجية لتصفية من يريدون، وأحيانًا بالتجسس والتتبع الدقيق للأنفاس، لكسر أنف كل من تسول له نفسه بأن يعيش عزيزًا، أو حرًّا، أو يحكِّم عقله، ويعيش كالبشر!
هذا بجانب (قلة القيمة)وامتهان المصري العادي (نحو 85 مليون فقط.. بشر عاديون) في المؤسسات والشوارع والمصالح الحكومية، ووضعه تحت خط الفقر والآدمية بمراحل، وإهانته في السفارات في الخارج، التي تذكرك بشُعب أمن الدولة، وتطاول (ظابط بدبورة) على أي أحد.. أي أحد:فقيه كبير/ أستاذ دكتور/ عالم في الكيمياء/ جراح عالمي/ لا يهم.. ما دام وقع تحت يد ابن (الحلال) هذا الذي لا يملك ذرة رجولة، ولا مروءة، ولا أصل كريم، ولا عقل يفكر به!
لماذا هان الدم المصري هكذا؟
لماذا اجترأ عليه الرئيس والحاكم والضابط والمسؤول والحزبي والبلطجي وأي كائن حقير!؟
•هل لأن أولئكم الشياطين (أرنبوا) المصريين وأرعبوهم، وحولوهم لكائنات مستكينة مستسلمة، عبر عقود من القمع، وقطع الألسنة، فاستكانوا، ومشوا (جنب الحيط)، وصار شعارهم الخالد: (لولاك يا لساني ما اتسكيت يا قفايا) (إن خرب بيت أبوك خد لك منه قالب) (وأنا مالي)؟
•هل لأنهم تحكموا في الأرزاق بطريقتهم، ووزعوها بحسب الولاء، والمهارة في الانحناء، والإبداع في لعق الحذاء، فمن ركع أعطوه ومنحوه، ومن اجترأ جوعوه وأهانوه؟
•هل لأنهم ذوبوا الطبقة الوسطى حامية القيم، راعية الأخلاق، وقسموا الشعب قسمين فقط: فئة تحت خط الإنسانية تشكل 95% من الشعب الغلبان، وأخرى تعيش أغنى من أغنياء العالم كلهم، في حين أن شعوب العالم المحترمة فيها قلة غنية، وقلة فقيرة، وغالبية متوسطة؟
•هل لأنهم كانوا يقومون بدور حمائي وقائي لصالح الصهاينة والغرب، وحماية مصالحه، وحراسة اتفاقياتهم المجرمة، باعوا به البلاد والعباد، والدنيا والآخرة؟
•هل لأنهم نشروا الفساد في المؤسسات كلها، فصارت الرشوة أساسًا، والسرقة العامة منهجًا، والبلطجة الوظيفية شعارًا، وتوقيع الحضور والانصراف أسلوبًا، والإنتاج الوهمي شريعة، والظلم الاجتماعي قانونًا؟
•هل لأنهم غطوا ذلك كله بنشر المخدرات، وإعلاء الفساد الخلقي، والترويج له، والتطبيل لرموزه، وتكريم الفاسدات والراقصات والممثلات التافهات، وبنوا من السجون والمراقص أكثر مما بنوا من المدارس والجامعات؟
•هل لأنهم دمروا التعليم، وعهّروا الإعلام، وخنقوا الصناعة والزراعة، وقزّموا دور مصر على كل الأصعدة؟
دم الصهيوني مقدس غال أغلى من الماس، والأمريكي خط أحمر لا يمس، والمصري (الألف منه بكوز درة) عند سادتنا وكبرائنا!
لماذا لا تقوم الدنيا ولا تقعد إذا استبيح دم مصري واحد، أو أهين، أو اعتدي على حقه، في أي مكان في الدنيا، كما يحصل في البلاد المحترمة؟
لماذا لا يغضب له ويطلب حقه الرئيس والوزير والقاضي والشرطي والكاتب والناس أجمعون؟
لماذا تتكرر الانتهاكات في اليوم ألف مرة، حتى بات الموت سيرة يومية، وقطع الطريق مسألة عادية؟
لماذا يا فلول مبارك وكلاب حراسته؟ لماذا يا المحتمون بالبلطجة، وشغل العصابات، والتآمر، والعمالة؟ لماذا؟
هل تريدون فعلا أن تحموا مصر، أم منطقكم (فيها لاخفيها) (أنا ومن بعدي الطوفان)!؟ أليست هذه لغتكم الحقيرة؟
لماذا نعطي الدنية من أنفسنا لصالح أناس لا يفكرون إلا في مصالحهم، ولا تعنيهم مصر ولا المصريون في قليل أو كثير!؟
النفس البشرية محترمة في ديننا، لا يجوز المساس بها، ولا العدوان عليها؛ فضلاً عن استباحتها والاستهانة بقداستها، وسيدي المصطفى صلى الله عليه وسلم يحذرنا: مَن حمل علينا السلاح فليس منا/لن يزال المؤمن في فســــحة من دينه ما لم يُصب دمًا حرامًا/ يجيء المقتول متعلقًا بقاتله يوم القيامة، آخذًا رأسه بيده ، فيقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لفلان، قال: فإنها ليست له، بؤ بإثمه، فيهوي في النار سبعين خريفًا/ لزوال الدنيا أهون علىاللهمن قتل رجل مسلم/ المسلمأخوالمسلم:لا يظلمه، ولا يُسلمه، ولا يخذله، ولا يحقره/ كلالمسلمعلىالمسلمحرام:دمه وعرضه وماله/ لزوال الدنيا أهون علىاللهمن قتل مؤمن بغير حق، ولو أن أهل سمواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهماللهالنار..
وحسب الذي يخاف الآخرة ولقاء الله تعالى، قوله في سورة النساء، عز من قائل: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ، خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَعَنَهُ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)وقوله تعالى في ذكر عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ - إِلَّا بِالْحَقِّ -وَلَا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)!
احترموا الدم المصري، وإلا فلا تتكلموا باسم المصريين، ولا تمثلوا الحرص عليهم.. لعن الله الخونة وحماة الفساد وسدنة الاستبداد!

عبد السلام البسيوني
aalbasuni@hotmail.com

http://www.tanseerel.com/main/articles.aspx?selected_article_no=51587

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire