samedi 23 février 2013

أوهام انقلاب الجيش - فراج إسماعيل

 

ما زال التحريض على الانقلاب العسكري مستمرًا. وهذه المرة انتقلت وسائل الإعلام المحلية من صناعة أخباره إلى إعادة تدويرها نقلًا عن وسائل الإعلام الغربية.
تقريران عن وسيلتين أمريكيتين ذائعتي الصيت هما وكالة الأسوشيتد برس وصحيفة الواشنطن بوست، احتفت بهما الصحف المصرية ومواقعها الإلكترونية، وفيهما تبشير بوشوك انقلاب الجيش الذي أصاب قياداته اليأس من الوضع السياسي المتأزم، وأن ذلك الانقلاب سيجد ترحيبًا في بعض المناطق المصرية.
يستعيد التقريران تصريحات سابقة للفريق أول عبد الفتاح السيسي ورئيس أركانه للتأكيد على هذه الفرضية التي ستنهي الحكم المدني بعد وقت قصير من توليه السلطة عبر أول انتخابات ديمقراطية.
في اليوم نفسه – الخميس– استقبل الرئيس مرسي وزير دفاعه معربًا عن تقديره له ولقيادات الجيش ومستعرضًا ملفات الحدود الاستراتيجية والمجرى الملاحي في قناة السويس.
وواصلت إحدى الصحف اختراع أخبارها عن حالة الجيش المستنفرة ونسبتها إلى مصادر مجهلة، وذلك الأسلوب – نعلم كصحفيين– أنه مغامرة كبيرة في الوضع الطبيعي لأنها تخص الجيش الذي يتمتع بحصانة إعلامية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أي في أعتى دول الديمقراطيات وحريات الإعلام، لكن الفوضى في مصر مغرية على المغامرة باختلاق الأخبار التي تمثل خطرًا باهظًا على المؤسسة العسكرية والأمن القومي.
أتمنى أن تستدعي المؤسسة العسكرية رئيس تحرير هذه الصحيفة ليكف عن نشر أخبار المصادر المجهلة أو يكشف عنها حتى لا يتسبب في المزيد من البلبلة التي لن تكون لصالح أحد.
لن يقوم الجيش بانقلاب ولن يفكر فيه. ولّت إلى غير رجعة حقب كان العسكر خلالها يداهمون مقار الحكم ويسيطرون عليها ويذيعون بيانهم الأول ويطلبون من الناس الهدوء واللجوء إلى منازلهم.
لو كان الجيش يرغب في القصر لسيطر عليه مباشرة بعد تنحية مبارك، خصوصًا أن كثيرًا من السياسيين وكبار الكتاب دعوا قائده السابق المشير طنطاوي لتولي رئاسة الجمهورية مؤقتًا لحين استقرار الأوضاع ورسم طريق الانتقال للديمقراطية بهدوء.
كان يمكنه أيضًا أن يطيل في عمر المرحلة الانتقالية ويؤجل الانتخابات الرئاسية إلى أن يتم وضع دستور توافقي لن يخرج للاستفتاء الشعبي إلا بعد سنوات عديدة في ظل الاختلاف السائد وعدم الثقة المتفشية بين جميع التيارات السياسية.
لكن طنطاوي وعنان كانا يعلمان جيدًا أن المجتمع الدولي لن يؤيد الحكم العسكري ولن يقبل أي مبررات لاستمراره في مصر، ويعلمان أيضًا ولابد أن المؤسسة العسكرية الحالية تعلم أن أي انقلاب على سلطة منتخبة معناه قطيعة دولية تبدأ بالولايات المتحدة، المصدر الوحيد لتسليح الجيش، وهذا ليس حبًا للديمقراطية في مصر، ولكن حماية لمصالحهم التي تتقاطع مع حكم العسكر، خصوصًا أن الحال في مصر لن يسلم من مقاومة عنيفة من التيارات التي وصلت إلى الحكم، بل والتيارات الثورية الشبابية.
الجيش المصري يعرف حدوده ولن يتجاوزها إطلاقًا، أما التحريض المستمر فيتناسى حدود المسموح به لدى الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى والمنظمات الإقليمية ذات العلاقة، والانقلاب العسكري ليس من ضمن ذلك.
انقلاب مالي نموذج أفريقي قريب جغرافيًا، رغم الفارق الكبير الذي تمثله مصر استراتيجيًا بالنسبة لواشنطن وعواصم الغرب الكبرى والمنظمات الإقليمية.
يوم 22 مارس 2012 اقتحم العسكر مبنى الإذاعة والتليفزيون وحاصروا قصر الرئاسة وأعلنوا الانقلاب على الرئيس المنتخب حامادو توماني توري، وفي اليوم التالي انتشرت أعمال النهب والسلب في العاصمة باماكو، ولكن آلاف الماليين خرجوا في مظاهرات حاشدة في اليوم الثالث للمطالبة بعودة النظام الديمقراطي وعلى رأسه الرئيس حامادو وهو قائد سابق في سلاح المظلات قام بانقلاب في عام 1991 ضد نظام ديكتاتوري ثم سلم السلطة بعد عام واحد لنظام ديمقراطي، وعاد إليها عبر صناديق الانتخاب عام 2002.
في اليوم الأول من الانقلاب جمد الاتحاد الأفريقي عضوية مالي، وأدانه مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والجزائر، وفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا والرئيس النيجيري وكلهم دعوا إلى العودة الفورية للسلطة الدستورية المنتخبة.

أوهام انقلاب الجيش - فراج إسماعيل
قسم الأخبار
Sat, 23 Feb 2013 12:09:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire