jeudi 14 mars 2013

فراج اسماعيل يكتب : مناحة ساويرس والنائحون عليه

مناحة منصوبة في مصر هذه الأيام على نجيب ساويرس لسعي الدولة إلى الحصول منه على ضرائب مستحقة تقدر بـ14 مليار جنيه. النائحون يحاولون خلق "عقدة ذنب" تجاه من يصفونه برجل الأعمال الوطني الذي يواجه انتقام نظام غاضب من موقفه السياسي وحملات محطته التليفزيونية on tv.

نجيب ساويرس ظهر باكيًا على قناة دريم قائلًا إن ابتعاده عن مصر مؤلم له ولأسرته وأولاده، وأن عودته غير قابلة للمساومة، لكنه يستشعر عدم الثقة للمثول أمام النائب العام الذي عينه مرسي.

الجنازة أو المناحة تحولت لمشهد عبثي بمتطوعين للندب والحرجلة وشق الجيوب. تمثل ذلك في تصريحات محذرة من كارثة اقتصادية لكبار السياسيين المعارضين وبعض ممن يقال عنهم خبراء اقتصاد.

أجدني مضطرًا للعودة إلى أواخر عام 2009 حين تهرب نجيب ساويرس من دفع ضرائب قيمتها 600 مليون دولار نظير التحويلات المالية التي قام بها للخارج فرع شركة أوراسكوم تيليكوم المعروف باسم "جازي". الجزائر لا يحكمها رئيس ذو خلفية إسلامية ولا يقوم على قضائها نائب عام عليه اعتراضات.

في 5 ديسمبر 2009 صرح رئيس الحكومة أحمد أويحيي بأنه لن يسمح للشركة المصرية بتحويل أي مبلغ للخارج ما لم تدفع المستحقات الضريبية  وتصفي وضعيتها مع إدارة الضرائب،  مشددًا على أن الحكومة تساهلت في البداية مع هذه الشركة احترامًا للعلاقات مع مصر.

شركة أوراسكوم تيليكوم كانت تملك مع مستثمرين جزائريين 96% من شبكة المحمول "جيزي" التي وصل عدد مشتركيها وقتئذ 15 مليون شخص.

سيرد النائحون بأنه تعرض لمؤامرة بسبب اللقاء الكروي الشهير بين البلدين، إلا أن مصدرًا حكوميًا جزائريًا استبق ذلك بتصريح لصحيفة القدس العربي عام 2009 أكد فيه أن نجيب ساويرس يريد استغلال الأزمة لحل مشاكله مع الضرائب والتي كانت قائمة قبل المباراة بعدة أسابيع.. "إنه يريد أن يخلط الأمور للإيحاء بأنه ضحية انتقام من الضرائب". وقال: إن الحكومة الجزائرية فطنت مؤخرًا إلى أن ساويرس كان يخرج من الجزائر حوالي 1.8 مليار دولار سنويًا كأرباح، واكتشفت أنه كان يتهرب من الضرائب.

وأعرب المسئول نفسه  حسب صحيفة القدس العربي عن أسفه من الطريقة التي يرد بها نجيب ساويرس الجميل للسلطات الجزائرية التي منحته أول رخصة للهاتف المحمول وليس الثانية مثلما هو مشاع، ووفرت له حماية غير مسبوقة، ومنحته كل التسهيلات، فقد أعطت الأفضلية لشركة أوراسكوم، في حين بقيت شركات القطاع العام الجزائرية معطلة لمدة سنتين قبل أن تنطلق في العمل، ولكن بعد أن كانت الشركة المصرية قد التهمت السوق بدون منافس.

لا ننسى ما نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في وقت سابق أن "وزير الدفاع إيهود باراك وزوجته حصلا على رشاوى وعملات مقابل التوسط لإنجاح صفقة لمصلحة ساويرس يحصل بمقتضاها على 10% من أسهم شركة الاتصالات الأولى في إسرائيل".

أوراسكوم – حسب الصحيفة – أرادت أن تزيد حصتها في رأسمال شركة "هتشيسون" الصينية التي تمتلك 51% من شركة برتيز الإسرائيلية. مكتب باراك أصدر بيانًا يعترف بتوسطه ولكنه نفى أن يكون قد حصل على مقابل ماديٍّ أو عمولات.

بالنسبة لأزمته الأخيرة فقد نشرت صفحة "إحنا كمان بنهزر يا ساويرس" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورًا لثلاثة مستندات كحلقة أولى تضم كشوف حسابات شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة. وتكشف هذه المستندات عن عدم سداد الضرائب المستحقة عليها لعام 2007، حيث جاءت خانة الضرائب فارغة دون وجود أرقام، وبلغت المبالغ التي لم يسدد ضرائب عليها 66 مليارًا و621 مليونًا و261 ألفًا و386 جنيهًا مصريًا، لم يدفع عنها ضرائب وصلت إلى 14 مليار جنيه.

النائحون يقولون إنها رسالة سلبية ومخيفة للمستثمرين الأجانب.. وحزب نجيب ساويرس المعروف باسم "المصريين الأحرار" اتهم نظام الرئيس مرسي بالبدء في سياسة جباية فجة لإنقاذ اقتصاد منهار، فبماذا نصنف مطالبة الدولة الجزائرية عام 2009 بحقوقها من ساويرس؟!

قوة "الميديا" التي يملكها ساويرس أو يمولها بشكل غير مباشر أو متحالفة معه لكونها تعود لرجال أعمال يتهددهم المصير نفسه، حولته إلى ضحية وطنية كافحت من أجل رفعة بلادها وخلق نظام ديمقراطي وساهمت بقوة في اقتصاد قوي، مع أنه لم يكن للاقتصاد القوي محل من الإعراب في عهد مبارك، إلا إذا كان يراد به اقتصاد الهلب والنهب الذي استفادت منه مجموعة من رجال الأعمال محصنين بسلطة مستبدة.

farrag.ismail@yahoo.com

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire