lundi 4 mars 2013

حملة توكيلات السيسي .. البعض يتعامل مع السياسة كأنها بيت متنازع عليه

الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع

يوماً بعد يوم يدهشنا المشهد المصري بأحداثه وتوابعها، كأننا بمعزل عن التجارب الإنسانية من حولنا، والأغرب إصرار البعض على ممارسة التجريب السياسي، فكل من يطرأ في ذهنه فكرة يدفعها لساحة الفعل السياسي، دون مناقشة جادة لمدلولاتها.
وقد عودنا تيار الاستقلال الذي يضم 30 حزباً سياسيًا وقوى مدنية على المفاجآت، والتي كان آخرها إطلاق حملة جمع توكيلات من المواطنين لتقديمها لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لكي يتولى إدارة البلد وإزاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي.
فكرة تنسجم مع قناعة التيار حسب توصيف منسقه العام ورئيس حزب السلام الديمقراطي المستشار أحمد الفضالي، التي تؤكد على أن أهم مزايا التيار أنه لا يعتمد على خصوصية المصالح أو المقاعد الانتخابية، وإنما الاهتمام بالقضايا التي تهم مصير مصر، حيث تأخذ كأولوية، والأولوية الآن لتغيير الحكم في مصر الذي يهيمن عليه الإخوان المسلمون من ناحية، ووجود توجه رغم محدودية بالشارع ينادي بعودة الجيش للسلطة من جديد من ناحية أخرى.
ولكون المشهد المصري بات حقل تجارب سياسيا، فقد دفع منسق التيار بالفكرة لحيز التنفيذ العملي، وبدأ يجمع توكيلات شعبية من أجل حشد مشروعية سياسية بديلة لمشروعية الصندوق الانتخابي بوصفه تعبيراً عن الإرادة العامة المصريين، حيث تقترب تلك الفكرة من مفهوم البيعة في الفكرة الإسلامي ولكنها بشكل مؤسسي هذه المرة، مع الآخذ في الاعتبار عدم وجواز تغيير البيعة إلا بكفر الحاكم.
بعيداً عن الجدل الشرعي بهذا السياق، فإن الفكرة على طرفتها لقيت استجابة ليست جماهيرية فحسب، وإنما أيضاً من قبل النخبة السياسية التي لم تجرم هذا الفعل السياسي المنافي لما هو مستقر في تقاليد العمل السياسي العام، بل وعملت على توظيفها في سياق صراعاتها مع الرئاسة والإخوان. وهذا المدهش بالمسألة.
ورغم إقرار السيسي في لقائه مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري أمس بعدم وجود خلافات سياسية مع مؤسسة الرئاسة، ونفيه من قبل مساعي أخونة الجيش، فإن هؤلاء مستمرون في مساعيهم لجمع التوكيلات الشعبية لتقديمها له لتولى إدارة البلد، تحت زعم إنقاذ مصر والجيش من حكم الإخوان.. دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن كيفية حدوث ذلك واقعياً..؟ أو هل يقبل السيسي نفسه هذا السلوك..؟ وبينهما مدى قانونيته..؟ إلا أنها تساؤلات تعكس مدى الأزمة التي تعانيها مصر بسبب افتقاد الجميع للرشادة السياسية في إدارة مواقفه السياسية، رؤيته لكيفية مواجهة التحديات التي نواجهها مجتمع ودولة.
فمن جانبه، قال الفضالي إن تياره يواصل جمع التوكيلات الموثقة بالشهر العقاري من جميع المحافظات للسيسي لدعوته لإدارة مصر لفترة انتقالية غايتها 6 أشهر، خلالها يتم إعادة كتابة دستور جديد لمصر، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، وأن عدد التوكيلات بلغ بالقاهرة 500 توكيل.
إلا أن أعنف هجوم وجه لتلك التوكيلات كان من جانب الدكتور باسم الزرقا نائب رئيس حزب النور، الذي أكد أن شرعية الرئيس خط أحمر لا يجب الحديث عنها قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، وأن الداعين لعودة الجيش للحياة السياسية مجدداً، حالمين وقائلاً: إن من ينتظرون نزول الجيش مرة أخرى أقول لهم "عشم إبليس بالجنة ".
وفي المقابل نشطت بعض القوى المعارضة بالمحافظات من أجل مساعدته في جمع التوكيلات. واستطاعت الجبهة الثورية من أجل مصر جمع ما يعادل 10 آلاف توكيل، حيث أكد صموئيل العشاي مؤسس الجبهة، أن فكرة الحملة سبقت تبني تيار الاستقلال لها، حيث بدأت الفكرة لدى الجبهة منذ عدة أشهر، وأن أعضائها سعوا للتواصل مع القوى السياسية والمدنية والنخبة الإعلامية والأكاديمية لاستطلاع رأيهم فيها فوجدوا ترحيب بها، فسعوا للانضمام للحملة، والتي بدأت في بور سعيد ومحافظات القناة، بل أكد أن شباب الجبهة ووضع خطط بديلة حال رفض الشهر العقاري استخراج التوكيلات. والمثير أن يتفاعل الشهر العقاري معها مؤكداً أنه لم يرفض استخراج أي توكيلات بهذا السياق.
كما انضم نقيب فلاحي سوهاج للحملة محرراً توكيل للسيسي، ومعتبرًا أن الرئاسة فشلت في تنفيذ الوعد التي وعدتها للمزارع المصري كزيارة أسعار قصب السكر، تخفيف عب المديونية المتعثرة عن الفلاحين، بالإضافة لأزمات الأسمدة والسولار.
أما القيادي بالتحالف الاشتراكي وعضو جبهة الإنقاذ الوطني عبد الغفار شكر، في رأى فيها مجرد تعبير عن حالة الغضب بالشارع، ونوع من أنواع الاحتجاجات، منوهاً على أن الجيش لا يرغب بالعودة للسياسة وممارسة السلطة من جديد، بسبب الانتقادات التي وجهت له خلال إدارته للفترة الانتقالية والتي تحمل فيها الكثير حسب وصفه، وأضاف أن الجيش يريد أن يقوم بدوره الأساسي في الدفاع عن البلاد وحماية الشرعية.
لكن في نفس الوقت أشار شكر إلي أن الحالة الوحيدة التي يمكن أن يتدخل فيها الجيش عندما تكون الدولة المصرية مهددة بالانهيار، تلك وضعية غير قائمة حالياً، مؤكدا أنه بالفعل توجد أزمة سياسية واقتصادية كبيرة، ولكنها لم تصل لانهيار الدولة بعد، مشددا علي ضرورة أن تأخذ السلطة ما يحدث علي أنه مؤشر خطير لمشاعر الناس، وتضع ذلك في الاعتبار لنزع فتيل هذه الأزمة بمحاولة إعادة التوافق الوطني مرة أخرى، وحل مشاكل الجماهير بدلا من انفجار الوضع الداخلي.
واتفق معه عبد الخالق فاروق القيادي بالتيار الشعبي، مدير مركز النيل للدراسات السياسية والإستراتيجية، مؤكداً أن حملة التوكيلات للسيسي ليس ثقة في شخصه، وإنما تعبيراً عن غضب شعبي وعدم رضا عن سياسات الإخوان ورئيس الجمهورية، وقال إن المواطنين لم تظهر لهم قيادة شعبية حقيقية بعد تستطيع تمثيل الحركة الشعبية والثورية، لافتاً لكون حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي الأقرب لتلك القيادة حالياً، فيما الدكتور البرادعي بكونه ظاهرة أقرب للمحافل الدولية منه لمثيلتها المحلية.
أما عن الناحية القانونية، فأكد الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري أن هذا الإجراء ليس له سند دستوري. دون أن قول لنا أنه أقرب للهزل السياسي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire