ما زال التحرير يحمل مفاجآت لمعتصميه، فبعد أن تم ضربهم بغازات لا يتحملها أحد وبعد قتل ذويهم من أجل مناداتهم بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، واجهوا جماعات مجهولة الهوية، ردد البعض أنهم تابعون للجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء، بينما قال البعض الآخر إنهم تابعون للجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب، قدموا لجمع الأدوية التي تبرع بها المصريون بجهودهم الذاتية لمصابي أحداث محمد محمود الأخيرة، بدعوى أنها ستذهب لإغاثة أهلنا في السودان وغزة.
عندما ارتفعت وتيرة ترديد هذه الأقاويل، وتحديدا بعد أن تعرض معتصمو التحرير للاعتداء من قبل بلطجية، أكد الأطباء والمعتصمون أنهم تابعون لهؤلاء الذين يحاولون منذ أكثر من أربعة أيام الاستيلاء على الأدوية والأجهزة الطبية، ذهبت إلى الميدان لأقف على حقيقة الأمر، وبالفعل واجهت ردود أفعال غاضبة وعلامة استفهام كبيرة متسائلين؛ هل أصبح كل مرضانا أصحاء حتى نرسل أدوية جمعناها بأنفسنا إلى السودان وغزة؟! هل انتهت كوارثنا؟! هل كل المستشفيات والوحدات الصحية أصبحت مكتفية ومكتظة بالدواء في مصر؟! هل هذا يجوز شرعا أوقانونا؟!.
المعتصمون والصيادلة والأطباء اجتمعوا على كلمة واحدة: "لن تخرج هذه الأدوية من مصر". جمال محمود أحد المعتصمين بالتحرير أكد أن هذا أمر مستفز ولا يجيزه شرع أو دين فالنقابة لم تشتر هذه الأدوية بل نحن من جمعناها بتبرعاتنا فلا يجوز أن يفكروا الآن في سلبها منا وهي من حقنا نحن.
"والله العظيم حرام حسبنا الله ونعم الوكيل" بدأ عم كمال كلامه بالدعاء على الظالمين ممن يسلبون الشعب حقه بشتى الوسائل قائلاً؛ إنهم يسرقوننا منذ أعوام ولازالوا يفعلون، حتى أنهم يسرقون الأدوية الموجودة بمخزن مسجد عمر مكرم "ماذا سنفعل لهم أكثر مما فعلنا؟ أقسم بالله لن نغادر الميدان".
أما عن الأطباء المتطوعين من أجل المساعدة في هذه الظروف الطارئة فلهم قصة أخرى، أصبح كل منهم لا يعرف هل الموجود بجواره طبيب مثله أم أنه أحد المدعين والمنتحلين لصفة طبيب بغرض السرقة فالكثير منهم أصبحت حياتهم مهددة من خلال مكالمات هاتفية تأتي إليهم ويخبرهم المتصل بلغة تهديدية "إنتوا إيه مقعدكم في التحرير إمشوا أحسن لكم".
الدكتور إسلام أحد المتطوعين بأحد العيادات الطبية الموجودة بالميدان عبر عن خوفه وقلقه مما يحمله له الغد: "لا أدري ما الذي يمكن أن يحدث لي.. هناك أياد خفية تريد إخراج الأطباء من الميدان حتى يقلق المعتصمون ويغادروا هم أيضا ويخلو الميدان لسرقة الأجهزة الطبية والأدوية ومن ثم تشويه صورتنا كأطباء تخلينا عن دورنا الإنساني، ولذلك لن نغادر".
أحمد شاكر طبيب متطوع أكد أنه لم يسمع بموضوع خروج الأدوية في قافلة إلى السودان إلا أنه اندهش من مجرد الفكرة بقوله "لم تدفع نقابة الأطباء او اتحاد الأطباء العرب ثمن هذه الأدوية حتى يقرروا إخراجها خارج مصر، ثم إن المصريين أولى بهذا الدواء بعد انتهاء الاعتصام".
استطرد أحمد شاكر مؤكدا؛ أن هناك بعض الأطباء تركوا الميدان عندما بدأت الأحداث الأخيرة تظهر على الساحة، خاصة بعد ترديد قيام بعض الأطباء بسرقة مخزن أدوية عمر مكرم، في حين أنهم أشخاص ينتحلون صفة طبيب.
وبالعودة إلى الدكتور إبراهيم الزعفراني عضو لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب قال: "هذا الموضوع غير صحيح ولا يتعدى كونه شائعة غير صحيحة فلا يجوز لأي مؤسسة مهما كانت شرعيتها أن تقوم بإرسال أدوية جمعها الأهالي بجهودهم الذاتية إلى أي دولة في العالم فحتى إن كانت تتم سرقتها فمسئولية الشرطة العسكرية هناك أن تقوم بحمايتها لكنها لن تخرج من مصر".
في حين أشار الدكتور إسماعيل أبوالدهب المتحدث الرسمي للجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء؛ إلى أنه يجب تحري الدقة قبل نشر هذه الأخبار التي تثير حنق المصريين، فهذه إغاثة داخلية وعندما يتم توزيعها سيتم توزيعها داخل مصر فهناك المستشفيات والوحدات الصحية والمخازن التي يمكن أن نرسل إليها هذه الأدوية، كما أن مصر معرضة في أي وقت لحدوث كوارث ووقتها سيحتاج المصريون لهذا الدواء. وأضاف، أنه لا يجوز طبيا فمعظم هذه الأدوية تم فتحها ولا تتوافر بها المواصفات التي تسمح بخروجها دوليا، فضلاً عن أنها تم جمعها بواسطة المواطنين المصريين، فلا يصح أن يستفيد منها غيرهم.
وبين ما يتردد في التحرير وما تم نفيه من قبل لجنتي الإغاثة بنقابة الأطباء واتحاد الأطباء العرب، يبقى السؤال مفتوحا، من يسرق الدواء من التحرير ويرغب في ترك الأطباء للميدان؟.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire