قال الرئيس محمد مرسي، أمام المؤتمر الطارئ الرابع لحزب العدالة والتنمية في العاصمة التركية أنقرة اليوم (الأحد): "الأخ العزيز رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء.. السادة والسيدات الحضور جميعًا، أعضاء حزب العدالة والتنمية، أحييكم جميعًا بتحية الإسلام الخالدة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. الحمد لله الذي جمعنا على الهدى والحق، والحمد لله الذي أكرمنا بهذا الاجتماع.. أشعر بينكم بكل الأخوَّة والمودة والمحبة، ولذلك فإنني أنتهز هذه الفرصة لأنقل لكم ومن خلالكم تحية شعب مصر إليكم جميعًا وإلى كل أبناء الشعب التركي".
وتابع الرئيس مرسي قائلا: "أحسب أيها الأحباب أن العالم كله ينظر إلينا الآن، ولكن ما هو أهم من ذلك أن الله يرانا من فوق سبع سموات، وفي عصر وزمن يحتاج إلى العدل والسلام، ورسالتنا المشتركة بين شعب مصر وتركيا، وأنها رسالة بين شعوب الأرض، وهي رسالة السلام والاستقرار لكل أهل الأرض".
وأضاف: "لقد استمعت معكم إلى ما قدمه وبتفصيل واضح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عن إنجازات الشعب التركي العظيم بقيادة حزب العدالة والتنمية التي ينظر إليها العالم كله باحترام وتقدير".
ومضى قائلاً: "لقد رأيت في كلماته صدقًا وعزيمةً وتعبيرًا عن إرادة هذا الحزب وعن طبيعة هذا الشعب الذي ما زال لديه الكثير، يؤدي بدقة وإتقان وهو يحافظ على هويته ويتخذ كل الوسائل لكي ينمو بقوة في عالم يحترم من يعتمد على نفسه وعلى إمكانياته ويشق طريقه بإرادته الحرة".
وقال: "إنني أيها الأحباب وأنا أعبر لكم عن حبي وتقديري بل وإعجابي بهذه المسيرة الناجحة إنما أنقل إليكم مشاعر وتقدير واحترام وإعجاب الشعب المصري كله.. تعلمون أيها الأحبة أن الشعب المصري قد اشتاق عبر زمن طويل إلى الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. تعلمون أن الشعب المصري في اشتياقه لكل ذلك قام بثورته المباركة السلمية في 25 من يناير 2011.
ومضى الرئيس محمد مرسي قائلاً: لقد كان أول رئيس في العالم يزور مصر ليهنئ الشعب المصري بعد الثورة بأيام قلائل بنجاح ثورته، وليعلن من القاهرة وقوف تركيا شعبًا وقيادةً إلى جانب الشعب المصري.. هو الأخ العزيز الرئيس عبد الله جول رئيس تركيا.. وقد التقى حينئذ الرئيس جول بالقيادة المصرية متمثلةً بالمجلس العسكري للقوات المسلحة التي حافظت على الثورة، كما التقى بكل ألوان الطيف السياسي المصري بالشباب والأحزاب والقوى الوطنية السياسية، وذهب إلى ميدان التحرير ورأى من خلال ذلك حضارة المصريين وثورتهم السلمية الناجحة، وقد كانت الزيارة ذات قيمة إيجابية كبيرة بالنسبة لنا في هذا التوقيت.. وبعد الانتخابات الرئاسية في مصر، وبعد أن أُعلنت النتيجة وبعد أن أقسمت قسم رئيس الجمهورية وتوليت السلطة في 30 يوليو 2012 وبعدها بأيام قلائل كان أول من زارني لتهنئة الشعب المصري بنجاح الانتخابات كان وزير خارجية تركيا.
وفي ذات السياق فإن أخي رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وكذلك الرئيس جول كانا أول من اتصلا بي هاتفيًّا بعد إعلان النتيجة للتهنئة، وهي علامة تدل دلالة قاطعة على مدى عمق العلاقة بين الشعبين المصري والتركي، والأهداف والغايات والآمال والتاريخ المشترك.
ومن أهدافنا المشتركة الحرية القيمة الغالية التي تناضل من أجلها كل الشعوب وأن تكون الشعوب والأمم هي مصدر السلطة الديمقراطية، ومن أهدافنا المشتركة أيضًا العدل الذي يقوم عليه الملك والسلام الذي تطمئن به النفوس ويهدأ به العالم وتنتهي به الحروب.
وتابع الرئيس محمد مرسي قائلاً: "من أهدافنا المشتركة النهضة والتنمية والعدالة الاجتماعية، وأن نعيش مع هذا العالم بقوة وأن نفتح أبوابنا لكي نحتضن الشعوب بعضها ببعض ولكي يتداول بين الناس حب الأوطان، الذي لا يتعارض مع أن تعيش الشعوب في سلام واحترام متبادل".
وقال "ومن أهدافنا المشتركة دعم ومعاونة الشعوب التي تتحرك وتثور لتنال حريتها وتزيح حكامها الذين يحكمونها بالحديد والنار والديكتاتورية، الشعوب التي تنشد الاستقرار والحرية والعدل والتنمية والنهضة كالشعبين الفلسطيني والسوري".
وأضاف "من أهدافنا المشتركة أيضًا أن نقف معًا ضد الظلم وضد التميز وكل محاولات السيطرة على إرادة الناس أو على الحكومات أو على الدول من أي قوة كانت في شرق أو غرب.. الهدف الأسمى والأكبر أن يتحرر الناس أفرادًا وشعوبًا ودولاً وحكومات... وأن يعيش الجميع في هذا العالم باستقلال تام وبتعاون ومحبة وتعارف في الخير دون عدوان من أحد على أحد".
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: من الآية 13).
أيها الإخوة إن التاريخ بين شعب مصر والشعب التركي ممتد عبر الزمن فيه عبق الخير وفيه مبادئ العدل والحق وحب الخير لكل الناس، التاريخ الذي لا تنكره العقول.. تاريخ الحب والاستقرار والتواصل بين الشعوب والتقاء الثقافات وعدم تعارض الحضارات.. تاريخ نعرفه جميعًا ونرى فيه خيرًا كثيرًا.
إن هذا التاريخ الذي لا ننفصم عنه بل نفخر به ونفاخر والواقع الذي نعيشه الذي به أيضًا مشتركات كثيرة يحتاج منا إلى تعاون وتواصل وتناول لكل القضايا بروح الأخوة والمحبة والسلام.
وتابع الرئيس محمد مرسي: "أنقل إليكم حقيقة ما يتطلع إليه شعب مصر من استقلال تام في الإرادة وهكذا نفعل أيها الأحباب بثورة مصر العظيمة فقد امتلك المصريون إرادتهم كاملة، نال المصريون حريتهم ومارسوا ديمقراطية كاملة في اختيار من يعبر عنهم في البرلمان بغرفتيه قبل ذلك ثم اختاروا رئيسًا لهم بحرية تامة وبديمقراطية حقيقية كما شهد عليه كل العالم".
وقال: "الآن يتحرك المصريون نحو النهضة والإنتاج الحقيقي ويتحركون ليعتمدوا بعد الله على أنفسهم وعلى سواعدهم وعلى نيلهم ومواردهم".
وأضاف: "وبإرادة المصريين أتوجه لفتح كل الأبواب مع هذا العالم الذي نعيش فيه لكي تلتقي إرادة الخير مع الشعب المصري مع عون ودعم الأصدقاء في هذا العالم، لكي تؤدي مصر دورها الحضاري باستقرار وتنمية عالمية إيجابية تعود على أبناء مصر، بل على كل العالم بالخير. وهذا ما ننشده ونعمل من أجله الآن".
وتابع قائلاً: "نحن نخطو خطوات جادة لاستكمال الانتقال الديمقراطي الكامل والقضاء على الفساد ووضع خطواتنا الأولى نحو تنمية حقيقية لكي تكتمل الصورة، أنا معبر عن الشعب المصري أشكر لكم أيها الأشقاء في تركيا شعبًا وحكومة استعدادكم ووقوفكم إلى جانبنا في هذه المسيرة المباركة".
واستطرد الرئيس مرسي "هناك بعض النقاط التي أحب أن أؤكد عليها نحن في مصر داخليًّا نسعى بكل قوة إلى الاستقرار والأمن والإنتاج، والمصريون يضحون جميعًا من أجل وطنهم وينهضون بكل قوة ليعيدوا مجدًا ويؤسسوا لحضارة حقيقية على أرض مصر بكل أبناء مصر وبكل شعبها، بهم ولهم تنهض هذه المسيرة وسوف يكون إن شاء الله خير كثير طالما أن الله يرعانا وأن الشعب يقف يضع يده في يد بعضه البعض ويصر على المضي قدمًا في هذه المسيرة.
وقال: "بالنسبة للعلاقات الخارجية لمصر مع شعوب ودول العالم وفي مقدمة هؤلاء الشعب التركي- قيادة وشعبًا- فإننا نحرص على وجود علاقات متميزة قوية فاعلة مع الجميع، فقد جئنا برسالة سلام واضحة ونريد الخير للجميع ولا نتدخل في شئون أحد ولن نسمح لأحد أن يتدخل في شئوننا".
وأضاف "وبالنسبة للقضايا التي تظهر الآن على الساحة في هذا العالم وخاصة في منطقتنا وكما قلت نشترك فيها مع شقيقتنا تركيا أيضًا قضيتان أساسيتان هما قضية فلسطين وقضية سوريا"، أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فإن موقفنا في ذلك واضح كل الوضوح، فنحن نحمل هذه القضية مع الشعب الفلسطيني طوال الوقت ومازلنا وسنبقى، ونحن ندعم الشعب الفلسطيني ومن يمثلونه داخل وخارج أرض فلسطين في قراراتهم التي يتخذونها بإرادتهم.
وفي نفس الإطار فإننا لا يمكن أن نقصر أبدًا في مد يد العون لأهل غزة، الجيران الأشقاء ولأهل الضفة الغربية ولكل الفلسطينيين في كل مكان ولا يمكن أبدًا أن يقف المصريون عاجزين وهم يرون أن أهل غزة محاصرون.
وأضاف "إن المعابر بيننا وبين غزة مفتوحة لتقديم ما يحتاجه أهل غزة من غذاء ودواء وتعليم وتواصل بين العائلات والأسر، وذلك في إطار حرصنا على القيام بواجبنا تجاه الأشقاء في غزة، ونحن نتطلع إلى قيام الدولة الفلسطينية بإرادة الفلسطينيين وعاصمتها القدس الشريف".
وتابع: "ندعو هذا العالم إلى أن يقف سندًا للفلسطينيين حتى يعيشوا أحرارًا كباقي أبناء الأرض جميعًا وحتى يعيشوا بإرادتهم آمنين على أنفسهم وأبنائهم ونسائهم، هذا حقهم ونحن ندعمهم في ذلك كما ننصرهم ونقف معهم في نفس الخندق وندعو العالم كله إلى أن ينصرهم لنيل حقوقهم الكاملة على أرضهم، أرض فلسطين الغالية".
وبالنسبة للقضية الثانية، قضية شعب سوريا الذي يذبح ويقتل صباح مساء والذي تراق دماؤه ويعتدي على نسائه وعرضه هذه المأساه تدمي قلوبنا، لا نستطيع أن ننام ونحن نرى إخواننا هكذا في سوريا، لن نهدأ ولن نستقر حتى يقف هذا الدم وحتى تتحقق إرادة الشعب السوري في أن يختار قيادته وأن تزول هذه القيادة الحالية الظالمة لشعبها المريقة لدمه".
وقال: "لا بد أن ينال الشعب السوري حريته كاملة ويعيش حرًا على أرضه ويتحقق له ما يريد فنحن معه وبجانبه نؤيده ونقف ضد الظالم الذي يقتله وسوف ينال بإذن الله حقوقه وحريته قريبًا وما ذلك على الله بعزيز".
وأضاف: "لقد تقدمت بمبادرة في مكة في آخر رمضان الماضي كما تعلمون في ليلة القدر وكانت المبادرة للدول الأربع مصر وتركيا والسعودية وإيران، وهى مدعومة من الجامعة العربية والأمم المتحدة ومن كثير من دول العالم الحر في أوروبا وآسيا وأمريكا وأمريكا الجنوبية، إن هذه المبادرة لهذه الرباعية نواه لكي تتجمع حولها الجهود لتسير في أقرب فرصة وإن شاء الله سيكون حل هذه المشكلة المستعصية في سوريا".
وتابع قائلاً "كذلك أيها الأحباب فإن علاقاتنا الخارجية تمتد بالتواصل والتعاون مع ليبيا وتونس والسودان واليمن والجزيرة العربية والخليج العربي وشمال إفريقيا وغربها وجنوبها، وكذلك في شرق الأمم وشرق العالم ومعكم ومع أوروبا.
وما يزال عالمنا العربي والربيع العربي للثورات يحتاج إليكم وإلى دعمكم، فما بعد الثورات والانتقال بالسلطة إلى الاستقرار لا يقل أهمية عن الثورات نفسها، وقوفكم بجانب هذه الثورات أمر ضروري وأظنكم تفعلون ذلك وتتواصون به وقادرون عليه".
وتابع الرئيس محمد مرسي: "أيها الأحباب هذه نقاط كثيرة أرى أنها مشتركة بيننا وتجمع الشعب المصري والتركي والقيادة المصرية والتركية ونحن حريصون على هذا التعاون وحريصون على هذا التوازن في العلاقات وحريصون على الاستمرار وبكل قوة في توافق شعبي وحكومي يرتقي ليقدم نموذجًا لهذا العالم كيف تكون العلاقة بين الشعوب والدول".
"وفي نهاية كلمتي أيها الأحباب أشكركم على هذه الدعوة وأهنئ الحزب وقيادته وأعضاءه بكم وأتمنى للشعب التركي ولهذا الحزب التوفيق والسداد ودوام الاستقرار والتواصل معنا ومع كل شعوب الأرض، وأن يتحقق لنا ولكم ما نريد من عدل واستقرار وقوة في الأداء وأخوة دائمة "إن غدًا لناظره قريب".. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف: من الآية 21).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.