أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق.. مرحباً يا دكتور.
توقفنا في الحلقة الماضية عند النقلة التاريخية التي حدثت في تاريخ مصر الحديث بذهاب الرئيس السادات إلى القدس، الرئيس السادات قبل هذه أعلن في مجلس الشعب المصري وفاجأ العالم بإعلانه، وكان زعيم منظمة التحرير الفلسطينية السيدياسر عرفات يجلس بين الحضور، وربما كنت تجلس إلى جواره.
د. مصطفى خليل:
كان جنبي على طول ساعة لما أعلن.
أحمد منصور:
كيف كان إعلان الرئيس؟ وكيف كان رد الفعل؟
د. مصطفى خليل:
هو الرئيس السادات في الحقيقة، يعني بنسيب بقى النقطة إيه اللي أقنعه، وأنا أشرت إلى الضوء الأخضر اللي جاله نتيجة زيارة (حسن تهامي) ومقابلته لـ(موشي ديان) في المغرب، وإن هو قابل (تشاوسيسكو) وكل ده، وإنما الرئيس السادات وجد نفسه إنه لا يستطيع تحريك القضية إلا بعمل أساسي اللي هو زيارة القدس، كان هدفه منها إنه يبلغ الرأي العام الإسرائيلي من خلال ممثليه في الكنيست برغبة مصر في التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل.
إسرائيل باستمرار عشان تبين نفسها إنها دولة محبة للسلام تفتعل أي حادث زي ما حصل في.. الآن سواء مع الفلسطينيين، وتقول والله سبب الكلام ده الطرف الآخر أنا دولة سلام، وعايزه سلام.. لكن أني شروط؟ هو ده ال
مهم، أني أرض تنسحب منها؟ أني ترتيبات عسكرية ممكن إنها تدخل أي اتفاقيات تطبيع وسلام بين البلدين؟ يعني كل الحاجات دي مترتبة على الإعلام بتاعها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كانت واضحة في ذهن الرئيس السادات حينما أعلنها؟
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
حينما ناقشكم فيها كمجلس للأمن القومي؟
د. مصطفى خليل:
واضحة، والرئيس السادات الخطاب بتاعه في الكنيست خطاب رائع، وأنا أرجو إن.. يعني السادة المشاهدين إن يرجع للكلام اللي قاله الرئيس السادات في الكنيست، اللي حصل إن (بيغن) طلب الخطبة اللي كانت معدة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صحيح، بس أنا لسه الآن قبل الكنيست، أنا لا زلت في مصر لازلت في مجلس الشعب وإعلان الرئيس السادات، وقبل مجلس الشعب النقاش الذي دار في مجلس الأمن القومي، هل وافقتم جميعاً على الخطوة التي أعلن الرئيس السادات القيام بها.
د. مصطفى خليل:
أعتقد جميع من كان حاضراً هذا الاجتماع من أعضاء مجلس الشعب صقفوا [صفقوا] للرئيس السادات، ووافقوا على هذه الخطوة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، أنا أقصد مجلس الأمن القومي، هل اعترض أحد على ذهاب الرئيس أو رغبة الرئيس في عمل اتفاق سلام.
د. مصطفى خليل:
لا.. اللي بيحصل كان -طبعاً- بتتوجه أسئلة يعني.. طيب لو حصل كذا يبقى إيه، وكل ده، فتبقى مناقشة بتأخذ الأبعاد، وبعديها بيتضح الرأي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرئيس السادات كان يعلم أن هذا الاتفاق سوف يجعل الدول العربية تقاطع مصر كما حدث، سوف يهز الرأي العام المصري ويقسمه أيضا؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
خليني في الدول العربية، هو كانت وجهة نظره إنه مش عايز يضع على حكام البلاد العربية أي مسؤولية نتيجة تصرفه، مش إنه معتقد إنه هتيجي مقاطعة وبرغم هذا ذهب إلى القدس..أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني ما كانش يتوقع حدوث المقاطعة..
د. مصطفى خليل:
ما كانش يتوقع أبداً، بالعكس كان بيتوقع إنه بيفتح الباب، طالما إن الكل موافقين على التفاوض وعلى اتفاقيات سلام، إنما بيفتح الباب، وبيقول للشعب الإسرائيلي في نفس الوقت إحنا عاوزين سلام..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هذا كان يتناقض حتى مع مبادئ الجامعة العربية التي تنص على عدم قيام أي دولة بصلح منفرد أو بالسعي للصلح مع إسرائيل..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
آه طبعاً صار يتعارض مع ما توصلت إليه القمة العربية في الخرطوم -لو تذكر سيادتك– اللاءات..
أحمد منصور [مقاطعا]:
اللاءات الثلاث
د. مصطفى خليل [مستأنفا]:
آه.. يعني يتعارض..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني بيتعارض، واعتبر- أيضاً – أنه يتعارض مع المصلحة العربية بشكل عام على اعتبار أن إسرائيل دولة معتدية ومستولية على أراضي عربية، وما كان ينبغي للرئيس السادات وقد وقف العرب إلى جواره في حرب 73م أن يخطو هذه الخطوة المنفردة.
د. مصطفى خليل:
هو ما دخلش منفرد هو حاول، إنما لما وجد إحجام من بعض الدول العربية، خاصة لما تيجي النهار ده، وبنقول طيب إيه السبيل لحل القضية، ما هو السبيل؟ حرب، طيب حتى لو كانت حرب، وأنا باقول الكلام ده لأنه قلت إن حرب 73م دخلت الولايات المتحدة في الصراع المسلح بين مصر وإسرائيل، إذا أنت عرضة لأن هذا يحدث مرة ثانية، على فرض إنه حصل أو ما حصلش كنت هتقعد ضروري مع الطرف الآخر تتفاوض وياه على إقامة سلام. ما كانش الموضوع أبداً في ذهن الدول العربية إن اليهود اللي موجودين في إسرائيل إنك ترميهم في البحر زي كوسوفو النهار ده، لا..
أحمد منصور:
لكن هذا كان أحد الشعارات السابقة التي أعلنت..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
يا سيدي، كان أحد الشعارات اللي بتكسب رأي عام متسرع، رأي عام ما بينظرش إلى المصالح الحقيقية لبلده في أي اتجاه، ولكن لما تبص النهار ده لحل هذا النزاع، كيف يحل هذا النزاع؟!
أحمد منصور:
ليس بالضرورة أن يحل في هذا الآن وفي هذا الوقت، وأعمار الشعوب والأمم لا تقاس بسنوات الحكام الذين يحكمون، وإنما تتاح الفرصة لأجيال قادمة إذا عجز هذا الجيل عن حل هذا النزاع بالشكل الذي يضمن الحقوق كاملة، ويرد الأرض المغتصبة، تتاح الفرصة لأجيال قادمة، وتاريخ الأمم كله مليء بهذا.
د. مصطفى خليل:
فعلاً، بس فيه نقطة بقى مهمة اللي هي إن الضفة الغربية.. قطاع غزة مختلفين كل الاختلاف عن باقي الأراضي المحتلة الموجودة سواء سيناء أو الجولان أو القدس، وطبعاً أنا مش حاخش في الموضوع بتاع السفارة..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
سندخل له بالتفصيل على اعتبار أن الضفة بتمثل بعد توراتي عقائدي يهودي يتمسك به الإسرائيليين، وليسوا على استعداد لأن يتنازلوا عنه.
د. مصطفى خليل:
طيب.
أحمد منصور:
طيب، الآن في مجلس الشعب، السيد ياسر عرفات أصر الرئيس السادات على أن يكون موجود في مصر، وأن يكون موجود في مجلس الشعب وهو يعلن عن استعداده للذهاب إلى إسرائيل. ويقال: إن الرئيس عرفات كان –أو السيد عرفات في ذلك الوقت– كان عنده رحلات مختلفة، ولكن تم الإلحاح عليه حتى جاء. ماذا كان يقصد السادات بالضبط من إعلان ذلك في وجود ياسر عرفات؟ وأن يفاجأ عرفات مثله مثل الآخرين؟ بل وأن يصفق – كما ذكرت سعادتك وكان يجلس إلى جوارك – مثله مثل الآخرين؟
د. مصطفى خليل:
شوف سيادتك أنا بدي أقول لك حاجة، طبقاً لاعتقادي الخاص، ونتيجة لتجربتي التفاوضية مع الإسرائيليين، أنا معتقد أن القضية الفلسطينية لو كانت نوقشت وتم التفاوض عليها بعد كده، كان الفلسطينيين ممكن يحصلوا على شروط أفضل جداً من اللي ممكن يحصلوا عليها.
إن إحنا نترك القضية للأجيال اللي هاتيجي لها محاذير كبيرة:المحذور الأول اللي هو بناء المستوطنات، وأنت عارف المستعمرات يعني تقدر تقول إنه بيغير وجه المنطقة، بحيث إن لما بتيجي بتتفاوض حتى عليها -كوسيلة تفاوض – بتجد الأطراف يقول لك: لا متخلكش بقى رجل بتتكلم في مبادئ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا معلش يا دكتور – اسمح لي – أنا مش عايز أقفز..
د. مصطفى خليل [مستأنفا]:
إحنا بنتكلم على الأرض..
أحمد منصور [مقاطعا]:
مش عايز أقفز –أيضاً- على هذه الأشياء، أنا الآن في إطار عرفات.
د. مصطفى خليل:
لا أنا لا.. إذا كان عرفات بيقول لي إنه أخذ وكذا وهو ما كانش موافق عليه، هذا رأيه.
أحمد منصور:
صحيح أنه خرج من مجلس الشعب مباشرة، وركب طائرته، وخرج من مصر؟
د. مصطفى خليل:
والله، أنا اللي شفته كان السيد ياسر عرفات.. عايز النهار ده يقول إنه مش موافق رغم أنه كان موافق قبل كده، ممكن جداً، ممكن لأن الظروف اتغيرت وكل حاجة، إن هو يبرر إنه صقف لما الرئيس السادات قال الكلام ده بكذا وكذا، باقبله، ما أجيش أخط ياسر عرفات، وأقول طيب أنت عملت كذا، زاي النهار ده بتقول.. لا؟
أحمد منصور:
كنت تعلم أن الرئيس السادات سيعلن بصفتك عضو في مجلس الأمن؟
د. مصطفى خليل:
أيوه، إحنا لغاية ما أعلن الرئيس السادات.. اللي ما كانش معروف لنا، واللي قالوا بعد كده اللي هو تحديد موعد الزيارة، تحديد موعد الزيارة جا بعد إعلان الرئيس لذهابه للقدس. أنا باقول أي احد من الدول العربية أنا باقسمهم قسمين: دول معنية اللي هي في حقيقة الصراع مع إسرائيل، والدول العربية الخارجية اللي هي الدول اللي ما لهاش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دول المواجهة والدول المحيطة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
فكل واحد له رأيه، ولكن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرئيس السادات ذهب إلى الرئيس الأسد وحاول أن يقنعه قبل ذهابه إلى القدس؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
لما الرئيس السادات إحنا.. أنا كنت في المطار باودع الرئيس السادات..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أثناء ذهابه إلى دمشق ؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
عندما ذهب إلى دمشق، ولاحظت إن السيد (إسماعيل فهمي) مش موجود وياه ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وزير الخارجية.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
وزير الخارجية، فطبعاً صار جدل بيني وبين (سيد مرعي).. طيب (إسماعيل فهمي) فين؟ ما طلعش ليه الطيارة؟ فقال: ده يمكن هو جاي من تونس كان في زيارة لتونس، فقال يمكن تعبان أو عيان، أنا هأسأله لما نروح مكتب (سيد مرعي) في مجلس الشعب. فأنا ركبت مع سيد ورحنا المكتب، وسيد اتصل بإسماعيل فهمي وبعد كده زاره، ولكن النتيجة إسماعيل فهمي قال: لا، أنا قدمت استقالتي يعني..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ده بعد إعلان الرئيس للزيارة.
د. مصطفى خليل:
آه.
أحمد منصور:
وكذلك (محمد رياض) وزير الدولة للشؤون الخارجية؟
د. مصطفى خليل:
لا، حصل بعد كده.. الرئيس السادات راح سوريا، واللي اتوجد هنا كان الرئيس مبارك – النائب حسني مبارك وقتها – الرئيس السادات طلب من النائب حسني مبارك بأنه يطلب محمد رياض ويعرض عليه تعيينه في وزارة الخارجية..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مكان إسماعيل فهمي
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه مكان إسماعيل فهمي، فعلاً الرئيس مبارك طلب محمد رياض، محمد رياض قابل الرئيس حسني مبارك في ذلك الوقت.. محمد رياض لم يرفض، وإنما تردد وقال: طيب أنا بدي أفكر, يعني ده اللي حصل بالضبط… طيب بدك تفكر، لا الموضوع ما يحتملش.. وبعد ما تفكر تيجي تقول قبلت أو ما قبلتش، ده موضوع منتهي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
معنى ذلك أنه الرجل أيضاً كان له موقف خاص بعملية ذهاب الرئيس السادات للقدس.
د. مصطفى خليل:
طبعاً، ممكن جداً كل واحد يعني مش بس هو، كل واحد في الشارع له رأي خاص.. ما يجراش حاجة.
أحمد منصور:
الانقسامات التي حدثت في الشعب المصري آنذاك، هل كان الرئيس السادات يعني له حساباته بالنسبة لها؟
د. مصطفى خليل:
لما رجع الرئيس السادات من زيارته للقدس..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
قبل الزيارة.. أنا لسه الآن كله قبل الزيارة.
د. مصطفى خليل:
لا قبل الزيارة كان بيعتقد إن الرأي العام معاه.
أحمد منصور:
حينما ذهب إلى دمشق وأنت كنت في وداعه في المطار، ماذا كان يتوقع من الرئيس الأسد؟
د. مصطفى خليل:
عدم القبول.
أحمد منصور:
طيب لماذا ذهب له؟
د. مصطفى خليل:
ذهب ليطلعه أو يحيطه علماً بالخطوة اللي حياخذها، بحيث إنه ما يقولش إن أنا فوجئت أو حصل كذا..
أحمد منصور:
ماذا قال لكم السادات بعد عودته من دمشق؟
د. مصطفى خليل:
قال أنا مش عايز أحرج أي رئيس من رؤساء الدول العربية في إنه يؤيدني أو مايؤيدنيش..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن كانت القضية محسومة بالنسبة له.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أنا متحمل المسؤولية.
أحمد منصور:
هل برضه مصائر الشعوب والقرارات المصيرية تؤخذ بهذه الطريقة؟
د. مصطفى خليل:
آه طبعاً الرئيس بيستشير المجموعة اللي بتبقى موجودة وياه، وبيضع الخطوات السياسية بتاعته، وده بيحصل في كل العالم.
أحمد منصور:
إذا وزير الخارجية اللي هو رجل الدبلوماسية الأول لم يستشر، وكذلك وزير الدولة للشؤون الخارجية، وإسماعيل فهمي معروف أنه رجل عنده خبرة عريقة في العمل الدبلوماسي والرئيس تجاوزه، إذن الرئيس استشار من ضمن أنهم سيقولون له نعم.
د. مصطفى خليل:
ممكن جداً يخرجوا، وممكن جداً يبقى لهم آراء مخالفة للرئيس، وبعد كده كل واحد يخرج، وارد كل الكلام ده، لكن الحكم على أي سياسة من السياسات في النهاية – وخاصة في مصر وطبقاً للدستور – هي رئيس الجمهورية.
أحمد منصور:
يعني إذن الصلاحيات تكاد تكون مطلقة أو واسعة في يد رئيس الجمهورية حتى بالنسبة للقرارات المصيرية..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أي قرارات في العالم، أي رئيس في العالم يعني أو النظام البرلماني أي رئيس حكومة فيه بيجي نتيجة للانتخابات، الرئيس بيبقى له دور فعال كبير جداً في القرارات اللي بتتخذ.
أحمد منصور:
لكن إحنا – على سبيل المثال – عندنا الجهة المقابلة – وهي إسرائيل، حتى الاتفاقات لابد أن الكنيست أن يقرها وأن يناقشها، وأن تأخذ قسط واسع حتى بعد موافقة رئيس الوزراء عليها.
د. مصطفى خليل:
هو اللي بيتعمل مش المناقشات في يعني في إسرائيل مش السابقة على اتخاذ القرار، المناقشات السابقة على اتخاذ القرار بتتم في مجلس الوزراء هناك أو مجلس الوزراء المصغر, إنما ما يتم الاتفاق عليه بيعرض على..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
فإذا رفض يعتبر غير.. لا يطبق وليس له وجود …
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
كان أهم شيء عرض على الكنيست بعد ذلك في المفاوضات بين مصر وإسرائيل، موضوع المستوطنات، مصر أصرت على إن المستوطنات - كان فيه 13 مستوطنة - إن هم ينسحبوا.
أحمد منصور:
حينما ذهبت مع الرئيس إلى القدس من الذي اتخذ قرار ذهابك؟
د. مصطفى خليل:
ذهابي أنا؟
أحمد منصور:
آه.
د. مصطفى خليل:
أنا اللي أخذته.
أحمد منصور:
كيف؟
د. مصطفى خليل:
كلمت الرئيس السادات، ودي موجودة في كل المراجع وعمري ما نكرتها، وكلمته في التلفون لما عرفت القصة، قلت له: سيادة الرئيس، هل أنا عمري طلبت Favour منك أو من أي رئيس؟ قال: لا ما حصلش، قلت له: طيب، أنا لابد إن آجي معاك في زيارتك للقدس، ده كان الأساس، قال: أنا موافق، بعد كده لما طلع المطار، هو ثاني يوم طلع المطار بقى وراح سوريا، فإحنا واقفين علشان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كنت وقتها الأمين العام للاتحاد الاشتراكي؟
د. مصطفى خليل:
كنت الأمين العام أيوه، والرئيس السادات لما فات سلم علي قال: أنت مستعد يا مصطفى؟ قلت له: أيوه، سيد مرعي كان جنبي على طول قام بص لي قال لي: مستعد إيه؟ كان فيه إشعاعات إن أنا مرشح كرئيس وزراء، قال: أنت قبلت تيجي رئيس وزراء؟ قلت له: لا، مش الموضوع، قال: الموضوع إيه؟ قلت له، ده اللي حصل بالضبط.
أحمد منصور:
أنت أدركت –مع تأييدك المطلق للرئيس السادات في خطوطه– أنه سيكون لك دور سياسي متميز في هذه المرحلة؟
د. مصطفى خليل:
أنا عمري ما فكرت كمنصب، ولكن الواحد بيفكر مستقبل بلده حيبقى إيه، وعمري ما فكرت أبداً إني أنا الوحيد اللي أقدر أعملها، باعتقد في الرأي العام المصري وفي القيادات الموجودة فيه ناس كثير جداً على درجة كبيرة من التميز، يعني مش باقول لك أنا الوحيد، إطلاقاً، إنما تسألني عن هل كنت موافق داخل ضميري أو لا؟ أيوه، لأني وجدت إن ده السبيل الوحيد اللي إحنا نقدر نعمله لحل الإشكالات اللي بيننا وبين إسرائيل.
أحمد منصور:
لك الحق أنت تعتقد ذلك وأنت في موضع المسؤولية، ولكن أنا هنا باسألك القناعة اللي كانت تملأك هذه، كنت أنت على يقين أيضاً إنك أكثر الناس المؤهلين للعب هذا الدور في ذلك الوقت، وإن السادات بالتأييد القوي اللي وجده منك يمكن أن يرشحك للقيام بدور متميز؟
د. مصطفى خليل:
ما كانش.. أنا عرض علي... ما كانش الموضوع منصب إطلاقاً، المنصب في حد ذاته يعني فرض علي أعباء ضخمة جداً، أن تتولى مسؤولية بلدك..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
إحنا لسه الآن بعيد عن المنصب، وإنما عن دور في عملية التسوية أو في الزيارة وكده.
د. مصطفى خليل:
لا، مش ضروري، لأن طبعاً رئيس الجمهورية له الحق إن هو.. زي ما بعث حسن تهامي.. يعني حاجات كثير بيكلف بيها أشخاص معينين.
أحمد منصور:
حينما رفض (محمد رياض) المنصب، (إسماعيل فهمي) استقال، كان لابد لرئيس الجمهورية ألا يذهب إلى القدس إلا وفي معيته وزير خارجية أو وزير دولة للشؤون الخارجية في ذلك الوقت.
د. مصطفى خليل:
هنا جا دور الدكتور بطرس.
أحمد منصور:
أيوه، كيف وقع الاختيار على بطرس غالى؟
د. مصطفى خليل:
بطرس غالي أول علاقة له بالحكم –مؤسسات الحكم– كان معاي، لأن – زى ما قلت لسيادتك – إن العلاقات الخارجية بين الاتحاد الاشتراكي والأحزاب السياسية الأخرى؛ ده استمر مسؤولية الاتحاد الاشتراكي، فلما جبت أمين قلت طيب مين اللي هيعمل العملية دي؟ فاتصلت بالدكتور بطرس، جا قابلني، قلت له: تقدر تيجي وتمسك العملية دي قال: آه. هنا ابتدت علاقته بالحكم.. بالأجهزة اللي موجودة، علاقته أيضاً بالرئيس السادات.
أحمد منصور:
يعني مين اللي رشحه؟ يعني هل أنت رشحته لمنصب وزير الدولة للشئون الخارجية؟
د. مصطفى خليل:
أنا لما قالوا لي، طبعاً قلت أيوه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن مين..؟
د. مصطفى خليل:
فيه غيري يعني طريقة اختيار الوزراء في مصر لها System تاني.
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مش هتكشف لنا سره يعني.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
فطبعاً لما الواحد بيسأل عن شخص، وأنا أكره جداً إني أقول مثالب أي واحد أو أي.. الجانب الآخر ما ليش دعوى به، أنا أقدر أقول: أيوه فلان يقدر يعمل الحكاية دي كذا كذا كذا أصلاً ما يقدرش يعني على حسب، إنما جميع النواحي التانية الرئيس هو اللي بيقدرها.
أحمد منصور:
مشاعركم إيه وأنتم في الطائرة المتجهة الآن إلى القدس؟
د. مصطفى خليل:
الرئيس السادات كان في حالة كويسه جداً، لما جات طيارات وده انتشط كثير أوي شوف ده إحنا طايرين على سيناء وبعث طيارات علشان تحيينا، لما وصلنا هناك. أنا كنت التاني في الـ.. يعني هو كان الرئيس السادات أنا كنت باتلوه في.. الـ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في الترتيب.
د. مصطفى خليل:
في الترتيب.
أحمد منصور:
ومين كمان أهم الشخصيات اللي كانت معكم؟
د. مصطفى خليل:
أهم الشخصيات.. اللي حصل إن بعد زيارة الرئيس السادات لسوريا ورجع وأعلن الموعد، الرئيس السادات طلب مني أذهب أنا وسيد مرعى إلى ممدوح سالم رئيس الوزراء في ذلك الوقت لـ.. إن إحنا نقترح عليه مين اللي هيرافقه في هذه الرحلة.
أحمد منصور:
يرافق الرئيس السادات ؟
د. مصطفى خليل:
أيوه … فتفكير جالنا إن أفضل حاجة إنك مش بتختار الشخصية باسمها، إنما قلنا اللجان النوعية اللي موجودة في مجلس الشعب، رؤساء هذه اللجان هم اللي يذهبوا كوفد مع الرئيس..وفعلا ده اللي تم.
أحمد منصور:
لكن كمسؤولين، غير أنت ووزير الدولة للشؤون الخارجية بطرس غالى.
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
مين تاني كان معاكم من الوزراء أو المسؤولين؟
د. مصطفى خليل:
لا، رئيس الوزراء ما جاش وقتها ولا احد من الوزراء، كان الوفد كده.
أحمد منصور:
حينما فتح باب الطائرة قيل: إن الإسرائيليين كانوا يتخوفوا أن تكون الطائرة تحمل مجموعات كوماندوز مصرية بهدف تصفية القيادات الإسرائيلية التي كانت في المطار آنذاك، صحيح هذا الاعتقاد لدى الإسرائيليين؟
د. مصطفى خليل:
الكلام ده قالوه بعض الكتاب في إسرائيل، ولكن أنا بدي أرد عليه: مش طبيعة مصر على وجه الإطلاق، إن رئيس الجمهورية يعلن إنه هيروح هناك وبدل ما هو يروح يبعث فريق إرهابي علشان يقتل الموجودين. مصر عمرها ما مارست أعمال إرهاب، يعني مصر الرسمية كحكومة لم تمارس على وجه الإطلاق أي نوع من الإرهاب ضد أي فرد أو منشأة أو.. أو إلى آخره..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
من خلال صداقاتك وعلاقاتك مع الإسرائيليين..
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
ولكن إسرائيل بيقولوا الكلام ده علشان يبينوا… إسرائيل عندهم هاجس باستمرار-تلاحظه– في حكاية الأمن، كل حاجة يترجمها للأمن.
أحمد منصور:
طبعاً مغتصب لابد أن هو يكون خايف…
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
كل حاجة بتترجم لأمن، قالوا للرئيس السادات كنا خايفين، إحنا ما عرفناش إنهم كانوا خايفين.
أحمد منصور:
ألم يتحدثوا معاك أنت دار بينك وبينهم، ألم يسر لك أحد بهذا الكلام اللي نقل في كثير من…
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
كلنا اللي كنا هناك كنا مدنيين مش عسكريين.. قبل الطيارة ما تقوم بـ 3 أيام راح أمين عام الرياسة لإسرائيل ورتب وياهم، ضروري، قعد 3 أيام ورتبوا كل حاجة، فمش معقول الرئيس السادات هييجي بدل الرئيس السادات يفتح الباب ينزل فريق إرهابي.
أحمد منصور:
كنت الشخص الثاني بعد الرئيس السادات التي وطئت قدماه أرض القدس.
د. مصطفى خليل:
آه، آه.
أحمد منصور:
نرجو أن تصف لنا الجانب النفسي وشعورك وأنت الآن ذاهب، وكيف تم عملية… لأن كان هناك صحفيين كثيرين معاكم كان موسى صبري، كان.. ربما أنيس منصور، تم توزيع الصحفيين كتوزيع الوفد.
د. مصطفى خليل:
إسرائيل كانت مجهزة عربيات نقل، المطار أصله يبعد عن القدس حوالي ساعة، فاللي رافقني كان وزير التخطيط (سامحا إرلخ)، (سامحا إرلخ) أصله بولندي أوروبي، أنا لما نزلت من الطيارة –أنا زي ما قلت قبل كده- ما عنديش شعور سيكولوجي معادي على وجه الإطلاق…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
رغم كل ما فعلوا في الفلسطينيين؟!
د. مصطفى خليل:
رغم كل حاجة لغاية النهار ده، أنا مستعد للحديث وللكلام مع أي طرف آخر، حتى لو هو شعر إنه بيكلم عدوه أنا ما باشعرش بهذا.
أحمد منصور:
كان فيه امتداد لما تحدثنا عنه في الحلقة الأولى من مشاعرك تجاه الطرف الآخر، وخاصة اليهود سواء كانوا زملاءك أو غيره، مع ما وجدته حينما التقيت مع سامحا إرلخ والقادة الآخرين؟
د. مصطفى خليل:
أنا بعد ما التقيت مع سامحا إرلخ ركبت العربية أنا وهو، وكنت باسأله على.. أنت وزير تخطيط، تخطيط إيه؟ إذا كانت إسرائيل.. يعني المنهج الاشتراكي مش مطبق عندها، إيه بالضبط اللي بتعمله؟ فده كان موضوع الحديث اللي دار بيني وبين سامحا إرلخ.
أحمد منصور:
خلال أيام تواجدكم في القدس، الرئيس السادات كان يتوقع أن يحصل على إيه من هذه الزيارة؟
د. مصطفى خليل:
يحصل على؟
أحمد منصور:
على إيه من هذه الزيارة؟
د. مصطفى خليل:
تحريك الرأي العام الإسرائيلي تجاه السلام.
أحمد منصور:
وهل نجح في ذلك؟
د. مصطفى خليل:
أيوه.
أحمد منصور:
الخطاب الذي ألقاه في الكنيست من الذي كتبه؟
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
الخطاب الذي ألقاه خطاب رائع، تمسك كامل بالحقوق العربية، ممكن الخطاب ده هو يترجم وجهة نظر الرئيس السادات فيما تم، و لكن اللي حصل -زي ما قلت لسيادتك- إن بعد ما اتكلم كثير على اعتبار تحديده لسيناء والضفة الغربية وكل الكلام ده، إن دي أراضي عربية محتلة ويجب على إسرائيل إنها تنسحب منها.. هنا بقى (بيغن) طلع واتكلم عن الضفة الغربية والتفكير الديني سيطر على…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
الرد الذي طرحه بيغن -أيضاً- نسف كل ما طرحه السادات.
د. مصطفى خليل:
آه طبعاً، وبعدين احنا بعد الخطبة رحنا، الكنيست فيه حجر للوفد، فأنا قعدت وأظهرت…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
شعوركم إيه لما السادات راح قدم كل شيء، وبيغن نسف كل شيء؟
د. مصطفى خليل:
هو ما نسفش الـ Process العملية نفسها، هو أوضح عن معتقدات تشكل عقبة، طبعاً…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو عنده بعد توراتي، وأنتو أيضاً رايحين بدون البعد الإسلامي بتاعكم، صح؟
د. مصطفى خليل:
الإسلام كدين ما يدخلش هنا.
أحمد منصور:
طيب هم اليهودية كدين داخلة هنا.
د. مصطفى خليل:
مش داخلة كرجل دين..يعني
أحمد منصور [مقاطعاً]:
داخلة كمعتقد.
د. مصطفى خليل:
بيغن داخل كمعتقد.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
أنا عندي عقيدة أخرى.
أحمد منصور:
عقيدتك الآن أيضاً لها محرك تجاه التعامل مع اليهود، هل كان واضح عندكم إنكم رايحين تتفاوضوا… هم عندهم اعتقاد واضح في تعاملهم معاكم كمسلمين، كرجال سياسة هم..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
أنا ما بتكلمش الآن كرجال دين يهود، إنما هم كسياسة واضح في ذهن الإسرائيلي سواء كان سياسي أو كان طفل في الشارع أو كذا، معتقداته الدينية واضحة تماماً.
د. مصطفى خليل:
مش كلهم طبعاً.
أحمد منصور:
بشكل رئيسي، فيه أساسيات لا يمكن.. أنا لا أقصد الدين اليهودي كديانة، ولكن أساسيات لا يمكن التنازل عنها، مثل يهودا والسامرا وغيرها..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
يهودا والسامرا بتجد خلاف برضه في المعتقد بين حزب العمل والليكود مثلاً، مش كلهم بياخدوا الأمور بالطريقة دي.
أحمد منصور:
يعني أنا أقصد الآن إن البعد الدينى الدولة قائمة عليه أصلاً كفكر، البعد الدينى عندكم أيضاً أنتم كوفد رايح..
د. مصطفى خليل [مقاطعا]:
البعد السياسي إحنا كوفد رايح، رايحين عايزين إسرائيل تقيم سلام مع الدول العربية، مقابل هذا السلام انسحاب من كافة الأراضي المحتلة..
أحمد منصور:
فقط رؤيتكم رؤية سياسية؟
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
مهما كان وضعها.. وأنا إذا كان فيه وقت أقدر أقول لك قصة بمنتهى البساطة.
أحمد منصور:
اتفضل… اتفضل.
د. مصطفى خليل:
أنا كنت باتفاوض مع (موشي دايان) -وقلت الكلام ده قبل كده- وموشي دايان جا وقال I Feel أنا مش قادر أكمل المفاوضات وياك ويجي مستر بيغن، فوجئت تانى يوم إن مستر بيغن بيكلمني بالراديو ويقول: أنا مش هتفاوض وياك لأن أنا مفاوض.. أنا رئيس وزراء منتخب، وأنت رئيس وزراء معين. وبعد كده جا على الوضع التاني بتاع الأهرام قال إن اليهود هم اللى بنوا الهرم الأكبر !!!
الشق الأولاني أنا قلته قبل كده إن الـ Reaction بتاعتي للكلام ده، ورديت عليه فوراً، وبعد كده لما جا لمصر أنا لم أقابله، وإنما النقطة الأساسية قال: اليهود بنوا الهرم الأكبر، بعد كده إحنا كنا بنروح إسرائيل في جولة مفاوضات، وأنا في أثناء التفاوض ما كنتش باجلس مع الجانب المصري، والجانب المصري اتفقنا مضطر يقعد مع كل أعضاء الوفد الإسرائيلي، لأن كان مهم جداً إنك تفهم اللى قدامك ده بيفكر إزاي، فقعدت على الترابيزة وأنا باتغدى.. كان دكتور (بورغ) اللي هو كان رئيس…
أحمد منصور [مقاطعاً]:
(يوسف بورغ).
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
يوسف بورغ رئيس الحزب الدينى عندهم، قلت له يا دكتور جورغ قل لي: ده بيغن قال كذا، وبعد كده بيغن رجع وقال: لا.. أنا سألت إحنا ما بنيناش الهرم الأكبر، قلت له: بيكابر في المحال، قال: آه، قال: يعني الرأي ده مهم بالنسبة لك؟ قلت له: آه، أنا بدي أفهم مين اللي أقنع بيغن؟ قال لي: تعرف (إيغال يادين)؟ قلت له: طبعاً، أعرف إيغال يادين، قال لي: (إيغال يادين) راح له بالتوراة وقال: المصريين بنوا آثارهم بالحجر..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
دكتور مصطفى، معنى كده إن التوراة بتمثل مرجعية كانت بالنسبة لهم رئيسية حتى في تصوراتهم يعني، وتفسيراتهم لأي شيء..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
مش كلهم طبعاً، إنما بتجدها بارزة جداً في اليمين، خاصة عند بيغن..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
بيغن… بيغن الآن أنت في إطار بيغن كرجل تفاوضت معه، وهو الذي وقع على عملية السلام مع الرئيس السادات، أو مع الطرف المصري، أنت تقول إن بيغن كان متدين.
د. مصطفى خليل:
أيوه اللي حصل بعد الكلام بتاعه بالنسبة لي، أنا رديت عليه بشكل قاسي جداً.
أحمد منصور:
أنت رديت عليه قلت له إيه يا دكتور؟
د. مصطفى خليل:
قلت له أنا رئيس وزراء طبقاً للدستور المصري، وأنت ما لكش إنك تتدخل في النظام بتاع الحكم بتاعنا، قلت له نمرة 2: أنا أمثل دولة عمرها 7 آلاف سنة، وقت اليهود ما كانش يعني.. ولا فيه تنظيم في أي حتة دولة قائمة بجميع أجهزة الدولة الحديثة موجودة في مصر عبر السنين دي كلها..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وأنت بتمثل دولة عمرها 30 سنة.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
لا.. أعتقد، ما أقولش كده يعني، أنا باقول أنا كذا كذا، إنما أنت ما ليش دعوة بيك، قلت له بعد كده –النقطة المهمة– أنا ما طلبتش إنى أتفاوض وياك، اللي طلب موشي دايان، وموشي قال لي وأنا لم أتدخل، لأن أنا قلت تكوين وفد التفاوض ده راجع لكل دولة، بتغير بتجيب، أنا مستعد أتفاوض مع أي واحد، فلما رجعت مصر، أنا كنت باحيط – طبعاً – الرئيس السادات علم باللي بيحصل بيه. فبيغن لما جا أنا قلت للرئيس أنا مش هاستقبله في المطار، فهو عرف، فكلم الرئيس السادات وقال له: أنا عايز أنهي إذا كان فيه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وما استقبلتوش فعلاً ؟
د. مصطفى خليل:
ما استقبلتوش لا..
أحمد منصور:
على اعتبار طبعاً إن هو رئيس وزراء منتخب وزي ما قال لك أنت.
د. مصطفى خليل:
لا.. كلام يعني ما لوش معنى خالص، إنما يلاقي حجة يمسك فيها بأي حاجة، فالرئيس السادات كلمني، وقال لي ده بيغن عايز يصفي الموضوع وياك، وعايز يعزمك على عشا، إذا عزمك تروح؟ قلت له: أيوه أروح، فكلمني بعديها بيغن، قال الميعاد الساعة 7، ورحنا في الحتة اللي كان هو نازل فيها، رحت أنا لوحدي، ووجدته هو لوحده.
أحمد منصور:
يعني مفيش حد.
د. مصطفى خليل:
آه، فطبعاً الحديث دار بيننا، فقال أنت عارف أنا باقرأ الكتاب المقدس بتاعهم.
أحمد منصور:
التوراة.
د. مصطفى خليل:
التوراة، مرة كل أسبوع، من الجلدة للجلدة .
د. مصطفى خليل:
قلت له: مرة كل أسبوع! إزاي؟! وعندك وقت تعمل كده؟ قال: آه، قلت له: إحنا عندنا ناس بيقرؤوا القرآن مرة في الشهر، لكن أنا عمري ما سمعت على واحد بيقرأ كتابه المقدس في أسبوع، يعني كعملية بقى بتستغرق منه وقت طويل –معناته الكلام كده– فقال لي: لا أنا باقرأه كل أسبوع.
أنا نتيجة الأحاديث واللي أستطيع أني أقوله سواء أنا تفاوضت وياه أو الجماعة الأمريكيين أيضاً اللي عرفوه، الشعور اللي خرجت به إن الرجل ده عايش في الماضي.
أحمد منصور:
لو عدنا الآن إلى زيارة القدس والنتائج التي خرجتم بها من الزيارة وعودتكم إلى مصر؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إن الزيارة بعد الرئيسين ما قالوا الخطب بتاعتهم، كانوا عاملين مأدبة عشاء، كان بيغن قاعد على يمينه، الرئيس السادات أنا كنت قاعد على شماله على طول، وبعدي كان (سامحا إرلخ)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مرافقك.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
أيوه، فلاحظت إن السادات وبيغن مابيكلموش بعض، كل واحد مدي كتفه للتاني، فأنا قلت لـ (سامحا إرلخ) قلت له: اللي قاعد قصادي كان –الرئيس الحالي– (عيزر وايزمان)..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
صديقك أيضاً.
د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:
صديقي.
أحمد منصور:
نعم.
د. مصطفى خليل:
و(عيزر وايزمان) أنت عارف هو كان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان لك به أي علاقة قبل اللقاء ده ؟
د. مصطفى خليل:
لا، (عيزرا وايزمان) كان ..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
كان وزير الدفاع؟
د. مصطفى خليل:
كان وزير الدفاع، وكان مدير حملته الانتخابية اللي أدت إلى فوزه، فقلت له أنا عايز..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مدير حملة بيغن؟
د. مصطفى خليل:
بيغن، قلت له أنا عايز (عيزر وايزمان) و(إيغال يادين) يطلعوا في السويت.
أحمد منصور:
فندق الملك داود.
د. مصطفى خليل:
فقلت له بعد المأدبة، المأدبة خدت تلات أرباع ساعة، فجه وقلت للدكتور بطرس: تعالى يا دكتور بطرس السيد فلان وفلان.. وطلعت الأوضة، وابتدينا نتكلم فيما كان الإنسان يود أنه يتكلمه مع الجانب الإسرائيلي.
أحمد منصور:
ماذا قلت لهم باختصار؟
د. مصطفى خليل:
قلت لهم الكثير جداً عن الأوضاع السياسية، وإن لابد إن احنا نصل إلى اتفاق، والرئيس السادات جاد في موقفه، والاتفاق ممكن يبقى على أوضاع كذا كذا.. شوف لغاية الساعة 2 صباحاً عمّالين نتناقش في الموضوع.
أحمد منصور:
الرئيس السادات كان على علم بهذه الجلسة؟
د. مصطفى خليل:
لا، عيزر وايزمان قال لي: طيب فلان أنا عايز أسمع الكلام ده من الرئيس السادات، عايز أشوفه.. وهو كذلك، بعد كده كلمت الرئيس السادات الصبح الساعة 6.30، قلت له: حصل كذا كذا.. وعيزر وايزمان –أنا قلت له- عايز يسمع الكلام ده من سيادتك.
أحمد منصور:
يعني كان.. لم يكن يوجد حتى لدى الإسرائيليين ثقة في مبادرة السادات رغم إنه موجود عندهم في القدس؟
د. مصطفى خليل:
لا، مش ثقة، فيه نوع من التخوف باستمرار، هم عندهم العقدة دي وستظل.
أحمد منصور:
لأنهم مغتصبون.
د. مصطفى خليل:
يعني .. تقدر تقول، طلع بقى الساعة 9 أنا وعيزر وايزمان والسادات قابله وكانت مقابلة كويسه جداً، والسادات طلب الإفراج عن بعض الفلسطينيين المعتقلين، أفرج عنهم على طول، وبعد كده احنا رحنا غداء كان عامله بيغن، إنما أقدر أقول أصبح فيه نوع من Personal Chemistry بين السادات وبين عيزرا وايزمان..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
وليس بيغن ؟
د. مصطفى خليل:
أفندم ؟
أحمد منصور:
وليس بيغن ؟
د. مصطفى خليل:
لا.
أحمد منصور:
ولا السادات متأثر برد فعل بيغن عليه في الكنيست؟
د. مصطفى خليل:
أيوه .. آه.
أحمد منصور:
كان شاعر بإيه ؟
د. مصطفى خليل:
ولا حاجة، ما ده كلام بيتقال رد على كلام، إنما..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما شعرش بإحباط؟
د. مصطفى خليل:
أبداً، لأن بعد كده السادات راح الكنيست وكان بيقابل اللجان المختلفة اللي في الكنيست، فقال: يا دكتور مصطفى أنت وبطرس اقعدوا بقى مع عيزر وايزمان ورتبوا الخطوات التالية اللي نعمل إيه، ففعلاً أنا لم أرافق الرئيس السادات في زيارته للكنيست ولا بطرس، ورحنا السويت بتاعت .. احنا كنا في الدور الثالث، السادات كان في الدور الخامس.
أحمد منصور:
في فندق الملك داود.
د. مصطفى خليل:
في الفندق، وقعدنا ورسمنا ما يمكن إنه يتعمل مستقبلاً.
أحمد منصور:
كنتو حاسين إن فيه تجسس عليكم، إن كل اللي بتقولوه بيسجل من الإسرائيليين؟
د. مصطفى خليل:
لا، إحنا كنا حاسين إن.. أنا شخصياً.. إن لابد من دفع عملية السلام.
أحمد منصور:
بأي ثمن يعني؟
د. مصطفى خليل:
لا، مش بأي ثمن، احنا عرضنا على الدول العربية إنها تدخل رفضت، عرضنا على الفلسطينيين رفضوا، عرضنا على الأردن رفض، إذن الرئيس تحمل مسؤولية المبادرة لوحده، احنا كجزء –طبعاً وراء الرئيس في العملية دي كلها– كان واجب علينا إن الزيارة لا تفشل، نمرة واحد، نمرة اثنين: إنا احنا نحدد أسلوب العمل بيننا وبينهم بعدين.
أحمد منصور:
إحساس الرئيس السادات لما وزير خارجيته استقال اعتراضاً، ووزير الدولة للشؤون الخارجية، المرافقين اللي معاه.. الدكتور بطرس غالي كان معين ليلة السفر، سعادتك كنت أمين عام الاتحاد الاشتراكي، الحكومة بتاعته.. يعني لم يكن هناك ثقل حكومي وراه في خطوة تاريخية زي.. يعني مثل هذه؟
د. مصطفى خليل:
شوف تاريخية، والواحد قالها باستمرار هي مسؤولية الرئيس السادات نمرة واحد.
أحمد منصور:
كان فيه خوف لدى المسؤولين المصريين في ذلك الوقت من فشل..
د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:
لا، ماكانش.. إطلاقاً لأني أنا باقول –لسيادتك– إن بعد رجوعه قابلوه في المطار فوق الخمسة مليون واحد.
أحمد منصور:
ما هي مترتبة!!
د. مصطفى خليل:
لا مش مترتبة، وأنا سألت، فقال: أنا بأُقسم إن اللي حصل ده لم يكن مرتباً.
أحمد منصور:
أنت مارست الحكم، وأشرت إلى أنه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر حينما أعلن استقالته –ربما– علي صبري كان مرتب –أيضاً– المسيرات التي خرجت، ألم ترتب المسيرات التي خرجت؟!
د. مصطفى خليل:
لا، وأنا رأيي إن الرئيس لابد أن يقود شعبه في الطريق اللي هو بيرى إن مصلحة مصر مرتبطة به.
أحمد منصور:
لكن ليس بشكل فردي، أم بشكل فردي؟
د. مصطفى خليل:
مش بشكل فردي..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في ظل مؤسسات الدولة الفاعلة.
د. مصطفى خليل:
بالضبط.
أحمد منصور:
وهذه كانت متوفرة؟
د. مصطفى خليل:
متوفرة.
أحمد منصور:
بعد العودة من القدس، وكنت أنت الرجل الثاني المرافق للرئيس السادات في هذه الزيارة، بدا واضحاً أن أمامك دور يجب أن تقوم به، كيف عرضت عليك قضية رئاسة الوزارة؟
د. مصطفى خليل:
اللي حصل إنهم.. (كارتر).. الرئيس (كارتر) كان له دور إيجابي نمرة واحد فيما حدث، مافيش رئيس جمهورية غيره اللي تدخل بصفته الشخصية وصفته كرئيس في مفاوضات بين طرفين في تاريخ أمريكا كلها.
أحمد منصور:
لمصلحته الشخصية.
د. مصطفى خليل:
الرئيس (كارتر) زي ما احنا عارفين ماكانش قابل أي زعيم عربي لغاية ما انتخب رئيس جمهورية، والرئيس (كارتر).. شوف هو رجل متدين جداً، ويعرف تاريخ اليهود معرفة كاملة، نقطة الضعف اللي كانت في الرئيس (كارتر) إنه جا من خارج مؤسسة الحكم اللي موجودة في (واشنطن) ومايعرفش المطبخ بتاعها معرفة كويسه، فده.. ده اللي كان يهمه بالدرجة الأولى إنه يصل إلى نتائج، لأن أي نتائج إيجابية بتحصل زي مثلاً النهار ده لما بيروح ياسر عرفات أو (رابين) ويعملوا في البيت الأبيض والرئيس (كلينتون) واقف وراهم. الرئيس (كلينتون) ماحضرش حاجة من الاتفاقيات ولا حاجة أبداً، إنما بتلعب نقطة شخصية لنجاح الرئيس اللي موجود، خاصة إن (كارتر) لما قام بالدور ده كان في السنة الأولى لحكمه، والسنة الأولى عادة ما بيدخلش الرؤساء بالكيفية دي، ولا بالمدى ده، ولا بيشتركوا في المفاوضات، وعشان كده أن باقول الرئيس (كارتر) لعب دور إيجابي كبير جداً..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
في المفاوضات فيما بعد.
د. مصطفى خليل:
في المفاوضات، لأن أنا قلت لسيادتك إن البند الخاص بأولوية الالتزامات أنا لم أوقعه..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنا لسه دكتور هاجي بالتفصيل في الحلقة القادمة لهذا الدور الذي قمت به، لكن أنا الآن في قضية اختيارك رئيس للوزراء، في الحلقة القادمة -اسمح لي– في الحلقة القادمة –اسمح لي– أبدأ بطريقة اختيارك رئيس للوزراء، كيف عرضت عليك الوزارة؟ والدور الذي كنت تتوقع القيام به، وعملية التفاوض التي قمت بها مع الإسرائيليين حتى توقيع اتفاقية السلام في 26 مارس 1979م، شكراً جزيلاً يا دكتور.
د. مصطفى خليل:
شكراً.
أحمد منصور:
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة –إن شاء الله– نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire