- واقع إسرائيل والمشكلات التي تواجهها
- سقوط التابوهات وإرهاصات النهاية
- بذور الانهيار والتحديات القادمة أمام إسرائيل
- مقومات البقاء وسيناريوهات الانهيار
أحمد منصور
عبد الوهاب المسيري
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحييكم على الهواء مباشرة من القاهرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود. ستون عاما مضت على اغتصاب إسرائيل لفلسطين لكن الاحتفالات الإسرائيلية التي بدأت لم تتحدث عن الفرحة والانتصارات بقدر ما تحدثت عن التهديدات والمخاطر والمخاوف من زوال الدولة التي قامت على أنقاض فلسطين، ففي استطلاع للرأي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أول أمس الاثنين فقط تراوحت آراء 22% من الإسرائيليين بين اعتقادهم أن إسرائيل ستتدهور تدريجيا إلا أنها ستتدهور سريعا حتى تزول، بينما قال 30% إنهم يشعرون بالخجل من كونهم إسرائيليين، بينما قال 52% إنهم مستعدون لمغادرة إسرائيل، أما الذين يشعرون بالأمن فإنهم لا يزيدون عن 4% فقط من عدد الإسرائيليين. بينما بدأ مؤرخون وعلماء اجتماع وفلاسفة وروائيون وصحفيون وفنانون وسينمائيون إسرائيليون بمناقشة المحرمات التي قامت عليها إسرائيل مثل المحرقة وقيام
الدولة ومستقبل إسرائيل، بينما تتنبأ دراسات وأبحاث بأن عمر المشروع الصهيوني لن يزيد على عشرين عاما قادمة. وفي هذه الحلقة نحاول التعرف على مستقبل وإرهاصات النهاية للدولة اليهودية التي يتحدث عنها المؤرخون والمثقفون الإسرائيليون وذلك في حوارنا مع أحد أبرز المبشرين بنهاية إسرائيل وزوالها، المؤرخ والمفكر المتخصص في الحركة الصهيونية الدكتور عبد الوهاب المسيري. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الإتصال بنا على أرقام هواتف البرنامج التي ستظهر تباعا على الشاشة، دكتور مرحبا بك.
عبد الوهاب المسيري: أهلا.
واقع إسرائيل والمشكلات التي تواجهها
أحمد منصور: كيف تنظر إلى واقع إسرائيل في ذكرى مرور ستين عاما على اغتصابها لفلسطين؟
عبد الوهاب المسيري: الواقع متدهور جدا، وأنا دائما مصادري ليست الصحف العربية ولا بقدر الإمكان الأميركية، مصادري دائما الصحف الإسرائيلية والمعلومات موجودة خلاص، دلوقت القدس العربي بتترجم الهآرتس في طبعة بالإنجليزي، جيروسالم بوست طبعة بالإنجليزي بمعنى..
أحمد منصور(مقاطعا): هل الصحف الإسرائيلية تعكس حقيقة الواقع الإسرائيلي أم أنها الصراعات بين اليمين واليسار والأشكناز والسفرديم وغيرها تلعب دورا في بعض التقارير؟
عبد الوهاب المسيري: الصحف الإسرائيلية تعكس الفوضى الإسرائيلية، لكنها بالمناسبة من أكثر الصحف حرية في العالم، بمعنى أن هامش الحرية بالنسبة للصحف الإسرائيلية شيء مدهش للغاية، وبالتالي فهي مصدر خصب للغاية للمعلومات.
أحمد منصور: تحدثت عن كم هائل من المعلومات يتحدث عن الواقع المتدهور في إسرائيل، هل يمكن أن توجز لي أهم المشكلات التي تواجهها إسرائيل في هذه المرحلة؟
عبد الوهاب المسيري: سأحاول الإيجاز وإن كان المسألة صعبة لأن المشاكل كثيرة جدا، من أهم المشاكل ما أسميه سقوط الإجماع الصهيوني..
أحمد منصور(مقاطعا): ما معنى سقوط الإجماع الصهيوني؟
عبد الوهاب المسيري: كان يوجد إجماع أن فلسطين أرض بلا شعب وإن كان فيها شعب فيمكن تهميشه وأن اليهود شعب، ما حدث أنه ثبت أن فلسطين أرض فيها شعب متماسك ومقاوم وأن اليهود لا يشكلون شعبا، وبالتالي لم يهاجم وظلت الغالبية الساحقة ليهود العالم خارج إسرائيل.
أحمد منصور: هل هذا ما يدفع بعض اليهود إلى الإعلان الآن عن القبول بدولتين وضرورة أن يكون الفلسطينيون لهم وطن وهذه الأشياء؟
عبد الوهاب المسيري: نعم هو ظهر نوعان من الصهيونية ما يسمى Zionism territorial أي صهيونية الأراضي و Sociological or Demographical Zionism اللي هي الصهيونية السوسيولوجية أو الديموغرافية.
أحمد منصور: طيب لو عدنا، حتى لا نغرق في الموضوع، تحدثنا عن أهم مشكلة وهي سقوط الإجماع الصهيوني، ثانيا؟
عبد الوهاب المسيري: ثانيا فشل أتون الصهر، يعني التصور الصهيوني كان أنه سيأتي المهاجرون من الخارج فيتم صهرهم في المواطن الإسرائيلي الجديد يسمونه العبراني الجديد، بمعنى أنه هو آخر اليهود وأول العبرانيين، هذا لم يحدث..
أحمد منصور(مقاطعا): ثالثا؟
"
الانقسام الديني العلماني يزداد تطرفا وانقساما لدرجة أن بعض الحاخامات يقولون إنه يوجد الآن يهوديتان وليس يهودية واحدة، والعلمانيون الآن لا يكترثون باليهودية ولذلك يطرحون ما يسمونه التهويد العلماني
"
عبد الوهاب المسيري: ثالثا الانقسام الديني العلماني يزداد تطرفا ويزداد انقساما لدرجة أن بعض الحاخامات يقولون إنه يوجد الآن يهوديتان وليس يهودية واحدة، العلمانيون لا يكترثون باليهودية ولذلك يطرحون ما يسمونه التهويد العلماني، لأنه يوجد في إسرائيل الآن ما يقرب من نصف مليون مواطن بين قوسين أو مستقر فيها لا علاقة لهم لا باليهود ولا باليهودية، فيوجد 250 ألف عامل من أوروبا الشرقية و250 ألف مهاجر من الاتحاد السوفياتي..
أحمد منصور(مقاطعا): وهؤلاء في التعداد وفي كل شيء يدخلونهم على أنهم يهود ومن سكان إسرائيل؟
عبد الوهاب المسيري: بالذات اليهود السوفيات، دول لا يؤمنون بشيء، فالعلمانيون يطرحون ما يسمونه التهويد العلماني، هؤلاء مستعدون أن يتزوجوا من إسرائيليات وإسرائيليين ويربطوا مصيرهم بمصير دولة إسرائيل دون الإيمان باليهودية.
أحمد منصور: إشكالية من هو اليهودي لا زالت قائمة بعد ستين عاما من قيام الدولة؟
عبد الوهاب المسيري: آه بشكل غير عادي في الواقع يعني..
أحمد منصور(مقاطعا): يقولون إن هناك مقابر لا يدفن فيها هؤلاء، الحاخامات لا يقبلون الصلاة عليهم ولا يدفنونهم في مقابر اليهود رغم أنهم يقولون إنهم يهود؟
عبد الوهاب المسيري: إشكالية من هو اليهودي هذه إشكالية بدأت مع بداية الدولة وتم التعتيم عليها لكنها تتصاعد يوما بعد يوم. هناك أيضا بقى مشاكل أخرى أكثر أهمية وهي مشكلة المادة الاستيطانية، إسرائيل دولة استيطانية مبنية على القتال والعنف، وبالتالي لا بد أن يكون هناك باستمرار مهاجرون حتى تدور آلة الحرب، اللي حصل أنهم لا يأتون من الولايات المتحدة ولا من أوروبا الشرقية ولذلك يتم استيراد الفلاشة، مثلا، المؤسسة الحاكمة تدير رأسها بعيدا عن أن الاتحاد السوفياتي يصدر لها مسيحيين.
أحمد منصور: المكتب المركزي للاحصاء في إسرائيل أصدر تقريرا أول أمس فقط 5 مايو الجاري قال فيه، إن تدفق اليهود المهاجرين على إسرائيل قد تراجع بشكل كبير للغاية في ذكرى مرور ستين عاما على قيامها حيث لم يزد عدد الإسرائيليين الذين هاجروا إليها في العام 2007 عن 20 ألفا وهو ما يعادل النسبة التي كانت قبل سقوط الاتحاد السوفياتي، وإن إسرائيل تكثف محاولاتها من أجل استقطاب مزيد من اليهود. ما هي طبيعة الدور الذي لعبته الهجرة في قيام الدولة وطبيعة الدور الذي يقوم به الآن تقلص الهجرة في تهديد مستقبل الدولة؟
عبد الوهاب المسيري: نحن عندنا مثل الممالك الصليبية، ما قضى عليها هو أن الهجرة من الغرب توقفت، لأن الجيوب الاستيطانية تحتاج دائما إلى هجرة، الهجرة بتديها خبرة، رأس مال، وفي نهاية الأمر المادة القتالية، بتراجع هؤلاء تواجه أزمة. ومن هنا استيراد الفلاشة، الفلاشة ليسوا يهودا، الفلاشة من المسيحيين وبعضهم مسلمين، يعني صدرت مقالات تتحدث عن الفلاشة السنيين، لأن بعضهم ينزل من الطائرة ويصلي أمامهم..
أحمد منصور(مقاطعا): يصلي صلاة مسلمين؟
عبد الوهاب المسيري: آه، وأخيرا لما لقوا المسألة بتهددهم الحاخامية أصدرت قرارا أن الفلاشة ليسوا يهودا.
أحمد منصور: لكن إسرائيل تسعى لاجتذاب فئات جديدة من المهاجرين، الآن تعرض إغراءات مالية 60 ألف دولار لكل من يهاجر الآن إلى إسرائيل في ذكرى مرور ستين سنة، امتيازات اجتماعية أيضا، أما يساعد ذلك إسرائيل على محاولة استقطاب نوعيات جديدة من اليهود أو من هؤلاء الذين تقول حتى من المسليمن الذي يحسبون على اليهود لزيادة أعداد الدولة؟
عبد الوهاب المسيري: هم يحلون بعض المشاكل لكن تنشأ مشاكل أكثر أهمية.
أحمد منصور: مثل؟
عبد الوهاب المسيري: مثل وجود كتل زي اليهود السوفيات متمسكين بروسيتهم متمسكين بتراثهم الروسي يرفضون تعلم العبرية، مما يهدد هذه الدولة التي نسميها..
أحمد منصور(مقاطعا): نسبتهم عالية في المجتمع الإسرائيلي؟
عبد الوهاب المسيري: نعم، نعم، في الواقع أكثر القطاعات نشاطا قطاع بناء الكنائس الأرثوذوكسية في إسرائيل.
أحمد منصور: الكنائس الأرثوذوكسية المسيحية؟
عبد الوهاب المسيري: نعم، فهذه مسائل والفلاشة أيضا دلوقت أصبح لهم ما يقرب الخمسين ألفا أعلن أنهم ليسوا يهودا لكن خلاص أصبحوا موجودين.
أحمد منصور: هناك معدلات مرتفعة أيضا في الهجرة المعاكسة من إسرائيل للخارج، عدد المهاجرين الإسرائيليين خارجها يقدر حسب وزارة الهجرة الإسرائيلية في تقرير صدر قبل أيام بـ700 ألف إسرائيلي، منهم 450 ألفا يقيمون في الولايات المتحدة والباقون منتشرون في أنحاء العالم، ويقولون إن الهجرة إلى الخارج المعاكسة من إسرائيل في زيادة مضطردة، والمسؤولون والأغنياء الإسرائيليون أصبحوا يبحثون عن شراء بيوت في الخارج وترتيب أبنائهم أيضا للهجرة، هذه المعلومات إن صحت معلومات خطيرة على مجتمع قائم على الاستيطان.
عبد الوهاب المسيري: نعم لكن هو مش 700 ألف هم أكثر من ذلك بكثير، لأن منذ عشرة أعوام كانت 500 ألفا وفي وقت كان يوجد ازدهار، الآن مع تصاعد المقاومة أنا بعتقد أن العدد يزيد عن المليون..
أحمد منصور(مقاطعا): مليون يعني 20% من عدد سكان إسرائيل.
عبد الوهاب المسيري: نعم ولذلك ظهرت مقالة في الصحف الإسرائيلية تسمى الخروج الثاني، كلمة الخروج في التراث اليهودي هي الخروج من مصر إلى إسرائيل، أما الخروج الثاني فهو الخروج من أرض الميعاد إلى خارجها، فيعني باستخدام اللغة كوميدية بعض الشيء، فهو مليون وده يهدد الدولة الصهيونية دون شك.
أحمد منصور: إيه طبيعة التهديد؟
عبد الوهاب المسيري: أنه في نهاية الأمر.. بس وعلى فكرة قرار النزوح الذي لم يكن مقبولا اجتماعيا أصبح مقبولا اجتماعيا..
أحمد منصور(مقاطعا): النزوح من إسرائيل للخارج؟
عبد الوهاب المسيري: آه دلوقت تنزل إعلانات عن شقة يريد أن يبيعها مستوطن إسرائيلي يود الهجرة.
أحمد منصور: نوعية المهاجرين هؤلاء من الأغنياء من المتعلمين من.. لا، في 450 ألف منهم في الولايات المتحدة وحدها؟
عبد الوهاب المسيري: نعم من ذوي الكفاءات، لهذا المجتمع الغربي ممكن يستوعبهم.
أحمد منصور: تقرير نشرته يديعوت أحرونوت أول أمس أيضا أن -أنا حريص أن المعلومات أيضا تكون معلومات حديثة- بمناسبة مرور ستين عاما، قالت إن 52% من الإسرائيليين لا يستبعدون الهجرة من إسرائيل، 24% من الإسرائيليين يشعرون بفقدان الثقة بمستقبل إسرائيل وإن هذا يمكن أن يدفعهم إلى مغادرتها، 22% فقط اللي بيقولوا نحن قاعدين مش حنغادر، ما قراءتك لهذا الاستطلاع؟
عبد الوهاب المسيري: سترى 22% لهؤلاء من الفلاشة والسفرديم الذين لا يمكن للمجتمعات الغربية استيعابهم، أما الباقون فهم من ذوي الكفاءات الذين يريدون اللغات الأجنبية ويمكنهم أن يهاجروا إلى ألمانيا أو الولايات المتحدة الأميركية ويستوعبوا في المجتمع الذي يستفيد من كفاءتهم.
أحمد منصور: وكالة الأنباء الفرنسية نشرت تقريرا أيضا قبل يومين قالت فيه وبمناسبة الذكرى الستين لقيام إسرائيل، إن نسبة الذين يشعرون بالأمن في المجتمع الإسرائيلي لا يزيدون عن 4% من السكان، دولة 96% من سكانها، دولة نووية تملك جيشا من أقوى الجيوش في العالم ومجتمع معسكر ومع ذلك 96% لا يشعرون بالأمن.
عبد الوهاب المسيري: هذه إحدى إنجازات المقاومة التي لا ننوه بها بما فيه الكفاية، إن المقاومة أرسلت رسالة مسلحة للمستوطنين الصهاينة أنه لا علاج، أنه نحن هنا نحن باقون نحن نقاوم وكلما ازداد البطش ازدادت المقاومة، لكن بقى في عنصر أساسي..
أحمد منصور(مقاطعا): ما هو؟
عبد الوهاب المسيري(متابعا): أن معظم من هاجروا حتى من الرعيل الأول، هاجروا لأسباب نفعية..
أحمد منصور(مقاطعا): من الإسرائيليين؟
عبد الوهاب المسيري: يعني ما كانوش إسرائيليين وأنا لذلك بسميها صهيونية المرتزقة، لأنها ليس لها أساس إيديولوجي، هم هاجروا لرفع مستواهم المعيشي وهكذا وبالتالي فلما ينخفض المستوى المعيشي أصبح الاستيطان في فلسطين ليس له أي معنى على الإطلاق.
سقوط التابوهات وإرهاصات النهاية
أحمد منصور: طيب الكلام عن أرض الميعاد والعودة إلى أرض الأجداد واستخدام الكهنة والحاخامات والقراءات التوراتية، أين كل هذا في ظل أنك تقول إن القضية قضية مصلحية وقضية مصالح؟
عبد الوهاب المسيري: أنا أرى كل العبارات اليهودية هذه عبارة عن ديباجات تضفي شرعية على الفعل الاستعماري الاستيطاني الإحلالي.
أحمد منصور: أنت كده متفق مع ناطوري كارتا وكأنك يعني أنت وهم.. كان لدينا في الأسبوع الماضي المتحدث الرسمي الحاخام ديفد وايز وقال نفس الكلام بالضبط.
"
قاعدة الاستعمار الغربي قائمة على الصهيونية المرتزقة والمعيار الأساسي لديهم قائم على المنفعة المادية، أما الديباجات اليهودية فهي لإضفاء الشرعية على الفعل الاستعماري الإبادي القاتل
"
عبد الوهاب المسيري: نعم هم من أحسن الناس الذين يفهمون إسرائيل منذ البداية، وأنا تعرفت عليهم في الستينيات وأدركت تماما معنى إسرائيل الحقيقي، ونزعوا عني أوهام التوراة والتلمود والبروتوكولات وما شابه، هذه قاعدة للاستعمار الغربي مؤسسة على صهيونية المرتزقة، المعيار الأساسي هو المنفعة المادية لكل من المستوطنين وللعالم الغربي أما الديباجات اليهودية فهي لإضفاء شرعية على هذا الفعل الاستعماري الإبادي القاتل.
أحمد منصور: أنت أكدت على أننا نحن العرب أو الصحف أو الإعلام العربي لا يعطي قيمة لدور المقاومة في تأزيم المجتمع الإسرائيلي وفي هذه النتائج المرعبة التي نشرتها الصحف والمصادر الإسرائيلية، لكن الإسرائيليين أنفسهم يتحدثون عن هذا، على سبيل المثال إفرايم كام الخبير الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الحربية قال في تقرير نشر قبل يومين أيضا إن المشاكل الشائكة التي تواجهها إسرائيل هي التهديد الإيراني، استمرار الاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية، النمو السريع للسكان، تصاعد قوة حركة حماس في غزة واستمرار إطلاق الصواريخ.
عبد الوهاب المسيري: نعم يعني هو التفكر الإستراتيجي العسكري في إسرائيل توصل إلى أنه لا يوجد حل لقضية المقاومة لدرجة أن زائيف شيف قال ساخرا إنهم غير قادرين على رصد صواريخ القسام بسبب بساطتها، فاقترح إن إسرائيل تعطيهم صواريخ (سكاد) بدل صواريخ القسام حتى يمكن رصدها والاستجابة لها. فده على فكرة الرأي الإستراتيجي العسكري الآن ومن أهم المؤمنين في هذا فان كريفلد اللي هو يعتبر خبير إستراتيجي عسكري هذا قال إنه لا يوجد حل، لأنه كما يقول لا توجد حركة تحرير قامت دولة عظمى بهزيمتها، وعندنا فييتنام، يعني هل إسرائيل في قوة الولايات المتحدة بآلة البطش؟ ونحن عندنا العراق، لا يوجد حركة تحرير يمكن هزيمتها وبالتالي اقترح اقتراحات طبعا سخيفة لكن نقطة البدء سليمة.
أحمد منصور: في ظل هذا الوضع الذي أثرت فيه المقاومة هناك ظاهرة أيضا في الجيش الإسرائيلي تتصاعد يوما بعد يوم، تقارير كثيرة تتحدث عنها هي ظاهرة الهروب من الخدمة العسكرية، ظاهرة نفسية الجندي الإسرائيلي المنهزمة. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غابي أشكنازي قال في خطاب ألقاه في مقر سلاح الجو الإسرائيلي في 21 يوليو الماضي، إن ظاهرة التهرب من الخدمة العسكرية تنهش المجتمع والجيش في إسرائيل، لماذا لم يعد الأبناء حريصين على ما بناه الآباء بالنسبة لإسرائيل؟ الإسرائيليون الأوائل أو الذين جاؤوا في البداية، عصابات الهجناء كانوا يقاتلون بشراسة كانوا مدربين في الحرب العالمية الثانية، الآن الأبناء ينهشون في المجتمع والجيش كما قال، ما أثر هذا على هذه الدولة القائمة على العسكر؟
عبد الوهاب المسيري: الدولة الصهيونية نجحت حتى عام 67 في اقناع الشباب الإسرائيلي أنهم يدخلون في حرب ليست من اختيارهم دفاعا عن النفس وبهذه الطريقة يمكن تجنيد البشر، لكن بعد 67 المسألة اختلفت خاصة وأن تبين شيء على الكثيرين اللي بيجوا أن بعد 67 منحنى الانتصار الإسرائيلي اختفى وبدأ منحنى الهزيمة، سواء حرب الاستنزاف، حرب 73، احتلال لبنان والانسحاب منها، الانتفاضة الأولى، الانسحاب من جنوب لبنان، الانتفاضة الثانية ثم توج كل هذا بالحرب السادسة اللي هي الحرب مع حزب الله، هذه سلسلة هزائم وحينما نضعها في إطار نمط يمكن فهمها، إلى جانب بقى أن الشباب الإسرائيلي أدرك أن غزو لبنان مثلا لم يكن حرب اختيار، دي مسألة هي الدولة الصهيونية كدولة محتلة نفس الشيء أن يذهب إلى الضفة الغربية ليقتل الأطفال والنساء وأيضا دي مسألة ليست مفروضة على إسرائيل وإنما هي من اختيار المؤسسة العسكرية. إلى جانب بقى أن إسرائيل مثل معظم الدول التي يقال لها متقدمة تتصاعد فيها مستويات التوجه نحو اللذة يعني اللي بيسموها حضارة الأنا، وده منتشر جدا في إسرائيل وحضارة الأنا هذه أن الإنسان لا يكترث بالمثاليات ولا ولا.. حتى بيسموا الشباب الإسرائيلي الإكسبريسو بيقعدوا بيشربوا إكسبريسو ويتكلموا كلام فارغ، ولذلك يلاحظ مثلا.. وفي أزمة المعنى لأن في المجتمعات العلمانية أعتقد العلمانية تجيب على الأسئلة المادية لكنها لا تجيب على الأسئلة الكبرى، لماذا أنا هنا؟ ما هي النهاية؟ ما معنى حياتي؟ العلمانية لا تعطينا إجابة على هذا، وبالتالي عندما تتصاعد معدلات العلمنة تبدأ أزمة المعنى، كل هذا يؤدي إلى ظواهر مخيفة بالفعل زي الفرار من الخدمة العسكرية وأصبحت بالمناسبة مقبولة اجتماعيا أيضا، يعني ابن أخت موشي ديان في التلفزيون الإسرائيلي أعطى حلقة عن كيفية التهرب من الخدمة العسكري..
أحمد منصور(مقاطعا): كيفية نصائح يعني؟
عبد الوهاب المسيري: أيوه كيف تتصنع الجنون أو كذا.
أحمد منصور: آه هم يعني بعض التقارير اللي قرأتها قالوا كده إن كثيرا منهم يتصنعون الجنون يتصنعون المرض يتصنعون الأعذار من أجل أن يهربوا من الخدمة ولا يقوموا بها.
عبد الوهاب المسيري: نعم خاصة وأن بالفعل أعدادا كبيرة جدا تصاب بأمراض نفسية، دي مسألة معروفة ومعدلات الانتحار عالية جدا عند الجنود الإسرائيليين.
أحمد منصور: هناك تحولات وتابوهات كانت موجودة في المجتمع الإسرائيلي بتسقط الآن أيضا شيئا بعد شيء، مثل المحرقة أصبح حتى الإسرائيليين يتحدثون عن المحرقة يناقشونها، كان ممنوعا النقاش فيها، أصبحوا يناقشون المحرقة، قيام الدولة أصبحوا يناقشون قيام الدولة استمرارية الدولة، يهودية الدولة، مثل هذه الأشياء. وجدت في العدد الأخير من لوموند ديبلوماتيك اللي صدرت الجمعة الماضي، إيريك لورو وهو صحفي فرنسي من أصول يهودية كما هو معروف قال إن في أوساط المثقفين الإسرائيليين خلال الثمانينات شهدت تحولا مهما يتمثل في بروز جيل جديد من الرجال والنساء لا يعرفون المحرقة، ولا يعرفون قيام إسرائيل ولديهم القدرة على محاكمة الماضي والتحرر من الأساطير والتابوهات المحرمة التي ينشرها القادة الإسرائيليون وإن هؤلاء مؤرخون وعلماء اجتماع فلاسفة روائيون صحفيون سينمائيون فنانون. كيف ترصد أنت هذا الحراك داخل المجتمع الإسرائيلي؟ وما هو تأثيره على مستقبل إسرائيل وإرهاصات انهيار الدولة؟ أسمع منك الإجابة بعد فاصل قصير، نعود إليكم بعد فاصل قصير لمتابعة هذا الحوار مع الدكتور عبد الوهاب المسيري حول مستقبل إسرائيل وإرهاصات نهايتها، فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود من القاهرة في هذه الحلقة التي نتناول فيها نهاية إسرائيل حسب المؤرخين والمفكرين أو الكتاب الذين يتناولونها داخل إسرائيل وخارجها. معنا الدكتور عبد الوهاب المسيري المفكر والمؤرخ المتخصص في الحركة الصهيونية. كيف تنظر إلى هذه التحولات والإرهاصات وسقوط المحرمات فيما يتعلق بإسرائيل ووجودها ومستقبلها؟
عبد الوهاب المسيري: ده جزء من حركة عامة في المجتمع الإسرائيلي لأنه بعد سقوط الإجماع الصهيوني الصهيونية أصبحت لا تصلح أن تكون دليلا يهدي الإسرائيليين في تحركاتهم، ويعني هم دائما كما أقول دائما إن الإسرائيليين أصحاب نكتة تماما مثل المصريين فمثلا ضمن الأشياء يقولون إن كلمة تساينوت العبرية بتعني كلام كبير أجوف يلقى على يهود الدياسبرا يعني بمعنى أنها إيه؟ هجص. مثلا واحد ثاني كتب مقالة قال إن كلمة zombie اللي هو الجثة اللي بتتحرك والـ Zionism الاثنين في نفس القاموس مما يعني أنه ثمة علاقة ما. واحد ثالث قال إن يهود الدياسبرا المسنين بيهاجروا إلى إسرائيل وبعضهم بيحب يدفن فيها فبيقولوا إنهم بيعهدوا بحياتهم الدنيوية للولايات المتحدة أما حياتهم الأزلية فعندنا هنا في إسرائيل. بمعنى أنه سقوط الإجماع الصهيوني ظهر ما يسمى ما بعد الصهيونية، كلمة ما بعد في الخطاب الفلسفي الغربي بتعني نهاية، هم يخافون من كلمة نهاية وإن كان ظهرت..
أحمد منصور (مقاطعا): ده في دراسات كثيرة يا دكتور يعني حول هذا الموضوع تحديدا، أنا قرأت مقالين في إطار التحضير، واحدة منشورة في.. كاثلين كريستيسون، هذه محللة في الـ (سي.آي.إيه) سابقا، في زيد نت نشرت مقالا في 2/ أكتوبر 2006 حول الموضوع، يعني عالجت الموضوع بشكل قوي جدا، موضوع ما بعد الصهيونية ونهاية إسرائيل. بعض المؤرخين اليهود أيضا يوسي أميناي في 9/ سبتمبر الماضي في صحيفة الحياة كتب مقالا أيضا حول الموضوع قال إنه سيحدث تقلص لتصبح إسرائيل أكثر قليلا من حكم ذاتي وأقل قليلا من دولة. مركز الدراسات الإستراتيجية والتقنية في موسكو نشر تقريرا في منتصف أبريل الماضي قال فيه إن المشروع الصهيوني سوف ينهار خلال عشرين عاما. هذه مصادر غربية كلها يهود، أميركان، سوفيات يتنبؤون بسقوط إسرائيل بنهاية المشروع الصهيوني وهذا كان لا أحد يتحدث عنه من قبل.
عبد الوهاب المسيري: آه ولو أنه الموضوع كان.. يعني مثلا برضه مجلة أتلانتيك منثلي العدد القادم كمان أسبوع بتتحدث أيضا عن نهاية إسرائيل. في الواقع موضوع نهاية إسرائيل مطروح قبل إنشاء الدولة، يعني كثير من المفكرين الصهاينة الذين عاشوا مع الاستيطان أدركوا أن القضية مستحيلة وبعضهم حاول يحل المشكلة من البداية وأخفق لأنهم أدركوا أنهم أمام شعب مناضل وفي ذلك على فكرة بن غوريون، بن غورين له عبارة خطبة في غاية الجمال يجب على الإعلام العربي أن يستخدمها، تسمح لي أقرأها؟
أحمد منصور: لا، خطبة كاملة يعني سطرين كده، بن غورين مؤسس إسرائيل.
عبد الوهاب المسيري: يعني سطرين كده، يعني هو بيقول ببساطة شديدة إنه إحنا لسنا أمام عمليات إرهابية، نحن أمام شعب يدافع عن حقوقه..
أحمد منصور (مقاطعا): أظن قال ده بعد سنتين فقط من قيام إسرائيل.
عبد الوهاب المسيري: لا، قبل في الثلاثينيات، ونفس الشيء بنسفي قاله ونفس الشيء قاله كثير ممن لهم علاقة بالاستيطان.
أحمد منصور: عكيفا الدار هذا من المحللين المشهورين في الصحافة الإسرائيلية يكتب بشكل دائم في شؤون المجتمع الإسرائيلي قال في مقال نشر قبل يومين فقط "لقد ورثت عن والدي دولة معجزة لكني سأترك لأولادي علامة استفهام كبيرة".
بذور الانهيار والتحديات القادمة أمام إسرائيل
عبد الوهاب المسيري: لا، هي أكثر من علامة استفهام في الواقع، هي جرثومة، النهاية كامنة في إسرائيل، دولة عنصرية تعاني من مشكلة ديموغرافية، العرب يتكاثرون واليهود يتناقص عددهم من خلال النزوح من خلال انقطاع الهجرة من خلال الإحجام عن الإنجاب لأنه مع تصاعد معدلات اللذة الإنسان عادة ما يحجم عن الإنجاب لأن الزواج والإنجاب ده عملية برضه اجتماعية..
أحمد منصور (مقاطعا): طيب بس فيها لذة برضه؟
عبد الوهاب المسيري: آه ما فيها لذة لكن لو هو الهدف الوحيد هو اللذة..
أحمد منصور (مقاطعا): تصبح الأنانية واللذة فقط وليس ما بعدها. نيويورك تايمز، هناك ظاهرة أيضا خطيرة جدا داخل المجتمع الإسرائيلي، أنا الحقيقة لم أتوقعها حتى وأنا يعني أدرس الموضوع، وهي الفقر، في دولة ينظر لها على أنها أغنى دول المنطقة فيها دولة رفاهية إسرائيل دولة متقدمة دولة كذا، نسبة الفقر بلغت 60% في وسط اليهود الأرثوذوكس حسب دراسة نشرت في ديسمبر الماضي في النيويورك تايمز. في 16 مارس الماضي قالت يديعوت أحرونوت أن نسبة الفقر في المجتمع الإسرائيلي تصل إلى 25%. أثر ارتفاع معدلات الفقر داخل دولة كانت دولة رفاهية مثل إسرائيل إيه على مستقبلها؟
عبد الوهاب المسيري: أصل العولمة والخصخصة أدت إلى هذا، يعني قبل ذلك كان هناك اقتصاد استيطاني بيضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد لكن مع دخول إسرائيل في عالم العولمة والخصخصة بدأ يحدث فيها الاستقطاب الطبقي الذي نراه في معظم المجتمعات العربية أيضا. أصل رأس المال لا يعرف الإنسانية ولا الشرف ولا الكرامة، رأس المال يعرف شيئا واحدا وهو الربح، السوق الحر نفس الشيء وهذا ما يحدث في إسرائيل، يعني عدد المليونيرات يتزايد وعدد الفقراء يتصاعد وده بيقوض أيضا الأيديولوجية الصهيونية.
أحمد منصور: اسمح لي ببعض الأسئلة من المشاهدين. محمد أحمد من المغرب، سؤالك يا أخ محمد.
محمد أحمد/ المغرب: مساء الخير.
أحمد منصور: مساك الله بالخير يا سيدي.
محمد أحمد: شكرا لاستضافة الدكتور عبد الوهاب المسيري. سؤالي من هو مانديلا الفلسطينيين؟ وما هي العلاقة بين الأبارتيد والنظام الصهيوني في فلسطين المحتلة؟ شكرا جزيلا.
أحمد منصور: شكرا لك. محمد سعد من الأردن، سؤالك يا أخ محمد.
محمد سعد/ الأردن: السلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام ورحمة الله.
محمد سعد: أستاذ أحمد يسعدني أن أشارك.. وأدخل في السؤال مباشرة..
أحمد منصور (مقاطعا): أرجو أن تخفض صوت التلفزيون وتسأل سؤالك.
محمد سعد: سؤالي للدكتور أني حابب أن أربط ما بين عنوان الحلقة اللي هو عن زوال إسرائيل وحداثة المقاومة اللي إحنا منحكي عنها أنه صواريخ سكود وتبديلها وإلى آخره. السؤال أنه هل يعني حداثة الصواريخ هذه مذكورة في زوال إسرائيل منذ قدم طبعا؟ نحن نعرف أنه ربنا حتى سبحانه وتعالى حدثنا عن زوال إسرائيل قد ما يعلو في الأرض والبنيان وبالأخير راح تزول إسرائيل إن شاء الله. ما هو الربط ما بين حداثة المقاومة الحديثة ومنعرف أن المقاومة من قدم الزمن ما بين الانتفاضة وما بين الصواريخ وإلى آخره الربط ما بين عنوان الحلقة زوال إسرائيل...
أحمد منصور (مقاطعا): شكرا لك يا أخ محمد، شكرا. هيثم عبد الحميد من مصر.
هيثم عبد الحميد/ مصر: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله. سؤالك يا هيثم.
هيثم عبد الحميد: أنا كان سؤالي للدكتور عبد الوهاب الحقيقة على مدى مصداقية بروتوكولات حكماء صهيون اللي هو تكلم عنها بالموسوعة بتاعته وهل هي فعلا كتبت بأيدي الحاخامات اليهود ولا لا؟ السؤال الثاني بسرعة جدا لو يقدر يحط لنا مواطن الضعف في المواطن الصهيوني؟
أحمد منصور: شكرا لك يا هيثم. عبد القادر حرش من ألمانيا، سؤالك يا عبد القادر.
عبد القادر حرش/ ألمانيا: تحياتي أستاذ منصور ولضيفك الأستاذ عبد الوهاب. هل يوافقني بأن مشكلة الصهيونية هي أنهم لا يبتدئون من 1897 الحركة الصهيونية وإنما يبدؤون من الـ 67 وما أدراك يعني الحديث دائما؟ هل يوافقني بأن لو الساسة العرب يبتدئون بالحوار من سنة 1897؟ هذه واحدة. هل يوافقني بأن أدولف هتلر خدم الصهيونية خدمهم خدمة لولا ما زجوا به يعني جابوه وظفوه ليقتل...
أحمد منصور (مقاطعا): شكرا لك يا عبد القادر، شكرا لك. ما هي مواطن الضعف في المواطن الصهيوني؟
عبد الوهاب المسيري: إحنا تحدثنا عن التوجه نحو اللذة والالتفاف حول الذات دي هي موطن الضعف الأساسي أنه لا يؤمن بأي مثاليات بما في ذلك المثاليات الصهيونية ولذلك هو يبحث عن بحبوحة العيش أينما كانت.
أحمد منصور: مدى مصداقية البروتوكولات؟
عبد الوهاب المسيري: دي أنا مسألة يعني.. شوف أبسط ما في الموضوع أنها كتبت بالروسية، يهود روسيا كانوا لا يعرفون الروسية كانوا يعرفون الييديشه ولو كان الحاخامات هم الذين كتبوها لكتبوها بالييديشه أو بالآرامي التي كانت تجهلها البيروقراطية الروسية.
أحمد منصور: هل خدم أدولف هتلر اليهود بما فعله فيهم؟
عبد الوهاب المسيري: نعم.
أحمد منصور: كيف؟
عبد الوهاب المسيري: خدم مش اليهود، الصهيونية، حتى العبارة تقول يعني إذا كان هرتزل هو ماركس الصهيونية فهتلر هو لينين، لأنه هو عن طريق اضطهادهم والتعاون مع النازيين.. مع الصهاينة في نفس الوقت جعل يعني عدد اليهود المستوطنين في فلسطين كان ثلاثمائة ألف قبل وصول هتلر للحكم، مع وصوله للحكم زاد العدد بشكل غير عادي وتم بقى تصدير رأس المال من خلال اتفاقية الهافرا التي عقدت مع اليهود المستوطنين الصهاينة.
أحمد منصور: نبيل بيومي من إيطاليا، سؤالك يا نبيل.
نبيل بيومي/ إيطاليا: السلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام ورحمة الله، سؤالك.
نبيل بيومي: سؤالي في منتهى البساطة، من سيسقط قبل الآخر هل الأنظمة العربية أم الدولة الإسرائيلية؟ هذا سؤالي.
أحمد منصور: سؤال مهم يا دكتور، رأيك إيه؟
عبد الوهاب المسيري: لا، يعني لا يوجد مجال للمقارنة بين الواحد والآخر، يعني أنا بأتمنى سقوط كل النظم العميلة لكن يجب ألا نربط بين إسرائيل والدول العربية، إسرائيل دولة استيطانية ولها سماتها الخاصة وظهورها وتطورها وسقوطها يجب أن يدرس في إطار التجارب الاستيطانية، أما البلاد العربية فهي بلاد مستقرة وليست بلادا استيطانية، الفساد يضرب فيها والعمالة وكل شيء وبالتالي يجب أن تدرس في إطار الدول المستقرة زي الدول الأفريقية النخب الحاكمة فيها فاسدة مثلا.
مقومات البقاء وسيناريوهات الانهيار
أحمد منصور: متى تصبح إسرائيل عاجزة عن البقاء؟
عبد الوهاب المسيري: هي مقومات الحياة في إسرائيل ليست في من داخلها وإنما من خارجها، ويوجد عنصران أساسيان هما الدعم الأميركي بلا حدود والثاني الغياب العربي أيضا بلا حدود، هذان العنصران هما اللذان يضمنان بقاء إسرائيل واستمرارها.
أحمد منصور: سمير محمد من العراق، سؤالك يا سمير.. محمد إبراهيم من السعودية، سؤالك يا محمد.
محمد إبراهيم/ السعودية: السلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام. تفضل يا محمد سؤالك.
محمد إبراهيم: بس سؤالي، إزاي إحنا كشباب عرب ومسلمين إزاي نقدر نسرع بسقوط دولة إسرائيل؟ يعني دورنا إحنا إيه، نعمل إيه؟ شكرا.
أحمد منصور: سؤال مهم، كيف يستطيع الشباب العرب التسريع بإنهاء دولة إسرائيل وتفكيكها؟
عبد الوهاب المسيري: هو حركات المعارضة في العالم العربي بدأت تنهض وبأعتقد أنها يمكن تقوم بنشاطات كثيرة مثل تفعيل المقاطعة خارج نقاط الحكومات الخائفة من الولايات المتحدة، ممكن الضغط على الدول والنخب الحاكمة لمساعدة المقاومة وأهل غزة، يعني يوجد أشكال كثيرة وأنا بأقترح عقد مؤتمر من المتخصصين لدراسة هذه القضية كيف يمكن للشباب وللجمهور العادي أن يساهم ويتجاوز النخب الحاكمة الخائفة والمهرولة.
أحمد منصور: ما شكل التفكك أو الانهيار الذي يمكن أن تكون عليه الدولة اليهودية؟ هل النموذج السوفياتي أم نموذج ألمانيا الشرقية، نموذج شاوسيسكو، نموذج جنوب أفريقيا؟ إيه الشكل، ولا هو كل نموذج فريد من نوعه غير مسبوق؟
عبد الوهاب المسيري: لا، يعني أنا بأعتقد لما نضعها في إطار الجيوب الاستيطانية ممكن أن نبدأ بالفهم، وأعتقد أن آخر النماذج هو نموذج جنوب أفريقيا أن النخبة الحاكمة البيضاء والأقلية البيضاء أصابها الإجهاد وبعض أن سجنت مانديلا عشرات السنين أخرجته لتتفاوض معه وتم فك الإطار العنصري.
أحمد منصور: معنى أنه حيكون مانديلا فلسطيني كما قال السائل للتفاوض معه؟
عبد الوهاب المسيري: هو ليس بالضرورة مانديلا ولكن يوجد مقاومة مستمرة لم تتوقف والاستعداد..
أحمد منصور (مقاطعا): هناك أصوات داخل المجتمع الإسرائيلي الآن حتى من مسؤولين إسرائيليين تطالب بالتفاوض مع حماس.
عبد الوهاب المسيري: بالضبط. وبالمناسبة أنا الشهرين الماضيين كنت متعبا فلم أطالع الصحف الإسرائيلية طالعتها منذ يومين أو ثلاثة فوجئت بعدد المقالات اللي عن نهاية إسرائيل والمقالات التي تطالب بالتفاوض مع حماس.
أحمد منصور: أنا أيضا فوجئت لأنه يبدو أن الصحافة العربية مشغولة بالهم الداخلي أو الحكومات العربية شغلتها بالهم الداخلي حتى صارت لا تفكر فيما يكتب داخل إسرائيل وعن أن إسرائيل دولة، كما يقول أو كما يحذر الإسرائيليون، فعلا في طريقها من خلالهم إلى النهاية. مثلا إبراهيم بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي الأسبق لا زال يثير زوابعا في إسرائيل من خلال حديثه عن نهاية الصهيونية وعن نهاية الدولة اليهودية التي وصفها بالعنصرية والبلطجة والإمبريالية وقال إنها لا تختلف عن ألمانيا عشية وصول هتلر إلى الحكم. مثل هذه الكتابات داخل المجتمع الإسرائيلي من شخصيات كانت تحتل مناصب مرموقة هل هي لتصفية حسابات داخلية أم أنها تعكس حقيقة موجودة داخل إسرائيل ومجتمعها؟
عبد الوهاب المسيري: أنت تحدثت عن عدم طمأنينة الإسرائيليين.
أحمد منصور: 96% غير مطمئنين، لا يشعرون بأمان.
عبد الوهاب المسيري: آه، إبراهيم بورغ بيعبر عن هذا أنه بيحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه وبالتالي هي ليست تصفية معارك داخلية وإنما هي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أحمد منصور: الآن كثير من القيادات الإسرائيلية تتهم بالفساد وبالرشى، رؤساء وزارات حتى الآن أولمرت في أي لحظة بين لحظة وأخرى ربما يعني، وبيفتحوا لهم ملفات قديمة يعني كان رئيس بلدية. المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل بارزوهر المتخصص في كتابة السير الذاتية للقيادات الصهيونية عبر في منتصف أبريل الماضي عن قلقه من مستقبل إسرائيل بسبب ضعف القيادات وتغيرها للأسوأ مقارنة بالمؤسسين والآباء الأوائل للدولة الصهيونية.
عبد الوهاب المسيري: نعم، أنا في إحدى دراساتي بينت أنه ثمة انتقال تم من الحرس القديم إلى الحرس الجديد إلى الجيل الجديد، ومع نهاية الجيل الجديد اللي هو باراك ونتنياهو وما شابه يوجد فراغ في القيادة في إسرائيل الآن، وده أحد أشكال الأزمة، والفراغ في القيادة هنا ليس سببا وإنما هو نتيجة للأزمة، أنه واحد زي أولمرت يتحدث أنه إن لم تقم دولتان فلسطينية ويهودية فهذا يعني نهاية إسرائيل. أن رئيس الوزراء يستخدم عبارة نهاية إسرائيل، دي كانت تدل على عمق الأزمة.
أحمد منصور: إيه التحديات التي ستواجهها إسرائيل في المرحلة القادمة؟
عبد الوهاب المسيري: هي نفس التحديات اللي ذكرناها من قبل عناصر الأزمة اللي هي الأزمة الديموغرافية، الأزمة الاستيطانية، الفساد، غياب القيادة، أزمة المعنى، الفرار من الخدمة العسكرية، كل ما ذكرناه هذا بيتصاعد.
أحمد منصور: سؤالي الأخير، هل يمكن أن تتخيل لنا شكل هذه المنطقة شكل العالم العربي بدون وجود إسرائيل فيه؟
عبد الوهاب المسيري: أنا بأعتقد أهم شيء سيحدث أن الشعب العربي سيبدأ في محاكمة النخب الحاكمة.
أحمد منصور: يعني انعكاسها سيكون على العالم العربي؟
عبد الوهاب المسيري: ضروري طبعا.
أحمد منصور: سنشهد ديمقراطية وأنظمة أخرى غير هذه.
عبد الوهاب المسيري: قد يكون أو قد تظهر نظم فاشية عسكرية.
أحمد منصور: هل بقاء هذه الأنظمة أو كثير منها أو الأنظمة المحيطة بإسرائيل أيضا من العوامل المربوطة ببقاء إسرائيل؟
عبد الوهاب المسيري: نعم، أنا كما ذكرت أنه هو الدعم الأميركي والغياب العربي هما أساس بقاء إسرائيل واستمرارها.
أحمد منصور: هل الاتفاقيات التي عقدتها بعض الأنظمة المجاورة لإسرائيل مثل مصر، الأردن، السلطة الفلسطينية، هذه الأشياء ساعدت في بقاء إسرائيل وساعدت في بقاء هذه الأنظمة؟
عبد الوهاب المسيري: هكذا يتصورون لكن أنا بأعتقد أنه كان وهما وأن الإسرائيليين بدؤوا يفيقون. أصل يوجد مشكلة أساسية في الخطاب الصهيوني أنه لا يوجد حل للقضية الفلسطينية، لا يوجد حل للمسألة الفلسطينية، يعني في المؤتمر الصهيوني الأول ماكس نوردام اللي هو أحد مؤسسي الحركة الصهيونية وصديق هرتزل سمع أنه يوجد فلسطينيون فجرى إليه وقال هذه ليست أرضا بلا شعب، يوجد فيها شعب. هرتزل قال له سنعالج المسألة فيما بعد، فيما بعد هذا لم يأت بعد ولن يأتي.
أحمد منصور: في مقابل كل هذه الدراسات كل هذا الأفكار كل هذه الرؤى التي تتحدث عن زوال إسرائيل انتهاء إسرائيل حتى على لسان رئيس الوزاء الإسرائيلي، كيف سيكون وضع فلسطين والفلسطينيين؟
عبد الوهاب المسيري: يعني أنا بأعتقد زي معظم الثورات بعد أن تنتصر تظهر مشكلة، وهي مشكلة كيف أن يتحول الثوري إلى بيروقراطي، يعني كما قلت دائما إنه لما يكون شخص متخصص في نسف الكباري ويعين وزير أشغال مثلا هذه إشكالية بتواجهها كل الثورات، لكن نرجو من الله أن الشعب الفلسطيني يواجه هذه الأزمة يحلها بطريقة سلمية لصالح الشعب الفلسطيني وصالح الشعب العربي ككل.
أحمد منصور: دكتور عبد الوهاب المسيري المفكر والمؤرخ المتخصص في الحركة الصهيونية أشكرك شكرا جزيلا على ما تفضلت به وأدعو مشاهدينا الكرام الراغبين في القراءة والاطلاع على المزيد من أفكار الدكتور المسيري ومقالاته وكتاباته المتجددة أن يقرؤوها على موقعه على شبكة الإنترنت
www.elmessiri.com
أعتقد الآن سيظهر هذا على الشاشة، شكرا لك. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم آملا أن نكون قد قدمنا لكم رؤية حول توقعات زوال إسرائيل حتى على ألسنة وكتابات الإسرائيليين أنفسهم. في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من القاهرة والدوحة وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من القاهرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire