mercredi 2 novembre 2011

الحكـومـة الغــائبة

41

لا شك أن في الحكومة رئيساً‮ ‬وأعضاء لديهم إخوة وأخوات وأبناء يتقاضون أمام المحاكم،‮ ‬ولاشك أيضاً‮ ‬أن كبار الموظفين لهم أقرباء من التجار يذهبون إلي المحاكم،‮ ‬فإذا كانوا جميعاً‮ ‬لا يعيرون أهمية واهتماماً‮ ‬للناس العاديين،‮ ‬فعلي الأقل يعيرون أهمية واهتماماً‮ ‬لأقاربهم الذين لهم قضايا بالمحاكم‮.‬
الأيام الماضية كانت‮ "‬كالحة‮" ‬بالنسبة لأصحاب المصالح من التجار ورجال الأعمال والمتقاضين أمام المحاكم‮.‬
المحاكم تعمل أو لا تعمل رهناً‮ ‬بما يقرره القضاة والمحامون،‮ ‬وطوال الليل والنهار‮.. ‬المتقاضون واقفون أمام المحاكم لمعرفة ما إذا كانت المحاكم ستعمل اليوم أو‮ ‬غداً‮.‬
ومع قرب ساعات المساء يطمئن المتقاضون علي أن الإضراب أو وقف عمل المحاكم قد عُلق،‮ ‬فينصرف المتقاضون علي هذا الأساس،‮ ‬ليتبين بعد ذلك أن خبر تعليق إغلاق المحاكم‮ ‬غير صحيح،‮ ‬وأن الإضراب لايزال قائماً‮.‬
تقدمت ساعات المساء ليظهر في الأجواء أن هناك إمكانية للتوصل إلي تسوية بين المحامين والقضاة،‮ ‬وهذا يعني فتح المحاكم مجدداً‮.‬
عاد أصحاب المصالح والمتقاضون إلي مرحلة الترقب الصعبة،‮ ‬في انتظار خروج الدخان الأبيض أو الأسود من قاعة مجلس الوزراء،‮ ‬ليطمئن المتقاضون علي استئناف عمل المحاكم،‮ ‬بعد أن احترقت أعصابهم‮: ‬فتح المحاكم،‮ ‬أو إغلاقها‮.‬
وانتصف الليل‮.. ‬وخلد المتقاضون إلي النوم وهم يترقبون طلوع الفجر،‮ ‬فوضي عارمة‮.. ‬محاكم أغلقت أبوابها،‮ ‬ومحاكم فتحت أبوابها دون أن يحضر القضاة أو المحامون‮.. ‬محاكم فتحت أبوابها وحضر المتقاضون وحدهم‮.‬
فعلاً‮ ‬وضع لا يطاق‮.‬
من أعطي القضاة والمحامين حق التلاعب بأعصاب الناس والمتقاضين،‮ ‬من منح الحكومة أيضاً‮ ‬هذا الحق،‮ ‬إذا كان هم‮ ‬غير حريصين علي أعصاب وحقوق وقضايا الناس،‮ ‬فكيف يمكن أن يكونوا حريصين علي مستقبل البلد؟
هذه الحكومة لا تملك أي مقومات لتسيير الأمور،‮ ‬ولا عدد من المحامين يملكون الأهلية لحمل مطالب جموع المحامين،‮ ‬لا القضاة راضون ولا المحامون راضون،‮ ‬ولا المتقاضون راضون،‮ ‬ولا الحكومة راضية عما يحدث بين القضاة والمحامين ووقف مصالح الناس‮.. ‬فمن هي هذه القوي الخارقة التي فرضت هذا الوضع الذي نعيشه،‮ ‬وصنعت هذه الأزمة؟
عيب وألف عيب هذا الذي يجري،‮ ‬لقد ولدت معارضة جديدة لحكومة الدكتور شرف،‮ ‬وهي معارضة أصحاب القضايا والمتقاضين أمام المحاكم،‮ ‬الذين اكتشفوا أن حكومتهم تعمل بدون تخطيط أو أفق أو بُعد نظر،‮ ‬بل تعمل بشكل ارتجالي،‮ ‬وكل ساعة بساعتها‮.. ‬ما هكذا يكون تسيير الأمور‮.. ‬وما هكذا تكون إدارة السلطة التنفيذية‮.‬
لقد أصبحت مشكلة القضاة مع المحامين موضع تندر بين عامة الناس،‮ ‬والذين يقول لسان حالهم‮: "‬إذا كنت لا تستطيع حل المشكلة فابتسم لها‮"‬،‮ ‬والناس صاروا يبتسمون لمصلحة حل مشكلة القضاة مع المحامين‮.‬

كتب إبراهيم خليل  روز اليوسف العدد 1947 - الأربعاء الموافق - 2 نوفمبر 2011

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire