jeudi 25 août 2011

الحروب النظامية "الخمس" الكبرى مع اسرائيل

578
شهد الصراع العربي – الإسرائيلي خمس حروب نظامية هي:
1– حرب 1948:
التي تعرف على الجانب العربي باسم حرب فلسطين، أو "النكبة"، وتطلق عليها إسرائيل "حرب الاستقلال". وقد نشبت تلك الحرب عقب إعلان قيام إسرائيل في 15 مايو/ أيار 1948، حيث قامت قوات من خمس دول عربية، هي مصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق بدخول "إسرائيل" لمنع قيامها على أرض فلسطين، واستمرت العمليات العسكرية حتى يناير/ كانون الثاني 1949، حين وضح أن القوات الإسرائيلية قد سيطرت على مسرح العمليات، وأدت الحرب عمليا إلى تأكيد تقسيم فلسطين، وخروج أكثر من 400 ألف فلسطيني من ديارهم ليتحولوا إلى لاجئين، وليبدأ الصراع العربي–الإسرائيلي بشكله الحالى فى الانطلاق.
2 – حرب 1956:
التي تعرف دوليا باسم "حرب السويس"، وتسمى في الثلاثي"العدوان الثلاثى"، فقد كان الرئيس جمال عبد الناصر قد قام بتأميم قناة السويس، إثر رفض البنك الدولي
–بإيعاز أميركي– تقديم قرض لمصر لبناء السد العالي مما أدى إلى قيام كل من فرنسا وإنجلترا بالتنسيق مع إسرائيل، بشن هجوم شامل على مصر بدأ في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1956، بدخول القوات الإسرائيلية إلى سيناء،
وهو ما اعتبرته فرنسا وإنجلترا ( وفقا للسيناريو المرسوم مسبقا) ذريعة للتدخل في منطقة القناة، ورغم انسحاب القوات المصرية من سيناء، فإن الضغط الدولي السوفياتي والأميركي) والمقاومة المصرية، قد أدت إلى إنهاء العمليات في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، وانسحاب إسرائيل عام 1957 من سيناء.
3 – حرب 1967:
وتعرف في الفكر العربي باسم النكسة، بينما تطلق عليها إسرائيل والكتابات الدولية "حرب الأيام الستة"، وقد مثلت هذه الحرب كارثة متعددة الأبعاد، لم تمح آثارها كاملة من الذاكرة العربية حتى الآن، حيث تعرضت جيوش ثلاث دول عربية لهزيمة ساحقة من جانب القوات الإسرائيلية، خلال أيام 5-10 يونيو/ حزيران 1967، واحتلت إسرائيل خلالها شبه جزيرة سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، والضفة الغربية وقطاع غزة الفلسطينيين، إضافة إلى القدس الشرقية التي كانت القوات الأردنية تسيطر عليها، ولا تزال نتائج تلك الحرب، تمثل العقبة الرئيسية أمام التسوية السلمية للصراع.
4 – حرب 1973:

مشهد يصور جنود مصريون يعبرون قناة السويس في حرب أكتوبر
وتعرف باسم حرب السادس من أكتوبر (أو العاشر من رمضان) عربيا، بينما تطلق عليها إسرائيل "حرب يوم كيبور" (أو عيد الغفران)، فقد قامت القوات المصرية والسورية في إطار خطة عسكرية مشتركة، بشن هجوم مفاجئ تاريخي ضد القوات الإسرائيلية في سيناء والجولان، تحطمت على إثره خطوط الدفاع الأولى الإسرائيلية تماما، وبينما تمكنت القوات المصرية من تثبيت مواقعها على مسافة 15-20 كلم شرق قناة السويس، تراجعت القوات السورية إلى خطوط 5 أكتوبر/ تشرين الأول مرة أخرى، ثم تداخلت أوضاع القوات بصورة درامية على الجبهة المصرية أيضا في ما عرف باسم الثغرة، قبل أن يتوقف إطلاق النار يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول، وتبدأ في أعقاب الحرب مفاوضات لفض الاشتباك الذي تم فعلياً في بداية عام 1974.
5 – حرب 1982:
وتعرف باسم حرب لبنان، أو غزو لبنان، ورغم أن بعض المصادر لا تعتبرها "صراعا مسلحا رئيسيا" مثل الصراعات السابقة، إلا أنه كانت واحدة من التطورات الحادة المعقدة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي فقد قامت القوات الإسرائيلية بغزو لبنان لتدمير قواعد منظمة التحرير الفلسطينية، وتقدمت لتحاصر القطاع الإسلامي من بيروت لمدة عشرة أسابيع، قبل أن تنسحب بعد التوصل إلى اتفاق بشأن خروج "القوات الفلسطينية" من لبنان، وكانت أهم نتائجها قيام إسرائيل بتوسيع "الشريط الحدودي" الذي كانت قد احتلته في جنوب لبنان عام 1978، وارتكاب قوات الكتائب اللبنانية تحت حمايتها –أي القوات الإسرائيلية- مذبحة صبرا وشاتيلا، وتعرض الجيش الإسرائيلي الذي كان أرييل شارون يقوده لهزة عنيفة.
وتشير الملامح العامة لتلك الحروب إلى أن حربا واحدة منها بالمعايير الأكاديمية كانت شاملة، على الأقل في مسرح عملياتها وأهدافها السياسية، هي حرب 1948، بينما كانت الحروب الأربع التالية لها محدودة، وخاصة حرب 1956، وحرب 1973. لكن المسألة أعقد من ذلك، فرغم أن حرب 1967، وحرب 1982 لم تشهدا قتالا نظاميا حقيقيا، في ظل التقهقر السريع للقوات العربية، وعدم وجود قوات نظامية في مواجهة الجيش الإسرائيلي في لبنان، فإن النتائج التي ترتبت على الأولى جعلت منها أشبه بحرب شاملة، صحيح أنها جرت في مناطق الحدود، وتعرضت خلالها القواعد العسكرية فقط داخل الدول العربية لهجمات إسرائيلية، إلا أنها أدت إلى هزة عميقة داخل المؤسسات العسكرية ومؤسسات الحكم والرأي العام العربي، كما شهدت حرب 1982 قيام إسرائيل لأول مرة بمحاصرة عاصمة عربية، مع محاولة تشكيل هيكل نظام الحكم فيها وفق توجهاتها.
ومع ذلك، فإن جميع تلك الحروب تقريبا قد أفرزت نتائج إستراتيجية تشكلت وفقا لها خرائط وتوجهات جديدة:
  • إذ ترتب على حرب 1948 قيام إسرائيل، واتخاذ المشكلة الفلسطينية طابعا معقدا لم تنته آثاره حتى اليوم، خاصة بالنسبة لمسألة الاعتراف بإسرائيل، ومشكلة اللاجئين، واستمرار وجود تيار راديكالي عربي (قومي وإسلامي)، يسانده شعور قوي لدى الرأي العام، يطالب بقيام الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين التاريخية.

  • وأدت حرب 1967 إلى اتساع نطاق الصراع العربي– الإسرائيلي ليشمل عدة دول عربية أخرى احتلت أراضيها، مع تحول جوهري في التصورات العربية لإدارة الصراع من الاستناد على "القوة العسكرية" أداة وحيدة إلى النظر إلى إمكانية تسوية الصراع سياسيا، وأدت حرب 1973 إلى صدمة عسكرية غير مسبوقة داخل إسرائيل، مارست تأثيرها على نظرية أمنها، وتوجهاتها السياسية، وثقتها التي كانت مفرطة بقوتها.

  • وكانت لحربي 1956، و1982 آثار محددة ذات أهمية خاصة، فلم يدرك قطاع واسع من الرأي العام العربي لفترة طويلة أن إسرائيل لم تنسحب من سيناء عام 1957 إلا مقابل ترتيبات أمنية في شرم الشيخ وخليج العقبة ومناطق الحدود. كما أوضحت حرب 1982 أن لبنان، التي كانت تمثل الحلقة العربية الضعيفة عسكريا في دول الطوق، تشكل أعقد مصادر إرباك أمن إسرائيل، وإظهار حدود قوتها العسكرية، وهو ما وضح تماما في السنوات التالية للحرب، فقد بلغ حجم الخسائر البشرية الإسرائيلية في سنوات 1982-1985 فقط على هذه الساحة 1216 قتيلا.


في هذا السياق، تشير التقييمات السائدة إلى أن الأداء العسكري العربي في جميع الجولات المسلحة النظامية بين العرب وإسرائيل، باستثناء حرب السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 1973، كان مترديا إلى درجة أثارت علامات استفهام مزمنة، إلا أن تحليلات ووثائق نشرت في فترات مختلفة تالية، أظهرت بعض المفاجآت، فرغم كل ما طرح حول تفوق القدرات الشاملة العربية بصورة لا مجال للمقارنة معها على مثيلاتها في إسرائيل، ومعادلة التفوق الكمي العربي مقابل التفوق الكيفي الإسرائيلي، أو ضحت دراسة مثيرة للواء حسن البدري نشرت عام 1979، أن القيادة الإستراتيجية الإسرائيلية قد نجحت خلال حروب 1948، و1956، و1967، في أن تعبئ وتحشد قوات أكبر (كميا) من القوات العربية الموجودة عمليا في جبهات القتال محققة بذلك تفوقا مطلقا من حيث الحجم الإجمالي، فضلا عن التفوق النسبي الذي كانت تحققه في النقاط الحاسمة، على حين فشلت الجيوش العربية في حشد قوات تفوق أو تعادل القوات الإسرائيلية بصورة مطلقة أو نسبية (11).
كما أوضحت معظم الدراسات أن الإمدادات السوفياتية للدول العربية بالسلاح كانت تبقى دائما في مستوى يمكن للعرب من موازاة إسرائيل (بالكاد) دون التفوق عليها (12)، فلم يحدث أن خاض المقاتل العربي معركة ضد المقاتل الإسرائيلي في ظل أي مستوى من التفوق، أو حتى التعادل الكمي، على مستوى القوات أو الأسلحة، سوى بشكل مؤقت في حرب 1973، التي حقق خلالها انتصارا، قبل أن يؤدي عودة التفوق العسكري الإسرائيلي، عبر دعم تسليحي أميركي فوري، إلى تحجيم مدى الانتصار.
لكن بالتوازي مع ذلك، فإن ما نشر من وثائق إسرائيلية خلال عام 2000 حول وقائع حرب 1967 التي تعد رمزا لانتصار إسرائيلي نموذجي، يشير إلى أن حجم الانتصار الإسرائيلي لم يكن يرتبط بكفاءة التخطيط العسكري أو إدارة العمليات الحربية من جانب القيادات الإسرائيلية، رغم أهمية هذا العامل، بقدر ما كان يرتبط بتلك الانهيارات السريعة الكاملة التي تعرضت لها الجيوش العربية. فلم تكن خطة العمليات الإسرائيلية في تلك الحرب تتضمن احتلال كل سيناء بل التوقف فقط عند الممرات، أو احتلال الضفة الغربية، وإنما فقط القدس الشرقية، ولم تكن هناك عمليات عسكرية مقررة في خطة الهجوم على سوريا، إلا أن حالة الانهيار العسكري، والانسحاب دون مقاومة، قد دفع موشي دايان وزير دفاع إسرائيل إلى اتخاذ قرارات منفردة بإطلاق العنان للقوات الإسرائيلية، فإغراء الأراضي المفتوحة هو الذي أدى إلى تلك النتائج (13)، وهى مشكلة قيادات، وليست مشكلة قوات، أو حتى توازنات عسكرية، ويكفي لتوضيح الصورة ما أشار إليه الفريق محمد فوزي وزير الحربية المصري الأسبق، من أنه "حتى بدء القتال مع إسرائيل في 5/6/1967م، لم تكن القوات المسلحة (المصرية) قيادة موحدة" (14)، فلم تكن هذه الجيوش مستعدة أصلا لخوض حرب دفاعية.
وتظل بعد ذلك نقطة أساسية، فرغم كل تلك الإنجازات الإسرائيلية على المستوى العسكري، يظل ثمت مجال للنقاش حول حدود ما حققته نتائج سياسة القوة الإسرائيلية على الصعيد السياسي، فمن المؤكد -كما كان بن غوريون يأمل في سنوات الصراع الأولى- أن امتلاك إسرائيل واستخدامها لعناصر قوتها العسكرية قد أدى إلى القضاء على أي تصور عربي عقلاني لإمكانية "إزالة" إسرائيل بالقوة العسكرية، خاصة في وجود "الأسلحة النووية" التي تفرض حقائق صلبة، فحتى تحقيق التوازن معها لن يؤدي إلى عودة مثل هذه الأفكار القديمة. وربما أدت نهاية أفكار الإزالة، وتعرض الجيوش العربية لانكسارات متتالية إلى الدفع باتجاه تبلور أفكار التعايش مع إسرائيل لدى الحكومات العربية. لكن التسويات التي تمت مع إسرائيل من جانب مصر والأردن وانسحاب إسرائيل من جانب واحد، دون تفاوض، من جنوب لبنان، وموقف سوريا الثابت إلى درجة التصلب إزاء استعادة الجولان حتى آخر متر فيها، تشير بوضوح إلى أن اختلال الموازين العسكرية، والنتائج القاسية للحروب لم تؤد إلى قبول الدول العربية شروط إسرائيل للسلام معها، بل إن النتائج التي أسفرت عنها بعض المواجهات المسلحة العربية – الإسرائيلية، لصالح العرب والتي ينظر إليها أحيانا على أنها محدودة، قد مارست تأثيرات جوهرية في السلوك الإسرائيلي كما حدث في حرب 1973، وفي تلك الصراعات منخفضة الحدة التي لم تتوقف أبدا.
المصدر: الجزيرة   577

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire