وائل قنديل :مهزلة شهداء الثورة المجهولين
ما الذى يجعلنا متأكدين من أن الذين شيعوا فى جنازة شعبية أمس الأول هم من شهداء الثورة؟
وما سر هذا الاستعجال المثير للريبة فى دفن الجثث يوم الخميس دون أن يحاول أحد معرفة أسماء أصحابها، ومن أين جاءت هذه الجثث ولماذا قال مسئولو المشرحة للأهالى الذين يبحثون عن أبنائهم المفقودين منذ 28 يناير إنه سيتم الصلاة عليهم يوم الجمعة، ثم فاجأوهم بدفنهم يوم الخميس باعتبارهم من الشهداء المجهولين؟
إن الروايات متناقضة والحقيقة ضائعة، ولا أحد يعلم من هؤلاء الذين تم دفنهم وقررت الحكومة أنهم من شهداء الثورة، ووفقا لما يقوله أهالى المفقودين فقد طالبوا الطب الشرعى بإجراء تحليل الحمض النووى للجثث ومطابقتها بعينات من الأهالى، غير أن إدارة المشرحة رفضت أخذ عينات منهم وأبلغتهم بأنه تم الاحتفاظ بعينات من الجثث لتحليلها فيما بعد، وهو ما يلقى بمزيد من ظلال الشك والأسئلة على القصة كلها.
وحسب ما يقوله عدد من الأهالى وشباب ائتلاف الثورة الذين توجهوا إلى مشرحة زينهم فى محاولة للتعرف على الجثث فإنها كلها كانت فى حالة من التفحم، وبلون واحد، فضلا عن أن أحد الأهالى أشار إلى أن بعضها كان مفتوح البطن وبعضها الآخر فاقدا لأعضاء، بما فاقم شكوك ذوى المفقودين الذين أضناهم البحث عن أبنائهم، أحياء أو أمواتا.
وإذا وضعت كل ذلك بجوار الروايات المتعارضة بشأن المصدر الذى جاءت منه الجثث، وما تردد عن أنها جثث سجناء كانوا فى سجن الفيوم، وما قاله مسئولو المشرحة للأهالى من أن سيارات إسعاف جاءت بها إلى المشرحة، من جهة لا يعلمونها فإننا نكون أمام مهزلة علمية وطبية ونحن فى القرن الواحد والعشرين، ذلك أن تحليل الحمض النووى (DNA) أوجد الحلول الناجزة لكل ما يثار من مشكلات التعرف على هوية جثث الموتى، فلماذا لم يتم إجراء التحليل ومطابقته حتى يحدث تثبت من هوية أصحاب الجثث، وأنهم من شهداء الثورة، وتحديد أسمائهم؟
إن أحد آباء المفقودين سعيد على الغندور قال لى إنه حين ذهب إلى المشرحة قيل له إن الجثث الموجودة لا علاقة لها بأحداث الثورة وأنهم مجموعة من نزلاء سجون الفيوم ووادى النطرون والقطا، وحين طالب بتحليل الحمض النووى سألوه هل كان ابنك مسجونا، وحين أجاب بالنفى رفضوا أخذ عينة منه لمطابقتها بعينات الجثث.. وهذا ما يجعل التسرع فى الإعلان رسميا عن أنهم مجموعة من شهداء الثورة المجهولين أمرا غريبا ومثيرا للأسئلة.
ولو صح أن 20 جثة مجهولة أخرى سوف تصل إلى مشرحة زينهم اليوم فإن الأمر يتطلب تحقيقا موسعا لمعرفة من أين تأتى هذه الجثث ومن هم أصحابها، ولماذا السكوت عنها طيلة خمسة أشهر تقريبا؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire