vendredi 30 septembre 2011

هؤلاء يستحقون العزل السياسي

371

لا يمكن أن تستمر الثورة في طريقها الصحيح إلا إذا حاكمت من أفسدوا الحياة السياسية طوال السنوات السابقة.
هؤلاء هم وقود ومحركو الثورة المضادة.. وهم الذين يسعون لكي يقضوا علي أي إصلاح تريده ثورة 25 يناير، تعالوا نتخيل البرلمان القادم وقد جلس في صفوفه الأولي أحمد عز «إذا خرج براءة من تهم الفساد المالي» وقد نجد د. فتحي سرور يدير الجلسات من علي المنصة بعد أن عاد إلي مجلس الشعب من بوابة الانتخابات والتحالفات والتربيطات السياسية.. وربما لعلع صوت د. زكريا عزمي محاربا الفساد الذي وصل إلي الركب برغم أنه أحد أسبابه ورواده.. وسنجد صفوت الشريف يدير جلسات مجلس الشوري بطريقته السينمائية، حيث لكل عضو دوره المكتوب، والكل يتباري في المجلسين «الشعب والشوري» في الحديث عن حكمة وعبقرية الرئيس جمال مبارك الذي نجح في انتخابات الرئاسة «إذا لم يدنه القضاء بجرائم جنائية»، هؤلاء جميعا وغيرهم من السياسيين من حقهم حتي الآن الترشح لانتخابات البرلمان المقبلة.. ورغم الاتفاق علي أنهم أفسدوا الحياة السياسية علي مدي سنوات، بلغت لدي بعضهم 30 عاما، إلا أنهم مازالوا يتمتعون بالأهلية السياسية.
ولهذا فإنه من الضروري عزل كل هؤلاء سياسيا وحرمانهم من ممارسة أي دور سياسي ومنعهم من الترشح لعضوية البرلمان أو حتي الانتماء لحزب سياسي، إنني لا أنادي هنا بأن نفعل مثلما فعل قادة ثورة يوليو عندما أصدروا أحكاما سياسية بالعزل علي معظم قادة الأحزاب السياسية قبل الثورة، وهو ما أدي إلي حرمان شخصيات كبيرة من ممارسة أي دور سياسي مثل زعماء حزب الوفد مصطفي النحاس وفؤاد سراج الدين وإبراهيم فرج، بجانب بعض الشخصيات التي ارتبطت بالملك فاروق مثل كريم ثابت وغيرهم من سياسيي ما قبل الثورة، لقد كانت قرارات ثوار يوليو عنيفة وقاسية وطالت عددا غير قليل من الأبرياء، ولكنها كانت ضرورية من وجهة نظر المناصرين لها للحفاظ علي الثورة واستمرارها وخوفا من انقضاض خصومها عليها، ووجد ثوار يوليو من يناصرهم من فقهاء القانون، ويضعون لهم الأطر القانونية التي تساعدهم علي تنفيذ أفكارهم ورؤاهم التي دعمت ثورتهم.
والحقيقة أن ثورة 25 يناير لا تحتاج إلي استخدام الشرعية الثورية لإبعاد أعدائهم وعزلهم سياسيا، كما أننا لا نريد أن نتجاوز القانون أو نتحايل عليه، فقط كل ما نطالب به هو تطبيق القانون فعليا.
هؤلاء الذين أفسدوا الحياة السياسية شاركوا في تزوير الانتخابات ووافقوا عليها ودعموا المزورين.. الدكتور فتحي سرور أستاذ القانون هو الذي وقف ضد تنفيذ أحكام القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات في العديد من الدوائر وإلغائها في دوائر أخري، وهو الذي ابتدع مقولة «المجلس سيد قراره» متجاهلا أحكام محكمة النقض ببطلان انتخابات عدد غير قليل من الدوائر، ورافضا أحكام القضاء ومفضلا وجود المزورين في المجلس لكي يستعين بهم في الموافقة علي القوانين التي تخدم نخبة المال والحكم، أما أحمد عز والمتهم في العديد من القضايا المالية فهو الذي قاد الحزب الوطني في انتخابات البرلمان الأخيرة التي أجمع خبراء السياسة علي أنها أسوأ انتخابات شهدتها مصر في تاريخها، بل إن عددا من رموز النظام السابق اعترفوا بأنها أحد أسباب ثورة 25 يناير لأنها جعلت كل أطياف المعارضة تتأكد من أن الحزب الوطني يريد إبعاد كل طوائف المعارضة من المشهد السياسي لصالح سيناريو التوريث، الدكتور زكريا عزمي صاحب الوجهين: الأول هو البرلماني المعارض الذي يفزع المسئولين ويتهمهم بالفساد، والوجه الثاني هو رئيس ديوان رئاسة الجمهورية بكل ما حدث فيها من فساد مالي وسياسي وهو أحد أركان حزب التوريث.
أما صفوت الشريف فصاحب الدور الأكبر في إفساد الإعلام وتجريف الوجدان المصري علي مدي سنوات طويلة، وكان آخر أدواره السياسية في مجلس الشوري يزين لكل ما هو ضار بالشعب المصري ويجمل نظاما فقد إنسانيته ويدعو إلي قوانين أضرت بالشعب المصري لصالح حفنة ارتبطت بالنظام.
جمال مبارك هو رأس الحربة التي كانت وراء كل فساد سياسي، ومن أجل طموحه إلي وراثة والده في السلطة وقعت جرائم سياسية عديدة أقلها تزوير إرادة الناخبين من أجل الإتيان بأعضاء في البرلمان يؤيدون الوريث ويوافقون علي سيناريو هو الأسوأ في تاريخ مصر السياسي. إننا لا نحتاج إلي قوانين استثنائية لمعاقبة هؤلاء فقط نقرأ أحكام محكمة النقض المؤكدة لتزوير الانتخابات ووقتها سنجد أن القائمة طويلة، وأنها تمتد لعائلات عديدة في الصعيد وبحري زوروا لأبنائها من أجل مقعد البرلمان، وعلي هذه العائلات أن تغير هذه الوجوه وأن تبحث عن أشخاص آخرين لم يلوثهم التزوير إذا أرادوا الاستمرار في الحياة السياسية، إننا نطالب بدراسة أحكام محكمة النقض الصادرة في الدورات الخمس الماضية، وعندها سنطبق أحكام المادتين 72 و73 من قانون السلطة القضائية لسنة 1972 والمعدل بالقانون 142 لسنة 2006 الذي يحظر العمل السياسي بجميع أشكاله علي المعزولين سياسيا، ووقتها لن نجد هذه الوجوه الكريهة، وعموما فإن مثل هذا الإجراء ليس مقصورا علي مصر، فقد قامت به ألمانيا بعد توحيد شطريها الغربي والشرقي، فقد أخذت السلطات أوراق الجهات الأمنية في ألمانيا الشرقية وعاقبت كل السياسيين الذين تعاملوا مع هذه الأجهزة بإبعادهم عن العمل السياسي، ونحن في مصر نعرف أن كثيرا من أعضاء البرلمانات السابقة وكثيرا من قيادات العمل السياسي كانوا يتعاونون مع هذه الجهات وكانت مباحث أمن الدولة تتدخل لتزور لهم الانتخابات، وتبعد منافسهم وفي بعض الأحيان تلفق لهم التهم.
ولعل عزل هؤلاء حتي لو لم يكونوا من قيادات الحزب أول الطريق لإصلاح الحياة السياسية.. العزل السياسي هنا دواء لأمراض السياسة.. وإذا كان بعض هؤلاء مثل أحمد عز يحاكم الآن جنائيا بتهم فساد مالي، وإذا كان جمال مبارك ينتظر الكثيرون محاكمته بسبب ما تردد عن دوره في قتل المتظاهرين وبمشاركة حبيب العادلي ومحاكمته بسبب ما يتردد عن فساد مالي، وهو نفس المصير الذي ينتظر زكريا عزمي وفتحي سرور وصفوت الشريف، فإن المحاكمة الجنائية وحدها لا تكفي فالفساد السياسي والإفساد المجتمعي أخطر بكثير، وكما قلنا فإن هؤلاء مجرد قطرة في بحر والفاسدون والمفسدون كُثر، ويجب ملاحقتهم ومعاقبتهم قبل أن تضيع الثورة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire