mercredi 28 septembre 2011

متاجرة جمال مبارك فى ديون مصر

مقال قديم لمجدى حسين عن متاجرة جمال مبارك فى ديون مصر

نطالب بالتحقيق مع مبارك فى هذه الواقعة.. مبارك يعترف بأن ابنه تربح من المتاجرة فى ديون مصر
32

فى فساد الكبار يصعب الحصول على مستندات رسمية تدمغهم بالفساد، ولكن اعترافاتهم تكون إحدى وسائل ادعائنا عليهم، والاعتراف سيد الأدلة. الدستور يحظر على رئيس الجمهورية ممارسة أى نشاط تجارى مستغلا لموقعه التنفيذى، فهل يجوز لابنه أن يستغل علاقته بوالده كرئيس ويتربح من الأزمات الاقتصادية للدولة المصرية، وكيف عن طريق ديون مصر التى يتحمل والده المسئولية عنها، أى أن الأب يورط الدولة المصرية فى الديون والابن يحقق الأرباح عن طريق المشاركة فى صفقات لشراء ديون مصر من الأجانب، ثم إعادة بيعها لمصر مرة أخرى، والتربح من ذلك!!.
ولكن من كشف هذه الحقيقة المرة؟ إنه حسنى مبارك نفسه، وقد حصلتُ على نص تصريحات مبارك، ورغم أن الواقعة قديمة إلا أنها لا تسقط بالتقادم، ولا يوجد ما ينفى استمرار نفس الممارسة بعد ذلك التاريخ وحتى الآن سواء بالنسبة لديون مصر أو غيرها.
فى العدد رقم 3598 من مجلة "المصور" الصادر فى يوم 24 سبتمبر 1993، وفى صـ 13 جاء فى حديث حسنى مبارك مع مكرم محمد أحمد رئيس تحرير "المصور" الآتى وبالنص:
* سيادة الرئيس: قبل فترة راجت بعض الشائعات تتحدث عن دور خاص يلعبه بالفعل ابن الرئيس الذى يعمل فى بنك فى لندن لشراء ديون مصر؟.
* الرئيس: هذه ليست شائعة، لقد اشترك ابنى جمال بالفعل ضمن أعضاء وفد البنك الذى يعمل فيه، فى مفاوضات جرت بين الصين والبنك من أجل شراء دين مصرى قديم، قيمته 180 مليون دولار، البنك له علاقاته مع الصين، وعرض على الحكومة الصينية أن يشترى هذا الدين القديم بنسبة تخفيض ضخمة، كى يعيد بيعه لأفراد مصريين، وعندما طلب البنك من ابنى أن يسافر - ليس لأنه ابن الرئيس حسنى مبارك - ولكن لأنه يعمل فى إدارة الاستثمار التى يدخل فى اختصاصها هذا العمل - سألنى جمال هل أشترك فى وفد التفاوض؟ وكان ردى: وما الذى يمنع؟، إنها خدمة وطنية، وسافر بالفعل وفاوض هو وزملاؤه الحكومة الصينية على شراء الدين، كانت قيمة الدين 180 مليون دولار، اشتروه بنصف القيمة أو أكثر قليلا، لصالح البنك، وبشهادة البنك أظهر جمال مهارة تفاوضية عالية، استحق من أجلها مكافأة من البنك، أعطوه 90 ألف دولار بعد خصم الفوائد، وأعطوا رئيسه 300 ألف دولار .
* سيادة الرئيس: ماذا يفعل البنك بهذا الدين الذى اشتراه ؟.
* الرئيس: يعيد بيعه لأفراد مصريين بموافقة البنك المركزى المصرى، نظير فائدة أو عمولة والبنك المركزى يشجع على هذه العملية لأنها تساعد مصر على التخلص من بعض ديونها، لأن شراء هذه الديون يتم عادة بنصف قيمتها، البنك المركزى المصرى هو الذى يضع الشروط وهو الذى يراقب التنفيذ.
* سيادة الرئيس: ما هو حجم الديون المصرية التى تم بيعها على هذا النحو لمواطنين مصريين اشتروا هذه الديون من البنوك الأجنبية؟.
* الرئيس: مليار و100 مليون دولار. تم بيعها جميعا فيما عدا 300 مليون دولار من قبل مصريين بموافقة البنك المركزى المصرى تحت رقابته.

*****

والملاحظات الأولية على هذه الواقعة:
(1) تنص المادة 81 من الدستور على أنه: "لا يجوز لرئيس الجمهورية أثناء مدة رئاسته أن يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعيا أو أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقايضها عليه".
ولا يجوز الالتفاف حول هذه المادة من خلال الأبناء، خاصة مع الأعمال الحرة التى تتعامل مع ديون الدولة المصرية التى يرأسها أبوه. إن العمولة التى حصل عليها ابنه من صفقة واحدة متصلة بالحكومة المصرية تزيد على مرتب أبوه لعدة سنوات.
(2) جمال مبارك كان يعمل فى بنك أوف أمريكا فرع لندن، وهو بنك كبير، وهو يعمل فى إدارة الاستثمار فهل لا يوجد غيره فى هذا البنك الكبير فى هذه الإدارة ليتولى هذا الأمر المتصل بالدولة المصرية، بل إن كلام مبارك يؤكد أنه لم يكن ملزما أن يذهب، بل هو (أى جمال) استشاره فى هذا الأمر وهو يعكس إدراك الشاب الصغير وكان ساعتئذ (حوالى ثلاثين عاما من العمر) يعكس إدراكه للحرج فى هذا الأمر، ولكن أبوه هو الذى شجعه على هذا السبيل باعتبارها خدمة وطنية!! ويا ليت الخدمة الوطنية تكون بـ90 ألف دولار!! فى المرة الواحدة! ومبارك الأب يبرر ذلك بأن جمال أظهر مهارة تفاوضية عالية، أى أن بنك أوف أمريكا بجلالة قدره كان سيفشل بدونه!! يا ترى ألم تراع الحكومة الصينية أنها تقدم مجاملة لرئيس مصر، يمكن أن تستعوضها فى أشياء أخرى، والصين - رغم احترامى الشديد - كانت متهمة بإعطاء أموال لأسرة جورج بوش فى حملاته الانتخابية!!.
(3) ما كان لرئيس جمهورية دولة بحجم مصر أن يقبل من حيث المبدأ أن يوظف ابنه فى بنك أجنبى خارج الأراضى المصرية، ولا داخل مصر، وهو بنك كبير لدولة عظمى لها مصالح فى مصر، وأنه كان يجب أن يتحسس لذلك، وأن يحافظ على ارتباط ابنه الشاب بأعمال داخل مصر، حتى لا يتعرض لاستمالات أجنبية، وحتى لا تكون مصالحه المالية مرتبطة بدول أجنبية. ولكن أن يتطور الأمر للمتاجرة فى ديون مصر فهذا شىء كبير.
(4) لم يذكر مبارك باقى الرواية، أى النصف الآخر منها، وهى إعادة بيع الدين لمصر ودور الابن الهمام فى ذلك. لأن بعض هذه الديون تعود مصر لشرائها بنفس حجمها ولا يكون أحد مستفيد من ذلك إلا السماسرة كابنه وأصدقائه. الأمر يستأهل مراجعة هذه الأوراق فى مستندات البنك المركزى خاصة أن مثل هذه الديون تجاوزت فيما بعد الرقم المذكور (مليار و100 مليون دولار). وأن بعض أصدقاء جمال مبارك الذين عاونوه فى هذه العمليات يتولون الآن مناصب قيادية فى البنوك المصرية، فى إطار زحف أتباعه وأصدقائه على اقتصاد ووزارات مصر. المستندات فى البنك المركزى المصرى تكشف القصة كاملة فمن يجرؤ على التحقيق فيها فى هذا العهد. أما أننا يجب انتظار نهاية العهد!!.
(5) وفى حدود كلام مبارك الأب، نسأل هل يجوز لابن رئيس الجمهورية أن يتربح من المتاجرة فى ديون مصر التى تسبب والده بسياسته فى إغراق مصر بها؟.
(6) من الطريف أن هذا التصريح نشره مكرم محمد أحمد على سبيل الخطأ، فقد ذكر مبارك الأب لأحد رؤساء الأحزاب أنه كان يتحدث مع مكرم فى هذا الموضوع حديثا شخصيا خارج إطار الحديث المعد للنشر، فإذا بمكرم الــ (.....) ينشره!!.

مجدى أحمد حسين

من مقال بتاريخ: 25 يوليو 2003

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire