بعد حصولهم على أحكام بالبراءة في «موقعة الجمل».. واقتراب الانتخابات البرلمانية
بعد أكثر من عام ونصف العام قضوها بسجن طرة في القاهرة، خرج رجال الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأعضاء بالحزب الوطني (المنحل) من محبسهم، بعد أن نالوا مؤخرا أحكاما بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين بميدان التحرير يومي 2 و3 فبراير (شباط) 2011 والمعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل»، مثيرين تساؤلات حول دورهم الجديد والمستقبلي في المشهد السياسي في البلاد.
وبينما يموج المشهد السياسي بمعارضي التيارات الإسلامية التي تعتلي سدة الحكم حاليا، وحالة الجدل حول كتابة الدستور الجديد، واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، يراهن البعض على خبرة رجال النظام السابق لوقف زحف الإسلاميين وهيمنتهم على مفاصل الدولة.
وحسم بعض أبرز رجال مبارك الإجابة عن التساؤلات بشأن دورهم المستقبلي؛ حيث قالوا إنهم اعتزلوا الحياة السياسية، فيما رفض آخرون ذلك، مؤكدين رغبتهم في مواصلة رحلتهم السياسية في مواقع مختلفة. فبالأمس أعلن الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب الأسبق، اعتزاله الحياة السياسية تماما، وقال في تصريحات نقلتها صحيفة «المصري اليوم» الخاصة، إنه سيتفرغ لأبحاثه القانونية ومؤلفاته بعيدا عن الحياة العامة، ولا يفكر إطلاقا في كتابة مذكراته، وسيترك الأمر لتلاميذه. مضيفا أنه يشعر بآلام شديدة بسبب المعاناة التي عاشها في الفترة الأخيرة والإحساس بالظلم على حد قوله.
وعلى العكس من موقف سرور، هناك من يعد العدة للعودة للحلبة السياسية بخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، من بينهم المرشح السابق للرئاسة وآخر رئيس وزراء في عهد مبارك الفريق أحمد شفيق، الذي ينتظر أن يستقبل في الإمارات (حيث يقيم حاليا) بعد عطلة عيد الأضحى أعضاء من حزب الحركة الوطنية المصرية الذي يتزعمه لمناقشة الأوضاع التنظيمية للحزب، وهو الاجتماع الذي يأتي فيما يبدو لبحث المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، خاصة مع تأكيد أحد مؤسسي الحزب بأن شفيق يبدي رغبته بأن يكون أستاذ القانون الدستوري الدكتور إبراهيم درويش رئيسا للحزب لحين الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، ومع ما سبق وأعلنه أعضاء بالحزب عن منافسة الحزب في الانتخابات.
ولا يختلف كثيرا موقف بعض البرلمانيين السابقين بعد أن نالوا أحكاما بالبراءة في قضية «موقعة الجمل»، فنائب مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطني (المنحل)، طلعت القواس، لم ينف بشكل قاطع عدم خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، بينما يكشف النائب رجب هلال حميدة، أنه بدأ في جمع توكيلات حزب جديد باسم حزب «الطريق الثالث»، ورغم اتهامه في القضية مع أنه كان معارضا لنظام مبارك، فإنه يشير إلى أنه سيستكمل مشروع الحزب وسيسعى للمنافسة في انتخابات البرلمان المقبلة عن دائرة عابدين بوسط القاهرة.
على الجانب الآخر؛ هناك من يحاول جاهدا البحث عن دور خلال المرحلة المقبلة سواء بشكل فردي أو بشكل جماعي، فبعد حكم البراءة بدأ المحامي المثير للجدل مرتضى منصور، الحديث عن أنه سوف يكشف عن الكيفية التي قتل بها الشهداء في «موقعة الجمل»، مبينا أنه تقدم بمبادرة للدفاع عن شهداء الثورة من أجل الحصول على حقوقهم، حيث حصل على 37 توكيلا من أسر شهداء الثورة للدفاع عنهم، وتم تقديم اسطوانة إلى النيابة العامة قال إنها تظهر تورط عدد من الإخوان المسلمين في موقعة الجمل. أما تحالف نواب الشعب، الذي يضم 217 نائبًا برلمانيا سابقًا أغلبهم من الحزب الوطني المنحل، وعددًا من الكوادر السياسية، فهو يبحث عن شرعية شعبية تمكنه من المنافسة في الانتخابات البرلمانية المنتظرة، حيث عقد التحالف اجتماعات متتالية خلال الأسبوعين الأخيرين لبحث خطة خوض عدد من أعضائه هذه الانتخابات. ويشهد شهر نوفمبر (تشيرين الثاني) المقبل عقد التحالف أول مؤتمر له بصعيد مصر بمحافظة المنيا، والذي سيتم من خلاله تشكيل الإطار التخطيطي للتحالف بمحافظات الصعيد التسع، وبدء تحديد كوادره التي ستخوض الانتخابات البرلمانية القادمة في مواجهة مرشحي تيارات الإسلام السياسي.
وتكثيفا لجهود البحث عن دور مستقبلي، قرر التحالف رفض مسودة الدستور، وطبع عدد من الكتيبات والمنشورات التي تحث المواطنين على التصويت بـ«لا»، كما بدأ التحالف تشكيل لجنة من أعضائه لبلورة رؤيته بشأن مبادرة «لم الشمل» التي دعا إليها الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية للإخوان المسلمين)، لبحث مدى جديتها وهل تستهدف كل القوى الوطنية بما فيها نواب الحزب الوطني السابقين.
ومع ما كشف عنه مؤخرا رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل عن اتجاه الحكومة للتصالح مع رموز النظام السابق في قضايا الفساد المالي، مؤكدا أن هناك تفكيرا جادا في هذا التوجه في إطار من شرعية القانون؛ يزيد اللغط حول الدور المنتظر لرجال مبارك في المرحلة المقبلة، وسط تضارب آراء المحللين حول فرصهم في الوصول إلى البرلمان المقبل، ومدى قدرتهم على الاستمرار داخل الحلبة السياسية في البلاد.
الشرق الاوسط
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire