أسدلت محكمة جنح مستأنف الظاهر حكم المحكمة السابق في قضية اتلاف سيديهات المحادثات الهاتفية لغرفة عمليات قطاع الأمن المركزي أثناء ثورة25 يناير المتهم فيها اللواء حسين موسي مدير جهاز الاتصالات بالامن المركزي
بتأييد حبسه لمدة عامين, ومن جديد, بدأت لجنة تقصي الحقائق في قتل المتظاهرين في نشر موقعها الالكتروني ورقم الهاتف لكي يتقدم كل من لديه معلومات حول أحداث ثورة25 يناير, وما جري من عمليات قتل للمتظاهرين في ميدان التحرير, إلي اللجنة بما يتوقع معه إمكانية إعادة المحاكمة من جديد إذا ظهرت أدلة جديدة في القضية.
وبرغم مرور أكثر من17 شهرا علي قيام الثورة, إلا أن أهالي الشهداء, ومعهم الشعب المصري يتساءلون: من أخفي أدلة الاتهام في قضية قتل المتظاهرين؟.. ثم من هم الفاعلون الأصليون الذين ارتكبوا الجريمة, ولم تصل إليهم يد العدالة؟.. ولماذا حصل الرئيس المخلوع حسني مبارك, ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي علي حكم قابل للنقض من جانب المتهمين المدانين ذاتهم, أو من جانب النيابة العامة والمدعين بالحق المدني- بالمؤبد, بينما حصل6 من مساعديه علي البراءة في القضية ذاتها؟, ولم يجد أحد ممن تابعوا القضية, ولا من أهالي الشهداء والمصابين أثناء ثورة25 يناير إجابة شافية عليها, مما أدي إلي اشتعال الثورة من جديد, والمطالبة بتشكيل محكمة ثورة للمتهمين.. ومع إيماننا القاطع باحترام أحكام القضاء وعدم جواز التعليق عليها انطلاقا من أن الحكم هو عنوان الحقيقة, لكننا نعيد طرح السؤال نفسه مرة أخري: أين ذهبت أدلة الاتهام في قضية قتل المتظاهرين؟
وقبل أن نبدأ, فلنستعرض ما قاله المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق وقت تلاوته الحكم بأن المحكمة ارتأت أنه إذا لم يتم ضبط جميع مرتكبي جرائم القتل والشروع فيه أثناء الأحداث أو حتي بعدها فلا يوجد قطع أو يقين في اتهام هؤلاء, فضلا عن خلو أوراق التداعي وما قدم فيها من مضبوطات فحصتها المحكمة فحصا دقيقا من أدلة مادية( عتاد وذخائر) تطمئن لها المحكمة ويمكن الاستناد اليها, كما خلت أوراق الدعوي وما قدم من مستندات من تسجيلات صوتية كانت أو مرئية ذات مأخذ شرعي وقانوني تطمئن له المحكمة, كما خلت أوراق الدعوي من ضبط أي اتصالات سلكية أو لاسلكية تعتمد عليها المحكمة في الادانة, كما أن المحكمة لاتطمئن الي ما تم إثباته في دفاترمخازن السلاح بقطاع الأمن المركزي المقدم في الدعوي وتطرحها لما يساورها من شك بشأنها.. كما خلت أوارق الدعوي من ثمة أدلة فنية قطعية تثبت أن وفاة المجني عليهم والإصابات قد حدثت من أسلحة رجال الشرطة, كما أن كافة التقارير الطبية المرفقة بأوارق التداعي وإن صح ما أثبت بها من إصابات لا تصلح دليلا علي شخص محدثها.. كما خلت بأوراق التداعي من مستندات أو معلومات كدليل جازم قاطع يثبت للمحكمة بما تطمئن اليه من ارتكاب أي من المتهمين الواقعة..
وبشكل عام, فإن أدلة قضية محاكمة الرئيس السابق, وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق, و6 من مساعديه, والخاصة بقتل المتظاهرين خلال ثورة25 يناير, قد تم جمعها في ظروف غير طبيعية- والكلام هنا للواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية الأسبق- وهو ما أقره وزير الداخلية الأسبق اللواء محمود وجدي, حيث أكد أنه لم يجد أحدا من الضباط في مكتبه حينما تولي الوزارة, ومن ثم أصبحت قوات الشرطة شاردة خلال الثورة, ولم يكن هناك من يصدر قرارا ولا يلملم شمل هذه القوات, وعلي ذلك كانت عملية جمع الأدلة في قضية قتل المتظاهرين أمرا صعبا للغاية.. من هنا كان يجب علي النيابة العامة ألا تخضع لابتزاز الشارع- كما يقول اللواء المقرحي- ومن ثم كان عليها جمع الأدلة عن طريق الأجهزة المعنية في الأوقات المتلائمة معها حتي تستطيع تقديم قضية متكاملة الأركان.
** سألناه: هل تعتقد أن سي دي إدارة الاتصالات بقطاع الأمن المركزي, وتم إتلافه خلال التحقيقات كان يحتوي علي معلومات مهمة كدليل اتهام في القضية؟
- المقرحي: هناك غرفة للاتصالات بالأمن المركزي, وهي تقوم بتلقي الاتصالات, والأوامر, والتعليمات, وتحركات القوات في المنطقة المركزية( القاهرة والجيزة والقليوبية), وقد يكون عليه بعض التحركات, والتعليمات التي قد تصلح كدليل أو قرينة, وقد تبين أن الاسطوانة المدمجة أو الـ سي دي قد تعرضت تلاعب واضح, ولذلك صدر الحكم علي الضابط المسئول عنها بالسجن مع الإيقاف, وأحيل للتقاعد.
في حين يري اللواء حازم حمادي الخبير الأمني أن القاضي اصدر حكمه في القضية وفقا للأوراق والمستندات والأدلة المقدمة إليه, ولأنه لم تكن هناك أدلة مادية علي قيام الشرطة بقتل المتظاهرين, صدر الحكم ببراءة مساعدي حبيب العادلي, وكان من الصعب إثبات الجريمة في ميدان التحرير الذي كان يجمع ملايين المتظاهرين وقت الثورة, معتقدا أن هناك أيدي خفية قامت بارتكاب هذه الجرائم لإثارة الفتنة في الميدان, واثقة من أنه لن يصل إليها أحد في ظل هذا الزحام الشديد في الميدان الذي كان ولا يزال يمثل ساحة مفتوحة لكل الأشخاص.
مهام النيابة العامة
أما ما يثار بشأن تقصير النيابة العامة في جمع الأدلة, فإن النيابة كما تقول الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة ـ مهمتها تولي التحقيق في مثل هذه القضايا أو تنتدب قاضيا للتحقيق, وعندئذ تقوم النيابة بجهودها بما يخول لها- وفقا لقانون الإجراءات الجنائية من أدوات التحقيق- أن تبحث عن أدلة الاتهام وأن تجمعها, وإذا وجدت أنها راجحة تحيل الدعوي للمحكمة, مشيرة إلي أن الموظف العمومي الذي يختلس أوراقا أو مستندات يخضع للعقاب, لا سيما اذا كان الدليل موجودا في عهدته, وتسلمه بسبب وظيفته ثم أخفاه, وعقوبتها السجن المشدد, أما إذا لم يكن الدليل في عهدته, ووصل اليه بمناسبة وظيفته ثم أخفاه, تكون عقوبته السجن أو السجن المشدد, أما اذا سرق شخص من موظف عام أوراقا أو مستندات أو اتلفها, فإن عقوبته تصل الي الحبس الذي يبدأ من24 ساعة وحتي3 سنوات, ويتوقف التكييف القانوني للواقعة علي تفصيلاتها.
التلاعب في الأدلة
ولمن لا يعرف, فإن أدلة الاتهام- كما يقول بهاء الدين أبوشقة محامي الجنايات الشهير- تشمل الدليل القولي كشهادة الشهود بأنهم رأوا الواقعة, أو سمعوها, أو نقلوها لجهات التحقيق حتي لو عن طريق التسامع من آخرين, وعند التلاعب فيه فمن حق المحكمة توجيه تهمة الشهادة الزور للشاهد, والثاني هو الدليل الفني كتقارير الطب الشرعي وخبراء الخطوط, والثالث هو الدليل المادي كحرز مزور, أو طلقات نارية, أو السلاح المستخدم في الواقعة, أو العثور علي آثار دماء محل الواقعة, وهذه الأدلة تشمل أحرازا أومستندات, أو تقارير فنية, أو غيرها من الأدلة التي تكون تحت سيطرة موظف عمومي مؤتمن عليها بحكم وظيفته, فإذا حدث عبث في الحرز فذلك معناه تغيير الحقيقة, ووضع واقعة صحيحة في صورة واقعة غير صحيحة, أو العكس, وإذا اختفي الدليل برمته, فذلك في نظر القانون جريمة اختلاس يجب عقاب الموظف العمومي علي ارتكابها.
تقديرالدليل
والحال هذه, فإن تقدير الدليل هو سلطة تقديرية للمحكمة وفقا للمادة302 من قانون الإجراءات الجنائية, وهذه السلطة تمنحها الحق في أن تأخذ بالدليل في أي مرحلة من مراحل المداولة, أو تطرح ماعداه دون أن تكون ملزمة بأن تبين العلة التي من أجلها طرحت بقية الأدلة, وإذا كان الدليل قوليا فللمحكمة أن تأخذ باحدي الروايات حتي لو أخذت بما ورد من روايات في محضر الضبط, وعليها واجب تحقيق الأدلة دون الاكتفاء بتحقيقات النيابة, وقد يتم اختلاس مستند من مجموعة مستندات, أو التلاعب في مضمون الحرز بالشطب, أو المحو, أو التحوير, أو إخفاء الحرز نفسه, ووضع حرز آخر مكانه, أو التلاعب في الكمية و المضمون, أو الشكل, وفي حالة الأسلحة قد يتم العبث في بعض إجزائها لإثبات أنها ليست صالحة, وفي هذه الحالة يتم الدفع بأن هناك عبثا قد امتد الي المضبوطات, وفي كل الأحوال يخضع الحكم بالبراءة لسلطة المحكمة, ولو أن الدفاع أثبت أن العبث قد امتد الي الدليل, فللمحكمة الحق في التصدي للواقعة, والتحقيق فيها.. وعند إثبات واقعة التضارب في أقوال الشهود, فمن سلطات المحكمة التقديرية أن تأخذ بأقوال الشاهد مع باقي الأدلة, وتطرح ماعداها دون أن تكون ملزمة ببيان أسبابه, ووفقا للقانون, فإنه إذا عبث موظف عمومي في أدلة الاتهام, عن طريق التزوير في ورقة عرفية يعاقب بالحبس مع الشغل لمدة لاتزيد علي3 سنوات, وإذا زور في مستند أو أحكام أو تقارير, أو محاضر رسمية فالعقوبة هي الأشغال المؤقتة والتي تتراوح بين3 سنوات و15 عاما أو السجن لنفس المدة.. بينما يعاقب أي متهم آخر بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن بما لايزيد علي10سنوات.
تقصي الحقائق تدين الشرطة!
ولعلكم سوف تتعجبون إذا اطلعتم علي بعض التفاصيل التي وردت في ملخص التقرير النهائي الذي نشره الموقع الرسمي للجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن الأحداث التي واكبت ثورة25 يناير2011 علي مسئوليته(www.ffnc-org.eg), وقد ضمت اللجنة العديد من المستشارين الأجلاء وهم المستشار الدكتور عادل قورة الرئيس السابق لمحكمة النقض, والمستشار محمد أمين المهدي رئيس مجلس الدولة الأسبق, والمستشار الدكتور اسكندر غطاس مساعد وزير العدل الأسبق, والدكتور محمد سمير بدران الأستاذ المتفرغ بحقوق القاهرة, والدكتورة نجوي حسين خليل مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية آن ذاك, ويذكر التقرير أنه تبين للجنة أن رجال الشرطة قد أطلقوا أعيرة نارية مطاطية وخرطوش وذخيرة حية في مواجهة المتظاهرين أو بالقنص من أسطح المباني المطلة علي ميدان التحرير, خاصة مبني وزارة الداخلية ومن فوق فندق النيل هيلتون, ومن فوق مبني الجامعة الأمريكية, وقد دل علي ذلك أقوال من سئلوا في اللجنة, ومن مطالعة التقارير الطبية التي أفادت أن الوفاة جاءت غالبا من أعيرة نارية وطلقات خرطوش في الرأس, والرقبة, والصدر, علما بأن إطلاق الأعيرة النارية لا يكون إلا بموجب إذن صادر من لجنة برئاسة وزير الداخلية, وكبار ضباط الوزارة, يسلسل بالتدرج الرئاسي إلي رجال الشرطة الذين يقومون بتنفيذه, وأشار التقرير إلي أنه بدأ إطلاق الأعيرة النارية يوم25 يناير2011 في مدينة السويس, ثم تواصل إطلاق الأعيرة النارية والخرطوش في سائر محافظات القطر لاسيما في القاهرة, والجيزة, والإسكندرية, والإسماعيلية, والدقهلية, والقليوبية, والغربية, والشرقية, والفيوم, وبني سويف, وأسيوط, وأسوان, وشمال سيناء, كما شوهدت سيارة مصفحة للشرطة كانت تصدم المتظاهرين عمدا, وقد شوهدت في وسائل الإعلام المرئية, وسجلت شبكة التواصل الاجتماعي إحدي هذه السيارات تنحرف نحو المتظاهرين, وتطرح أحدهم أرضا وأخري تسير للخلف لتصدم متظاهرا آخر, وترديه قتيلا.
ويشير تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق بشأن الأحداث التي واكبت ثورة25 يناير2011- بعد استعراضه قواعد استعمال الأسلحة النارية التي وردت بالقانون رقم109 لسنة1971, والعديد من القرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن- إلي أن وقائع إطلاق النار وما نجم عنها من وفيات وإصابات خلال أحداث ثورة25 يناير قد خلت من الالتزام بالضوابط المقررة قانونا علي النحو المستفاد من العرض المتقدم لتلك الأحداث, وقد دل علي أن الشرطة استعملت القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين, فضلا عن كثرة الوفيات والإصابات إذ بلغ عدد القتلي840 قتيلا, وتعدت الإصابات عدة آلاف من المتظاهرين, وذلك جراء إطلاق الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع التي كانت تستعملها الشرطة, وأن الكثير من الإصابات القاتلة جاءت في الرأس والصدر, بما يدل علي أن بعضها تم بالتصويب وبالقنص فإن لم تقتل الضحايا فقد شوهت الوجه وأتلفت العيون, وجاء بالتقرير أن لجنة التحقيق وتقصي الحقائق قد أرسلت كتابا إلي وزارة الداخلية لموافاتها بدفتر أحوال مخازن الأسلحة الموجود بقطاعات الأمن المركزي خلال الفترة من25 يناير عام2011 وحتي31 يناير2011 للوقوف علي كمية الذخيرة المستخدمة في الأحداث, وكذلك إطلاع اللجنة علي محتوي جهاز تسجيل الإشارات الموجودة بالوزارة, وبغرفة عمليات الإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزي خلال تلك الفترة غير أن اللجنة لم تتلق ردا حتي وقت تحرير التقرير.
ملفات الاهرام
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire