mercredi 2 janvier 2013

الحلقة الأولى : مذكرات وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط،


"أبو الغيط" يدلي بشهادته: الهاجس الأمني والملل الرئاسي كانا أقوى من أي محاولات لإعادة مبارك لقلب الأحداث

أحمد أبو الغيط
بدأت صحيفة الشرق الأوسط السعودية اليوم الأربعاء في نشر الحلقة الأولى من مذكرات وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط، التى سجلها في كتاب بعنوان في كتابه "شهادتي.. السياسة الخارجية المصرية 2004 – 2011" والصادر عن دار نهضة مصر، ويتكون من 13 فصلًا.
وتقول الصحيفة: تأخذك فصول الكتاب الثلاثة عشر، ومقدمته لتتعرف على الكثير من ملامح السياسة الخارجية المصرية دون إهمال لملف على حساب الآخر. فتارة يحدثك عن أسلوب الدولة المصرية في إدارة تلك الملفات وكيف أنها ومنذ قيام الجمهورية في عام 1952، صارت في يد رئيس الجمهورية وما وزير الخارجية إلا مجرد منفذ لها حسب أسلوبه والتحديات التي تواجهه.
وتارة أخرى يحدثك عن العلاقات المصرية الأمريكية وكيف حكمها العصا والجزرة طيلة الوقت والرغبة في جعل مصر إحدى أدوات الدولة العظمى في المنطقة باستخدام عصا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان داخل مصر، واستغلال رغبة الرئيس السابق في توريث ابنه الحكم.
وأخرى يحدثك عن العلاقات الإفريقية وكيف كانت مهمة لمبارك، ولكن ضعف الإمكانات الاقتصادية والهاجس الأمني لديه وكبر سنه جعلاه متباعدا، وأخرى يحدثك فيها عن القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل وما تحملته مصر في ظل تلك المسئولية التاريخية.
وتضيف الصحيفة: ترصد في كتاب "شهادتي" تركيز أبو الغيط على شخصية رئيس جهاز المخابرات العامة الراحل، اللواء عمر سليمان الذي يقول عنه إنه بات ذا تأثير واضح في عملية اتخاذ القرار في مصر منذ عام 1992 وتزايد تأثيره بعد فشل محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا في عام 1995.
ويروي في الكتاب أنه ومنذ توليه مهام وزارة الخارجية في يوليو 2004 أدرك دور سليمان في عملية صناعة القرار وقيادة الأمور في الكثير من ملفات الخارجية المصرية، وبخاصة فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأمريكية وملف مياه النيل وبالطبع ملف القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل. وهو ما يعبر عنه أبو الغيط قائلا: «أدى خوض المخابرات المركزية الأميركية وتكليفها بعملية تنظيم العلاقة بين العناصر الأمنية للسلطة الفلسطينية وإسرائيل فور نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إلى دور كبير مساعد أيضا للمخابرات العامة المصرية، ومن ثم تنامي علاقة عمر سليمان مع (تينت)، رئيس المخابرات المركزية وكل من خلفوه، وأدى ذلك إلى تعزيز إضافي لوضعية عمر سليمان شخصيًا مع الأمريكين وامتدادها بالتالي إلى وزراء الخارجية الأميركيين الذين لهم ملف القضية الفلسطينية».
يفسر أبو الغيط في كتابه جزئية مهمة كثيرًا ما أثارت التساؤلات وطرحت تحليلات من قبل السياسيين في عهد مبارك، وهي تراجع الوجود المصري في المحافل الدولية ممثلا في شخص الرئيس. وهو ما يبرره أبو الغيط بالقول: كان الهاجس الأمني والملل الرئاسي، وتقدم السن أقوى من أي محاولات لإعادة الرئيس لقلب الأحداث.
يقول أبو الغيط: كنت أتابع وبإحباط كبير غياب الرئيس عن المشاركة في أي من القمم الكبرى التي كانت تعقد كل عام على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة كل سبتمبر، وتوقفه عن المشاركة في أي من القمم الإفريقية منذ محاولة الاغتيال في أديس أبابا في عام 95، الأمر الذي كان له تأثيره على الصورة العامة لاهتمام مصر بإفريقيا لدى الكثير من القادة الأفارقة.
كان العالم يتغير وتنشأ به تحالفات وتجمعات وكيانات، وغابت مصر عنها بإرادتها على الرغم من دعوات المشاركة التي تلقيناها».
وعلى الرغم من غياب مبارك عن الساحات الدولية والإقليمية، إلا أن أبوالغيط يؤكد أنه اعتمد على دعم التحرك في الإطار العربي معتمدًا على المحور المصري الخليجي مع التركيز الشديد على السعودية كقوة رئيسية بالخليج، والاهتمام بالإمارات والكويت والبحرين.
فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأميركية، يتناول أبو الغيط حالة الصعود والهبوط التي شابت علاقة مبارك بجميع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية، بدءًا من توترها في عهد رونالد ريجان بعد حادثة السفينة «أكيلي لاورو» التي وقعت عام 1985 حين اختطف أربعة فلسطينيين إحدى السفن السياحية وقتلوا أحد السائحين الأمريكين اليهود عليها وبعد تفاوض معهم، سمحت لهم السلطات المصرية بالسفر على طائرة حملت معهم القيادي الفلسطيني أبو العباس إلى تونس؛ حيث أجبرتهم المقاتلة الأميركية على الهبوط في مطار صقلية، واعتقلتهم ما عدا أبو العباس الذي نجح في الهرب هو ومساعده إلى بلجراد.
ثم تحسنها مع بداية تولي جورج بوش الأب وكذلك في عهد كلينتون، وكيف تدهورت على الرغم من الدور المصري في الكثير من القضايا في عهد جورج بوش الابن مع رغبة الولايات المتحدة في دفع مصر في حروبها في أفغانستان والعراق، وهو ما رفضته مصر على الرغم من الضغوط الأميركية. ثم انفراجها قليلا في عهد باراك أوباما.
وهو ما يقول عنه أبو الغيط: «بدأ الضغط بطلب أميركي من مصر المشاركة في ائتلاف القوى المحاربة معهم في أفغانستان وهو ما رفضته مصر التي لم تستطع إرسال قواتها لأرض إسلامية للقتال في صفوف قوى غربية أو أطلسية.
كما قررت إرسال مستشفى ميداني ضخم إلى قاعدة بغرام الجوية الأطلسية لعلاج أبناء الشعب الأفغاني.. ثم تكرر الأمر مع غزو العراق فطلبت الولايات المتحدة من مصر، إرسال قوات مصرية للقتال أو العمل على تأمين الاستقرار في العراق، وهو ما رفضته مصر بشكل قاطع.
يواصل أبو الغيط توضيح شكل العلاقة المصرية الأميركية في ظل تزايد الحديث عن توريث الحكم في مصر منذ بداية الألفية، وهو ما يقول عنه: «كان قرارًا أمريكيا مدبرا وموقفا استراتيجيا تجاه مبارك ونظام حكمه ابتداء من بدء فترة الإدارة الثانية للرئيس بوش وكأن الصفقة المعروضة هي: عليكم بإرسال قوات وحزم أمركم في الوقوف معنا في حروبنا، وسوف ننظر فيما يمكن لنا التفاهم فيه معكم بالنسبة لمسائل تشغلنا تجاهكم، الديمقراطية، حقوق الإنسان، المجتمع المدني المصري، حق جمعياتنا غير الحكومية أن تعمل على أرضكم.
ويشير أبو الغيط في كتابه "شهادتي" إلى علم الإدارة المصرية بدعم القذافي للحوثيين بشمال اليمن بتقديم التمويل والسلاح لخلق بؤرة توتر على حدود السعودية من الجنوب، وكيف وصل الأمر بالقذافي، في إطار محاولته إضعاف التأثير السعودي في مسائل إمدادات النفط لكل من الهند والصين، أن عرض على مصر الموافقة على بناء خط أنابيب نفط بين طرابلس وبورسودان يمر في الأراضي المصرية، وهو ما ارتأته مصر ضربا من الخيال، فرفضته.
ولكن القذافي استمر في اللعب مع حركات التمرد في اليمن ودارفور؛ لكي يبقي على تأثيره على السودان، كما يقول أبو الغيط في كتابه.
ويتحدث أبو الغيط عن الملف النووي الإيراني، ويؤكدعلى موقف مصر الصارم فيما يتعلق بقضية الانتشار النووي وحرصها على بذل الجهد لإعلان منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل واضعة نصب أعينها إيران وإسرائيل معا. في الوقت الذي كانت دول الخليج تركز كل جهودها على إيران بمفردها.
وهو ما يقول عنه: «كان بعض أشقائنا بالخليج، يعطون اهتماما للملف النووي الإيراني بما يفوق النظرة إلى الملف النووي الإسرائيلي أو الوضع العام في الشرق الأوسط.. ومن ناحيتنا صممنا على عدم الفصل بين أمن الخليج والشرق الأوسط في شموليته، فيما يتعلق بمسائل نزع السلاح النووي وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل.
واطلع في يوليو 2007 على حديث لشخصية سورية ذات حيثية مع سفيرنا بدمشق ينتقد فيها مواقفنا من الملف النووي الإيراني وتصميمنا على المطالبة بإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.. ويقول لنا إن إيران تطور فعلا قدرة نووية عسكرية وهذا لصالح التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل ولا ضرر على العرب.
ولم يهتم هذا المصدر السوري أن يدقق في أن هذا الجهد الإيراني لا يعني سوى أن إيران ستكون قادرة نوويا وأن سلاحها النووي، مثله في ذلك مثل السلاح النووي الباكستاني سيخدم فقط مصالح إيرانية وباكستانية وليست عربية أو إسلامية. كانت مصر ترفض ازدواجية المعايير التي تحكم مواقف القوى الغربية تجاه هذا الملف النووي، وكنا نطالب بمعاملة إسرائيل نفس معاملة إيران وغيرها.
بوابة الأهرام

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire