mercredi 31 août 2011

مفاوضات السادات وإسرائيل كما يراها مصطفى خليل ح 2


188

أحمد منصور:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج "شاهد على العصر"، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق .. مرحباً يا دكتور.

د. مصطفى خليل:

أهلاً وسهلاً.

أحمد منصور:

توقفنا في الحلقة الماضية عند عودتك من الولايات المتحدة، وبعض العروض التي تلقيتها للانضمام إلى بعض التنظيمات السياسية ومنها الإخوان المسلمون، وقلت إن هذا كان الإعلان الأول الذي تعلنه عن هذا العرض الذي عُرض عليك وأنك رفضت هذا العرض.. في 23 يوليو 1952م قامت ثورة يوليو.. ماذا كان تأثير قيام الثورة عليك؟

د. مصطفى خليل:

في الحقيقة ثورة 23 يوليو ابتدت بمراحل مختلفة، يعني أول ما أُعلن عنها قالوا الحركة.. حركة الجيش، وبعدين الحركة المباركة، وبعدين بتتطور مع تطور أفكار القادة اللي قادوا الثورة في ذلك الوقت.

أحمد منصور:

يُفهم من ذلك أنهم حينما قاموا بتحركهم العسكري في البداية لم يكونوا يعنوا الق

يام بثورة وإنما بحركة تصحيحية؟

د. مصطفى خليل:

دا اللي ابتدوا قالوه، وابتدوا بالست نقاط.. المبادئ الأساسية فقط، ودي طبعاً فُسرت بعد ذلك بأنهم مش عايزين يخشوا في تفاصيل كثيرة، هم عايزين إجماع وطني عليهم في ست نقط لا يمكن الاختلاف حولها، ليكن.. ولكن لما قامت الثورة طبعاً كان ناس كثير فاكرين إن الثورة دي هتقوم، وبعدين جه مصطفى النحاس باشا بعد كده، وقابل فؤاد باشا سراج الدين...

أحمد منصور[مقاطعاً]:

كان الوفد اللي بيحكم حينما قامت الثورة؟

د. مصطفى خليل:

هو كان الوفد.. والله أنا مش فاكر، لكن قابله على أساس إيه إنك اتفضلوا بقى -الكلام اللي طلع- إنتوا نشكركم على إنكم شلتم الملك والكلام ده، بس الحكم دا مفروض بقى إحنا حزب الأغلبية نحكم، وطبعاً الكلام ده رُفض، لأن الحركة لما قامت أو الثورة لما قامت كان لها الأهداف الستة رغم قصر.. يعني نقول الأهداف الستة نحطها في صفحة واحدة.

والأحزاب النهار ده برامجها ما بتبقاش في صفحة، دا بيقدم لك كتيب ضخم وفي مفاده الإجراءات اللي هتتم، ولكن الناس كانت زهقت من الملك فاروق ومن طريقته ومن أسلوبه وأسلوب الحكم وكل الكلام ده، ورحبوا ترحيب شديد جداً بالضباط اللي قادوا الثورة، لو أنا برجع برضه للماضي، وأستطيع أن أقول إني كنت أعرف عدد منهم.

أحمد منصور:

مين أبرز الشخصيات اللي تعرفها؟

د. مصطفى خليل:

يعني أنا كنت أعرف زكريا محيي الدين، أنا كنت بلعب معاه كورة وإحنا ولاد صغيرين، بلده جنبنا، فكان موجود، وكلهم كانوا اللي عرفتهم أعضاء في نادي التجديف كانوا بيمارسوا رياضة التجديف، كان فيهم زكريا، كان فيهم صلاح سالم، كان فيهم كمال الدين حسين، كان فيهم بغدادي، حسين الشافعي...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كل دول كنت تعرفهم؟

د.مصطفى خليل [مستأنفاً]:

آه، كان فيه قبل قيام الثورة اللي أستطيع أن أقوله بدون ما حد يقول لي فلان كلام مش مضبوط، أو إنه بينافق حد، الشخصيات اللي قادت الثورة كانوا شباب ممتاز، يعني كل واحد لما بتمسك كل واحد حقيقةً بتشوف تاريخه وعمله ووجوده العسكري وطريقة تفكيره بعد كده، كانت شخصيات ناضجة جداً.

مش معنى كده إنه لما الشخصيات ناضجة لما بيتقابلوا مع بعض وبيقوموا بثورة إن كل التصرفات تبقى مضبوطة، أو إن الثورة تحافظ على وحدتها، وأن ما يحصلش انشقاقات فيها زي ما حصل.. دا كله بيبقى مختلف، ولكن أنا بتكلم على صفات الشخصية لكل فرد.

أحمد منصور:

شعورك إيه لما سمعت وقرأت إن ناس.. شخصيات تعرفهم وبينك وبينهم صداقات عملوا ثورة وصاروا حكام البلد؟

د. مصطفى خليل:

أستطيع إني أنا أقول إن أنا كنت واحد من اللي رحَّبوا بقيام الثورة، ولكن لم أتصل بأي من قادة الثورة، وعلى طول أنا باحترم الأوضاع الرسمية...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

خلاص الملك راح وجا حكم جديد.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

ودول جم وبعدين أنا كنت أعرفه .. كنت بكلمه، يعني لما كنا نقعد كأصدقاء يا فلان يا فلان، وكل الكلام ده هنا بقى لما خد وضع متغير، أنا احترمت هذا الوضع، ولما تقعد وتكلمه: سيادة فلان، يعني ما فيش بقى إن أنا بشيل التكليف بيني وبينه.

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كنت بتلعب معاه كورة وبتاع.

د. مصطفى خليل:

لا أنا ما أشلش التكليف، والواحد بيتكلم هنا في وضع جديد اتوجد، أنا مش عايز حاجة خالص ولم أطلب أي شيء، وماليش أهداف تخليني أروح والله أكلم فلان ده علشان.. أنا كنت في الجامعة وقاعد مبسوط وكل حاجة وباشغل، وكان لما رجعت طلبوا إني أدخل في مجلس الإنتاج...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

إيه هو مجلس الإنتاج؟

د. مصطفى خليل:

مجلس الإنتاج أسس، وكان فيه عدة شُعَب، وكان حسن إبراهيم رئيس المجلس..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ده أحد ضباط ثورة يوليو.

د. مصطفى خليل:

أحد الضباط الأحرار، صدقي سليمان اللي هو كان سكرتير عام المجلس كان صديق، وعرفته برضه من نادي التجديف، هو كان صدقي كان وصل للبطولة في [السكف] اللي هو القارب الواحد كنت أعرفه كويس قوي.

أحمد منصور:

يعني نادي التجديف ده مدخل للوصول لمناصب سياسية عليا.

د. مصطفى خليل:

فبصيت لقيت في مجلس الإنتاج كان فيه مجلس إنتاج ومجلس خدمات، مجلس الإنتاج علشان المشروعات والكلام ده، وفيه شعبة اسمها شعبة النقل والمواصلات، اتصلوا بي قالوا: عندك مانع تيجي عضو في هذه الشعبة، قلت: لا طبعاً ما عنديش مانع، فجيت وكنت باقعد مع.. كان أعضاء في هذه الشعبة سليمان متولي اللي هو النهارده السيد سليمان متولي وزير النقل والمواصلات كان عضو في نفس الشعبة اللي أنا كنت فيها، وابتدت علاقتنا شوف من كام.. ومن وقتها لغاية النهار ده.

كان فيها شخصيات، يعني هو ضابط مهندس، وكان إبراهيم صبحي ضابط مهندس، وكان فيه فتحي رزق اللي هو كان رئيس اللجنة ده كان لواء هو توفي -الله يرحمه- فأنا في الفترة دي كتبت تقرير عن كيفية إصلاح مرفق النقل والمواصلات..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

سنة كام تفتكر تماماً 54- 55؟

د. مصطفى خليل:

أيوه، قبل الوزارة على طول.

أحمد منصور:

كنت أستاذاً مساعداً في كلية الهندسة جامعة عين شمس.

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

وكانت عضويتك في مجلس الإنتاج بداية لدخولك إلى الحياة السياسية.

د. مصطفى خليل:

قعدت سنتين.

أحمد منصور:

في مجلس الإنتاج.

د. مصطفى خليل:

يعني عضويتي في لجنة النقل والمواصلات دي اللي كانت في مجلس الإنتاج وبعدين لما قدمت التقرير انتظرت بقى هل ممكن الكلام ده يتنفذ ولا مش ممكن.. كنت أتمنى إنه يتنفذ، فلما لم يُنفذ فأنا قلت لزكريا محيي الدين قلت له: والله أنا بقى لي سنتين في مجلس الإنتاج، وأنا شايف إن وجودي مالوش فايدة، وأنا عايز أخرج.. عايز أقدم استقالتي، قال لي: لا يا فلان ما تقدمش استقالتك.. ما تقدمش استقالتك! استنيت.

أحمد منصور:

حسيت إنه فيه حاجة؟

د. مصطفى خليل:

لا أبداً.. أبداً، إنما صديق عزيز وبيتكلم معايا مش هيغشِّني، فقلت طيب بصيت لقيت بعد كده جمال سالم كان هو وزير الموصلات في ذلك الوقت قدم استقالته، فأصبح منصب وزير الموصلات.

أحمد منصور:

خالي.

د. مصطفى خليل:

خالي، الإشاعات ابتدت، منين اللي هييجي.. منين اللي هييجي، كان كل كلام الإشاعات كلها اللي الواحد بيسمعها إن اللواء فتحي رزق هو اللي هيجي...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بصفته رئيس اللجنة.

د. مصطفى خليل:

اللي هو رئيس اللجنة، أنا بصيت لقيت في يوم وأنا موجود في النادي طلبوني بالتليفون من الرياسة: فلان، أيوه.. أه والله فيه السيد الرئيس جمال عبد الناصر عايز يقابلك، حاضر فين؟ بيته في منشية البكري.

أحمد منصور:

نعم.

د. مصطفى خليل:

كام؟ الساعة 6 بعد الظهر، قلت لهم حاضر بكل سرور.. فَرُحت وأنا خالي الذهن تماماً..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كان لك أي لقاءات مع جمال عبد الناصر قبل هذا الموعد؟

د. مصطفى خليل:

لا، أبداً.

أحمد منصور:

منذ قيام الثورة؟

د. مصطفى خليل:

منذ قيام الثورة.

أحمد منصور:

قبل ما تدخل على جمال عبد الناصر وتروح له بيته في الفترة من 52 إلى 56م، حدثت تغييرات هائلة داخل النظام السياسي المصري.. بعد قيام الثورة بعام تم إلغاء الأحزاب، بعدها بعام حدث الخلاف ما بين عبد الناصر وبين الإخوان، وتم حل الإخوان واعتقالهم.. حدث الخلاف مع الرئيس نجيب وتم استبعاد الرئيس نجيب وأصبح جمال عبد الناصر هو رئيس الدولة في عام 56م الذي توليت فيه الوزارة. قامت حرب 56م، أود أن تُقَيِّم لي بأمانة الفترة.. فترة التغيرات السياسية التي حدثت في الفترة من 52 إلى 56م قبيل أن تكلف رسمياً بأن تصبح وزير في حكومة عبد الناصر؟

د. مصطفى خليل:

التغيرات دي حصلت، وأنا بدي أقول حاجة يعني على الماشي كده: إن 1+ 1+ 1 إلى اثنين وستين مليون لا يجمعهم تنظيم يساوي واحد، إنما 1+ 1+ 1 في تنظيم سياسي ما يساويش 3 يساوي 10 يساوي 20، يساوي 30 يساوي أكثر.

أحمد منصور:

وضح لنا شويه يا دكتور؟

د. مصطفى خليل:

بمعنى إن اللي بينضم إلى تنظيم سياسي ما بيقيمش على إن ده عدده واحد أو اثنين أو ثلاثة، أو التنظيم دهوت شعبيته أد إيه ومدى التصاق الجماهير به، وكل الكلام ده.. الحركة العسكرية أو الثورة لما قامت ما كانش معروف على وجه الإطلاق الأهداف الرئيسية بتاعتهم، ونتائج الصراعات اللي حصلت.

أحمد منصور:

هم نفسيهم ما كانوش عارفنها لما قاموا؟

د. مصطفى خليل:

أيوه هما ما كانش عندهم برنامج.

أحمد منصور:

يعني هما قاموا كحركة تصحيحية يمكن إن كانت تقبل باستمرار الملك، لكن وجدوا نفسهم لديهم قدرة أن يطردوا الملك فطردوه بعد أيام قليلة من قيام الثورة؟

د. مصطفى خليل:

هي -وزي ما قلت قبل كده- الناس كانت زهقت من الأحزاب اللي موجودة بالفعل، وكانوا قابلين للتغيير، وكان الشعور إن أي تغيير هيكون أفضل مما كانوا فيه.

أحمد منصور:

بتعتبرها ثورة أم انقلاب عسكري؟

د. مصطفى خليل:

أفندم؟

أحمد منصور:

بتعتبرها ثورة أم انقلاب عسكري؟

د. مصطفى خليل:

أنا وقت ما قامت كنت باعتبرها انقلاب عسكري، بعد ما بدأت الأفكار الاشتراكية والأفكار إن إحنا بنحكم عن طريق حزب واحد.. هنا تغير مفهوم الحركة أو الثورة، لأنه في الأول لما باقول...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن ده خد عدة سنوات على ما تبلور.

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

ربما إلى بداية الستينات.

د. مصطفى خليل:

بالضبط.

أحمد منصور:

وإلى تأسيس الاتحاد الاشتراكي كحزب واحد.

د. مصطفى خليل:

بالضبط، لأن قبل كده كان فيه هيئة تحرير، وكان فيه الاتحاد القومي.

أحمد منصور [مقاطعاً]:

وفيه التنظيم الطليعي.

د. مصطفى خليل:

لا.. أنا ما كنتش عضو، حقيقةً أنا بقول لك، أنا ولا كنت عضو في هيئة التحرير ولا كنت عضو في الاتحاد القومي.

أحمد منصور:

ولا في التنظيم الطليعي.

د. مصطفى خليل:

لا، التنظيم الطليعي ده جا بعدين مش في الأول، التنظيم الطليعي ده جا في أواخر وقت عبد الناصر وأواخر الستينيات.

أحمد منصور:

ربما سنأتي له حينما نصل إلى تلك المرحلة.. لنعرف أيضاً رأيك فيه، وأنت لا تؤمن بالعمل السري ولا تحبه، وإن كان يُنظر له على أنه أيضاً تنظيم سرِّي أنشأه النظام في هذه الفترة..لنبق في التغيرات السياسية في الفترة من 52 إلى 56م وموقفك منها، واعتبارك إن ما حدث في 23 يوليو في البداية كان انقلاب ولم يتبلور إلى ثورة إلا ربما في بداية الستينات.

د. مصطفى خليل:

لم يتبلور، وبعدين كان هو التركيز كله على نظافة الحكم، التركيز على الكلام بالنسبة للديمقراطية والحريات وكده جا متأخر، ولو أنه كان فيه المبادئ الست بتاعت حركة الجيش.

أحمد منصور:

تحدثت عن النحاس وفؤاد سراج الدين، وأنهم ذهبوا في محاولة إلى أن يعود العسكر إلى ثكناتهم، وأن يمارس المدنيون السلطة.. هل كنت ترى أن الخطوة التي اتخذها العسكر في البقاء في الحكم وإبعاد أو استبعاد المدنيين من أن يعودوا ليحكموا البلاد كانت خطوة صائبة.. بأمانة وللتاريخ؟

د. مصطفى خليل:

انا بدي أقول لك حاجة.. أنا في الحقيقة قارئ جيد، واهتماماتي في مختلف الأمور وعندي مكتبة كبيرة جداً، ويعني..الجزء الغالب فيها باللغة الانجليزية، يعني بقول لك بمنتهى الصراحة، ومتابع للي بيحصل عندنا أو في الخارج، وأنا باقول أول الحركة ما جات كانت بتترجم عواطف عند الإنسان، ولكن العواطف دهيت ما بتستمرش، يعني أنت بتشوف ممارسات بتحصل قدامك، وبتشوف هل ده أنت بترضى عنه داخلياً أو لا، لأن العمل السياسي فيه كثير بيبقوا متهمين، اللي بيخش في العمل السياسي إنهم انتهازيين وعايزين فرصة علشان يرتفعوا سواء على المستوى الاجتماعي أو المستوى السياسي أو الوظيفي، وبعض الناس بياخدوا السياسة.. يعني كلمة سياسي دي لو تقولها في أمريكا الترجمة بتاعتها على طول ده راجل ما تقدرش تثق فيه، يعني في الكلام، طبعاً في مصر غير كده، يعني في مصر السياسة طبعاً بتجد جزء كبير من الناس اللي بيخشوا سواء...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بتعتبر قوة، مرادف للقوة.

د. مصطفى خليل:

ما هو القوة مش هتيجي إلا لو خدت منصب له صلة بالقوة، وأنا باكلمك بمنتهى الصراحة.

أحمد منصور:

يعني حتى لو عندك إيه وليس لك منصب مهما كانت اهتماماتك السياسية فلا تشكل شىء بالنسبة لـ..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

ما بتعوضها إزاي بتعوضها إزاي، ولا بد هنا ما دام بنقول" شاهد على العصر" لابد أني أقول أنه بيعوضوها عن طريق اتصالات وصداقات مع ناس في القوى، ولازم نبقى واضحين، يعني الشباب بتاعنا يعرفوا الأوضاع كما هي، ولكن أستطيع أن أقول إن..

أحمد منصور [مقاطعا]:

يعني أنت كده حضرتك بتعرفنا السكة.

د. مصطفى خليل:

نعم؟

أحمد منصور:

بتعرفنا الطريق يعني اللي ما يوصلش، يوصل بطريق تاني وده الواقع اللي موجود.

د. مصطفى خليل:

آه، ومش في مصر بس، في كل العالم.

أحمد منصور:

في كل العالم؟!

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

يعني أنت لك احتكاكاتك أيضا بكثير من الساسة في الغرب ولك صداقات؟

د. مصطفى خليل:

الغرب يمكن يبقى أكثر، يعني الغرب مجاله لما تشوف مثلاً (تاتشر) ونشأتها، لما تشوف (بلير) ونشأته، لما تشوف (فرانسوا ميتران) والكتب اللي اتكتبت عليه والكلام ده إنه بيحطوه في خانة السياسي الانتهازي نمرة واحد.. دي ما بتأثرش على السياسي على فكرة...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

المهم إنه اللي يوصل ويبقى في موقع القوة والصداقة، ويعمل قراره ويقولوا عليه زي ما هما عايزين.

د. مصطفى خليل:

يعني مش مهم، أنا باقول لك الكلام ما بيبقى لوش إطلاقاً نتيجة ولا تأثير، ويقدر الواحد يغطي الحتة دي بأي حاجة بتتقال يعني، أو موقف من المواقف مثلاً اللي تغطي بيه المثالب.

أحمد منصور:

أنت كده كشفت لنا جزء من سر المهنة يا دكتور.

د. مصطفى خليل:

لا، أنا باقول لك أنا أؤمن بحاجة.. إن إحنا نبقى صادقين مع أنفسنا، وصادقين مع تحليل الأوضاع، وبعدين البشر ما هماش مثل عليا، ما هماش ملايكة، وإذا كنا بنقول في انحراف عن الخط اللي مفروض الواحد ياخده، طيب ما هو بيحصل والواحد بيشوفها قدامه.

أحمد منصور:

هو ربما كثير من الناس يرددوا مثل هذه الأقوال، ولكن أن تصدر من رجل صار له أكثر من 45 عاماً في مواقع مسؤولية وسلطة، فإنما هي أيضاً بتؤكد مثل هذه الأشياء، وبتوضح طريق طبيعي يجب الناس إنها تدرك..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا، مش لازم، يعني أنا مثلاً أستطيع إني أقول إني شغلت مناصب كثير، وعرفت شخصيات كثير جداً، اللي بيشغل منصب وبيقدر يتعرف على اللي بيشتغل أو الانتهازي أو غير الانتهازي على طول، ماهياش عملية صعبة..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن أيضاً بيبقى الانتهازي وغير الانتهازي هذا بيوظفه في...

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

حسب عمل كل شخص وحسب موقعه في خريطة العمل، وحسب نوع اللي أنت بتكلفه بيه من عمل.

أحمد منصور:

حتى نبقى في إطار تقييمك للفترة من 52م، وسؤالي كان عن العسكر وبقائهم في السلطة، وعدم عودتهم إلى الثكنات.

د. مصطفى خليل:

اللي حصل إن الرئيس عبد الناصر -في الحقيقة- بدأ بأنه عايز يحط خط بين الجيش والحياة المدنية، وابتدى إنه مش عايز ضباط الجيش اللي هما في الجيش يدخلوا في الحياة المدنية، مثل أديه لتركيا من أتراك النهار ده .. النظام عبارة عن إيه؟ فيه مصطفى كمال وجه وله اتجاه معين، وسلخ تركيا عن تاريخها، وكان عنده عقدة من العرب ومن الخلافة وكل الكلام ده، فبتجد ده مترجم في الدستور بتاع تركيا، مين اللي بيحرس هذا النظام؟

أحمد منصور:

العسكر.

د. مصطفى خليل:

الجيش.. بمعنى إن إذا الجيش وجد إن الجناح المدني اللي موجود بيخالف رؤيته أو تفسيره للدستور التركي يقول لهم تفضلوا، بيمشوا، تحصل انتخابات.. هنا الجيش ما بيحكمش بنفسه، الجيش قاعد بره، وبيبص للمدنيين اللى بيحكموا، والسبب في كده إن الأتراك عايزين يخشُّوا السوق الأوربية، يبقوا عضو السوق الأوربية، السوق الأوربية ما بتسمحش لدول غير ديمقراطية إنها تنضم إلى السوق، علشان يجدوا المعادلة اللي تسمح لهم أن ينضموا إلى السوق، في نفس الوقت هو متمسك بالتعاليم اللي قال بيها..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

أتاتورك.

د. مصطفى خليل:

(أتاتورك) فالنظام مشى على الوضع ده، ومن كلام حتى الرئيس جمال عبد الناصر لما كان شاب إنه قرأ سيرة (كمال أتاتورك) كويس وعارف نظامه كويس.

أحمد منصور:

يعني معنى ذلك إنه هو كان بيحاول أن ينهج نفس نهج أتاتورك؟

د. مصطفى خليل:

يحاول أن؟

أحمد منصور:

يحاول أن ينهج نفس النهج الذي سار عليه أتاتورك.

د. مصطفى خليل:

لا، لا.. مش بيحاول أن ينهج...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ممكن أن يكون تأثر بشخصية أتاتورك.

د. مصطفى خليل:

لا، يعني لما بتقرأ عن النظام في البلد دي، وبعدين أنت بتقارن نفسك بالوضع ده، طب هنا الجيش كمؤسسة عبارة عن إيه؟ هل أخلي زي مجلس قيادة الثورة هو نفسه هو أصبح مجلس وزراء، هل ده يستمر، أو أقطع العلاقة عن الجيش كمؤسسة عسكرية، وبين الحياة المدنية والوظائف وكل ده، وهو في الحالة دهيت الضباط اللي أمكن إنهم يروحوا في الحياة المدنية راحوا في الحياة المدنية.. وزارة الخارجية والوزارات والمؤسسات والهيئات اللي اتعملت كلها.

أحمد منصور:

معنى ذلك إنه بشكل أو بآخر أصبحت السلطة في يد الجيش سواءً المدنية أو العسكرية، يعني كون إن ضابط خلع البزة العسكرية وتحول إلى المجال السياسي هذا لم يُغيِّر من طبيعته، من دراسته، من اهتماماته من أسلوب تفكيره، الكثير يعني؟

د. مصطفى خليل:

لا ما كنش يضمهم تنظيم، ما أنا علشان قبل كده قلت 1+ 1+ 1= 1 لو ما فيش تنظيم، لكن لما يبقى يضمهم تنظيم، بيبقى له قوة تانية متعاظمة، لا.. جمال عبد الناصر أو الريس جمال عبد الناصر يعني، كان فعلاً يسير في سياسة الفصل بين الجيش كمؤسسة، مش كفرد، يعني هنا أنا برضه بدي أوضح إنه هناك خلاف بين إنك بتجيب راجل عسكري وبياخد وظيفته مدنية...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

نعم، هي لازالت موجودة إلى اليوم في نظام الحكم مش في ذلك الوقت بس.

د. مصطفى خليل:

ومش هنا بس، وفي جميع العالم زي.. امسك (إيزنهاور) في أمريكا، امسك شخصيات...

أحمد منصور:

(بوش).

د. مصطفى خليل:

بوش وغيره وكلهم .. يعني مش عملية مقصورة علينا كبلاد عربية.

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن هو الفرق بين هنا وهناك إن فيه هناك مؤسسة مدينة وهناك صناع سياسة، يعني مؤسسات موجودة، والرئيس ليس هو الأول والأخير في القرارات..

د. مصطفى خليل:

طبعاً.

أحمد منصور:

هذا هو الفرق، هنا الصورة لها وضع آخر.

د. مصطفى خليل:

النظام نفسه هو اللي بيحدد أشخاص، لا، ممكن فيه ضباط أنا أقول، أحييهم وهقول لك دول من أبرز الشخصيات كضباط...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

عسكريين.. في المجال العسكري تقصد؟ ولاّ حتى في المجال المدني؟

د. مصطفى خليل:

أبداً.. والمجال المدني، هقول لك حاجة إحنا موجودين فيها النهارده، شوف محافظ إسكندرية راجل عسكري، وكان.. يعني ما ليش دعوة مش هقول بقى التاريخ وكل الكلام ده، إنما لما جا وهو عسكري تولى محافظ إسكندرية.. تستطيع أن توافق على الكلام اللي عمله أو بتعترض عليه؟

أحمد منصور:

والله للأسف أنا مش عايش في مصر، ولذلك لا أستطيع أن أقيِّم الأمر.

د. مصطفى خليل:

لما تروح إسكندرية.. والله أنا شفت ثناء عليه من كل واحد قابلته، وأنا بروح إسكندرية بفارق كبير...ا

أحمد منصور [مقاطعاً]:

هو طبعاً يا دكتور، لا شك إن تقييم كل فرد يختلف عن تقييم المؤسسة، وأنا هنا في إطار نظام المؤسسة، في إطار نظام أن الجيش قد قام بحركة اعتُبرت انقلاب أو حركة عسكرية ولم يعد إلى ثكناته، وزي ما سعادتك قلت إن مجلس قيادة الثورة تحول نفسه إلى الوزارة.

د. مصطفى خليل:

لا، هو سيادتك شوف الجيش رجع إلى ثكناته، لكن قادة الثورة، لا ما رجعوش...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

أنا لم أقصد.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

إلى ثكناتهم.

أحمد منصور:

وحدثت خلافات بينهم، بعضهم كان بينادي إلى العودة، أنت تقييمك إيه لهذا الأمر.. هل كنت ترى إنه لو لم يتم حل الأحزاب.. لو هؤلاء القادة العسكريين قاموا بمهمتهم وسلَّموا لأناس مدنيين، واللا الوضع اللي الأمور صارت فيه كان هو الوضع الأفضل، تقييمك الشخصي يعني بغض النظر عن أي شيء إنما شهادة تدلي بها: ما هو كان الأفضل لمصر، أن يبقى العسكريون في السلطة أم أن يعود إلى ثكناتهم؟

د. مصطفى خليل:

هو ما كانش ممكن على وجه الإطلاق إنك تتصور إنهم هيعودوا إلى ثكناتهم، يعني لما...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لماذا يا دكتور؟

د.مصطفى خليل [مستأنفاً]:

لما بتقيم الأمور على أرضية الواقع، مش على أرضية المثل العليا وما يجب أن يكون، وفرضيات بقى ونفضل نقول ده كان أحسن واللا ده، على أرضية الواقع ما بيحصلش، على أرضية الواقع في مصر هنا بندي نموذج لمثل هذا التطور، إنك الأول بتعتمد على مؤسسة لقلب نظام الحكم، بعد كده بتستولي على الحكم، بعد كده بتعمل التنظيمات الشعبية اللي هي تؤيد الحكم.

اللي عايز بقى ينضم من العسكريين يدخل التنظيمات الشعبية، أو التنظيمات السياسية اللي بيعملها النظام، أنت بعد كده بتجد الناس بتتذمر ومش عاجبها، فتبتدي تعمل حياة سياسية معينة، وفيه انتخابات لمجلس الشعب أو مجلس الأمة، وبتنقل بالراحة من النظام العسكري، أو قبضة الحاكم الواحد، أو قبضة المجموعة من الحكام على الحكم، ده اللي إحنا مشينا فيه.

وأنا بقول تحوُّل طبيعي، يعني موجود.. تحول طبيعي موجود، وبعدين النهار ده مثلاً ما شفوش إن فيه ناس يقدروا يشتكوا ويقولوا والله الجيش مستولي على السلطة، هل الجيش مستولي على السلطة؟ لا، طيب هل الرئيس مبارك رجل عسكري الآن؟ ما أقدرش أصف إن هو رجل عسكري الآن...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

رغم تاريخه العسكري؟!

د. مصطفى خليل:

آه، أنا بقول لا، ده الرئيس مبارك بقى شخصية مدنية زي الرئيس السادات أصبح شخصية مدنية، ولكن الجيش نفعه في حاجة أساسية، والجيش فيه ميزة، والنظام والعمل (والريديكشن) عارف...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

الحياة المنضبطة.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

الانضباط.. كل الكلام، أما إنه ينجح أو ما ينجحش ده متوقف على الشخص نفسه اللي كان بيشغل مثلاً رتبة كذا أو منصب كذا، وكان في الحتة دي اللي بيشتغل فيها.

أحمد منصور:

دكتور مصطفى أعود بك الآن إلى الاستدعاء الذي وُجه إليك لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر في بيته في منشية البكري في عام 56م في الساعة السادسة مساءً.. ماذا تم في هذا الاجتماع أو في هذا اللقاء؟

د. مصطفى خليل:

الرئيس عبد الناصر كان معاه في ذلك الوقت الرئيس أنور السادات، يعني كان الرئيس عبد الناصر ومعاه أنور السادات في حديقة منزله، فلما رحت سلمت عليه طبعاً قعدت فهو قال لي يا فلان أنت تقدر تنفذ -كده على طول- الكلام اللي أنت كاتبه في تقريرك؟ كان قدامه التقرير…

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كان مضى أد إيه على التقرير؟

د. مصطفى خليل:

كان مضى عدة أشهر اللي -زي ما قلت- دفعتني أني أقول طيب بلاش ضياع وقت، والواحد بيروح على حاجة مالهاش نتيجة.

أحمد منصور:

نعم.

د. مصطفى خليل:

فأنا في الحقيقة الخبر أول مرة، وأنا ولا كان فيه اتصال ولا حاجة، ولا عرفت حتى من أي حد، فقلت له يعني أنفذه إزاي؟ يعني أنا بشتغل في الجامعة ماليش علاقة بـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بالهيئة التنفيذية.. بالسلطة التنفيذية.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

بالجهة التنفيذية.. يعني أنفذه إزاي؟ قال: تمسك المواصلات، قلت له: أمسك المواصلات؟! قال: يعني تبقى وزير المواصلات.. زي ما باقولك أنا فوجئت بـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

وكان معظم الوزراء من الضباط في ذلك الوقت.

د. مصطفى خليل:

معظم؟

أحمد منصور:

الوزراء.. معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا وزراء في ذلك الوقت.

د. مصطفى خليل:

لا.. بس الحكومة وقتها اللي دخل معايا الوزارة كان عزيز صدقي وسيد مرعي...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

شخصيات مدنية وقديمة.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

عزيز لأنه كان في مجلس الخدمات.. أنا كنت في مجلس الإنتاج وهو كان في مجلس الخدمات، سيد مرعي كان في الإصلاح الزراعي فإحنا الثلاثة دول دخلوا في التشكيل اللي جه أثر استقالة -زي ما قلت لسيادتك- جمال سالم.

أحمد منصور:

جمال سالم، نعم.

د. مصطفى خليل:

فأنا كان ردِّي على الرئيس عبد الناصر قلت له: يا سيادة الريس أيوه أستطيع إني أنفذه بس أنا عايز الكلمة اللي قلتها (الباكنغ) بتاعك ما لم يكن فيه (باكنغ) ليّ .. طيب أروح أنقذ إيه؟ كانت العملية هتبقى صعبة.

أحمد منصور:

أنت لما وضعت هذا المشروع وضعته كأستاذ أكاديمي واللاَّ وضعته أيضاً كمشروع قابل للتنفيذ؟

د. مصطفى خليل:

لا.. قابل للتنفيذ.

أحمد منصور:

رغم عدم وجود علاقة سابقة لك بالأشياء التنفيذية.

د. مصطفى خليل:

ما أنا كنت في اللجنة دي.. أنا أساساً اشتغلت بعدما اتخرجت من 41 إلى 47م لما سافرت في البعثة.. أنا كنت مهندس في السكك الحديدية.

أحمد منصور:

يعني عندك خبرة عملية.

د. مصطفى خليل:

كان عندي خبرة عملية.

أحمد منصور:

أضفتها إلى الخبرة الأكاديمية وأنت تضع التقارير.

د. مصطفى خليل:

فأنا قلت له: يا سيادة الريس ممكن يتنفذ لو تديني (الباكنغ) بتاع التنفيذ، قال لي: أيوه أديك (الباكنغ)، قلت له: خلاص بس، وخرجت من المقابلة، اتصلوا بيّ بعد كده حلف اليمين في الأيام كذا، الحكومة كان يرأسها الرئيس عبد الناصر يعني الوزارة، وكانوا حوالي 17 وزير.. اللي كان حاجة بقى كانت مثار باستمرار نقاش بيني وبين سيد مرعي إن سيد مرعي لما دخل الحكومة دخلها كوزير دولة...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بدون حقيبة، بدون وزارة.

د. مصطفى خليل:

إحنا دخلنا أنا وعزيز.

أحمد منصور:

كوزراء.

د. مصطفى خليل:

كوزراء، فكان لما يتكلم في حاجة أقول له: اسكت يا أستاذ أنت وزير دولة ما تتكلمش، يعني خد بالك.. لكن في الحقيقة كانوا اللي أتذكرهم كان فيه الدكتور نور الدين طراف كان شخصية كبيرة جداً، كان فيه أحمد عبده الشرباصي من الناس اللي ما يقدرش الواحد ينساهم.

أحمد منصور:

كان يستطيع أو تستطيع الوزارة أو الوزير في ذلك الوقت أن يتصرف بشكل مطلق في وزارته ومسؤولياته، أم أنه أيضاً كان النظام العسكري أو نظام الحكم له تأثيره على كل شخص؟

د. مصطفى خليل:

أنا باقرر واقع، وقلت لي الواحد يلتزم بالواقعية الكاملة وبالصدق..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

وبما رأيت ومارست، نعم.

د. مصطفى خليل:

الرئيس عبد الناصر ما كانش زي الناس ما هي فاكرة إنه بعبع قاعد رئيس مجلس الوزراء، أو بتدخل تعمل اجتماع، يبقى هو اللي هيتكلم طول الاجتماع وأنت ما عليك إلا تنفيذ الكلام اللي هو بيقوله.. هذا غير صحيح ولم يحدث على وجه الإطلاق، الرئيس عبد الناصر كان من النوع اللي بيسأل كل واحد رأيه في الموضوع المعروض.

أحمد منصور:

هل كان بيغير رأيه إذا وجد رأي آخر؟

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

يعني لم يكن عبد الناصر مستبداً في إدارته لمجلس الوزراء؟

د. مصطفى خليل:

إطلاقاً.. يعني إذا تصورنا إن ييجي شخص، وعايز يحكم كحاكم مستبد، إنه هيجيب بقى اللي يشتغلوا وياه ويفضل يدي لهم تعليمات، دي أسوأ طريقة حتى بالنسبة له، يعني الطريقة العملية إنك تسمع مستشارينك، رئيس الجلسة، يعني أنا عمري ما قعدت في جلسة أنا برأسها واتكلمت في الأول...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لو أنت تدير جلسة أنت رئيسها؟

د. مصطفى خليل:

إطلاقاً.

أحمد منصور:

كيف كنت تديرها ولا زلت؟

د. مصطفى خليل:

ولازلت أدير الجلسة بأني أقعد صامت، فيه (رول) للاجتماع يبقى متوزع، لازم أبقى عارف إن كان كل اللي قاعدين قروا المذكرات الموجودة في هذا (الرول)، أبتدي (بالموست جنيور) فيهم الأحدث أسأله، إحنا كنا بنأخد موضوعات ورا بعض، موضوع رقم 1 كذا، أسأل على طول: يا فلان أنت رأيك إيه في الحتة الفلانية، البند كذا علشان أبقى ضامن أنه قرأ، يقول لي: رأيي كذا، اللي بعديه، اللي بعديه.. كلهم.

أحمد منصور:

هل بيكون عندك قرار مُسبق قبل ما تدخل إلى الجلسة؟

د. مصطفى خليل:

لا.. ما تقدرش تدخل بقرار، إنما تقدر تخش باتجاه، إنما أهم حاجة إن اللي جالسين يشعروا إنهم شاركوا في اتخاذ هذا القرار.

أحمد منصور:

كيف كان عبد الناصر يدير مجلس الوزراء؟ باختصار.

د. مصطفى خليل:

باستمرار عبد الناصر كان له (كاريزما) كبيرة، يعني عبد الناصر لما تقعد وياه وتشوفه وتناقشه شخصية تحبها بعد كده، يعني ما فيش أبداً عبد الناصر ييجي زي الناس ما فاكرين إنه كان دكتاتوري يخبط على الترابيزة يقول لك إلا تعمل كذا، مش ممكن دي مش طريقة عمل، ولا تنظيم يعني في أي حتة اللي عايز يستفيد من خبرة الناس اللي موجودين وياه، حاجة من الاثنين، يا فيه ثقة ياما فيش ثقة، يا أنت معتقد إن الأفراد دول على المستوى اللي تقدر يدوك رأي له قيمته، إذا كان جايب نمر يقعدوا وكلام ده .. ما بيقاش طريقة...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

هل كنت تشعر إن فيه ثمة تنافس ما بين عبد الناصر وما بين بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين كانوا لا زالوا يعني يحكمون معه؟

د. مصطفى خليل:

لا ما شعرتش بهذا التنافس، ولو إن كان بيبقى فيه إشاعات كثيرة على إن فلان مش عارف له كذا وعلان كذا، لا لم أشعر أنه كان فيه تنافس.. شخصية عبد الناصر من الأول في قيادة الثورة، وفي نشأة الثورة، في اختياره لأعضاء مجلس قيادة الثورة خدت سنين منه -في الحقيقة- ولما بتقرأ عن الأوقات اللي حصلت وشخصياتهم وكده، الشخصيات كانت كويسة جداً...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن في وقت الغنائم عادةً ما يختلف الناس، يعني ربما قبل توزيع الغنائم وقبل أن يتولوا المناصب تكون الصورة مختلفة؟!

د. مصطفى خليل:

هقول لك حاجة..هقول لك حاجة.. الحكم مش غنيمة على وجه الإطلاق، واللي بيتعرّض لأنه ياخد مسؤولية الحكم مسؤولية كبير جداً، والشخص بضميره ما يقدرش.. أنت مفروض جاي علشان تحسن الأوضاع، وعلشان الناس تخدمهم، وأنا بدي أقول لك حاجة: أي وزير في أي حتة في أي عهد يستطيع إنه هو يعمل عمل آخر غير عمل الوزير يكسب منه أكثر بكثير جداً من مرتب الوزير...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

طبعاً إذا كان عمله وكان أداؤه أداء مهني بعيد عن الإشاعات حتى اللي بتطلق على كل من يتولى منصب سياسي أو منصب يعني...

د. مصطفى خليل ([مقاطعاً]:

شوف أنا بدي أقول لك حاجة.. أنا لما جيت رئيس وزارة فأنا كان عندي طباخ قبل ما أدخل في الوزارة، وبعدين بقى قعد يِزِن عليّ وراجع من بلد عربي وعايز أشتغل في حتة كويسة، وحاضر ووديته لوكاندة في الهرم، فجا لي بعد كده، وقال: سعادة البيه أنا تعبان في اللوكاندة والمرتب اللي باخده مش قادر أعيش بيه، فأنا ضحكت وقلت له: يا.. هو كان اسمه أنور، قلت له: يا أسطى أنور قل لي -هو عايش لغاية الوقت- قلت له: قل لي يا أسطى أنور أنت بيدوك قد إيه؟ قال: بيدوني ألف جنيه في الشهر…

أحمد منصور [مقاطعاً]:

سنة كام؟

د. مصطفى خليل:

لما أنا كنت رئيس وزارة.

أحمد منصور:

يعني 79- 80م.

د. مصطفى خليل:

قلت له: يا أسطى أنور أنت عارف المرتب اللي أنا باخده؟ قال: لا يا سعادة البيه يعني ليه، قلت له: المرتب اللي أنا باخده 325 جنيه و120 مليم...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ده راتب رئيس الوزارة في سنة 79م؟

د. مصطفى خليل:

والله أنا باحكي لك الواقع، قال: مش ممكن!

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ده غير البدلات يا سعادة الدكتور؟

د. مصطفى خليل:

ما كنتش باخد ولا مليم، وعمري ما رحت في لجنة خدت من اللجنة أي مليم ولغاية النهار ده.. أنا مسكت شركات طبعاً...

أحمد منصور [مقاطعاً]:

سعادتك كده، لكن ما نقدرش نقول إن ده مبدأ الناس كلها بتلتزم بيه.

د. مصطفى خليل:

ما هواش الكلام على أن دي غنيمة وده إسراف ودول مش عارف إيه، مش كده.. ربما من الناحية الاجتماعية بيبقى لها ما يعوضها.

أحمد منصور:

في عام 1958 إلى 1961م قامت الوحدة بين مصر وسوريا وكنت نائباً لرئيس مجلس الوزراء لشؤون النقل والمواصلات والطاقة والكهرباء في ذلك الوقت، في الحلقة القادمة أفتح معك ملف الوحدة بين مصر وسوريا من خلال..

د. مصطفى خليل:

بكل سرور.

أحمد منصور:

شكراً جزيلاً يا دكتور.

د. مصطفى خليل:

العفو.

أحمد منصور:

كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل رئيس وزراء مصر الأسبق.

في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire