mercredi 31 août 2011

مفاوضات السادات وإسرائيل كما يراها مصطفى خليل ح4


189

12/02/2000

أحمد منصور:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).. مرحباً يا دكتور.

د. مصطفى خليل:

أهلاً بيك.

أحمد منصور:

إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند بعض الأحداث الهامة ومنها حرب 67م، ولكن في عام 1966م وبعد أحد عشر عاماً من بقائك وزيراً ونائباً لرئيس الوزراء، تقدمت باستقالتك إلى لرئيس جمال عبد الناصر، ما هي الظروف التي قدمت فيها استقالتك؟

د. مصطفى خليل:

في الحقيقة كانت ظروف صحية 100%..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

رغم أنك كنت شباب يعني.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

اللي حصل إن كنت بالقي كلمة في اجتماع موسع وماشعرتش إلا وأنا واقع على الأرض، فسافرت يعني الرئيس عبد الناصر.. رحت انجلترا قعدت شهر، دخلت المستشفى، ولما خرجت طبعاً رجعت مصر فبلغت الري

اسة إن أنا مقدرش في أي تشكيل ثاني أكون موجود، يعني حقيقة مكنتش قادر إني أفوت في العملية دي مرة ثانية.

أحمد منصور:

قبل 67م وأثناء وجودك في السلطة في ذلك الوقت، وقعت أو حدثت بعض الأشياء الهامة، منها تشكيل الاتحاد الاشتراكي في أوائل الستينيات تقريباً، وتقريباً ربما بعد الانفصال بين مصر وسوريا، ما هي قصة نشأة الاتحاد الاشتراكي، والهدف الرئيسي من تكوين حزب واحد فقط في الدولة؟

د. مصطفى خليل:

اللي أستطيع أن أقوله: إن الرئيس عبد الناصر تأثر جداً بالرئيس (تيتو)..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

رئيس يوغسلافيا.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

نعم، الرئيس تيتو كان بيدّي نموذج لنظام اشتراكي، لأنه كانوا بيسموه اشتراكي حتى في الاتحاد السوفييتي يسمى اشتراكي، ومستقل تماماً عن روسيا، أو لا يخضع لأي إملاءات تيجي له أو أي تدخل خارجي بالنسبة له، الرئيس عبد الناصر أيضا كان مهتم بالتنمية الاقتصادية في البلد، وكان بيرى في التنمية الاقتصادية عن طريق النظام الشبيه بنظام تيتو إنه ممكن تتعمل تنمية اقتصادية، وفي الفترة دي على ما أعتقد أو ما أتذكر جاء الميثاق الوطني.

أحمد منصور:

نعم.

د. مصطفى خليل:

والميثاق لما بنقراه بنجد إن جزء كبير منه له صبغة اشتراكية يعني منقدرش نخفيها على وجه الإطلاق، الأحزاب الشيوعية اللي كانت موجودة في أوروبا، وزي حضرتك ما بتعلم أن أوروبا الغربية كانت مختلفة في الأحزاب الشيوعية بتاعتها، الواحد سفرياته بتيجي فرصة يقعد وياهم وكده.

أحمد منصور:

نعم.

د. مصطفى خليل:

الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية كلها كانت بتقبل النظام القائم على حرية الفرد وانتخابات..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

النظام الرأسمالي الموجود.

د. مصطفى خليل:

نظام ديمقراطي، لأن عمر الاشتراكيين ما بيوافقوا على النظام الرأسمالي، حتى النهار ده في الصين مثلاً، وأنا رحت من 3 سنين، بيسموا النظام نظام السوق الاشتراكي يعني مبيعترفوش إطلاقاً..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بالنظام الرأسمالي.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

إنه نظام السوق لابد أنه يكون رأسمالي، لا ممكن يكون نظام السوق ولكن..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

اشتراكي في نفس الوقت.

د. مصطفى خليل:

اشتراكي، وناس كثير بتوافق على أن أيوه الاقتصاد يبقى نظام السوق مبني على الكلام ده، ولكن تحت إشراف الحكومة، وده اللي باعتقد إن إحنا فيه في المرحلة دي..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

في مصر؟

د. مصطفى خليل:

في مصر.

أحمد منصور:

الآن وليس في الستينات؟

د. مصطفى خليل:

الآن وليس قبل ذلك.. الحصل إن الرئيس عبد الناصر فات بتجربة قبل كده، بتجربتين اللي هو الاتحاد القومي كان قبليه، وهيئة التحرير كانت قبليه، الدور ده الاتحاد القومي كان بيجمع جميع.. نقدر نقول الشخصيات الموجودة في البلد، ولكن ماكانش له نظام سياسي اقتصادي، البرنامج السياسي الاقتصادي ابتدى في الاتحاد الاشتراكي في تكوين الاتحاد الاشتراكي.

أحمد منصور:

أنت كنت أحد مؤسسي الاتحاد الاشتراكي؟!

د. مصطفى خليل:

لا، مقدرش أقول كنت أحد مؤسسي، إنما أنا كنت أحد اللي شاركوا في هذا النظام.

أحمد منصور:

في وضع النظام.

د. مصطفى خليل:

أيوه، النظام نفسه..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كان مين معاك يا دكتور عفواً؟

د. مصطفى خليل:

شوف بدي أقول حاجة، نظام الاتحاد الاشتراكي النموذج اللي اتاخد ماكانش النموذج السوفييتي، وإنما كان النموذج الصيني.

أحمد منصور:

الصيني!!

د. مصطفى خليل:

أيوه، والاتحاد الاشتراكي لما ابتدى.. ابتدى أيضا اللي كان موجود مع التأميمات اللي حصلت سنة 61م، وبعدين جا الميثاق الوطني، ولما تقرأ سيادتك الميثاق الوطني بتجد فيه إن دي اشتراكية علمية Once [بمجرد] إن أنت قلت اشتراكية علمية، هي بقى مفهوم الكلام ده إنه الشيوعية بيطلق عليها اشتراكية علمية.

المهم أن الكلمات في حد ذاتها مش مهمة، يعني ممكن أقول أي كلمة، المهم التطبيق اللي حصل بعد كده، التطبيق اللي حصل زي سيادتك ما أنت عارف اللي هو تحديد الملكية الزراعية، وخدت.. تطورت الأول من 100 فدان خُفِّض إلى 50 فدان الأسرة الواحدة حتى لما بيكون فيها عدد أفراد يجب ألا يزيد..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

الملكية للمجموع.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

الملكية فيها للفرد عن 50 وللأسرة عن 100، وده كان موجود وطبق فعلاً، يعني بلاد كثيرة عملت إصلاح زراعي قبلينا، آخذ مثل على كده اليابان، اليابان من ألف وثمانمائة وحاجة وتسعين طبقت نظام إصلاح زراعي، ولكن الحكومة دفعت تعويضات لملاك الأرض، الطبقة اللي كانت بتمتلك الأرض، هي اللي بعد كده دخلت مجال الصناعة، وابتدت تطور الـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن تم تعويضهم بشكل مناسب.

د. مصطفى خليل:

إنما تم تعويضهم، ما هو ده اللي أنا باقوله..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن ده لم يحدث في مصر.

د. مصطفى خليل:

ما حدثش في مصر، أنا ما قولتش حدث..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يعني إذن هذا كان شيء من الظلم.. فيه اختلاف.

د. مصطفى خليل:

فيه اختلاف طبعاً لازم نبقى فاهمينه وبنقوله، لأنه واقع حصل، والواقع ده هوَّت، وأنا باقول هذا الكلام، لأن طبعاً اليابان تقدمت تقدم ضخم جداً بعد كده، إنما كانت الطبقة اللي هي مالكة للأرض هي اللي أصبحت الطبقة الصناعية والمالكة للصناعة.

فتطبيق الإصلاح الزراعي في حد ذاته ممكن إنه يكون في نظام رأسمالي، ممكن يكون في نظام السوق، ومش ضروري أبداً إنه يكون في النظام الاشتراكي.

أحمد منصور:

التطبيق بالشكل الذي تم فيه حمل كثير من المظالم إلى الناس.

د. مصطفى خليل:

بجانب المظالم أنا بابص لنتيجة التطبيق من ناحية التصنيع نفسه في حد ذاته، زي سيادتك ما تعرف إن اللي بيدخلوا مجال التصنيع نوعين: نوع اللي هو بيطلق عليه اللي هو مروج المشروع و Entrepreneurs بتوع المشروع، وده بيدرس المشروع والاقتصاديات بتاعته، إذا كان دراسات جدوى، أو دراسات تسويق أو كله، والناس اللي بيقيموا المشروع دي طبقة اللي هي قادرة على أنها تبتدي وتقيم المشروع، وزي ما إحنا عارفين كلنا إن (طلعت حرب) يعني سنة 23م نستطيع إن إحنا نقول: إن هو كان منشئ الصناعة في مصر في حقيقة الأمر.

أحمد منصور:

نعم.

د. مصطفى خليل:

(طلعت حرب) طبعاً أدى خدمات كبيرة جداً لمصر سواء في مجال المصارف، بنك مصر هو أحد المؤسسات اللي (طلعت حرب) يعني قام بيها، بجانب كده عمل مجموعة شركات كبيرة جداً في جميع مجالات النشاط الاقتصادي، فالنشاط الاقتصادي لم يبدأ مع الرئيس عبد الناصر، يعني مانقدرش نقول كده، إنما بدأ من وقت (طلعت حرب) اللي هو كان سنة 23م.

كنتيجة للتأميم واستيلاء الدولة على أسهم الشركات، إن الأفراد اللي لهم خبرة كـ Entrepreneurs أو كـ.. بيقوموا على الصناعات الـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

المصنعين، نعم.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

معظمهم ساب مصر وخرج.

أحمد منصور:

يعني إذن مصر خسرت من وراء عملية التأميم؟!

د. مصطفى خليل:

طالما إنك إنت بتقول الخسارة أنت بترجع لهذا النظام مرة تانية، أو ماشي في عملية ملكية الدولة، وبعدين النقطة الأساسية كمان اللي بتبقى موجودة، لما بنقول القطاع العام هو اللي حيمول، طيب إذا ميزانية الدولة نفسها فيها عجز، إذن بتضطر إن ما عندكش فائض من ميزانية الدولة إنك تنمي أو تقيم مشروعات، فيبقى المتاح قدامك إنك تستدين من الخارج، فلما تستدين من الخارج، وأنا باقول طبقاً لخبرة الواحد منذ ذلك الوقت: الاستدانة (Once) المشروع ماكانش مدروس من الناحية المالية، وتوفير الأموال المطلوبة له بطريقة معينة، ممكن يفشل لعدم وجود دراسة لأسلوب التمويل، وأسلوب أن.. بتدير هذا المشروع.

أحمد منصور:

طب دكتور، لو أردنا الآن أن نقف عند تجربة التأميم بسلبياتها وإيجابياتها، ما هي رؤيتك لها وأنت كنت في وضع المسؤولية في ذلك الوقت من خلال الواقع الآن؟!

د. مصطفى خليل:

أنا فيه نقطة مهمة اللي عايز أجيبها، وها أقول لسيادتك على النقطة دي، بجانب كده طلع تعريف العامل والفلاح، يعني وإحنا مازلنا لغاية النهار ده بنقول إن جميع المؤسسات الموجودة في البلد بالانتخاب زي –مثلا- مجلس الشعب لابد إن يكون تكوينه 50% من العمال والفلاحين، العمال والفلاحين ماهياش الصيغة اللي بترضي ناس كثير من دعاة الديمقراطية..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ده كان من المبادئ اللي وضعت في تأسيس الاتحاد الاشتراكي.

د. مصطفى خليل:

أيوه.. أيوه كان مهم جداً، لأن فكر الرئيس عبد الناصر أن الفلاحين نفسهم اللي كان بيخليهم يصوتوا لده أو لده الملاك، إذن الفلاح نفسه كان محروم من مباشرة الحياة السياسية بتاعته، ولهذا طلع المبدأ القائل بأن 50% تبقى عمال و50% فلاحين، لما بتروح وتبص على الشخصيات اللي جات بعد كده نتيجة انتخاب عمال و فلاحين كانت شخصيات إيه يعني؟ هل هم عمال عمال أجراء بيشتغلوا في الأرض.

أحمد منصور:

طبعا لا.

د. مصطفى خليل:

طبعا لا، إنما تطورت إلى إن اللي يملك حيازة، يعني الحيازة في مصر معناتها إنك أنت في أي منطقة بتسجل نفسك كمستأجر للأرض وكمالك للأرض علشان تستفيد بالخدمات اللي بيقدمها بنك التسليف الزراعي، صاحب الحيازة بيبقى هو اللي بيزرع هذه الأرض مش المالك يعني إذا كان فيه مالك، ولكن فيه مستأجر.. المستأجر هو اللي بيسجل نفسه علشان يستفيد من الكلام. التعريف ده في حد ذاته رغم إن كثير من الرأي العام في مصر النهار ده بيطالب بـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بإلغاؤه، نعم وإعادة النظر فيه.

د. مصطفى خليل:

إعادة النظر فيه، ممكن إنك تلغيه بدون ما بتعمل أي نوع من رد الفعل السياسي، وطريقة الإلغاء بسيطة إنك بتعدل في تعريف العامل وبتعدل في تعريف الفلاح.

أحمد منصور:

وهذا لم يتم إلى الآن بالرغم من مرور 35 سنة.

د. مصطفى خليل:

تم في بعض حالات يعني منقدرش نقول إنه لم يتم..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

تسمح لي يعني علشان منخرجش إلى حاجات كثيرة من التطورات التي وقعت في تلك الحقبة، أن نبقى عند تجربة التأميم نفسها حتى لا نخرج عن إطارها، ثم نتطرق للأمور الأخرى، تقييمك لسلبيات وإيجابيات التأميم خاصة وأنه بعد أكثر من ثلاثين سنة على هذه التجربة، بدأت مصر تأخذ بنظام السوق الآن مرة أخرى، وأصبح هناك استثمارات وغيرها من الأمور، هل كانت التجربة خاطئة حتى اضطرت الدولة أن تغير نظامها؟

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

مقدرش أقول خاطئة ومقدرش أقول.. إزاي نشأ نظام السوق؟ يعني وأنا كنت باتكلم مع سيادتك باقول: إن نفس اتفاقية السلام كان لها الآثار الجانبية في اللي هي.. الناحية السياسية، والناحية الاقتصادية. يعني منقدرش نقول: إن التعديل اللي حصل سواء من الناحية السياسية اللي هي تعدد الأحزاب بجانب، وإلغاء الاتحاد الاشتراكي أو بالنسبة للنواحي الاقتصادية كان سببها إن إحنا اكتشفنا منذ ذلك الوقت إن هذا النظام مش ماشي. الكلام ده اكتشفوه –مثلا- في الاتحاد السوفييتي نتيجة لحرب النجوم وأن (ريغان) جا وفرض على الاتحاد السوفييتي إنه يمول مشروع ضخم جداً مقدرش إنه يستكمله، فكان انهيار..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن بشكل عام طالما أن النظام يتوافق مع الناس بيستمر ويبقى طالما أنه صالح لحياة الناس، أما إذا ظهر أن هناك أخطاء فيه.. عفواً يا دكتور حدث التأميم، والآن القطاع العام الذي أمم وأخذ من الناس يباع إلى الناس مرة أخرى بعد ثلاثين سنة، ماذا يعني ذلك؟

د. مصطفى خليل:

النظام طبعاً بدون شك، شوف أنت لما بتدخل في نظام معين الناتج أو رد الفعل السياسي بيبقى مهم جداً، لأنك أنت دخلت في نظام اللي هو اشتراكي في وقت كان فيه يعني القمتين دولتين عظميين بيتصارعوا على الوضع السياسي في المنطقة.

فده حد من الأسباب الكبيرة اللي دعت عبد الناصر إلى أنه يأخذ هذا الشكل، كان رفض تمويل السد العالي من جانب الولايات المتحدة، وأنت عارف وقتها اللي حصل، وبعد ما كانت الدراسات جاهزة وكل الكلام ده، فجا وزير الخارجية في أمريكا وأعلن انسحاب الولايات المتحدة من هذا الوضع.

فطبعاً النظام بتاعك في أي وضع لابد أنك بتكيفه نتيجة للنواحي السياسية الأخرى، يعني مش بس من النواحي الاقتصادية أو إنه فشل اقتصادياً، ودون شك فشل اقتصادياً في كل أوروبا الشرقية ما حدش بيعارض، وفشل اقتصادياً في روسيا، وسياسياً كان له رد عنيف جداً بالنسبة لانهيار الاتحاد السوفييتي نفسه، واستقلال الدول اللي كانت داخلة وتشكل الاتحاد السوفييتي.

فهنا لما بنقول هل كان فقط الناحية الاقتصادية هي اللي لها تأثير على فكر عبد الناصر؟ أنا باقول لابد إن إحنا نفكر في الناحيتين، أما النتائج اللي سيادتك بتسأل عليها، طيب هل أدى هذا النظام الدور اللي كنا نتمنى له، بأن نرفع مستوى مصر إلى.. الشعب كله مستوى الدخل بتاعه؟ أستطيع أقول: إنه لم يحقق هذا، ولكن إني أفسر عدم تحقيقه لأنه نظام اشتراكي، أقول طيب ما هي الصين أهي بتطبق نفس الكلام ده تحت أسلوب اشتراكي..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ما هو برضه عندها معاناة

د. مصطفى خليل [مسأنفاً]:

مش بالدرجة اللي فيها الاتحاد السوفييتي، ولا اتعامل بالأسلوب اللي اتعامل في بلاد ثانية، يعني ما هو إحنا بنمر على تجارب، وبرضه لازم الشعب العربي يبقى فاهم..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

هنا نقطة مهمة يا دكتور، يعني التجربة الاشتراكية الصينية أو الكورية أو السوفييتية أو اليوغسلافية، كل تجربة توافق طبيعة شعبها، أنت لما تيجي لشعب مصري عربي مسلم فيه أمور معينة لا تستدعي أبداً إنك تجيب نظام من أي دولة وتطبقه على هذا الوضع، لازم النظام ينبع من الشعب نفسه، أنتم حينما جئتم بهذا النظام لم تراعوا خصوصيات الشعب، ولا خصوصيات البلد، وإنما أحضرتم نظاماً وركبتموه على الشعب، فلم يركب عليه.. هذا ما حدث؟

د. مصطفى خليل:

أنا هاقول لسيادتك، النظام كان يهدف بدون أي شك إلى رفع مستوى الطبقات اللي هي أستطيع أقول إنها تحت خط الفقر..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لماذا لم تقوموا بوضع مشروع من داخل البيئة نفسها وليس من المستورد؟!

د. مصطفى خليل:

ولكن يعني أنت لابد أن يبقى عندك فلسفة اقتصادية بتقوم بتنفيذها، يعني ومهما كان لما تقول لي النظام حيقوم على أسس كذا أو أسس كذا، وأنا مش عايز أتناول الموضوع بالـ.. هنضيع فيه وقت كثير، ولكن لما أقول إن فكر الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت كان مقبول من عامة الشعب.

أحمد منصور:

عايز تقول إن في الفترة من 52 إلى 61م لم يكن هناك نظام معين تدار من خلاله الدولة؟! وأن النظام الاشتراكي تبلور فقط في عام 61م مع نشأة الاتحاد الاشتراكي..

د. مصطفى خليل:

أيوه.. أيوه.

أحمد منصور:

والفترة اللي هيه تسع سنوات السابقة هذه لم يكن هناك أسس محددة لنظام معين تسير عليه الدولة؟!

د. مصطفى خليل:

الثورة لما جات.. ما نقدرش أبداً ندعي أنهم من أول ما استولوا على السلطة كان في دماغهم نظام اقتصادي معين.

أحمد منصور:

ماكانش واضح.

د. مصطفى خليل:

لا..لا.

أحمد منصور:

ولم يكن هناك ميول سواء اشتراكية أو رأسمالية في..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا..لا بالعكس، يعني لما نقرأ كتاب (Game of Nations) لعبة الأمم، وتشوف العلاقات اللي كانت موجودة بين مصر والغرب، العلاقات اللي كانت موجودة بين مصر والغرب كانت علاقات قوية، وكان بالعكس يعني بتقدر تقول تقدر تعمل نظام اقتصادي ويبقى فيه عدالة اجتماعية موجودة بقدر الإمكان، وبترسم برنامج لرفع مستوى الشعب، ولكن الأحداث اللي حصلت يعني من الناحية السياسية سواء من وقت بناء السد العالي، أو حرب 56م دي كانت مهمة جداً، أو قيام الرئيس عبد الناصر بأنه هو تزعم بدون شك حركة تحرير الشعوب المستعمرة، وكان لها نتائج إيجابية كبيرة جداً سواء في العالم العربي أو في العالم الأفريقي..

أحمد منصور:

ألم تستنزف ثروات مصر؟!

د. مصطفى خليل:

مش كلها.

أحمد منصور:

لكن كان لها دور في استنزاف الثروة.

د. مصطفى خليل:

كان لها دور، يعني لما تسألني النهار ده وتقول الأفضل إن مافيش بلد بيبقى القائم عليها إنه يدخل حرب ماليهاش نتيجة، يعني أي نوع من الحرب بيتحسب ما هي النتائج السياسية لهذه الحرب؟ وكيف يمكن تحقيقها؟ لما بتفشل في تحقيقها بالطريق السلمي بتلجأ إلى العنف والحرب.

أحمد منصور:

لو انتقلت إلى الجانب السياسي في موضوع الاتحاد الاشتراكي، وهو نظام الحزب الواحد الذي لا يسمح لأي فرد يتبوأ منصب رئيسي في الدولة إلا وأن يكون منتمياً إلى هذا النظام.

د. مصطفى خليل:

أيوه..أيوه.

أحمد منصور:

وسعادتك أخبرتني بكده، إنه لم يكن هناك طريق أمام أي شخص يريد أن يكون له منصب رئيسي في الدولة إلا أن يكون منتمياً في الأساس إلى الاتحاد الاشتراكي.

د. مصطفى خليل:

أيوه.. أيوه.

أحمد منصور:

هل هذا كان صحيح لمصلحة البلد؟

د. مصطفى خليل:

والله في نظري في ذلك الوقت كان صحيح.

أحمد منصور:

وأهل الخبرة أين يذهبون إذا لم يريدوا أن ينتموا إلى هذا النظام؟ هل يمكن لأمة أو شعب كامل يفكر بطريقة أحادية؟ أن هذا هو النظام الوحيد الذي من خلاله يمكن أن تخدم البلد؟

د. مصطفى خليل:

لما بتيجي للطريقة الأحادية هتجد فلسفات كثير جداً بتتنازعك في هذا الموضوع، يعني النهار ده الأوضاع اللي موجودة بتجد أقصى اليسار الموجود في مصر النهار ده، وأقصى اليمين، أقصى اليمين وأقصى اليسار اللي بيجمعهم مع بعض إنهم فلسفتهم بتقوم على هدم النظام القائم مش تطويره، ولما نقول ممكن إن أي نظام يتوجد عن طريق إنك بتطوره بتكسب رأي عام قوي، وممثلين لك وكل الكلام ده.. ولكن لما بيقوم على هدم هذا النظام، بعدين بنجد نتيجة التطبيق في بعض البلاد الأخرى إنه سواء كان أقصى اليسار لما نقول في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية فشل، لما آجي أقول: النظام القائم على أسس يمين زي إيران مثلا أو أفغانستان النهار ده، طبعاً بيدي ضوء أحمر لأي شخص اللي بيفكر في مصلحة بلده أو الناحية السياسية في المستقبل.

إذن هنا اللي بيبقى في الحكم أو المسؤول عن نظام الحكم، وجا نتيجة أستطيع إن أقول إنه كان مد شعبي ضخم جداً أيد الانقلاب العسكري ثم الثورة في مصر، منقدرش نحكم النهار ده بالأوضاع القائمة على الأوضاع اللي كانت قائمة وقتها..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن عفواً يا دكتور –أيضاً- وقتها كان فيه ناس معارضين للنظام، وزج بهؤلاء الناس في السجون سواء من الشيوعيين، من الإخوان المسلمين، حتى من بعض ضباط الجيش الذين عارضوا الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت وعارضوا توجهه، لماذا لم يتم استيعاب كل هؤلاء ضمن النظام؟ وطبيعة البشر أنهم بيختلفوا في تفكيرهم؟!

د. مصطفى خليل:

شوف أي نظام بيجي، وأنا ما باقولش الكلام ده علشان حد يتهمني بالمكيافيلية واللا حاجة، لكن أي نظام بيجي أهم حاجة عند هذا النظام إن هو..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يرسخ الكرسي.. أو وجوده.

د. مصطفى خليل:

وجوده، ويرسخ وجوده في بعض الأحيان بتصل في بعض البلاد إلى إجراءات بتبقى متطرفة جداً ضد أعداؤه، ولكن حتى لغاية النهار ده لما بنذكر ثورة 52م باستمرار بيقولوا ثورة بيضاء، لأن ما فيهاش حالات عنف إلا العمال اللي..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

خميس والبقري، نعم.

د. مصطفى خليل:

نعم، مش معنى كده..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ما هو فيه بعد كده ناس أعدموا من الإخوان في 54م و65م، وناس من الشيوعيين –أيضا- ثم.. كان فيه حالات كثيرة الحقيقة برضه يا دكتور محتاجة نظر.

د. مصطفى خليل:

اللي أعدم منهم، ولما الواحد بيقرأ تاريخ عبد الناصر كويس، فبيجد إن حركة الإخوان المسلمين في مصر –مثلا- ماليش دعوة بالخارج، حركة الإخوان المسلمين في مصر كان فيه التنظيم العسكري سري اللي موجود ما نقدرش..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ما عبد الناصر كان على علم به وكان عضو فيه.

د. مصطفى خليل:

لا.. ماكانش عضو فيه، كان على علم بيه.

أحمد منصور:

وقيل أن هو بايع..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا، لا، يقولك المصحف والـ..

أحمد منصور:

نعم.. نعم.

د. مصطفى خليل:

لا..لا، عبد الناصر كان على علم..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

خالد محي الدين ذكر هذا الكلام.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

وكان عبد الناصر يعني تربطه ببعض قادة هذا النظام سواء اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

صحيح كان تربطه بيهم علاقات وكان يعرفهم جيدا..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

كان له علاقات، يعني وجوده في خلية (حديتو) اللي هي..

أحمد منصور:

الشيوعية.

د. مصطفى خليل:

الشيوعية منقدرش ننكرها.

أحمد منصور:

أنا ربما أكمل يعني أتناول هذا الأمر حينما نأتي لتقييم تجربة حكم عبد الناصر بالكامل، ولكن أنا الآن أمام تجربة الاتحاد الاشتراكي بالشكل الذي وصفته لي، وبالطريقة التي وصفتها، وهي أحادية التنظيم، أحادية الحزب، ألاّ يكون هناك أي مجال أمام أي شخص أن يكون له دور مؤثر في الدولة إلا من خلال هذا التنظيم. بإيجاز هل هذا كان صواب أم أنه -أيضاً- تجربة يشوبها خطأ؟

د. مصطفى خليل:

لما أفكر فيها النهار ده أقول إنه غير مقبول إعادتها مرة ثانية..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

تكفيني هذه الإجابة، وأعتقد أنها تكفي المشاهد أيضاً كتقييم من رجل صنع هذا النظام الاشتراكي..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا نقدر نقول: إن هذا الفكر والفلسفة دي ممكن قبولها مرة ثانية.

أحمد منصور:

دكتور هناك تجربة أخرى، ولكنها كانت تجربة سرية منظمة، كان الاتحاد الاشتراكي هو التجربة التنظيمية المعلنة، كان هناك تجربة سرية أيضاً أقامها الرئيس عبد الناصر، وأنت قبل ذلك قلت إنك لا تؤمن بالتنظيمات السرية ولا تحبها، وكانت تجربة التنظيم الطليعي، ما هي قصة هذا التنظيم؟

د. مصطفى خليل:

التنظيم الطليعي على مدى علمي لم يكن تنظيم مسلح على وجه الإطلاق، ولم يكن أفراده أفراد بيُعدوا لأي نوع من أنواع الصراع المسلح، إنما هو كان تنظيم بحيث إنه طبقاً لمفهوم ذلك الوقت، إن الناس اللي فعلاً مؤمنين بالثورة، مش كل أعضاء الاتحاد الاشتراكي، لأن لما بنقول كل أعضاء الاتحاد الاشتراكي، وزي سيادتك ما قلت عن حق إن أي واحد لازم يأخذ منصب كبير يبقى عضو في الاتحاد الاشتراكي، فهنا بتجد إنه احب يفرز ما بين نوعين من العضوية، ولكن التنظيم الطليعي مختلف كل الاختلاف عن أي تنظيم..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كيف؟ يعني وضح لنا هذا الأمر، لأن هناك غموض يحيط بهذا التنظيم، حتى إن الأستاذ هيكل يقول إنه شخصياً لم يكن يعرف رغم قربه الشديد من الرئيس عبد الناصر، ذكر في أكثر من كتاب له أنه حتى لم يكن يعرف كنه والشخصيات المنتمية لهذا التنظيم، في الوقت الذي كانت تتمتع فيه بنفوذ خاص؟

د. مصطفى خليل:

التنظيم الطليعي ما لعبش دور على وجه الإطلاق في تطور الاتحاد الاشتراكي.

أحمد منصور:

هو كان يختلف تماماً عن الاتحاد الاشتركي.

د. مصطفى خليل:

لا، لا، هم نفس الأعضاء اللي كانوا موجودين في الاتحاد الاشتراكي.

أحمد منصور:

يتم انتقاء بعضهم.

د. مصطفى خليل:

يتم انتقاء بعضهم وبيتعاملوا مع شخص واحد، وأنت عارف نظرية الحركات السرية دي، يعني إن كل الخلايا ما بيبقوش عارفين.

أحمد منصور:

يعني خلايا مغلقة؟!

د. مصطفى خليل:

دي خلايا مغلقة، بيبقى فيه ارتباط كل خلية بالتانية مش موجود، وإنما بتبقى فيه قيادات وخط تسلسل في القيادات هو اللي بيبقى عارف الوضع ده، التنظيم الطليعي ماكانش كده، وما قامش بأي دور أقدر أقول عليه كان حاسم في تعديل مسار نظام الحكم.

أحمد منصور:

مين اللي وراء فكرة تأسيسه؟!

د. مصطفى خليل:

الرئيس عبد الناصر طبعاً.

أحمد منصور:

نفسه.

د. مصطفى خليل:

آه.

أحمد منصور:

أوكل بعض الشخصيات للقيام بهذا الأمر؟!

د. مصطفى خليل:

كان فيه بعض الشخصيات الموجودة.

أحمد منصور:

تفتكر بعض هؤلاء؟

د. مصطفى خليل:

لا.

أحمد منصور:

ماكانش لك أي دور أو علاقة بهذا التنظيم ونشأته؟!

د. مصطفى خليل:

ماكانش، يعني أنا زي ما باقول باستمرار أنا بابعد نفسي عن أي نوع من التشكيل اللي باراه مش طبيعي.

أحمد منصور:

يعني كأنه عرض عليك وأنت رفضت؟

د. مصطفى خليل:

هو تقريبا ما عرضش يعني، مقدرش أقول إنه عرض علي وأنا رفضت.

أحمد منصور:

لكن فكرتك إيه يا دكتور إن نظام حكم قائم ويحكم وفي يده كل شيء ويقيم تنظيم سري؟!

د. مصطفى خليل:

اللي حصل إن كان فيه اتجاهات كثير، وفيه آراء كثير اللي هي بتطالب بتعديل نظام الحكم اللي موجود..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

مين كان بيتبنى هذه الاتجاهات؟ من داخل السلطة؟

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

حتى داخل الاتحاد الاشتراكي، يعني حتى داخل الاتحاد الاشتراكي، وسيادتك ذكرت دلوقت إن الاتحاد الاشتراكي كان تشترط عضويته لشغل أي منصب إذن..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ده بناء على كلام سعادتك أنت!

د. مصطفى خليل:

أيوه وده فعلا اللي كان حاصل، يعني أنا ما بانكروش، أنا باقول حصل، ودي فترة من تاريخنا لابد إن يبقوا عارفينها يعني حتى الشباب لغاية ما يكبر، وبعدين يبقى عارف إن ليه ما نجحش وليه نجح والكلام ده كله، لكن لما أبص لأوضاع الاتحاد الاشتراكي، هنا بقى الدعوة لما بتجي كان يقال: أيوه إحنا بنقبل المعارضة، إنما المعارضة دي تبقى معارضة لموضوعات منفصلة بعضها عن بعض. إزاي؟

أحمد منصور [مقاطعا]:

مش معارضة شاملة للنظام.

د. مصطفى خليل:

آه، يعني لما يجي موضوع التعليم، وهنا بتُطرح سياسة للتعليم، ربما فيه أعضاء برضه في الاتحاد الاشتراكي لهم رأي آخر في سياسة هذه السياسة، يبقى هنا يسمح لهم بتكوين أقرب ما يكون إلى غرفة معارضة، يعني مش معارضة قائمة على طول بتواجه الحزب الموجود..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لا، بتواجه مشروع معين مطروح.

د. مصطفى خليل:

ومتحركة، يعني..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

متغيرة، مش نفس الأشخاص يعارضوا..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

يعني يجوز أنا أشوف أن..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لك رأي في التعليم، لكن في الصحة أنت مؤيد.

د. مصطفى خليل:

لكن في الصحة أنا مؤيد للي بيتقال، علشان كده ماكانش موجود إنك بتعمل معارضة ثابتة، ده جا بعد كده.

أحمد منصور:

في فترة الرئيس السادات بعد ذلك.

د. مصطفى خليل:

بالضبط.

أحمد منصور:

لكن أنا هنا بقى لا أريد أن أخرج من إطار موضوع التنظيم الطليعي حتى تتضح بعض جوانبه، وأنت كنت شاهد على هذه الفترة وجزء من النظام وقتها، هذا.. ما الذي دفع إلى تكوين النظام الطليعي؟ هل وجود معارضة داخل.. أو ارتفاع الأصوات كما قلت بأن يتغير النظام، أو يكون هناك تعديلات عليه أو غيرها؟

د. مصطفى خليل:

لا.. هي احتياط أكثر منه حاجة..

أحمد منصور:

إن دول يحفظوا النظام، ويدافعوا عنه إذا تعرض لأي شكل من أشكال الاهتزاز، أو محاولات الانقلاب أو غيرها.. طب كيف يدافعوا عنه وهم غير مسلحين؟

د. مصطفى خليل:

والله أصل.. شوف لما تعمل أو حد بيفكر في انقلاب مسلح، انقلاب مسلح لابد أنه هيفكر هيواجه إيه؟ أنت العمل السياسي لابد يبقى واضح.. يعني، هنا مثلا التجربة اللي حصلت اللي هيه الانتفاضة الخاصة بالخبز.

أحمد منصور:

دي 17و 18 يناير؟

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

78م.

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

آه، علاقتها إيه طيب بما نحن بصدده الآن؟

د. مصطفى خليل:

أنا كنت وقتها أمين عام الاتحاد الاشتراكي.

أحمد منصور:

صحيح.

د. مصطفى خليل:

ولما حصلت الانتفاضة الرئيس السادات كان موجود في أسوان، واللي حصل إن كان الحكومة قدمت حوالي ليسته فيها ما يزيد عن ثلاثين سلعة رفعت أسعارها مباشرة دون تمهيد لهذه العملية، فطبعاً حركت جزء كبير من الشعب في.. والسادات سماها بعد كده (انتفاضة الحرامية) مش انتفاضة الـ.. كذا، إنما لما حصل الكلام ده قوات الشرطة اللي كانت موجودة ماكانتش تكفي لمواجهة اللي حصل.

أحمد منصور:

لم تكن تكفي ولاّ رفضت الدخول في مواجهة مع الشعب؟

د. مصطفى خليل:

لم تكن تكفي، وفيه قول: إن بعض حالات إن بعضهم.. بعض ضباط الشرطة ما وافقوش، إنما ده كلام أنا ماكانش كأمين عام الاتحاد الاشتراكي لا أستطيع أن أقول إن فيه دليل، أو أنا سمعته في ذلك الوقت، اللي حصل إن الاتحاد الاشتراكي كان عنده جهاز اللي هو الاتصالات التلفونية المباشرة بجميع أنحاء مصر..

أحمد منصور [مقاطعا]:

حتى القرى والنجوع..

د. مصطفى خليل:

آه، كان موجود، وطبعاً لما بيحصل حاجة زي دي أنت لابد أنك تكون على علم، وتكون متابع اللي حصل، فاللي حصل إن أول إجراء أنا قمت بيه كان عدم استخدام هذا الجهاز لأي واحد إلا بعدما يأخذوا إذني، يعني ما يقدرش..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يتصل ويشوف إيه الـ..

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

يتصل، وفيه بعض الإخوان اللي هم يساريين اتهموا بعد كده بأنهم وزعوا منشورات في..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

زي (رفعت السعيد) وغيره.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

وحصل فعلاً اسأل (رفعت السعيد)، رفعت وقتها قابلني بعد كده قاللي أنا أدين لك بأنك أنت قلت الحق في الشهادة، لأنهم قالوا: إن (رفعت) بعت منشورات من الاتحاد الاشتراكي لأن هم كانوا يقدروا يتصلوا وإلى الجهات المختلفة.. جهات مختلفة، ده لم يحدث وقتها، وأنا لما سُئلت بالنسبة لـ(رفعت السعيد) قلت: لا، ما حصلش، ما حصلش إطلاقاً، ليه؟ لأنه أوقف، مافيش حاجة راحت للكل، وفي نفس الوقت اللي حصل إن أنا طلبت الرئيس السادات في أسوان..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

أنا لا أريد أن ندخل في تفصيل –اسمح لي عفواً يا دكتور- في 17و 18 ربما أعود إليها بعد ذلك، ولكن إحنا الآن قفزنا من منتصف الستينات ونشأة التنظيم الطليعي، إلى أحداث 17و 18 يناير وكنت وقتها أمين عام للاتحاد الاشتراكي، وقلت في قضية التنظيم الطليعي: أنه من كوادر الاتحاد الاشتراكي تم تخصيص بعض الناس للحفاظ على النظام، وكان سؤالنا: كيف بيستطيعوا المحافظة على النظام وهم غير مسلحين؟!

د. مصطفى خليل:

التنظيم الطليعي ما لعبش أي دور في 17 و18 يناير..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كان لازال له وجود؟!

د. مصطفى خليل:

والله أنا مقدرش أحكم النهار ده، لأن لما بارجع بالذاكرة ما حدش اتصل بي على وجه الإطلاق.

أحمد منصور:

يعني حينما اخترت أمين عام للاتحاد الاشتراكي، وكان ذلك بعد وفاة الرئيس عبد الناصر بأربع سنوات، يعني في عام 74م حينما انتخبت أمين عام للاتحاد الاشتراكي، كان لا يزال التنظيم الطليعي موجود؟ وهو يتبع الاتحاد الاشتراكي وأنت الآن في منصب..

د.مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا ما اعتقدش بعد الرئيس عبد الناصر إنه كان له وجود.

أحمد منصور:

يعني انتهى بوفاة الرئيس عبد الناصر؟

د. مصطفى خليل:

انتهى أيوه، يعني ما اعتقدش، لأن أنا شخصياً كنت قلت لك بمنتهى الصراحة لا، بعد الرئيس عبد الناصر.. يعني فترة الرئيس السادات ماكانش فيه تنظيم طليعي.

أحمد منصور:

لكن هو يعني بعض التقارير بتشير إلى استمرارية وجود التنظيم، وإنه كان دوره هو إعداد قيادات تواصل مرحلة الحكم بعد ذلك، وكثير من قياداته اللي كانت موجودة أصبحت.. أصبح لها دور في الدولة بعد ذلك، ما مدى صحة ودقة هذا؟

د. مصطفى خليل:

لغاية النهار ده فيه ناس كثير لما بيتكلموا في الموضوع ده، فبيتكلموا فيه مش التنظيم الطليعي، لا، المعهد الاشتراكي..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

المعهد الاشتراكي؟

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

هو كان موجود المعهد الاشتراكي، واللي كان ماسكه كان أحد الناس البارزين في الاتجاه اليساري..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كان سري ولا كان معلن.. المعهد الاشتراكي؟

د.مصطفى خليل:

لا.. لا معلن..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

مين اللي كان ماسكه، طالما كان معلن مين كان اللي مسؤول عنه؟!

د. مصطفى خليل:

كان مسؤول عنه..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

آه

د. مصطفى خليل:

لا، مش هاقدر، أنا ما بجيبش أسماء.

أحمد منصور:

الشهادة ناقصة كده يا دكتور

د. مصطفى خليل:

أنا ما ليش دعوة بـ.. أنا باحكي لك الواقع.

أحمد منصور:

ما هو طالما شيء معلن، يعني طالما شيء معلن، والمعهد كان معلن وسعادتك الأمين..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

شوف المعهد خرج عدد كبير من الشباب، واللي الواحد كان بيسمعه من وقت للثاني إن دول مثلاً بتحطهم في الأجهزة الخاصة بالمواقع على المشروعات وبالـ.. فكانوا بيحاولوا إنهم يوقفوا ضد حاجات ممكن إنها كانت تمشي، ولكن التنظيم الطليعي ماكانش، يعني على مدى علمي زي ما باقول: المعهد الاشتراكي هو اللي كان له نشاط.

أحمد منصور:

لكن يقال حتى أيضاً إنه كان حتى أعضاء التنظيم الطليعي لهم نفوذ يقارب نفوذ الأمن السري أو الاستخبارات أو هذه الأشياء، وكانوا يعرفوا بعضهم البعض في المواقع المختلفة في الدولة، وكانوا موجودين في كل المؤسسات الرئيسية للدولة؟

د. مصطفى خليل:

والله أصل كلام كثير بيتقال طالما إنا مبنعرفش بالضبط طريقة تنظيمه طريقة إعداده وتثقيفه سياسياً وكل الكلام ده ممكن يتقال حاجات كثير.

أحمد منصور:

هو لذلك.. يعني كمرحلة من تاريخ مصر، فقط إحنا أردنا إن إحنا نعرفها، وأنت كنت شاهد على هذا الأمر، وكان لك دور في تأسيس الاتحاد الاشتراكي أمين عام بعد ذلك، وهذا كان جزء من الاتحاد الاشتراكي، فقط أردنا أن نعرف ما ليس بمعلوم عندنا..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

بس مع اختلاف التوجه، يعني لما تقول لي: طيب أنت التوجه اللي كان موجود عندي، لما الواحد بيقول أيوه أنا كنت أمين عام الاتحاد الاشتراكي، أمين عام الاتحاد الاشتراكي في الفترة اللي تحول فيها الاتحاد الاشتراكي إلى أحزاب.

أحمد منصور:

لكن أيضاً أنت كنت أمين عام مساعد في عهد الرئيس عبد الناصر.

د. مصطفى خليل:

لا، كنت عضو اللجنة التنفيذية العليا.

أحمد منصور:

أيضاً موقع ليس بسيط وليس سهل يعني..

د. مصطفى خليل:

أيوه.. أيوه لكن ماكنش.. ماليش علاقة..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يعني تشارك في صناعة القرار.

د. مصطفى خليل:

باشارك أيوه في صناعة القرار السياسي، ما نكرتش.

أحمد منصور:

يعني هذا كل ما لديك حول هذا الموضوع؟

د. مصطفى خليل:

أيوه حول الـ.. كل ما أتذكر عنه في الحقيقة.

أحمد منصور:

طيب ممكن –الآن- أنت حدثتنا عن المعهد الاشتراكي ودوره، وكان له دور أيضاً يخرج قيادات تواصل النهج الاشتراكي، وتواصل دورها في التواجد في مواقع التأثير وصناعة القرار في الدولة.

د. مصطفى خليل:

شوف لغاية يعني.. طول فترة حكم الرئيس السادات اللي هو في آخرها -زي ما قلت لسيادتك- حصل التحول اللي هو بعد حرب 73م..

أحمد منصور:

نعم، التحول السياسي من نظام الحزب الواحد إلى المنابر ثم الأحزاب بعد ذلك.

د. مصطفى خليل:

نعم المنابر ثم الأفراد، الاتجاه السياسي في مصر والتنظيم السياسي في مصر كان مرتبط تماماً بوجود الاتحاد الاشتراكي، محدش يقدر ينكر الكلام ده، مرتبط تماماً بوجود الاتحاد الاشتراكي، إنما بعد كده التعديل اللي حصل، حصل بأسلوب سلمي -زي ما قلت لسيادتك قبل كده- لما قامت الانتفاضة دي أنا اتصلت بالرئيس السادات في..

أحمد منصور:

في أسوان.

د. مصطفى خليل:

في أسوان، وقلت له سيادتك عندك بيان باللي حاصل إيه؟ قال أيوه كل حاجة under control قلت له: لا، مش كل حاجة Under Control فيه أوضاع كذا كذا كذا، واللي أنا شايفه إن سيادتك لازم ترجع، واللي أنا شايفه أيضاً –وده شيء ما كنتش أتمناه- إن الجيش ينزل.

أحمد منصور:

يعني أنت الذي طالبت بنزول الجيش..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

مش أنا بس..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

إلى الشوارع أثناء انتفاضة يناير 17 و18.

د. مصطفى خليل:

أنا أوضحت له الوضع، لأن أنت في وضع بتبقى أمين على شيء معين، أو إذا كان تحصل نقلة زي دي بالطريقة دي، مهيش في مصلحتي ولا في مصلحة بلدي..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ربما أعود لتفصيل ما حدث حينما نصل لتلك المرحلة، ولكن اسمح لي في الحلقة القادمة أتناول حرب 67م، ووفاة الرئيس عبد الناصر وما تلاها من أحداث بعد ذلك.

د. مصطفى خليل:

أيوه.

أحمد منصور:

شكراً جزيلاً لك يا دكتور مصطفى.

د. مصطفى خليل:

العفو.

أحمد منصور:

كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة –إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).

في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركات

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire