samedi 27 août 2011

جلال عامر :الخيلة الكدابة

10
المعركة ضد الفوضى يجب أن يقودها المحافظون الجدد، فالمحافظ يرى أكثر من الحكومة المركزية، خاصة أن فيهم «17» جنرالاً قد قاد معارك الحلفاء ضد النازية، «11» جنرالاً فقط أعادوا الأمن إلى ربوع أوروبا، لكن ما يفعله المحافظون الآن اسمه «الخيلة الكدابة»، ومحاولة إرضاء الناس بالكلام، فأين كشوف العمارات المخالفة، والتعديات وأسماء الفاسدين المطلوب محاكمتهم أو استبعادهم، حتى إن المرشحين للجوائز والمناصب بعد الثورة بعضهم حرامية كتب، وبعضهم حرامية مساكن، وكأن الثورة كانت هتافات، والرد عليها أصبح تصريحات، وأسعدتنى بكلام فأسعدتك بكلام، مثل هذه القصة القديمة الجديدة..

يزعم البعض أن يوم الجمعة فيه ساعة نحس، وهى الساعة التى تزورنى فيها حماتى، والتى مدتها بعد الثورة إلى ساعتين، ثم إلى ثلاث ساعات بعد الإعلان الدستورى، ثم أخيراً قررت الإقامة الدائمة عندنا لجمع الحطب بعد أزمة الأنابيب، وفى أول يوم لإقامتها عندنا أصدر الدكتور «شرف» أوامره إلى المحافظين بتوفير السلع والخدمات للمواطنين بمناسبة حلول المدارس ودخول رمضان، ومن يومها لم نعرف الراحة، إذ كانت حماتى تتبع محافظاً نشطاً فانهالت علينا التليفونات منه بمعدل تليفون كل ساعة يسألها عن احتياجاتها لتوفيرها، ثم يقول لها المحافظ «مع تحيات الدكتور شرف» ويضع السماعة.. فى نفس اليوم وفى الثالثة فجراً استيقظنا مفزوعين على صوت جرس التليفون، فرددت بنفسى فقال المتحدث «أنا محافظ الإقليم التابعة له حماتك..

من فضلك لم نعرف بعد الخدمات التى تفضلها حماتك حتى نوفرها لها».. كان ابنى الطفل يقف بجوارى وأنا أتحدث فقال لى «بابا.. بابا قل له عايز مصاصة»، لكننى قلت للمحافظ إن حماتى تشكو من روماتيزم والتهاب مفاصل، وأن التأمين صرف لها «نفتالين»، فوعدنى المحافظ ببناء مستشفى جديد على اسمها فى كل مدينة، ثم قال لى «مع تحيات الدكتور شرف»، ووضع السماعة ونام..

لم نجد حلاً إزاء هذه المطارادت التليفونية إلا أن نقطع سلك التليفون قبل أن ننام.. فى السادسة من صباح نفس اليوم سمعت طرقات عنيفة على باب الشقة ففتحت ووجدت رجلاً مهيباً قال لى «صباح الخير أنا محافظ الإقليم.. تليفونكم مقطوع فحضرت بنفسى لأعرف طلبات حماتك من السلع والخدمات».. وقبل أن أنطق بكلمة انصرف وهو يقول «مع تحيات الدكتور شرف».. خيلة كدابة وكلام أبيض وأسود فى تليفزيون ملون.. معركة المحافظين الحقيقية هى ضد الفوضى مثلما فعل جنرالات أوروبا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire