mercredi 31 août 2011

مفاوضات السادات وإسرائيل كما يراها مصطفى خليل ح3


187

05/02/2000

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).. مرحباً دكتور.

د. مصطفى خليل:

أهلاً بك.

أحمد منصور:

توقفنا في الحلقة الماضية عند الوحدة بين مصر وسوريا التي استمرت في الفترة من عام 1958م إلى عام 1961م وكنت وقتها نائباً لرئيس الوزراء.. د. مصطفى، هل تعتقد أن التخطيط لقيام الوحدة كان تخطيط دقيق، أم أنه كان نتيجة لعواطف هوجاء، واستجابة لواقع.. يعني غير حقيقي أن يؤهل مصر وسوريا للاتحاد في ذلك الوقت؟

د. مصطفى خليل:

الكلام حوالين الوحدة العربية، ومستقبل البلاد العربية، ومستقبل علاقتها مع بعضها، كلام بعض الأوقات بناخده بشكل شعوري، شكل مش قائم على الواقع اللي إحنا موجودين فيه، أنا بقول: إن العلاقات العربية-العربية هدف لكل واحد فينا..

ولكن نجاح التواصل إلى هذا الهدف، يتطلب أننا ننظر إلى واقعنا اللي موجود، وكي

ف أبدأ به حتى أصل إلى النتيجة اللي أنا عايز أحطها، الوحدة بين مصر وسوريا كانت ترجمة لشعارات كثير، الرئيس (جمال عبد الناصر) كان بينادي بها..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

شعارات.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

أيوه، اللي حصل في سوريا وقتها إن كان فيه اتجاه، إن اليسار الشيوعي يستولي على الحكم هناك، واللي حصل أن لقينا السيد (شكري القوتلي) جا مصر هو، وكان القائد العسكري اللي هناك..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

قائد المخابرات.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

هفتكر اسمه.. وقابلوا الرئيس عبد الناصر، وطلبوا منه إعلان الوحدة، الرئيس عبد الناصر جمع بعد كده مجلس الوزراء وحصلت مناقشات فيه..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

كنت من ضمن الحضور؟

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

أنا مضيت، كنت من الناس اللي مضوا على قيام الوحدة، الرئيس عبد الناصر في ذلك الوقت ماكانش على علم كامل بالظروف بتاعت سوريا، وبالعكس جاء في بعض الكتابات اللي صدرت إن الرئيس عبد الناصر قال: أيوه بالطريقة دي يبقى هنحل أزمة استيراد الأخشاب، لأن سوريا فيها مصادر للأخشاب، وسوريا زي ما بعد كده عرفنا إن كل الغابات اللي كانت عندهم وقت الحرب العالمية، قطعوا الغابات دي، وكانوا بيستخدموا الخشب في تسيير القطارات البخارية، ماكنش في..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يعني حتى مفهوم الرئيس عبد الناصر عن الوحدة لم يكن -من الناحية الواقعية وليس من ناحية الشعارات- فيه الفهم الكامل أو النضوج الكامل لمشروع وحدة بين دولتين؟!.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

ما كانش فيه دراسات على وجه الإطلاق، وأنا طبعاً ما أقدرش أعرف مدى اللي كان في ذهن الرئيس عبد الناصر..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن كيف وافقت ولم يكن هناك دراسات؟ يعني أنت شخصياً..

د. مصطفى خليل:

وافقت، يعني زي ما باقول العاطفة هي اللي بتتغلب علينا لما بنتجه إلى الكلام حوالين الوحدة العربية.

أحمد منصور:

أنت رجل مهندس، ودقيق في كل مشروعاتك..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا.. أقول لك حاجة: ده فيه 17 مشروع وحدة بين دول عربية حصلت بينها وبين بعض، ما فيش موضوع.. وكل الـ 17 مشروع ما قدرش لهم النجاح.

أحمد منصور:

الأسباب كانت واحدة، أم تختلف من مشروع لآخر؟

د. مصطفى خليل:

الأسباب مختلفة طبعاً..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن فيه أسباب مشتركة؟

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

لكن فيه أسباب مشتركة اللي أقدر أقول: إن أولا لابد من تحديد هدف الوحدة، أو هدف التجمع، يعني لما بنيجي لمجلس التعاون الخليجي، فيه هدف معين موجود للدول المشتركة فيه، وفيه خاصية معينة بتربط بين أنظمة الحكم اللي موجودة في هذه البلاد، وفيه اقتصاد له أساس شبه مشترك بين هذه البلاد. إذن توقعات أنهم يبقوا على علاقات طيبة أولاً، ومنع التنافس فيما بينهم الضار، أو اتخاذ مواقف ما هياش في صالح كل واحد منهم، ممكن إنها تسهل مش قيام الوحدة، لأننا حتى لغاية قريب خالص ما بنقراش عن بحوث بتطلع بيتناول هذه النقطة، ولكن البحوث كلها اللي بتطلع عبارة عن أنظمة موجودة في ست دول أعضاء موجودة في مجلس التعاون الخليجي.

أحمد منصور:

من خلال ممارستك أنت في قضية الوحدة بين مصر وسوريا على وجه الخصوص؟ كشيء من الوحدات المبكرة، مشاريع الوحدة المبكرة..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

مش بس كده، يعني لما تبص على طبيعة الاقتصاد المصري، لما تبص على تاريخ النشاط بالنسبة للمصريين، المصريين بتقدر تعتبرهم إنهم Prfessionals أكثر منهم تجار، يعني تاريخ مصر كله..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يعني ناس مهنيين؟ أكثر منهم..

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

مهنيين، ويبقوا مهنيين كويسيين جداً، الناحية بتاعت سوريا والشام والمناطق دي مناطق تجارة..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

صحيح.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

ومناطق عبر التاريخ كله كان التجارة العالمية بتفوت من هناك بحراً حتى الخليج، وبعدين من سوريا لتطلع..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

الهند وجنوب شرق آسيا..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

تجد السوريين ممتازين كناس رجال أعمال، أيوه موجودين، وتجد أنهم ممتازين كتجار، ما حدش يقدر ينكر الكلام ده، لما تشوف حتى العائلات اللي موجودة في لبنان، اللي هي ماسكة الجهاز المصرفي اللي موجود في لبنان، معظمهم من أصل سوري، فتجد فيه خاصية هنا مختلفة بين الأوضاع في سوريا كأوضاع، والأوضاع في مصر كأوضاع..

لما تبص للناحية السياسية كمان الوضع في سوريا ما كانش زي الناحية السياسية في مصر، حتى تجد إنه ممكن أن أنظمة بتتكلم مع بعضها، لما تيجي للنشاط الاقتصادي نفس الوضع، هما حبوا إنهم ينقذوا البلد من استيلاء نظام الحكم الشيوعي عليها (عفيف بيتس) اللي بقولك جا مع (الشيشكلي)..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

مع.. جاء مع؟

د. مصطفى خليل:

أديب الشيشلكي، وقت ما طلبوا من الرئيس جمال عبد الناصر الوحدة بين مصر وسوريا، فهنا بتجد إن فيه اختلاف كبير سواء من ناحية التفكير، من ناحية الشخصية، من ناحية النظام الاقتصادي، النظام السياسي، وإنما كان له هدف. والهدف يتحقق بأن يحصل أنه مش عايز مد شيوعي يحصل في هذه المنطقة في ذلك الوقت، وده كان الأساس، اللي بعد كده تبين لناس كثير، وأنت لما تقرأ الحوارات اللي حصلت بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين السوريين..القادة السوريين بعد كده، ولما حصل انفصال بين مصر وسوريا، وجم تاني علشان محاولة إعادة الأوضاع وفيه مناقشات على جانب كبير جداً من الأهمية.

أحمد منصور:

عايز أسألك عن دور (عبد الحكيم عامر) على وجه الخصوص في قضية الوحدة والانفصال؟

د. مصطفى خليل:

شوف عبد الحكيم عامر كان من الشخصيات.. أستطيع أني أقول على المستوى الشخصي مش المهني، على المستوى الشخصي كان شخصية محبوبة جداً، علاقته بالناس من أطيب ما يكون، له (كريسما) هو كمان لا حدود لها، وإن أنا انتخبت ضابط في Level معين، ومرة واحدة حطيته كقائد عام للقوات المسلحة، ربما كان المنصب كبير شويه، يعني وما بيسندوش خلفية في العمل العسكري..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

من الخبرة ومن..

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

آه، فهنا الوضع كان فيه صداقة كبيرة جداً بين عبد الحكيم عامر، والرئيس (أنور السادات) فدخل..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بين السادات أو عبد الناصر؟

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

أنا آسف.. بين عبد الحكيم – عبد الناصر.. صداقة كبيرة جداً، وصداقة لدرجة أن عبد الحكيم عامر كان بيعتقد نفسه إنه مع جمال عبد الناصر أخ تمام، واللي يقوله ده يقبله، واللي يقوله ده يقبله.. وهكذا..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن ما كانش فيه تنافس بينهم، لم تشعر بهذا؟

د. مصطفى خليل:

لا، يعني ما أعتقدش إنه كان فيه التنافس اللي بيقولوا عليه، ما كانش ممكن، لأن.. ما أعتقدش، يعني لو فرضنا جدلاً إن قدر كان عبد الحكيم عامر في ذلك الوقت إنه يأخد مكان جمال عبد الناصر ما كانش يقدر.

أحمد منصور:

ليست قضية مكان أو موقع، ولكن نفوذ يمكن أن يبقى عبد الناصر رئيسا كما كان، ويبقى النفوذ العسكري لعبد الحكيم عامر في الجيش، والجيش هو الذي له السلطة الرئيسية في الدولة.

د. مصطفى خليل:

شوف هو في الحقيقية الرئيس جمال عبد الناصر ترك الجيش بالكامل وظروفه لعبد الحكيم عامر..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

رغم عدم الخبرة العسكرية الكافية لعبد الحكيم؟

د. مصطفى خليل:

أيوه رغم عدم الخبرة العسكرية.

أحمد منصور:

دور عبد الحكيم في الوحدة بين مصر وسوريا، وأيضا في الانفصال؟

د. مصطفى خليل:

اللي حصل إنه.. بيقولوا إن مدير مكتب.. إيه اللي بيدخل عبد الحكيم عامر في عملية الانفصال، إنه كان مدير مكتبه سوري هو اللي موجود في سوريا، واللي قاد عملية الانقلاب على الوحدة في ذلك الوقت، إنما عبد الحكيم عامر بنفسه ماكانش هو حاكم سوريا، لا، ما نقدرش نقول هذا الكلام..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن كان منافسة بينه وبين السوريين وخلافات أساسية.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

الخلافات اللي حصلت إن مثلاً لما نيجي على الإصلاح الزراعي وبعدين طبق في سوريا، في الوقت اللي سوريا فيها أرض الجزيرة سبعة مليون فدان، عايزين أشخاص علشان يزرعوها، فبتعمل إصلاح زراعي بأنك تأمم الملكية في وضع أنت عندك فائض أراضي، وعايز إن فائض الأراضي دي بيتزرع، ويتزرع يا ريت يتزرع بشركات كبيرة بأفراد كثار بكل الكلام ده..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

طبيعة البلد لا تحتمل تطبيق هذه القوانين..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

ما قدروش من الناحية الاقتصادية بقى أنت حطيت مبدأ وعايز تطبقه في الـ.. نقول القطر الشمالي، اللي أنا طبقته في القطر الجنوبي لأسباب مختلفة كل الاختلاف، لا، سوريا فيها فائض أرض، سوريا عندها (كوبيوليتد) ما هياش زي مصر، سوريا لها نشاط تجاري مختلف عن النشاط الموجود في مصر.

الأوضاع التانية اللي اشتكوا منها إن الأطباء.. لما راح الأطباء المصريين هناك، فالسوريين اتضايقوا لأن الأطباء قعدوا في المدن، بينما الأطباء السوريين ودوهم في الأرياف، [كلام غير مفهوم] طب ليه الأطباء المصريين يجوا واحنا في قطر واحد؟ ما يروحوش هما في الأرياف ليه؟ يعني ابتدت حاجات على مستويات مهنية أو اقتصادية زي ما بقول، وبعدين أنت بتخلي الدولة هي تتاجر، سوريا عمرها ما عرفت كلام زي كده، عنده نشاط اقتصادي التاجر بيلف الدنيا كلها، وبيروح ما فيش قيود عليه، تيجي تفرض عليه قيود؟ يعني هنا..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يعني فيه ممارسات خاطئة أساسية ارتكبتها مصر.

د. مصطفى خليل:

أنا مش باقول خاطئة، أنا بقول فيه ممارسات تمت دون دراسة..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

تبقى خاطئة يا دكتور.

د. مصطفى خليل:

اللي بياخد حاجة في أي نظام مش ممكن عايز ياخد إجراء خاطئ، هو عايز ياخد إجراء صح..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن النتيجة إنها خطأ.

د. مصطفى خليل:

إنما النتيجة اللي بتطلع ضد الفرضيات اللي هو حطها ليه؟ لأنه ماكانش فيه بينا وبين سوريا، ولا حتى إلى الآن بينا وبين البلاد العربية بعضها البعض معرفة كافية بالأوضاع الداخلية والسياسية والاقتصادية اللي موجودة، ودي نقطة ضعف كبيرة جداً.

أحمد منصور:

هل أيضاً أراد عبد الناصر صحيح أن يحمل عبد الحكيم عامر مسؤولية الانفصال بعد ذلك، وأن يحظى بشيء من السلطة على الجيش؟

د. مصطفى خليل:

شوف هو الـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

أنت كنت نائب رئيس مجلس الوزراء، يعني من المؤكد أنك قريب من السيد عبد الحكيم.

د. مصطفى خليل:

لما تاخد الأوضاع العسكرية في ذلك الوقت، وزي ما بقول: إن حصل خطأ في التقدير، لأنك لما بتشوف وضعك العسكري، وميزة العسكريين إنه ما بيتعاملش مع آمال، ما بيتعاملش مع خيالات، ده بيتعامل مع واقع بيدخل فيه بالتنافس مع طرف آخر بيكشف كل الأوضاع بتاعته، مختلف عن النشاط المدني أو أي نشاط آخر غير عسكري. لما تبص لترتيب القوات المسلحة وقتها، وكل الكلام ده: هل يمكن إن الجيش يخش حرب مع إسرائيل، وفي نفس الوقت أنا حطيت الأسباب اللي تجعل إن هو لو اعتدى علي أبقى أنا اللي مسؤول، اللي هو إغلاق خليج العقبة وطرد القوات اللي تبع..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ده في 67م.

د. مصطفى خليل:

ده في 67م.

أحمد منصور:

إحنا لسه الآن في مرحلة الوحدة بين مصر وسوريا.

د. مصطفى خليل:

أنا بحكي لك ليه؟ لأن ده يضطرني إني لما بارجع للوضع بين مصر وسوريا، باقول إن فيه سوء فهم كان موجود أساساً..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

وفيه أخطاء ارتكبت..

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

أخطاء جات نتيجة لسوء الفهم، ولسوء التقدير واللي أنا باقوله باستمرار وباحرص عليه، إنه لابد إنك تبقى عارف الطرف اللي إنت بتتعامل معاه بالضبط إيه.

أحمد منصور:

سعادتك قلت لي كلمة في البداية: إن الرئيس عبد الناصر نظر إلى الوحدة مع سوريا على إنها ستحل مشكلة مصر في الأخشاب، هل معنى ذلك إن القيادة السياسية المصرية في ذلك الوقت كانت تنظر إلى قضية الوحدة على أنها منفعة اقتصادية أكثر منها مسؤولية وتكامل ما بين القطرين؟

د. مصطفى خليل:

برضه هنا أنا بدي أبقى صريح، وأقول لك: المنفعة الاقتصادية من وجهة نظري لازم تيجي نمرة واحد، حتقول لي الكلام ده لا ما يتمشاش معانا وكل الحاجات دي، أقول لك: والله أنا رأيي المبني على الواقع اللي إحنا فيه أهم حاجة بالنسبة لأي دولة هي مصلحتها الاقتصادية، وما أقدرش أبداً أصدق إن فيه حاكم في أي دولة عربية ما بيبصش لمصلحة بلده الاقتصادية أولا.

أحمد منصور:

أين شعارات الرئيس عبد الناصر الوحدة، القومية العربية..

د. مصطفى خليل:

والله الشعارات.. أيوه قومية عربية موجودة، وإحنا ما بننكرهاش، ولما بنقول: إن إحنا لا نقبل الوصف بالطريقة دي، طب إيه اللي بندعو له، إحنا بندعو –أيوه- لوحدة تيجي في المستقبل، ولكن علشان أصل إلى هذا لابد إني أكون دارس الأوضاع في كل البلاد العربية اللي باتكلم وياها.

أحمد منصور:

معنى ذلك أن كل ما طرح في فترة عبد الناصر كانت مجرد شعارات دون دراسات واقعية للواقع العربي الذي يخدم هذه الشعارات ويحولها إلى ممارسة فعلية على الأرض؟

د. مصطفى خليل:

مش بس شعارات، ده كان عبد الناصر لما بيخطب خطبة قلب فيها نظام الحكم في العراق..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

مجرد خطبة..

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

باقول لك خطبة واحدة ألقاها الرئيس جمال عبد الناصر بقوة شخصيته، والآمال اللي أدوها، ورفضه لحلف بغداد اللي كان موجود، اتغير نظام الحكم وقبضوا على اللي كانوا في الحكم وقتها.

هنا لما بتبص وبنقول: أيوه إحنا اتعلمنا من هذه التجربة أنا لا أستطيع إني أجد أي مصري النهار ده.. أنا ما أقدرش أحكم طبعاً على البلاد العربية التانية، ولكن لما بنيجي نتكلم عن الوحدة، أو نظام فيه زي ما بنقول سوق عربية مشتركة، بتجد فيه دراسات بتتعمل كويسه جداً النهار ده من مراكز بحوث اتوجدت في البلاد العربية. والواحد بيتابع، يعني أنا بشوف الأوراق اللي بيطلعوها الأوراق البحثية، فيهم شباب يفرح، شباب متعلم شباب فاهم الأوضاع، شباب بيكتب بحوث وبيقدر يقول لك والله ده ممكن تنفيذه، وده مش ممكن تنفيذه، أنا ما ازعلش لما واحد يجي يقول لي: والله فكرتك دي مش ممكن تنفيذها، إنما السؤال يبقى ليه؟ واديني طيب البديل؟ قلت لنا تبقى إيه..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

دكتور أنا الآن حتى أغلق ملف الوحدة بين مصر وسوريا، هل كان لهذه الوحدة تأثير في ضغوط خارجية مورست على مصر من القوى الموجودة في ذلك الوقت، وهي الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، وشعروا بالقلق، وإسرائيل -طبعاً- كانت يعني دولة في بين هاتين الدولتين وبينها فيه حروب وكانت العدو الرئيسي للعالم العربي؟

د. مصطفى خليل:

شوف أول انقلاب عسكري حصل في العالم العربي حصل في سوريا..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

انقلاب حسني الزعيم سنة 49م.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

انقلاب حسني الزعيم، لما بتقرأ عن انقلاب حسني الزعيم، وزي ما باقول الواحد بيشوف المراجع الأجنبية، وبعضهم بيربط بين انقلابه وبين مرور خط أنابيب البترول اللي ما كانتش سوريا عايزاه، ولما جا حسني الزعيم نفذ هذا، ده هنا فيه رأي بيقول والله حسني الزعيم كقائد انقلاب عسكري جاء مدفوع بمصالح أمريكية..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

ونفس الكلام بيُقال عن الضباط الأحرار في مصر.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

نفس الكلام ممكن جهات تقوله على السلطات في مصر، إنما لما بنيجي وبنقول، وسيادتك بتقول لي: هل المصلحة أو الشعور الوطني الـ كذا.. وأنا باقول المصلحة لازم تبقى نمرة واحد، هذا الكلام الواقعي..الشعور ده بيقوي النظر إلى المصلحة المشتركة. يعني لما أنا بادخل في وحدة مع دولة ثانية، أنا ما يصحش أدخل على إني مستعمر عايز أستفيد، طيب مستعمر تستفيد يعني أنت هتروح تعمل إيه؟..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

أنا هنا لجانب القلق، الوحدة هذه سببت قلق لدى إسرائيل ولدى الولايات المتحدة ولدى الاتحاد السوفييتي، وأنت قلت: إنها كانت برغبة سورية، حتى لا يكون هناك امتداد شيوعي في سوريا في ذلك الوقت. هل لعبت هذه الدول دوراً في إفشال الوحدة أيضا، أم أن الإفشال تتحمل نتيجته القيادتين المصرية والسورية، لعدم قدرتهم على التفاهم مع بعض، وعدم قيام الاتحاد على أسس متينة؟

د. مصطفى خليل:

أنا أعتقد المسؤولية تقع على الدولتين، مصر وسوريا إنك بتقابل عوامل إحباط، أو بتقابل عوامل إفشال أجنبية، لأي حركة بتقوم بها موجود، موجودة لغاية النهار ده، لكن اللي برضه الواحد بينصح بيه إن أنا لا أستبعد، وأنا بابحث أي حاجة، مدى تأثير الأمر اللي أنا باقول عليه إنه يحدث على البلاد الأخرى.. البلاد الأخرى لو شعرت إن فيه خطر عليهم من هذا الاتجاه، لابد إنهم هيجهضوه أو يعملوا على إجهاضه، لابد أني أعرف هل أستطيع إني أواجه هذا الوضع ولا ما أستطعش.

أحمد منصور:

بعد قضية سوريا لم تتوقف مصر عن الامتدادات الخارجية، في عام 1962م قامت ثورة في اليمن، وبعدها أرسل الرئيس جمال عبد الناصر قوات مصرية كبيرة إلى اليمن بقيت هناك إلى ربما نهاية الستينيات، تقييمك إيه للتدخل المصري في اليمن؟ وكنت لازلت في السلطة نائباً؟

د. مصطفى خليل:

في اليمن؟

أحمد منصور:

نعم.

د. مصطفى خليل:

طبعاً لازم هنا سيادتك ترجع إلى ما الذي حدث؟ اللي حدث إن حصل ثورة على الحاكم اللي كان موجود في اليمن الـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

حكم الأئمة.. على الإمام.

د. مصطفى خليل:

الإمام يحيى.

أحمد منصور:

يحيى نعم.

د. مصطفى خليل:

وابنه.

أحمد منصور:

الإمام أحمد.

د. مصطفى خليل:

هو اللي ثار عليه، وابنه هو اللي طلب من مصر إنها تعاونه، وبعدين لما بنقول: هل الحادث ده مستغرب قوي؟ لا، الحادث مش مستغرب، وبيحصل في بلاد كثير في الدنيا، وبيحصل لأن الكفاءة في الأداء، مصلحة الوطن، كل الكلام ده بيختلف النظرات إليها بين أب وابنه.. هنا لما بنقول الواقع اللي حصل، إن حصل أن طُرد الإمام يحيى، إن الشخص اللي تولى المسؤولية طلب مساعدة مصر في هذا الوضع..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن كان الثوار أو الضباط الأحرار اليمنيين كانوا مقيمين في مصر في ذلك الوقت، وقبض عليهم..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

مش بس قُبض عليهم، ده حصلت أمور ثانية كثير، واللي حصل إن.. فيه نقطة لازم الواحد يشرحها هنا، يعني ليه اليمن؟ وهل يعني سيادتك تسألني، هل لو كان حصل ده في أي بلد ثانية كان ممكن الحكومة في ذلك الوقت تاخد نفس الموقف؟ ليه اليمن؟ اللي بدي أنبه له إن اليمن هي قناة السويس، يعني يوم.. إنت فاتح قناة السويس للملاحة، إنما لو أغلق باب المندب وده حصل، وحصل بعد كده في الحروب بيننا وبين إسرائيل، إنه أغلق باب المندب، وباب المندب فين؟ في اليمن، إذن هنا لما بـ..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن كانت اليمن الجنوبي في ذلك الوقت، وكانت مستعمرة بريطانية إلى عام 68م، والتدخل كان في اليمن الشمالي.

د. مصطفى خليل:

أيوه..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

نعم.

د. مصطفى خليل:

إنما إيه اللي حصل بعد كده؟

أحمد منصور:

استقلت اليمن الجنوبي، وحدث ما حدث.

د. مصطفى خليل:

بالضبط.. إن الإنجليز خرجوا، وجا حكم شيوعي في اليمن الجنوبية، أو نقدر نسميه اشتراكي، علشان يتمشى مع الأوضاع اللي كانت موجودة، وهنا أيضاً لما يبقى الشمال اشتراكي والجنوب اشتراكي، يبقى يسهل عملية وحدة اليمن، ولكن الجيش المصري في استراتيجيته، أو إنت بتبص لمصلحة بلادك في المستقبل، وبتقول فين مواقع الضعف أو القوة بتاعت مصر، لا تستطيع أبداً إنك كشخص يهمه مصلحة بلده إنه يقول: إن اليمن بالنسبة لمصر زي أي دولة ثانية بالنسبة لمصر.. لا..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يعني ده كان بعد استراتيجي واضح بالنسبة لقضية اليمن؟

د. مصطفى خليل:

أيوه.. أيوه.

أحمد منصور:

لكن أيضاً ألم يدخل فيها الخلافات المصرية السعودية؟ وأن الثورة التي قامت في اليمن كانت مضادة لنظام الحكم في المملكة؟

د. مصطفى خليل:

أيوه..مش بس كده، لأن فيه بعض قبائل في اليمن كانت بتاخد معونات من السعودية، وكانوا بيدفعوا لهم فلوس، وكانوا بيدوهم دهب، فيه كل الكلام.. أنا هنا مش بالوم السعودية ولا.. كل دولة لابد أنها تنظر إلى مصلحتها، وإذا افتكرنا إن دولة مش هتقف وتراعي مصلحتها، يبقى أنا باقول الحكم بتاعها الحاكم اللي فيها، أو هيئة الحكم ما يصحش إنها تحكم على وجه الإطلاق.

أولاً وأخيرًا مصلحة بلدي، إذا كنا بنعتقد في هذا إن هو ده الوضع الواقع بيسهل علينا حاجات كثير جدا،ً اليمن مهمة لمصر، ولكن وجودك في اليمن يشكل تهديد من وجهة نظر السعودية، إذن هنا كان لابد إنه يبقى فيه اتفاق ما بين إيه أهدافي في اليمن مع السعودية.

أحمد منصور:

هل كانت أهداف مصر في اليمن واضحة؟ أهداف التدخل المصري في اليمن واضحة؟

د. مصطفى خليل:

آه.

أحمد منصور:

حينما أرسل الرئيس عبد الناصر القوات هل كانت الأهداف واضحة؟

د. مصطفى خليل:

في اليمن أيوه.

أحمد منصور:

أم تبلورت بعد ذلك؟

د. مصطفى خليل:

لا.. لا من الأول، من الأول، وأنا بدي أقول يعني أنا مش رجل عسكري، لكن ما باسمعه من القيادات العسكرية..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن أنت كنت تشارك في اتخاذ القرار السياسي، أو يفترض ذلك في ذلك الوقت، يعني استشرت في قضية..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

اتعرضت وبتتعرض وبياخدوا الآراء، وفيه حاجات ما تقدرش تاخد الرأي فيها على طول، بتُحال إلى لجان مثلا، ويجي بعد كده الأوضاع، ولكن اللي حصل في اليمن إنه زي ما بتقول تمام: إن السعودية ابتدت كمان تدفع للقبائل يسموها قبائل ملكية حتى ما هواش..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

للحفاظ على مصالحها

د. مصطفى خليل:

آه، ما هواش أمر سري الواحد بيذيعه، ولكن هنا لما بنقول، وتسألني أنا شخصياً، وتقول لي إنت إذا كنت ليك جانب في دراسة السياسة الخارحية المصرية، التوصية الأولى لازم أقولها: لابد من تنسيق سياسة مصر مع السعودية نمرة واحد، والسعودية نمرة اثنين، والسعودية نمرة ثلاثة.

أحمد منصور:

ده اليوم ولا من ذلك الوقت.

د. مصطفى خليل:

من الأول، يجب إن إحنا نعرف إيه مراكز القوى اللي موجودة في العالم العربي، ولابد إن إحنا نعرف إيه الهدف اللي إحنا رايحين له.

أحمد منصور:

الرؤية دي كانت واضحة عندكم في بداية الستينيات؟

د. مصطفى خليل:

باستمرار.. من أيام محمد علي، إنت سامحني أنا باتكلم، أنا باقول ليه؟ لأني فوجئت في مناقشة مع أحد الأمراء السعوديين، وكنا قاعدين لوحدنا قال لي: إنت نسيت اللي حصل في جيش إبراهيم باشا لما جا، أنا كنت نسيت فعلا، قال لي مش خدوا بعض الأمراء وحبسوهم في القلعة، قلت له آه حقيقي، قال: طب إنت، قلت له: آه أنا نسيت بس أنت اللي ما بتنساش.

يعني هنا لما الواحد بيقول: إنه فيه أمور بتحدث، وفيه تنسيق لابد إنه يتعمل، وفيه توافق في السياسات، وفيه إن أمن الخليج اللي بيهدده والواقع في تهديده، ما هياش نفس الأمن لمصر أو شمال إفريقيا. مين اللي بيهدد أمن الخليج؟ اللي بيهدد أمن الخليج طبقاً للأوضاع الجغرافية اللي موجودة هناك، التهديد اللي يُخشى منه من إيران نمرة واحد، لما آجي سوريا بجد إن سوريا لابد أنهم نمرة واحد بتبقى تركيا وإسرائيل، مصر تبقى إسرائيل، السودان ما فيش حد بيهددها..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

دي محاطة بـ.. من الجانبين.

د. مصطفى خليل:

محاطة لأن الجنوبيين لهم أوضاع، وممكن حل الإشكال، ولكن هما مش عايزين يحلوه بالطريقة المقترحة عليهم، يعني أنا مش عايز أخش.. وما ليش دعوة بالسياسات للبلاد العربية، بتجد أن المغرب وتونس مختلف، ومصالحهم فين؟ وبيهاجروا فين وبيروحوا فين؟

أحمد منصور [مقاطعاً]:

لكن نستطيع – عفواً يا دكتور- في النهاية أن نقول: إن هناك نستطيع أن نقول إن هناك مصالح مشتركة بين هذه الدول يمكن أن توضع في نقاط محددة، ويبقى لكل دولة مصلحتها الخاصة التي تسعى لتنميتها أيضاً، هناك لغة واحدة..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

لا.. أنا بدي أقول أكثر من كده: أنا مش بتربطني مصالح مشتركة كثير، لأني لما تيجي تقول: أنا بتربطني مصالح مشتركة وآجي على مجال التجارة ألاقي حجم التجارة البينية بيني وبين الدول العربية 6%، هل دي مؤثرة على العلاقات اللي بيننا وبين بعض..لا، أنا باطلب المزيد، لكن أنا اللي بادعو له لابد من دراسة الأمور قبل ما يقدم على تنفيذ أي حاجة، ندرسها بشكل موضوعي وشكل يضع في الاعتبار مصالح العالم العربي، مصلحة بلدي أنا مش هتنازل عنها وباقولها صراحة.

أحمد منصور:

الوحدة بين مصر وسوريا لم تدرس ولذلك آلت إلى ما آلت إليه، ذهاب القوات العسكرية المصرية إلى اليمن، هل درس وعرف تأثيره على الواقع المصري في ظل وجود عداء مع دولة إسرائيل؟ أن تفرغ الجبهة من المواجهة وترسل قواتك إلى دولة عربية أخرى؟

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

شوف دخول اليمن زي ما قلت استراتيجياً بالنسبة لمصر ممكن جداً، إني لما أقول إن فيه تهديد لمصلحة مصر اللي هي إغلاق قناة السويس، لابد يبقى لي وضع في اليمن.

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بس ده تهديد بعيد الآن، وأنا أمامي تهديد قريب وهو الجبهة المواجهة مع إسرائيل؟!

د. مصطفى خليل:

لا.. ده مش تهديد بعيد، إغلاق القناة ماهواش تهديد بعيد، وقتها ماكانش تهديد بعيد.

أحمد منصور:

كانت تستطيع إسرائيل أن تغلقها؟

د. مصطفى خليل:

نعم؟

أحمد منصور:

تستطيع إسرائيل أن تغلقها؟

د. مصطفى خليل:

لا.. مش تستطيع إسرائيل أنها تغلقها، إسرائيل لن تغلقها، وإسرائيل بالعكس وقت المفاوضات عايزين يفتحوها.. ليه؟ علشان ما يتقلش في العالم كله إن إسرائيل هي اللي حددت الـ.. عارف وقف قناة السويس والتجارة الدولية والبترول وكل الكلام ده، وبعدين مش من مصلحة إسرائيل إن القناة تتقفل، إسرائيل هتستفيد إيه؟ يقولك هتعمل قناة ثانية بديلة منافسة لقناة السويس، أنا بقول لك مش حقيقي، ونتكلم في الموضوع ده بعدين، لكن لما آجي لليمن وأقول أيوه الوضع ده مفهوم إن مصلحة مصر لابد إنه يكون فيه تفاهم بيني وبين اليمن على موضوعات سياسية معينة، سواء قدرت أعمل هذا التفاهم بدون تدخل عسكري يبقى افضل، إنما لما تيجي فرصة لتدخل عسكري مش هرفضه.

لما حصل إنه ما اترفضش، وهنا برضه بدي أقول حاجة: إن السعودية وقتها قالت ده بيضر الأمن بتاعي، خاصة بعد انسحاب الإنجليز من اليمن الجنوبية، وخاصة بعدما كان فيه اتفاق اسمه اتفاق (حرد) بين الملك فيصل والرئيس عبد الناصر، وكان بيضع توقيتات لانسحاب الجيش المصري من اليمن، لأن لما الإنجليز خرجوا من اليمن الجنوبية، المصريين ما خرجوش من اليمن الشمالية..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

سنة 1968م.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

وده اعتبر إنه تهديد لأمن السعودية، وهنا عبد الناصر لُفِت نظره إلى هذا، والسعودية ابتدت بقى المؤتمر الإسلامي اللي هي بترد بيه على دعوة الدول الإسلامية، اللي بترد بيه على الحركة بتاعتنا في مصر اللي اتعملت برضه دعوة الدول الإسلامية، السياسة فيها حاجات كثير، ولما نتكلم بصراحة وبتسألني وأنا التزمت إني أقول لك بصراحة، أهو الوقت فات وانتهى، لكن نستفيد منه في المستقبل.

أيوه اللي حصل إني طيب.. من 67م ابتدت السعودية وابتدت.. الملك حسين على وجه الخصوص في الأردن يوجهوا إلى عبد الناصر اتهامات بأنك إنت والله قاعد تتكلم ما بتعملش حاجة كل الكلام ده، اللي حصل بعد كده جات حرب 67م لما أغلق عبد الناصر خليج العقبة، وقبليها طرد قوات (اليونايتد نيشن) من سيناء..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

إحنا كده دخلنا على 67م وأنا عايز أرجع الآن، بعدما ناقشت معاك بعض الأوضاع الخارجية في سنة 61م تقريبا أو 62م كلفت.. كان هناك امتداد أيضاً مصري أفريقي في ذلك الوقت، وأنت كُلفت من الرئيس عبد الناصر بعمل بعض المشروعات في (مالي)، ما هو تقييمك لهذا الامتداد المصري اللي بدأ الآن يتفرع إلى تدخل في اليمن، إلى امتداد في أفريقيا، إلى دعم لبعض حركات التحرر، وكانت قبلها القوات المصرية شاركت في (الكونغو) ضمن القوات الدولية سنة 60 – 61م، في هذه الفترة مصر أمامها حرب، أمامها مواجهة، أمامها عدو، ومع ذلك القيادة السياسية توزع الطاقة المصرية في اتجاهات مختلفة؟

د. مصطفى خليل:

العلاقات الـ.. بلاش المصرية، أنا أقول العربية – الأفريقية، من وجهة نظري، يجب أن تحظى باهتمام كبير جداً من الدول العربية..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

يلاحظ أنها ميتة في خلال السنوات الماضية، وإسرائيل استطاعت بعد (كامب ديفد) أن تعيد علاقتها بأكثر من 35 دولة أفريقية.

د. مصطفى خليل:

بالضبط.. بالضبط، أنا بقول: يعني إذا كان لي إني أقول للحكام العرب، مع كل احترامي لهم وتقديري لهم، ما تنسوش أفريقيا وعلاقتنا بأفريقيا مهمة جداً، الناس اللي بيلعبوا دور وحيد نشط، اللبنانيين نمرة واحد، والسوريين نمرة اثنين..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

في الجانب التجاري أيضاً.

د. مصطفى خليل [مستأنفاً]:

في المجال التجاري وكله، بتجد جاليات لبنانية، وفي بعض البلاد جاليات سورية كبيرة، طبيعة نشاطهم، وأفراد لهم طبعاً ..نشاطات كبيرة، فالواحد بيرحب بالأمور دي، ولكن لابد بقدر الإمكان إن الدول الأفريقية خارجة من استعمار، نهب ثرواتهم، وتجارتهم كلها في الخامات، ونستطيع مع.. أنا باقول: الدول العربية وضعها النهار ده أفضل كثير من الدول العربية من عشرين سنة. الدول العربية النهار ده عندهم شباب متعلم، يستطيع أن يعمل، ويبان أثر هذا العمل مش بس من النواحي الاقتصادية، ولكن من نواحي بدل ما يقولوا علينا دول نامية تأدباً، وهما عايزين يقولوا دول متأخرة اللي صفاتها ونعتها كده، ويقولوا دول العالم الثالث، طيب هل أنا أرضى إن يفضل تعريفي دولياً إني دولة من دول العالم الثالث؟

أحمد منصور:

أنا عايز أسألك هنا هل كان عبد الناصر لديه استراتيجية واضحة للامتداد في إفريقيا، أم أيضا كان يتعامل مع..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

مش.. شوف سيادتك.. عبد الناصر يعود له الفضل كل الفضل في تحرير كثير من الدول الأفريقية والعربية من الاستعمار، وإذا الواحد بيوازن..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

بالشعارات يا دكتور.. ولا.. بالشعارات أيضاً؟

د. مصطفى خليل:

لا، لا مش بالشعارات، شوف مواقف في الكونغو، شوف مواقف في مالي، شوف مواقف في الجزائر والثورة الجزائرية، وعقابنا 56م على تدخل عبد الناصر في الثورة الجزائرية، لا كل الأمور دي تحسب للرئيس عبد الناصر، ولابد إن إحنا نكون -يعني- نتكلم الحقيقية، والواقع اللي حصل، أفريقيا النهار ده داخلين على اتفاقيات (غات) اتفاقيات..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

إحنا لسه عفوا في الستينيات، يعني أنا أريد أن..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

أنا باقول في المدى البعيد، يعني لما أكون في الستينيات وببص على التسعينيات والعالم بيتغير، والعالم بيتقدم بسرعة ولابد من اللحاق بيه، وواجب الدول العربية، وواجب مصر، وأنا باقول الدور اللي لعبه ماكانش دور استعماري، يعني إحنا ما رحناش مالي علشان مصر تستعمر مالي، أو تاخد ثرواتها، عبد الناصر وقتها طلع قانون أنا أصبحت مسؤول عن تنفيذ مشروعات مالي، فنفذت أني مشروعات؟ نفذنا لهم لوكاندة وطريق..

أحمد منصور [مقاطعاً]:

الفندق اللي عقد فيه مؤتمر القمة الأفريقية..

د. مصطفى خليل [مقاطعاً]:

فندق الصداقة.

أحمد منصور:

لازال موجود إلى الآن؟

د. مصطفى خليل:

موجود، وطريق، وخدت مثلاً، كان فيه معامل اختبارات أخدتها، والفورم اللي اتحطت كانت بسيطة جداً، لما قلنا طيب هنمول إزاي؟ فكان موجود معانا ناس متخصصين، أحسن طريقة نبعت لهم بضائع مصرية تتباع في مالي، ولما تتباع حصيلة البيع تتحط في صندوق خاص بتمويل هذا المشروع، جميع الـ.. ما كانش عندهم غير ست مهندسين، العمالة بتاعة الخرسانة المسلحة والطرق دربناها، معامل سبناها. كل الأمور اللي ممكن إنك تكون منها جهاز يستطيع أنه يستمر في تنفيذ مشروعات بعد كده، مش لي له، وإحنا دورنا مش دور استعماري على وجه الإطلاق، إحنا دور تعاون وإن أنا أكسب وهو يكسب.

أحمد منصور:

لكن لم يستمر هذا الامتداد، لأنه لم تكن هناك استراتيجية واضحة للامتداد المصري في أفريقيا بقدر ما كانت مشروعات.

د. مصطفى خليل:

شوف سيادتك.. أفريقيا وضعها طبعاً مختلف كل الاختلاف عن بلاد ثانية، أفريقيا الاستعمار الإنجليزي والفرنساوي مزقها تمزيق، الألماني كمان كان موجود لغاية الحرب العالمية الأولى، لما تنازلوا عن مستعمراتهم بعضها راح انجلترا، وبعضها راح فرنسا. لما تقرأ تاريخ التطور الاقتصادي للإنجليز أو الفرنساويين، تجد إن أهم فترة لدفع الاقتصاد الإنجليزي وتطوره في الثورة الصناعية اللي جات بعد كده كانت نتيجة لنهب ثروات أفريقيا.

أحمد منصور:

في عام 1966م قدمت استقالتك إلى الرئيس عبد الناصر بسبب ظروفك الصحية، في الحلقة القادمة نتناول حرب 67م وأثرها، وفاة الرئيس عبد الناصر في سبتمبر 1970م، تعيينك قبلها رئيساً لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، ونقيّم فترة أو تجربة عبد الناصر، وبداية عملك مع الرئيس السادات، وتوليك مسؤولية الاتحاد الاشتراكي وما حدث بعدها.

د. مصطفى خليل:

إن شاء الله.

أحمد منصور:

شكراً يا دكتور على ما أدليت به.

د. مصطفى خليل:

العفو.

أحمد منصور:

كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور مصطفى خليل (رئيس وزراء مصر الأسبق).

في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire