عتبر الصناديق الخاصة هدية من الحكومة للحرامية واللصوص معدومي الضمائر والمتلاعبين في قوت الشعب حيث تعد تلك الصناديق مغارة علي بابا التي تفتح علي مصراعيها ليحصل منها الرؤساء والمرءوسون علي ما يحلو لهم دون رقيب
الغريب أن الصناديق الخاصة كانت بمثابة خط أحمر في عهد النظام السابق وكانت جميع وسائل الإعلام تحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان ولا تحاول فتح ملفها مطلقا بالرغم من علم الجميع بكل الخبايا والثغرات التي يمكن من خلالها التلاعب المقنن والمشروع حتي أصبحت أكبر عملية فساد في تاريخ مصر
تجهت الأنظار إلي تلك الصناديق حينما فجر عضو مجلس الشعب السابق أشرف بدر الدين مفاجأة عندما أعلن علي الملأ أن هناك منابع أموال تنهب من الشعب بطريقة شبه يومية في جيوب حرامية النظام ولا تخضع هذه الأموال إلي رقابة من أي نوع في مصر. ففي جميع دول العالم يدفع الفرد أمواله للدولة في صورة موارد ثم تدخل الموازنة العامة للدولة وتعود عليه في صورة مشروعات أو خدمات ولكن هذا لم يحدث علي الإطلاق في مصر لكن للأسف الصناديق الخاصة تضم غرامات الطرق وتذاكر المستشفيات
رسوم دخول الأماكن السياحية وغيرها إلخ.. والأدهي من ذلك أموال التبرعات الضخمة التي تأتي من الخارج لصيانة أموال الجهاز المصرفي فتوضع تلك الأموال في الصناديق الخاصة حتي وصل عدد الصناديق إلي 9800 صندوق ووصلت الأموال 2.1 تريليون جنيه أي 1200 مليار جنيه
أكد الدكتور صلاح جودة باحث اقتصادي أن الصناديق الخاصة بدأ إنشاؤها اعتبارا من سنة 1975 بعد صدور قانون 43 لسنة 74 الذي يسمي بقانون رأس المال العربي والأجنبي ويعتبر أول قانون من قوانين الانفتاح الاقتصادي في أواخر 1974 فترة تولي الدكتور عبدالعزيز حجازي للوزارة وبدأ في تكوين الصناديق الخاصة لمعظم الوزارات فتقوم بتوصيل رسوم معينة لأداء خدمات محددة تتبع الوزارة ولا تخضع للرقابة من الجهاز المركزي للمحاسبات ولا البنك المركزي ولا تدخل الموازنة العامة علي الإطلاق
أشار جودة إلي أن الصناديق الخاصة يشرف عليها رئيس الوزراء والمحافظون ورؤساء الشركات القابضة والشركات التابعة ورؤساء الأحياء والمدن والمراكز فهم يشرفون عليها بطريقة مباشرة دون إخضاعها للجهاز المركزي للمحاسبات أو البنك المركزي الذي من شأنه الإشراف عليها بصورة كاملة
وأضاف جودة أن المصدر الرئيسي لهذه الأموال هم المواطنون البسطاء فتذكرة زيارة المستشفيات تدخل صندوق وزارة الصحة وتذكرة السينما يدخل عائد منها صندوق وزارة الثقافة حتي المرافق العامة مثل موقف عبدالمنعم رياض يدخل أجره إلي صندوق المحافظة كذلك رخص مصانع الحديد التي تصل إلي 300 مليون جنيه للرخصة الواحدة تدخل صندوق وزارة الصناعة إعلانات الطرق دخول الأماكن السياحية غرامات الطرق وغيرها من التي تنفق بصورة شبه يومية مؤكدا أن هذه الأموال يجب أن تخضع للرقابة من الجهاز المركزي للمحاسبات وتدخل الموازنة العامة بدلا من صرفها علي المجاملات والسهرات الخاصة والمستشارين والسيارات الفاخرة والرشاوي
وقد تجلت عمليات النهب والسرقة المتعمدة من الصناديق الخاصة في قيام محافظ القاهرة السابق عبدالعظيم وزير بطبع أربع أعداد من مجلة العاصمة بـ 5.2 مليون جنيه من الصناديق الخاصة بالمحافظة.. وكأنه مال سايب بعيدا عن أعين الرقابة. وأوضح جودة أن الموازنة العامة للدولة بشكلها الحالي تعد موازنة فقر ومصر تستطيع توفير أموال طائلة بدون فرض المزيد من الضرائب التي يتحملها المواطن العادي من خلال دمج الصناديق الخاصة إلي الموازنة العامة للدولة بعد عجز الموازنة عام 2011-2012 إلي 134 مليار جنيه قياسا برقم الصناديق الخاصة الذي وصل إلي 1200 مليار جنيه
بما يعني 10% من الصناديق يغطي عجز الموازنة ويغطي أربع دول بحجم مصر ويبقي احتياطي كافيا للبلد. فهذا الملف الشائك لم يفتح علي الإطلاق في عهد النظام السابق والغريب استمراره حتي الآن فعندما يتولي وزير مالية ويستعد لفتح هذا الملف يسلط 36 وزيراً و 26 محافظاً و 57 شركة قابضة و 259 تابعة و 6000 رئيس حي ومركز سهامهم نحوه حتي تحولت مصر إلي عزبة خاصة
وقالت بسنت فهمي خبير اقتصادي إن أموال الصناديق الخاصة تستطيع حل مشكلة مصر في 24 ساعة وغير المفهوم حتي الآن موقف الحكومة من إرجاء هذا الملف بشكل مقصود مؤكدة أن الصناديق الخاصة هي سبب رئيسي في عملية تفاقم وتباين الأجور في الدولة فالموظف يأخذ علي الورق الرسمي مرتبا عادلا وبسيطا مثل أي موظف ويأخذ من الصندوق الخاص الذي يتبعه 5 أضعاف راتبه فنجد موظفا حكوميا يأخذ مليون جنيه وآخر يأخذ 150 جنيها مضيفة أن تلك التبرعات لم ولن تدخل الموازنة العامة للدولة علي الإطلاق وبدلا من استخدامها في التطوير جاءت من أجله تذهب بطريقة مباشرة إلي رفع أجور خيالية للمستشارين وطالبت بسنت فهمي بضرورة حل هذه المشكلة بأسرع وقت حتي يتعافي الاقتصاد المصري
الميدان : كتبه : احمد صابر
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire