- اما القضية الثانية، فتتصل بلغز اختفاء أموال الصناديق الخاصة من بند إيرادات الموازنة رغم إصرار وزير المالية منذ كان في وزارة الفريق أحمد شفيق على ضمها للموازنة العامة.
نأتي إلى القضية الثانية المتعلقة بلغز الصناديق الخاصة، فمنذ منتصف فبراير الماضي قيل إن وزارة المالية ستضخ أموال الصناديق الخاصة في الموازنة العامة ولكن بعد أربعة أشهر جرى الإعلان عن الموازنة خالية من مليارات تلك الصناديق، لتبقى صناديق الإفساد والمحسوبية ومص دم الفقراء بحوزة المحافظين ووكلاء الوزارات يوزعونها أنصبة وعطايا على من يدينون لهم بالولاء.
مؤخرا ذكر تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات أن إجمالي أرصدة حوالي 10 آلاف صندوق خاص في الوزارات والمحافظات بلغ نحو 1272 مليار جنيه، لكن هناك تقديرات أخرى تقول بأن حصيلة هذه الصناديق تصل إلى 8 مليارات جنيه، في حين يوجد تقدير ثالث يقلص الفجوة الشاسعة بين الاثنين يقول بأن قيمتها تصل إلى 500 مليار جنية، وبغض النظر هذا التفاوت في الحصيلة، لماذا الإبقاء على هذه الأموال تحت تصرف الوزراء والمحافظين ومساعديهم طالما أن موارد الميزانية منخفضة والاقتصاد يترنح، والأهم في رأيي هو لماذا الإبقاء على هذه الصناديق بعد ثورة كان عنوانها حرية وعدالة اجتماعية ؟
لمن لا يعلم، فهذه الصناديق هي الباب الخلفي للفساد والإفساد وهي نوع من تكريس دولة الجباية لصالح المحتسب سواء كان وزيراً أو محافظاً، معظم إيرادات هذه الصناديق تدخل تحت بند التبرع الإجباري، وهذا مكتوب بمنتهى البجاحة على الإيصال الأحمر الذي يلاحق جميع المصريين منذ الطفولة، هل تذكرون معونة الشتاء، هل تعرفون "الكارته" التي تفرضها المحليات على سيارات الأجرة والرسوم الإضافية على فاتورة النظافة، وتذاكر زيارة المرضي في المستشفيات الحكومية، وتبرعات مشروعات الأحياء للتشجير والتزيين وغيرها من فنون الجباية، حصيلة كل هذه التبرعات الإجبارية تذهب إلى الصناديق الخاصة وتوزع أنصبة على السادة الكبار وتستخدم في تجديد أثاث مكاتبهم وصرف المكافآت للمحاسيب والمقربين من أهل الحظوة.
كنت أتمنى أن تفي وزارة المالية بما وعدت به وتضم إيرادات هذه الصناديق للموازنة الجديدة وأجزم بأنها لو فعلت لتقلص العجز بمقدار كبير، لكن يبدو أن المافيا المستفيدة من أموال هذه الصناديق لا تزال قوية، وعليه فلا مجال سوى المطالبة بإلغائها تماماً فالمواطن البسيط أولى بكل قرش يتبرع به مجبراً لمشاريع وهمية ومكافآت انتهى زمانها.
وأربأ بالدكتور شرف شخصياً الصمت على هذا الخداع بدعوى إمكانية تصويب منافذ إنفاق هذه الصناديق وتوجيهها نحو خدمات حقيقة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire