حماد عبدالله حماد روزاليوسف اليومية : 25 - 08 - 2011
لاشك أن النظام السابق قد حصن فساده في عدة قوانين وتشريعات،ولوائح وقرارات وزارية، وصناديق خاصة يتم السحب منها علي المكشوف، دون الوقوع تحت أية ملاحظات رقابية، حيث الجهاز الوحيد الذي كان له الحق في مراجعة حسابات الحكومة، دون التوغل في شئون رئاسة الجمهورية، أو المصروفات السرية، كان أيضاً ليس له الحق أو السلطة طبقاً للقانون بمراقبة الصناديق الخاصة !!.
ولعل أشهر تلك الصناديق صندوق التنمية الثقافية، والذي كان يتبع وزير الثقافة الأسبق، وقد تولي إدارته دائماً أحد أقرباء الوزير، أو أحد أتباعه ولعل في إحدي المرات كان يديره زوج ابنة أخت الوزير، السائق سابقاً في سفارتنا في «روما»، هكذا من »سائق خاص» إلي مدير لإحدي مؤسسات وزارة الثقافة، التي يجب فيمن يتولاها حصوله علي الأقل علي درجة البكالوريوس أو الليسانس وليس الدكتوراه كالعادة، ولكن «بدبلوم صنايع» استطاع هذا «النسيب» الصهر أن يتولي هذه المناصب الدقيقة وآخرها، أمين خازنة المال في الوزارة وهو صندوق التنمية الثقافية، ويمول هذا الصندوق من عائد اقتصادي هام للغاية، وهو حصيلة بيع (التذاكر) للدخول إلي متاحفنا القومية، وزيارة أثارنا في جميع أرجاء البلاد، وغيرها من موارد، اختصت وزارة الثقافة صندوقها أو (مغارة علي بابا) بهذه التدفقات وتحت تصرف شخص واحد فقط هو الوزير !! المتصرف في هذه الأموال !!
وهذه الصناديق تعددت في جميع الوزارات والهيئات وأيضاً المحافظات وهي المصيبة الأكبر، حيث كل محافظ نال وظيفته مكافأة نهاية خدمته للنظام في وظيفة سابقة، يجلس علي مقعد مدير إقليم لكي يحافظ للنظام علي المقعد، وعلي السلطة المركزية، حيث جاء كذلك في القانون بأن المحافظ هو عين السلطة المركزية في محافظته.
أي أن كل شيء كان بالقانون، ولعل في مناقشات طويلة في ظل النظام السابق وداخل أروقة الحزب الوطني (المنحل) وفي لجانه المتعددة ومؤتمراته السنوية، قد أثير هذا الموضوع من أكثر من عضو محترم وشريف، واختصينا نحن في اللجنة الاقتصادية في الحزب (المنحل) بالهجوم علي وجود هذه الصناديق، وقدمنا كشفاً تقريبياً من مصادر رقابية محترمة، بأن رصيد هذه الصناديق تتعدي المائة مليار جنيه!!، ويجب أن تخضع هذه الصناديق إن لم يتم إلغاؤها، وإضافة أرصدتها إلي الموازنة العامة للدولة، يجب أن تخضع للأجهزة الرقابية وأهمهم الجهاز المركزي للمحاسبات! .
ولكن رغم كل الهجوم، ورغم كل ما قدمناه في هذه اللجنة، وعلي جميع المستويات السياسية والتنفيذية، حتي أمام الرئيس السابق شخصياً في أحد اجتماعاته السنوية بهذه اللجنة، تم فتح هذا الموضوع، وكان الانطباع فور إثارة «فساد الصناديق الخاصة» هو الموافقة علي إلغائها وضمها إلي موازنة الدولة، وكذلك إجراء تحقيقات رقابية عن مصاريف هذه الصناديق، ولكن في الحقيقة كانت كلها (ضحك علي الذقون) فلم ننجح في وقف النزيف من أموال الشعب المتمثلة في أرصدة هذه الصناديق ولا حتي محاسبة المسئولين عنها .
واليوم وبعد ثورة يناير، نقرأ عن صناديق خاصة تصرف مئات الألوف من الجنيهات شهرياً كمكافأة رؤساء هيئات ورؤساء جامعات وأهمهم جامعة القاهرة كما جاء علي لسان الأستاذة الدكتورة «لطيفة النادي» في جريدة الأهرام يوم الجمعة الماضي التي صرحت فيها بأن مكافأة «رئيس جامعة القاهرة» وصلت إلي سبعين ألف جنيه شهرياً، شيء من العبث حينما يكون مرتب أستاذ الجامعة لايتعدي الأربعة آلاف جنيه شهرياً بالإضافات والحوافز والذي منه، حينما يقبض زميل لتولي سلطة مؤقتة هذا الفارق الرهيب في المرتب والمكافآت إن صح ذلك في الجامعات فمن الطبيعي جداً أن تنهار منظومة التعليم العالي في مصر.
إن الصناديق الخاصة مدعاة للفساد في البلاد وهي ما زالت قائمة حتي بعد ما أسميناه ثورة قام بها الشعب !!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire