الباب الخلفي للفساد
أكد د. عصام درويش، عضو المجالس القومية المتخصصة في مصر، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة مالك للتنمية الإنسانية، في تصريحات خاصة لـ"العربية نت"- أن الصناديق الخاصة بمثابة مجموعة من الموارد والرسوم المالية التي يتم فرضها على المواطنين ووضعها في صناديق تتبع عدة جهات، وقال إنه بالرغم من أن الهدف من هذه الصناديق هو أن تتجه مواردها لسد العجز في الموازنة العامة للدولة والصرف على الخدمات المقدمة للمواطنين، إلا أن صرف هذه الأموال يتجه ليأخذ مسارات أخرى، حيث تصرف على المحظوظين في الدولة على شكل مكافآت وحوافز وهدايا.
أشار "درويش" إلى أن أموال تلك الصناديق توجد خارج إطار الموازنة العامة، مما يضعها في موضع شبهات، نظرا لأنها لا تخضع لأي جهات رقابية، ، موضحا أن تلك الأموال تُحَصّل من جيوب المواطنين البسطاء عبر رسوم الطرق "الكارتة" والغرامات والطوابع، رسوم النظافة، تذاكر المستشفيات، رسوم دخول الأماكن السياحية، مواقف السيارات، والدمغات الحكومية، بالإضافة إلى الرسوم الدراسية بالكليات والمعاهد، فضلا عن رسوم تأمين استخراج اللوحات المعدنية للسيارات.
ووصف درويش الوضع الحالي لتلك الصناديق بأنه "كارثة"، قائلا: إن أي دولة في العالم تفصح عن كل ما يُحصل من أموال من المواطنين، وما تحصل عليه من إيرادات وما تنفقه من مصروفات، مطالبا بضرورة بدخول أموال هذه الصناديق في إطار الموازنة العامة، ووجوب المشاركة الفعالة في صياغة ورقابة الموازنة العامة من جانب قوى المجتمع المختلفة، بما يتطلب المعرفة الكاملة بالأوضاع المالية، وبالتالي الشفافية المطلقة في عرض جهود الموازنة وليس فقط للأغراض الاقتصادية.
لغز كبير
فيما شن د. حمدي عبدالعظيم ـ رئيس أكاديمية السادات سابقا، الخبير الاقتصادي، هجومًا حادًا على هذه الصناديق، قائلا: إن أموال هذه الصناديق لا تذهب إلى الموازنة العامة للدولة، بل تعد "الباب الخلفي" للفساد وإهدار المال العام، موضحًا أن كل صندوق يحصل منه المسئولون على ملايين الجنيهات شهريا؛ نظرا لأنه لا توجد رقابة على هذه الصناديق، واعتبرها حمدي الستار الذي يحصل منه المحافظون والوزراء ومديرو الأمن وكل المسئولين في المحليات على ملايين الجنيهات شهريا، مناشدًا وجود رقيب وسلطة تنفيذية تخضع لها تلك الصناديق.
وفرق "عبدالعظيم" بين ثلاثة أنواع من الصناديق، أولها صناديق الاستثمار في البورصة، وثانيها صناديق التأمين التكميلي وعددها حوالي 600 صندوق، وثالثها صناديق المحافظات، موضحا أن النوع الثالث الخاص بالمحافظات مبهم ولا توجد عنه معلومات كثيرة، في حين أن النوعين الأول والثاني يمكن بسهولة الحصول على المعلومات الخاصة بهما.
ووصف صناديق المحافظات بأنها تحولت إلى لغز كبير، موضحا أن وزارة المالية تشرف بالفعل على الصناديق الخاصة، لكن وزير المالية حينما يعطي إذنًا بالصرف يعطي موافقة إجمالية، أي لا يعرف أين تُنفق هذه الأموال بالتحديد، مشيرا إلى أن هذه الصناديق ظهرت للتغلب على نقص اعتمادات وزارة المالية المخصصة للإنفاق على المشروعات.
واعتبر د. حمدي أن هذه الصناديق تمثل أحد مبتكرات النهب الرسمي، وهي بمثابة أوعية موازية تتبع الوزارات أو الهيئات العامة وتنشأ بقرارات جمهورية؛ لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة، لكن هذه الحصيلة لا تدخل إلى خزينة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها، ومن ثم فلا تعرض تفاصيلها على مجلس الشعب، رغم أنه من المفترض خضوعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire