samedi 29 décembre 2012

الإعلام المصري :أفران “جُوبلز” لصهْر الحقيقة..!! - د. عادل فهمي

 د. عادل فهمي

سمعتم عن أفران النازي، لكن لم تسمعوا عن أفران وزير دعايته “جوبلز” الذي استخدم كل ما وسعه من أساليب الحرب النفسية ضد خصوم هتلر، وأصبح جوبلز رمزا للكذب والتضليل والدعاية السوداء..وكانت أبواقه الدعائية أشد لهبا من أفران هتلر كما يصورها المؤمنون بالهولوكوست !!
وقد تبين لنا بعد ثورة مصر أن “الأفران” ليست فقط ما يوقد فيها النار، بل هناك أفران أشد فتكا وأنكي تعذيبا لمن يتعرضون لها أو يدخلون فيها أو حتى يتجاورون معها..تلكم “استديوهات الفضائيات” و “غرف التحرير” في الصحف و “قاعات الدردشة والتواصل الاجتماعي” و “مقرات ” حملات الدعاية الانتخابية..!! اسمحوا لي بتسميتها “أفران جوبلز”..!!
لقد تحولت الاستديوهات وغرف التحرير ومقار أحزاب إلى أفران حقيقية، تعمل ليل نهار، ويكتوى بنارها الشعب والدولة والحكومة والحقيقة، والأحزاب والشخصيات والرأي العام، ولما كانت الفوضى هي السائدة فلم يعد لأحد سيطرة على لهيب هذه الأفران التي يعمل معظمها من ” مدينة الإنتاج الإعلامي” ومن خارجها..!
هذه الأفران أو ما يمكن تسميته “وسائل إعلام” يقف خلفها ممولون كبار، ومتخصصون متمرسون، و دول ومؤسسات محلية ودولية لها مصالح على أرض مصر ..!! الجميع ينفخ لتظل النيران متقدة والتعذيب مستمرا..لا يأبهون لمصالح عليا..ولا لكرامة إنسان، ولا لآلام دولة تئن من الفساد..! بل لا يسمعون صوت “الحقيقة” وهي تصرخ كماشطة بنت فرعون في المرجل..!!
-         أفران جوبلز: يمولها مال مصري معظمه تم نهبه بطرق شيطانية، ويتم توظيفه لشراء الذمم وتوظيف المسعرين للنار ، وطالبي التشفي في الخصوم السياسيين، وطالبي السلطة ومن يريد استعادة نفوذه ممن زالت عروضهم..!!
-         أفران جوبلز: يديرها متخصصون استخدموا علمهم وحيلهم وحرفتهم لصناعة كتل اللهب ( في صورة توك شو/ وبرامج كوميدية/ وأخبار ملفقة)..يعرضون فقط ما يخدم السعير ويزيد لهيبه، ويصوغون من العبارات ما يحرق الخصوم، ويعمدون لتشويه الصور واختزال الأحداث وتهويل الصغائر وحشر الجميع في زاوية التهم والتحقير لكل ما يصدر عن الخصوم دون تمحيص أو فهم..!!
-         أفران جوبلز: تنشؤها وتدعمها قوى إقليمية وخارجية بعضها معاد لمصر صراحة وبعضها متخف تحت عباءات سوداء لشخصيات معروفة تمارس دورا ضد مصر..!!
-         أفران جوبلز: تخدم  ”قوى وشخصيات سياسية”  تمثل وكالات حصرية للخارج وترى نفسها الأحق بالسلطة ولا ترى للشرعية قيمة ولا للإرادة الشعبية وزنا..تنظر للمجتمع على أنه جاهل وغير مهيئ للديموقراطية..وأن الأقلية لها حق الاستبداد والأغلبية مستضعفة ولا يحق لها الكلام ..!!
-         أفران جوبلز: تشرف عليها الدولة العميقة.. و لا يتعرض لها صرح القضاء باعتراض.. وتدافع عنها ميليشيا إعلامية من بقايا جوبلز المصري ” أحمد سعيد” وتلاميذ هتلر المصري (ناصر) الذي صهر الإخوان والخصوم في زنازين أشد قسوة من أفران هتلر. والغريب أنهم ناشطون في منتديات الإعلام وحقوق الإنسان الليبرالي فقط..!!
-         أفران جوبلز: يتعرض لها قطاع كبير من المصريين وليس لديهم وسائل أخرى إلا أفران التليفزيون المصري الأقل لهبا ولكن تؤدي دورا مماثلا للبلبلة واللخبطة التي تنتهي بسلق الحقائق وتعذيب المشاهد في دهاليز الفوضى وانعدام الحرفية..!!
-         أفران جوبلز: تستضيف الجلادين فقط.. ومن يحملون أسواط الهمز واللمز والسب والقذف.. لكي يصبوا الزيت على الحقيقة وهي تتقلب في جحيم الكذب الصراح .. والتهجم السافر على الحقائق.. وبين مسعري النار من المذيعين والصحفيين وبين الضويف المختارين بعناية لا أمل في من يمد يده ليطفئ الأفران ولا أن ينقذ الحقيقة وهي تصرخ بينهم بلا رحمة..!!
-         أفران جوبلز: بنيت للحفاظ على نظام مستبد أناني .. وبعد الثورة استبشرنا خيرا في أن تستخدم في إنضاج غذاء صالح للمصريين فإذا بها تصبح غرفا لجهنم وموضعا لحرق الخصوم وحرق الحقيقة وشواء الأبرياء ..!!
هذه الأفران للأسف تكلفتها باهظة وتدفع للحراس والمسعرين مبالغ خرافية، وإذا استمرت هكذا ستفقد كل زبائنها، وستصبح زنازين يكلم أصحابها انفسهم فقط..وقد يصاب بعضهم لكثرة حديثه لنفسه بالجنون..أو العته من تكرار كلمات محفوظة بدون فهم ولا تعقل..!!
لذلك أطالب الدولة في مؤسساتها المنتخبة او التي ستنتخب أن تعجل بوضع إطار قانوني وأخلاقي صارم يعاقب كل من يحوّل وسيلته الإعلامية إلى “فرن جوبلزي” يعمل بأكسيد الإشاعات وعصير الحقد والضغينة..لغاية سياسية ومصلحة تتنافى مع أصل وشرف وامانة الكلمة و توازن النظر والتحليل ومسؤولية التوجيه..!!
إن رؤية مصرية جامعة للإعلام  في عهده الجديد في ظل دستور يمنح هيئة وطنية الإشراف على الإعلام، ومع سن تشريع حقيقي للمهنة، وبدء مشروع تربية إعلامية رشيدة لجيل جديد من الإعلاميين.. يؤمن بالحرية كقيمة عليا والانضباط الأخلاقي كسياج للضمير المهني.. وتولّي المتخصصين والخبراء شأن الإعلام .. كل ذلك كفيل بإخماد حرائق أفران جوبلز، وتحويلها إلى متنزهات للحرية وحدائق للحقيقة..يقطف منها الرأي العام أطيب الثمر..ويشم منها عطور الصدق ومذاق الأمانة الشهي..ويستظل فيها بظلال الحقيقة..!!
حفظ الله مصر من لهيب جوبلز..ومن على شاكلته..!!

الإعلام المصري :أفران “جُوبلز” لصهْر الحقيقة..!! - د. عادل فهمي
قسم الأخبار
Sat, 29 Dec 2012 13:00:00 GMT

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire