إعداد: حسني ثابت
تباينت ردود الأفعال بين الأوساط السياسية والحزبية حول قرار الرئيس محمد مرسي بإحالة كل من المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان إلي التقاعد وإلغاء الإعلان الدستور المُكمل، بعد أن أطلقت العنان للتحليلات والتكهنات، تراوحت بين القبول والرفض، وبين الربط بأحداث وتصريحات أعقبت أول تشكيل وزاري لرئيس مُنتخب بعد ثورة يناير، وتزامنًا مع لقاءات الرئيس على المستوى المحلي والخارجي.
وأصدر الرئيس محمد مرسي قرارًا بتعيين أحد رجال القضاء في منصب نائب الرئيس وهو المستشار محمود مكي نائبًا للرئيس، وتعيين اللواء عبد الفتاح السيسي - بعد ترقيته إلى رتبة فريق أول- قائدًا عامًا للقوات المسلحة ووزيرًا للدفاع والإنتاج الحربي خلفًا للمشير محمد حسين طنطاوى، وترقية اللواء صدقي صبحي سيد أحمد إلى رتبة الفريق وتعيينه رئيسًا لأركان القوات المسلحة، فضلاً عن إصداره إعلانًا دستوريًا جديدًا ألغى بموجبه الإعلان الدستوري المُكمل الذي سبق أن أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 17 يونيو/حزيران 2012، لتعزيز الصلاحيات الرئاسية، ومنح قلادة النيل للمشير طنطاوي، تقديرًا لـدوره الكبير، وتعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية، وأيضًا منح الفريق عنان قلادة الجمهورية وتعيينه مستشارًا للرئيس.
تأتي قرارات الدكتور مرسي بعد عام ونصف من الثورة الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 شباط/فبراير 2011، وبعد أيام قليلة من هجوم رفح الذي أودى بحياة 16 عسكريًا، أعقبها إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء مراد موافي، وقائد الحرس الجمهوري، وقائد الشرطة العسكرية، ومحافظ شمال سيناء، وبعد ساعات من زيارة أمير قطر إلى القاهرة.
وأشارت بعض التوجهات السياسية بشأن قرارات مرسي - والتي وصفت بالجرأة الشديدة منذ تولي مرسي مهام منصبه - إلى أن مصر في طريقها لطي صفحة الدولة العسكرية، واعتبار ذلك مهمة سيتحملها الرئيس بما له من صلاحيات دستورية تتيح إنجاح مساري وضع الدستور وانتخاب برلمان جديد.
وإن اختلفت التحليلات حول ما إن كان إقالة طنطاوي وعنان قد تم بتشاور فيما بينهما والمجلس العسكري أم لا، فإن توقيت تلك القرارات - التي جاءت في أعقاب عملية رفح - كثيرون يروا أنها تمثل أول اختبار لمرسي ربما يجد صعوبة في التعامل معها، بينما استطاع مرسي أن يستثمر هجوم رفح لصالح تثبيت أقدامه على رأس الدولة.
ولا يغيب عن الأذهان بأن قرارات مرسي استبقت الدعوات التي وجهت لثورة ضده يوم 24 أغسطس/آب الجاري من شخصيات عُرف عنها ارتباطها بالمجلس العسكري، كما لو بدا إنذارًا وتحذيرًا من أي تحركات ضد الرئيس، لتستقبل من قبل مؤيدي الدكتور مرسي بتظاهرات وهتافات في القاهرة والمحافظات دعمًا لقراراته، والتي اعتبروها استكمالاً لأهداف ثورة 25 يناير وانتصاراً لها.
وقد تواصلت ردود الأفعال والأصداء الواسعة محليًا وعالميًا، وأثارت دهشة كافة الأوساط، فالبعض ربط هذه القرارات بأحداث رفح، ومنهم من يعترض عليها، بعد أن وصفت بأنها تجمع بين سلطتي التشريع والتنفيذ في أيدي الرئيس، ومنهم من ألمح بأنها قرارات تمت باتفاقيات بين الرئيس مرسي والمجلس العسكري، والتي بدأت بتسليم السلطة للرئيس مرسي في نهاية يونيو الماضي.
ردود الفعل على الصعيد المحلي:
وصف سياسيون قرارات الرئيس بأنها كانت مفاجأة بكل المقاييس مُشيرين إلي أنها أنهت ازدواجية السلطة بين رئيس الجمهورية والمجلس العسكري، فقد أشاد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء بقرار الدكتور محمد مرسى بإلغاء الإعلان الدستوري المُكمل واستعادة سلطات الرئيس كاملة وحرصه على احترام القانون والدستور.
كما أكد الدكتور هشام قنديل احترامه وتقديره للمشير محمد حسين طنطاوى والفريق سامى عنان وقيادات الأفرع الرئيسية بالقوات المسلحة التى ساندت ثورة 25 يناير المجيدة، وقامت بالدور الفعال في حماية وإنجاح الثورة والحفاظ على وحدة الشعب المصرى، وتكاتفة مع قواته المسلحة المصرية يدا واحدة دون تعريض البلاد لمخاطر الانقسام والتنازع بين السلطات التشريعية والتنفيذية وعززت من فرض القانون وإعمال صوت الشعب فى انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة شهد لها العالم.
وأشاد الدكتور هشام قنديل أن اختيار قيادات شابه على كفاءة علمية وعملية فى هذا التوقيت وخلال هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا يؤكد حرص الرئيس محمد مرسي رئيس الجمهورية على الدفع بدماء جديدة بالقوات المسلحة المصرية تعمل على الانطلاق بمصر نحو آفاق المستقبل الباهر.
بينما اعتبر سامح عاشور نقيب المحاميين ورئيس الحزب الناصري قرارات الرئيس مرسي بإحالة المشير طنطاوي ونائبه عنان وإلغاء الإعلان الدستوري المُكمل بالانقلاب علي السلطة مؤكدًا أن السلطة الآن في أيدي الإخوان بلا منازع أو شريك، وأن هناك اتجاهًا إلى الاستقطاب لصالح الإخوان المسلمين والانفراد بالسلطة.
ومن جانبه نفى المفكر السياسي معتز عبد الفتاح ما تررد عن أن العصار ومكى والسيسي يتبعون الإخوان قائلاً: السيسي والعصار سينجحان في السيطرة على الجيش، ومكي سيضمن الوجه المدني للرئاسة، واﻹعلان الدستوري الجديد لابد أن يضمن استمرار التأسيسية للدستور، لا مكي ولا السيسسي ولا العصار ولا صدقي إخوان، هم فقط متدينون تدين الطبقة الوسطى التقليدي الذي يسهل الخلط بينه وبين سمات اﻹخوان التقليدية.
فيما وصف الإعلامى حمدي قنديل القرارات بالإنقلاب المدنى قائلاً: أظن أن الرئيس قام بانقلاب مدني استباقا لإنقلاب عسكري ربما كان مقررًا له 24 أغسطس/آب أو بعده بقليل، والآن الفرصة متاحة ليعود الجيش لمهمته الأساسية، لحماية حدود مصر وأمنها القومى.
ومن جانبه رأي الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، الفقيه القانوني والدستوري، أن هذه القرارات التي لها مجموعة من الدلالات أولها رغبته في إنهاء الفترة الانتقالية، وإنهاء دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي كان يدير هذه الفترة وتكريمه، ونبه إلى أن قرارات مُماثلة تنبئ بعزم وعزيمة إحداث تغيير ايجابي في حياة المواطن المصري.
ومن جانبه قال اللواء محمود خلف الخبير العسكري والاستراتيجي إن المجلس العسكري أعطى الرئيس "مرسي" كل صلاحياته كاملة بإرادته وبناء علي اتفاقات بينهم، مؤكدًا على أن القوات المسلحة قوي وطنية يملكها الشعب ولذلك انصاعت وراء ما جاء به الشعب وهو الرئيس مرسي والقوات المسلحة، بذلك أعلنت مصلحة الوطن فوق أي مصلحة أخرى، وكان هناك توافق بين القوات المسلحة وبين رئيس الجمهورية في تسليم كافة السلطات كاملة واتخاذ الرئيس قراره بتغيير قيادات الجيش كان باتفاق مع القوات المسلحة، والتي كانت لديها أجندة واضحة وهي تسليم السلطة في سبتمبر المُقبل وكان لا يجب أن يتحدث أحد من الإخوان بأسلوب استعلاء عن القوات المسلحة .
جاء ذلك في الوقت الذي نفى فيه مستشار الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي للشئون القانونية والدستورية المستشار محمد فؤاد جاد الله وجود أي اتفاق بين الرئيس والمشير طنطاوى، أو أية صفقات حول القرارات الأخيرة، وقال: إن المشير والفريق عنان علما بالقرارات بعد اتخاذها، وحول سبب التأخير في إصدار هذا الإعلان الدستوري المُصحح، قال جاد الله إن الرئيس مرسي كان أمام حالة ضرورة مُلحة بإسقاط وإلغاء الإعلان الدستوري المُكمل، إلا أن المواءمة السياسية كانت وراء التأخير حتى جاء الوقت المناسب لإصداره.
بينما أكد المرشح الخاسر في الإنتخابات الرئاسية "حمدين صباحي" رفضه لقرارات الدكتور محمد مرسي، مُعتبرًا بأنها كانت جزءً من خطة لإحكام قبضة جماعة الإخوان المسلمين على الدولة، والتخلص من طرف كان له نفوذ لفتح الباب أمام "أخونة الدولة".
وخاطب صباحي - خلال مؤتمر جماهيري بقصر ثقافة الفيوم - الدكتور "مرسي" قائلاً: نريدك أن تكون مُعبرًا عن الشعب لا عن الجماعة، ونريدك أن تبني دولة المصريين لا دولة الإخوان، وإذا كنت "ركنت" المشير الله ينور عليك، بشرط أن يركز المرشد في جماعته فقط، ولا يفرض قراراته على القصر الرئاسي.
وقال اللواء متقاعد إبراهيم شكيب في تصريحات رسمية بأن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يكن يتخيل أن هذا سيحدث"، وأبدى اندهاشه لصدور هذه القرارات في الوقت الذي تستعد فيه اللجنة التأسيسية لمناقشة صلاحيات الرئيس في الدستور الجديد للبلاد، كما اعتبر أن "ما يحدث محاولة غير عادية للاستحواذ على مفاصل الدولة في توقيت حرج جدًا، إلا أنه أكد أن القوات المسلحة تشعر بالقلق ولكنها ستنفذ الأمر وتحترمه والكلمة الآن للشعب.
ردود الفعل على المستوى الحزبي:
اعتبر حزب مصر القوية - تحت التأسيس برئاسة المرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح - قرارات رئيس الجمهورية الذي أحال عددًا من قيادات المجلس العسكري للتقاعد، مع إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، نهاية لازدواجية السلطة في مصر، قائلا: "انتهت في مصر اليوم ازدواجية السلطة، التي شكلت عائقاً أمام سيادة الشعب مصدر السلطة الوحيد في مصر"، وأنها بمثابة نهاية طبيعية سليمة لاغتصاب سلطة الشعب، كمانح وحيد لشرعية السلطة، وكذلك بداية لعودة المؤسسة العسكرية للانشغال بمهامها الأساسية في حماية الوطن، والترحيب باختيار المستشار محمود مكي في منصب نائب رئيس الجمهورية، والدعوة إلى إجراء الانتخابات البرلمانية سريعًا كي لا تتركز السلطات في يد رئيس الجمهورية، وحتى تعود سلطة الرقابة والتشريع لمُمثلي الشعب المُنتخبين.
وأعرب أبو الفتوح عن تأييده ودعمه لهذه القرارات، مُطالبًا الدكتور مرسي باستكمال عمليات التطهير في كل مؤسسات الدولة، وتدعيم السلطة القضائية في عملية محاسبة قانونية عادلة لكل من تورط في دماء المصريين التي سالت، وضرورة الإمساك عن إصدار أي تشريعات قد يكون لها تأثير طويل الأمد على المصريين، احترامًا للفصل بين السلطات، واحترامًا للسلطة التشريعية المُنتخبة القادمة، ومُطالبًا الجمعية التأسيسية لإصدار نسخة توافقية من الدستور، وإعلاء قيمة التوافق والمصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية الضيقة، تمهيداً لإقرار دستور مُعبر عن المصريين وتطلعاتهم.
بينما وصف الدكتور عصام العريان - القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة -قرارات الرئيس مرسي بـ "الشجاعة"، وأنها الموجة الثانية للثورة، واليوم يشعر المواطن أنه صاحب القرار، وأن صوته كمؤيد أو معارض يحدد مسيرة البلد، وأنه من هنا تبدأ مرحلة ومسيرة التحول الديمقراطي، وأن مصر وطن لنا كلنا، فهي تحتاج إلى أحزاب حقيقية وﻻؤها للشعب، تؤمن بفكرة ومشروع، ليست كأحزاب مبارك أو تلك التى ترعاها جهات سيادية، أو وﻻؤها خارج الوطن، وأنها قرارات رئاسية شجاعة أحبطت مخططات الثورة المُضادة وفضحت الطرف الثالث الذي يعمل على إعاقة مسيرة التحول الديموقراطى لشعب مصر، وأن الرئيس بذلك أدى واجبه السيادي، وحقق مطالب الثورة وعلى كل ثوري أن يُساند الرئيس لمنع أي محاوﻻت ضد الثورة.
وقال مراد علي المسئول الرفيع في حزب الحرية والعدالة إن الوقت مناسب لإحداث تغييرات في المؤسسة العسكرية، مُضيفًا أن "مرسي رئيس قوي ويمارس سلطاته".
ومن جانبه رفض السعيد كامل - رئيس حزب الجبهة الديمقراطية - خروج قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بهذا الشكل المُهين بعد كل ما قدموه لمصر وللثورة، وقد تم انتخاب مرسى في وجودهم وتحت حمايتهم وأثبتوا في كل مرة أن القوات المسلحة تنحاز للإرادة الشعبية رغم كل ما تعرضو له من إساءات.
ووصف كامل قرارات رئيس الجمهورية بأنها إنقلاب رسمي لأن البلاد ما زالت في المرحلة الإنتقالية ولم تكتمل مؤسسات الدولة ولا يوجد دستور ينظم العلاقة بين السلطات ولا يوجد برلمان يراقب رئيس الجمهورية، مُطالبًا رئاسة الجمهورية بتوضيحات حول دوافع اتخاذ هذه القرارات وقانونية إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وشرعية رئيس الدولة بعد إلغاء الإعلان الدستوري الذي أدى بموجبه القسم وأصبح رئيساً، ومُطالبًا أيضًا بظهور المشير طنطاوي والفريق سامي عنان على التليفزيون المصري على الهواء لتفسير ما حدث وإن كان هناك اتفاق تم وما هي تفاصيل هذا الاتفاق.
ومن جانبه أعلن حزب التيار المصرى عن تأييده الكامل لقرارات الدكتور محمد مرسي، مؤكدًا أنها إنهاء للدور السياسي للمجلس العسكري واسترداد للسلطة المدنية، واستعادة صلاحيات المؤسسات الشرعية المُنتخبة من الشعب التي كانت أهم مطالب ثورة يناير المجيدة، ومُطالبًا بمُحاكمة كل من تلوثت يداه بدماء أو أموال شعب مصر، ممن تولوا مسئولية إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، والوفاء لدماء الشهداء وأنات المُصابين والمظلومين، وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة للإفراج عن معتقلي الثورة، مُشددًا على ضرورة استكمال استحقاقات الثورة وتحقيق سيادة دولة القانون، وأن يتسم نظام حُكم مصر بعد الثورة بالعدالة والشفافية، والشراكة الوطنية الحقيق.
وفي نفس السياق رفض الحزب أن تتركز كل السلطات بما فى ذلك السلطة التشريعية وما يتعلق بالجمعية التأسيسية فى يد الرئيس، مؤكدًا ضرورة إجراء حوار وطني ومجتمعي بشكل عاجل، للتشاور من أجل إيجاد بديل مناسب يضمن توزيع السلطات بشكل يمنع أن تتركز كل السلطات فى يد جهة واحدة.
ومن جانبه قال عبدالغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن هذه القرارات تؤكد أن رئيس الجمهورية يُمارس سلطاته كاملة علي جميع أجهزة الدولة بما فيها القوات المسلحة، مشيرًا إلي أن إلغاء الإعلان المُكمل هو إلغاء لإزدواجية السلطة الذي كان قائمًا في البلاد. وأوضح أن هذه القرارات هي في الاتجاه السليم نحو إدارة البلاد من خلال الرئيس المنتخب ومجلس الوزراء المكلف منه.
وشدد عبد الغفار علي القول إنه إذا كان هذا القرار سيترتب عليه تعديل نفوذ جماعة الإخوان المسلمين فنحن كأحزاب معارضة نواصل تعزيزاتنا للتعددية السياسية في مصر ومواصلة طريق التطور الديمقراطي مؤكدًا أن الأحزاب لن تقبل بأن ينفرد أي فصيل سياسي بالحياة السياسية في مصر.
ويرى حلمي سالم رئيس حزب الأحرار أن القرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية بمثابة تجديد وإحلال للقائمين مع العمل الوطني في مصر، مُعتبرًا أن تعيين وزير للدفاع للاستفادة بخبرات جديدة.
من جانبه أبدي طارق الملط، المتحدث الرسمي لحزب الوسط، تأييده لقرارات رئيس الجمهورية، مُعتبرًا أنها استكمال لثورة التصحيح التي يقودها الدكتور محمد مرسي رئيس البلاد.
ردود الفعل على الصعيد الخارجي:
وعلى صعيد ردود الفعل الأجنبية أعربت الحكومة الألمانية عن أملها في أن تواصل مصر عملية الإصلاح السياسي، للحيلولة دون وقوع حركات رفض في مصر من شأنها عرقلة حدوث المزيد من التقدم في الإصلاحات، بينما رفضت الحكومة الألمانية إصدار حُكم على الأحداث الأخيرة في مصر مكتفية بالقول على لسان متحدث باسم الخارجية: "من السابق لأوانه أن نعطي إجابة عن ذلك".
ومن جانبه قال مصدر سياسي كبير في إسرائيل بأن تل أبيب تنظر بقلق إلى قرار الرئيس المصري محمد مرسي بشأن استبدال كبار المسئولين العسكريين، وأن القرار جاء مفاجأة لصناع القرار في إسرائيل التي ترى فيه خطوة أخرى نحو التطرف، مُشيرًا إلى أهمية التعاون العسكري بين إسرائيل ومصر لإعادة الأمن والاستقرار في شبه جزيرة سيناء، ومُعربًا عن اعتقاده بأن القيادة العسكرية الجديدة في مصر تدرك أهمية التنسيق بين البلدين لمُحاربة الإرهاب، ومُضيفا مع ذلك أنه لا يعرف ما إذا كانت الحكومة في القاهرة تشاطر العسكر هذا التوجه من عدمه.
وعلى جانب آخر وصفت صحيفة الشرق السعودية في افتتاحيتها، الإثنين، قرارات الرئيس محمد مرسي بأنها جاءت مفاجأة للجميع، والتي أنهت 6 عقود من عسكرة الدولة المصرية، وتقضي في الوقت نفسه على المخاوف من تحول المجلس العسكري إلى دولة فوق الدولة، وأن المؤسسة العسكرية لم يعد لها دور في الحياة العامة، وتحقق المقولة "على الجيش أن يعود إلى ثكناته" على أرض الواقع، بل إنهاء دور المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية لتعود إلى مهمتها الرئيسية وهي حماية حدود الوطن وحفظ أمنه القومي، واعتبرت الصحيفة أن هذه القرارات ستسمح لمصر بالاستمرار في مسيرة التحول الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات دون تخوف من تغول المؤسسة العسكرية أو انقلابها على شرعية الاستحقاقات الانتخابية.
بينما فجر مراسل "بي بي سي" بالقاهرة "كيفين كونولي" في تعليقه على قرار الدكتور مرسي رئيس الجمهورية عبر النسخة الإنجليزية من موقع هيئة الإذاعة البريطانية، حينما قال إن قرار مرسي قد يكون قد تم اتخاذه في أعقاب مشاورات سرية تمت بينه وبين جنرالات من الجيش، إلا أن ذلك لم يتم التأكد منه حتى الآن .
وأضاف كونولي أنه مع تولي مرسي السلطة فإنه بدا من الواضح أنه سيتمتع بصلاحيات محدودة حددها له "الجنرالات" الذي كان يمارس السلطة منذ سقوط مبارك .
وأشار المراسل إلى أنه من المُحتمل أن معارضي مرسي قد يكونوا استهانوا به، مشيرًا إلى أن حادث سيناء الأخير والذي لم يكن متوقع دفع مرسي للتحرك ضد القياديتن الأسايتين بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة "في إشارة إلى المشير طنطاوي والفريق سامي عنان ".
وقد أبرزت الصحف البلجيكية الصادرة صباح الإثنين قرارات الرئيس مرسي ووصفتها بالقرارات المفاجئة، وكتبت صحفية "لوسوار" تحت عنوان "الرئيس المصري يأخذ زمام المبادرة في مواجهة الجيش" وأن مرسي أطلق مفاجأة من العيار الثقيل بإلغائه "الإعلان الدستوري" الذى يمنح صلاحيات عريضة للقوات المسلحة وبإحالة المشير طنطاوي إلى التقاعد.
ومن جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن القرارات التي اتخذها الرئيس محمد مرسي تمثل انقلابًا لمصر، بعد أن أجبر قادة الجيش على التقاعد، مُعتبرة أن هذه الخطوة بمثابة تطهير مذهل يبدو للحظة كأنه استعادة القادة المدنيين للسلطة السياسية التي طالما حظي بها الجيش منذ سقوط مبارك العام الماضي، مُشيرة إلى مُراقبة المسئولين في واشنطن عن كثب المواجهة بين حكومة مرسي المدنية وقادة الجيش، كما أنهم رحبوا مؤخرًا بمؤشرات المفاوضات حول كيفية اقتسام السلطة في مصر والتي كانت تجري في الكواليس، ومشيرة أيضًا إلى أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية امتنعا عن إصدار أي رد فعل فوري على القرارات الجديدة.
من جانبها ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الإثنين أن القرارات "الجسورة" التي اتخذها الرئيس مرسي تتناقض بشكل حاد مع الصورة "الفاترة" التي أخذت عنه قبل إعلانه رئيسًا للبلاد كونه "الخيار الثاني" لجماعة الإخوان المسلمين.
ورأت الصحيفة في سياق تحليل إخباري أوردته على موقعها الإلكتروني- أن تلك القرارات من قبل الرئيس مرسي قد عضدت "تحولاً هامًا" في السلطة تجلت ملامحه الأولى بانتخابه رئيسًا للبلاد.
تأييد المصريون في أمريكا:
أكد المصريون في الولايات المتحدة تأييدهم لقرارات الرئيس محمد مرسي فيما وصفوه بأنه انتقال سلس للسلطة يصب فى صالح مستقبل مصر ويحفظ كرامة المؤسسة العسكرية بتكريم رموزها، وينطلق بمصر إلى آفاق المستقبل.
جاء ذلك فى تعليقات للمصريين فى الولايات المتحدة خلال استطلاع أجراه مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى واشنطن حول قرارات الرئيس مرسي، واستشهدوا بكلمات الرئيس مرسي نفسه فى الخطاب الذي ألقاه أمس في الجامع الأزهر بقوله "ما اتخذت اليوم من قرارات لم أوجهها لأشخاص ولم أقصد بها إحراج مؤسسات أو التضييق على حرية لمن خلقهم الله أحرارًا، وإنما قصدت مصلحة هذه الأمة"، والتي أوضح أنها لا تهدف إلى تهميش المؤسسة العسكرية بل إلى تجديد دمائها.
وشدد المصريون في الولايات المتحدة على أن المرحلة المقبلة في مصر تتطلب تفرغ القوات المسحلة الباسلة لمهمتها الأساسية، وهي الدفاع عن حدود وأمن مصر بعد أن تحملت بالتزام وشرف دون أطماع عبء المهام والمسئوليات السياسية وإدارة الدولية في أعقاب تنحي الرئيس السابق في مرحلة دقيقة حفظت مصر من الانزلاق إلى حمام دم كما شهدت وتشهد دول أخرى من دول الربيع العربي.
ونوهوا بأن العالم يتطلع إلى الرئيس مرسي الآن لتمثيل مصر بشكل موحد يفتح أفاق الثقة في تخطي مصر للمرحلة الانتقالية وتقدمها على طريق الديمقراطية ودولة المؤسسات، وهو ما يدعم موقف مصر في التعامل مع المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
وأشاروا إلى أن هذا من شأنه أن يحمس الولايات المتحدة للإفراج عن الشق الاقتصادي من المساعدات الأمريكية لمصر أسوة بالشق العسكري .. ونوهوا بأن هذا سيصب في صالح مصر والولايات المتحدة معًا لأن الديمقراطية تحتاج إلى اقتصاد مستقر في دولة تؤثر على محيطها الإقليمى عربيًا وإفريقيًا.
ولفت المصريون في الولايات المتحدة إلى أن المرحلة القادمة هي أيضًا مرحلة تسامح ومُصالحة مع النفس بعيدًا عن الانتقام وتصفية الحسابات من أجل البناء والتنمية أيضًا، حتى تتفرغ كل السواعد لمهمة واحدة وهي الحفاظ على مكانة مصر في مرحلة دقيقة من تاريخ المنطقة والعالم .. ولكى تعطي مصر للعالم مثالاً آخر على حضارتها وقدرتها على تخطي المحن والشدائد مهما بلغت.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire