mercredi 30 novembre 2011

الحال هو الحال بعد الثورة : مافيـا الاستيراد.. تغتـال المصريين بنفايات العالم

42

طوفان السلع المغشوشة وغير المسجلة ومجهولة المصدر.. أصبحنا نعوم فوق بحر من السلع القادمة من تحت بير السلم.. لا فرق بين ملاية سرير ولا جهاز كهربائى أو دواء ممكن أن يقتل إنساناً فى لحظة!! ومافيا السلع المغشوشة تحاصرنا فى كل مكان بهذه السلع فى الشارع والمحلات والأرصفة.. وحتى تحكم قبضة حصارها علينا.. أصبحت تطل علينا كل لحظة بسلعها المضروبة على كل القنوات الفضائية.. بدون رقيب أو حساب أو متابعة.. فى ظل الغيبوبة التى تعانى منها الأجهزة الرقابية الغائب الحاضر.. وتركت المواطن البسيط فريسة سهلة لسلع مجهولة ربما تتسبب فى أمراض قاتلة!! بعد أن تحولت السوق المصرية لمرتع لنفايات العالم التى تباع بلا رقابة!!

رصدت «مجلة صباح الخير» عدة إعلانات لسلع غير مرخصة من وزارة الصحة منها إعلانات عن اللاصقة السحرية للتخلص من جميع السموم والفيروسات وتعمل هذه «اللاصقة» على العلاج من أمراض التوتر، والجلطة، والذبحة الصدرية، وازدياد دهون الجسم، خلل الدورة الدموية، أمراض البروستاتا، الالتهاب، الاكتئاب، والأورام السرطانية وغيرها من الأمراض وهذه اللاصقة التى تساعد فى امتصاص السموم من الجسم ومن الدم وذلك عن طريق إلصاقها أسفل القدمين من 6 إلى 8 ساعات، وهذه اللاصقة نجدها بثمن مغر جدا لا يتعدى 130 جنيها + مصاريف الشحن، بالإضافة إلى ضمان سنة، ونجد أيضا لاصقة التخسيس التى تعمل على سرعة حرق وإزالة الدهون من خلال إخراج المواد المنشطة للدهون تتوغل داخل الجسم عن طريق مسام الجلد وهذه اللاصقة لايتعدى سعرها أيضا عن 99 جنيها + مصاريف الشحن.
أما عن الأجهزة التكنولوجية والرياضية فحدث ولا حرج، فهناك جهاز Optric المثالى وهو الجهاز الذى يطلق عليه «6*1» الجرى + شد الجسم + عداد ديجيتال + جزء مخصص لآلام الظهر + كرسى الأكروبال وكل هذه الإمكانيات فقط بـ 600 جنيه، بالإضافة إلى هدية الشريط الحرارى وغرفة السونة بالكرسى لاسترخاء الجسم كله وإذابة الجسم.
فضلا عن جهاز محمول وإنترنت يباع فى الأسواق بـ 5 آلاف جنيه، بينما هذه القنوات تطرحه بـ 489 جنيهاً فقط ويشمل العديد من الإمكانيات لعل أبرزها 5 ميجابايت وبطارية قوية 2 وات وكارت ميمورى، بالإضافة إلى أنه من الممكن استبدال الموبايل القديم بهذا المنتج الصينى وأيضا جهاز الكمبيوتر يشمل العديد من المزايا، فعلى سبيل المثال رامات 512 جيجابايت، هارد 500 جيجا، شاشة 17 بوصة فقط بسعر مغر 499 جنيها + مصاريف الشحن.
وكل هذا لا يكفى وأيضا جهاز البخار ليخلصلك من جميع مشاكل البشرة وتفتيح المسام وعلاج الهالات السوداء، فضلا عن الهدية الملاصقة مع الجهاز وهى عبارة عن كريم سنفرة البشرة مع 25 عبوة ماسك طبيعى وكل هذا يصل سعره إلى 119 جنيها فقط.
ثم تأتى العديد من الأدوية والأعشاب الطبيعية لعلاج بعض الأمراض مثل العسل الطبيعى لعلاج مرضى السكر وهو بديل للأنسولين وفقط بـ99 جنيها، ويطالب الإعلان المرضى بإلقاء الأنسولين فى الشارع ويستخدم العسل فهذه جريمة قتل للمرضى، وأيضا دهان كبد الحوت لعلاج العجز الجنسى للرجال ويتركب من أعشاب الطبيعة لزيادة القدرة الجنسية، وكل هذا لايتعدى سعره 55 جنيها فقط.
وخلال متابعتنا رصدنا عروض المفروشات، فعلى سبيل المثال 5 ملايات سرير جميع الأشكال والألوان فقط بـ 99 جنيها، وأيضا عرض اللحاف الفيبر بـ55 جنيها وكل هذا لايكفى حتى المرتبة أصبحت تباع على الشاشة ولكن هذه المرة فهى مرتبة صحية لعلاج أمراض العمود الفقرى وسعرها لا يتجاوز 469 جنيهاً والعديد من السلع المغشوشة التى تهدد الاقتصاد المصرى.
تراخيص
وأكد الدكتور أشرف بيومى مدير إدارة الصيادلة بوزارة الصحة أن عدداً ضئيلاً جدا من الأدوية التى تعرض على التليفزيون لديها تراخيص من الوزارة، بل هناك أكثر من 80% من هذه السلع الوزارة لا تعلم عنها شيئا، فضلا عن أنه من الصعب أن يكون لمنتج العسل ترخيص من الوزارة فهو من المنتجات التى تباع فى جميع المحلات التجارية، بالإضافة إلى أن هذه الإعلانات تتم بمعرفة الجهات الإعلامية ويتعمدون إلغاء وزارة الصحة من حساباتهم لمجرد جمع الأموال بشتى الطرق حتى ولو كان ذلك له آثار سلبية على صحة الإنسان.
وأضاف د.بيومى أن هذه الأدوية تؤثر وبشكل ملحوظ على صحة الإنسان لأنها تخترق الأمراض المشهورة فى مصر كالسكر والضغط وأمراض الدورة الدموية فهى أمراض يعانى منها 60% من الشعب المصرى، فهذه الأدوية تحتوى على أعشاب ومكونات لا تخضع للمعامل الطبية ولا يتم إعدادها قبل خلطها مع المواد التى يعلنون عنها، فبالتالى تؤثر على الكبد والكلى بشكل غير طبيعى.
ويضيف د.بيومى أن هناك أيضا أجهزة لعلاج البشرة فهذه الأجهزة تتركب أيضا من الصفيح والكهرباء ومن هنا فإنها تصيب الجلد مع مرور الوقت بحروق وظهور أمراض الكلف وغيرها على البشرة، فبشرة الإنسان من أكثر المناطق الحساسة سواء للمرأة أو الرجل فظهور أى علامات مرض يجب استشارة الطبيب بأسرع وقت فكل هذه الإعلانات ما هى إلا استثمار للطب على حساب المواطن البسيط الذى لا يستطيع شراء بعض الأدوية.
الجهــل!!

وأكد الدكتور نادر بطرس خبير تسويق أدوية فى إحدى الشركات العالمية أن هذه الإعلانات لها تأثير سلبى على جميع الأدوية المعترف بها عالميا، بالإضافة إلى أن الأمراض مهما كانت من وجهة نظر المريض بسيطة ومتداولة إلا أنها يجب أن يكتب لها أدوية معينة تحت إشراف طبيب متخصص.
وأضاف د.بطرس أن هذه الإعلانات تؤثر أيضا على أفكار وعقول بعض المرضى فى ظل أن هناك أكثر من 50% من سكان مصر يعانون من الجهل الطبى فمن هنا يتجهون لاستخدام هذه الأدوية، خاصة أن أسعارها ضئيلة جدا والدواء الواحد يساعد فى علاج العديد من الأمراض التى تواجه جسم الإنسان كله وليس مرضا واحدا فقط بل أيضا استطاعت أن تعالج الاكتئاب، وبالتالى بعد أن كانت المرحلة الأولى للمريض استشارة الصيدلى ثم التوجه إلى الطبيب المختص واكتشاف المرض مبكرا تحولت الصورة إلى استخدام مثل هذه الأدوية.
وأشار د.نادر إلى أن هذه الأدوية تضر سوق الأدوية فأصبح هناك أكثر من 20% من المرضى يبتعدون عن شراء الأدوية من الصيدليات ويتجهون إلى العلاج بالأعشاب وبالتالى أصبحت سوق الأدوية أيضا تواجه شبحا شديدا، فضلا عن أسماء العطارين التى أصبحت تتردد كثيرا فى الأسواق وكل هذا يؤثر بالسلب على بقعة أساسية فى الاقتصاد المصرى بشكل كبير ويصيب سوق الأدوية بالفوضى والتخبط حتى تصل إلى مرحلة لا نستطيع أحد أن يحميها.
وأكد د.نادر بطرس على ضرورة مواجهة هذا الجهل الإعلامى وملاحقته قانونيا محاولة لتوعية المواطن البسيط، فضلا عن أنه لابد من تدخل المنظمات العالمية ويكون لها رد فعل للحفاظ على مكانة علم الأدوية، بالإضافة إلى أنه «أين وزارة الصحة» سؤال يطرح نفسه لأن كلام ليس له أساس من الصحة فى ظل أنه «مسجل أم غير مسجل»، لذلك لابد أن يكون لوزارة الصحة تواصل مع الناس أيضا من خلال القنوات التليفزيونية وعمل إعلانات توعية تقاوم هذا الجهل الطبى لأن التليفزيون يشاهده جميع طبقات المجتمع وبالتالى نستطيع الوصول إلى جميع العقول المختلفة.
قوانين!!
ويشير عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك إلى أن الجهاز يعانى من الظلم الشديد لأن الفساد يواجهه من جميع النواحى، فلا ننسى المحتكرين الذين يتبعون أساليب تفوق العادة، ثم تأتى أدوارهم الخفية فى ارتفاع جميع أسعار السلع وغيرها من الأشكال التى تصيب المستهلك فى مقتل وتساعده فى الهروب من المسألة، وأخيرا تأتى هذه الإعلانات لترويج سلع ومنتجات مغشوشة لتنهى دور الجهاز.. فهذه السلع يجب من البداية فرض قوانين إعلامية مشددة عليها لأن هذه القنوات هى الدعم الأول والأخير لهذه السلع فكثرة الطلب عليها يجعلها تزداد ويتم ترويجها أكثر.
وأضاف اللواء يعقوب أنه حاليا يجرى إعداد مشروع لتعديل قانون حماية المستهلك محاولة لضمان الحفاظ على حقوق المستهلكين ووضع عقوبات مشددة لردع المخالفين وإدخال قوانين تجرم هذه الإعلانات المضللة وفرض غرامات أو قد يصل الأمر إلى السجن المشدد وأيضا إدخال قوانين تلزم الإعلام بعدم التعامل مع هذه الإعلانات محاولة لعودة الجهاز لمصداقيته التى فقدها طوال السنوات الماضية.
فرصة!!

وتقول سعاد الديب رئيس الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك: نحن كجمعيات لحماية المستهلك نتلقى الشكاوى من أى جهة رقابية ولا يوجد جهة رقابية تواجه هذه الإعلانات فى ظل التواجد الشديد للفضائيات وكثرتها مع عدم وجود نوع من الرقابة والمتابعة، فضلا عن أن قانون حماية المستهلك به ثغرات تعطى حقوقا لهؤلاء للعرض على الشاشات التليفزيونية هروبا من المساءلة.
وأضافت الديب: إننا نعيش فى مرحلة الخروج من فساد دام لأكثر من 20 عاما لذلك يجب استغلال هذه الفرصة وإنشاء مرصد إعلامى يدرس كل ما يتم إذاعته على التليفزيون ويكون تابعا لهذا المرصد إدارة لتلقى الشكاوى وتوثيقها حتى نتخلص من الاتهامات والشائعات المتبادلة بين جميع الأطراف محاولة لتصحيح أوضاع مغلوطة.
الفــــخ!!
وأبدت الدكتورة ليلى خواجة أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد وعلوم سياسية استياءها الشديد من هذه الإعلانات التى تصيب المواطن المصرى فى صحته وسعيه وراء أحلام لا تتحقق، فكثرة هذه الإعلانات والتعامل معها بهذه السلبية يؤكد مدى الجهل الذى وصلنا إليه ومدى رجوعنا إلى الخلف لأكثر من 30 عاما، فهناك عدة محاور تؤثر بها هذه السلع على الاقتصاد المصرى وهى: أولا هذه السلع بدون ترخيص وبالتالى تتهرب من دفع الضرائب ومن هنا تخسر الدولة العديد من الأموال، ثانيا: أن هذه الأدوية لها آثار على صحة المواطن العامة وبالتالى تتعرض صحة المواطن إلى كثير من المضاعفات تؤدى إلى ضعف إنتاجية العاملين، وبالتالى ينخفض الإنتاج مما يضر بالصناعات وتقل المبيعات فهى حلقة دائرية والكارثة الكبرى الخفية وراء هذه السلع والأدوية أنه عندما تتحقق هذه الحلقة الدائرية من الممكن أن تتعرض بعض المصانع إلى تعثر فى سداد التزاماتها للدولة من ضرائب، وفوائد للبنوك وبالتالى تحدث خسارة فائقة فى الدخل القومى ويزيد التضخم وبالتالى يقع الاقتصاد المصرى فى فخ جديد وغير مباشر لذلك يجب وجود رقابة مشددة وسلسلة من القوانين الصارمة لحماية صحة الإنسان أولا والاقتصاد ثانيا.

لمياء جمال – صباح الخير

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire