mardi 10 janvier 2012

عمر طاهر : وأنا اللى كنت فاكرك مؤديبة..العب مع اللمبى

عمر طاهر يكتب: المجد لـ«اللمبي»

25

فى فيلم «ناصر» (نسخة خالد الصاوى والكاتب إيهاب إمام والمخرج أنور القوادرى) هناك مشهد يلخص هذا المقال، لدرجة أنه يمكننى التوقف عن الكتابة بعده مباشرة.
استدار خالد الصاوى ناظرا ناحية الكاميرا ووجهه يرتجف فى أعقاب خطاب التنحى وصوت الشعب يدوى فى الخلفية (الدحه الدحه.. لا تتنحى) قائلا «شعب عجيب.. وأنا اللى كنت فاكرهم هيعلقوا لى المشنقة!»، أو كما قال اللمبى «وأنا اللى كنت فاكرك مؤديبة».
شعب عجيب بالفعل و«مالوش ملكة»، ولا تستطيع أن تتوقع رد فعله تجاه أى شىء، ولا تصلح معه أية قراءات استقصائية، بل أقول لحضرتك على حاجة أتحداك إن كان تقدير جهاز الإحصاء لعدد السكان صحيحا، ففى كل عمارة هناك ثلاث شقق على الأقل قرروا أن «يشتغلوا مندوبى التعداد» دون أسباب واضحة.. فتقديم معلومات مضللة هو أمر يلجأ إليه المصريون على سبيل الاحتياط، خصوصا إن كان السائل شخصا غريبا أو حكوميا، أو إذا كان السؤال يتعلق بأمور شخصية لا شأن للسائل بها.
الأغلبية الكاسحة التى تعادى الثورة فى مصر هذه الأيام تقوم بكل ما هو ثورى بجرأة وثبات يغيب عن أعتى ثوار الميدان. فى إمبابة كان الاعتراض على الفريق شفيق غير متوقع، وهو المرشح الذى تقول فيه الأغلبية كل ما يمكن أن يقال عن خطيب أختك (محترم.. وقور.. مهذب.. شيك.. بيفهم)، تفضله الأغلبية لأنه قال كلاما يرضيها فى هذه اللحظة من نوعية أنها ليست ثورة، وأنه يجب على البرادعى أن يحترس من المعلومات الفاضحة التى يعرفها سيادة الفريق عنه، وأن شباب الميدان بثوا الفوضى فى البلد. قال الراجل كل ما يعلو على موجة كلام الشارع وكل ما يخالف التوجه العام على «فيسبوك» و«تويتر» (أكثر مكانين يكرههما الشارع حاليا)، طيب.. الراجل هيعمل إيه أكتر من كده يعنى؟ كان نجاح مؤتمره الانتخابى فى إمبابة متوقعا، خصوصا فى ظل رفقة رئيس الجمعية الشرعية وكبار المنطقة، لكن الشعب فاجأنا جميعا مرتين.. الأولى فى إعلان رفضهم الثورى لسيادة الفريق شكلا وموضوعا، والثانية فى طريقة/ إعلانهم لرفضهم.. فمشهد حدف سيادة الفريق بالبونبونى لا يحضر إلا فى ذهن شاعر ورسام كاريكاتير فى حجم صلاح جاهين، لما له من دلالة تبدو بسيطة فى مظهرها، لكنها أعمق من بحر الظلمات.
الأغلبية التى تكره الثورة وتعوم على عوم المذيع توفيق عكاشة، بل إنها نصبته إعلامى البسطاء ومذيع الشعب، الذى يعبر عنهم بصدق ويتحدى ديكتاتورية الأقلية الثورية، هذا الرجل الذى رفعوه على الأعناق وهو يدخل إلى العباسية هاتفين «الواد مسك المقص.. الواد مسك المقص»، هذا الرجل، الذى بصمنا جميعا بالعشرة، أنه لسان حال القطاع الأكبر من الشعب المصرى حصل فى الانتخابات فى بلده على عدد من الأصوات أقل من عدد شعر رأسى.
الأمور فى مصر ليست كما تبدو دائما، فأهل العباسية الذين هجموا على مسيرة الثوار منذ عدة أشهر وقذفوها بالماء والحجارة، هم أنفسهم الذين خرجوا فى مسيرة مضادة للتجمعات المناهضة للثورة عندهم، رافعين شعار (العباسية مش تكية)، وكراهية البعض للثورة لا تعنى محبتهم للمجلس العسكرى، وتمسك البعض ببقاء العسكر فى السلطة لا يعنى أنهم ليسوا ثوارا، ونجاح الإسلاميين الساحق فى الانتخابات لا يمنع الشعب أن ينتفض ضد فكرة هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإن كنت نجما واستوقفك مواطن فى الشاعر ليصافحك ويتصور معك، فلا تعتبر هذا التصرف دليلا على محبته العارمة لك ولمواقفك (نصف من طلبوا منى أن أتصور معهم فى الشارع كانوا يقولون لى إحنا عارفين حضرتك بس الاسم واقع معلش.. عمر طاهر أقول.. فيقولون بابتسامة أيووووه أستاذ بهاء طاهر).
لا أحد يعرف على وجه الدقة إن كانت هذه هى التركيبة الرسمية للمصريين منذ القدم أم أنه مجرد تغيير طرأ على التركيبة بعد حادثة ما، مثل التى تعرض لها اللمبى وجعلته يقول عن نفسه مبررا تكوينه الجديد «دخل فى بقو واحد».
الحياة وسط المصريين مخاطرة نفسية وذهنية كبيرة، ربما هذا ما يجعل للحياة بينهم طعما دونا عن بقية الحيوات على سطح كوكب الأرض.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire