mardi 10 janvier 2012

تهمة رئيس الجمهورية السابق: راجل ماشي ورا كلام مراته!!

303

على طريقة «هى إللى ضحكت عليه»، و«خطافة الرجالة» و«خرابة البيوت» استقبل كثيرون عبارة «رئيس خضع لضغوط أسرته ليوافق على توريث الحكم، ورضخ لإرادة قرينته التى أرادت أن تكون أم رئيس بعد أن كانت زوجة رئيس».
تلك العبارة التى جاءت ضمن مرافعة النيابة فى أشهر قضايا ثورة يناير، التى يحاكم فيها رئيس الجمهورية ونجلاه ووزير داخليته وستة من مساعديه.
البعض اعتبرها نوعا من المعايرة الشعبية، والبعض رأى فيها توجيه تهمة لهذه الزوجة، وبعض ثالث رأى فيها الاثنتين.. التهمة والمعايرة.
وتساءل الكثيرون: هل هناك تهمة فى القانون تسمى «مشى ورا كلام مراته»؟
لكن يبقى الجدير بالتأمل هو.. هل تختلف رؤية من يرون فى المرأة أنها خطافة رجالة.. وهى إللى بتضحك على الراجل الغلبان.. عن رؤية من دعوا للخروج فى مليونية لرد «شرف حرائر مصر».. عندما سحلت فتاة على يد قوات من الجيش فى أحداث مجلس الوزراء.. وتعرت فى صورة تناقلتها وسائل الإعلام فى العالم؟

استغربت من العبارة.. لأن 90٪ من الرجالة بيخضعوا لرغبة زوجاتهم ومافيش مشكلة فى كده بل بالعكس الراجل إللى ياخذ رأى مراته معناه أنه منفتح وتقدمى.. قالها أستاذ علم النفس السياسى بجامعة عين شمس قدرى حفنى، وابتسم ثم أضاف: «دى مش ممكن تكون معايرة لأن النيابة ليس من عملها معايرة أحد، وكمان هى مش تهمة عشان مافيش جريمة اسمها توريث الحكم»، ليتوقف قائلا: «ثوريث الحكم قضية سياسية يحاكم عليها حسنى مبارك سياسيا، لكنه يحاكم بالأساس على القتل والإضرار بالمال العام، ولابد أن يحاكم على أنه كان يدافع عن زوجته لتشغل مناصب رسمية بما يتعارض مع الدستور».
لأ.. دى معايرة وتهمة كمان لأن هى اللى ودته فى داهية، ولازم تدخل معاه فى المحاكمة باعتبارها محرضا حقيقيا.. هذا هو رأى عالم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية على ليلة، الذى لا يرى فى هذه العبارة معايرة بأنه راجل مشى وراء كلام زوجته لأن فيها تقرير واقع لحالة رجل ضعف لتقدمه فى العمر فاضطر للرضوخ لطموح زوجته، وإن كان الدكتور على يرى فى العبارة معايرة وتحقير لرجل خان الأمانة.
فى ثقافتنا بيعتبروا اللى يسمع كلام مراته ماعندوش شخصية وناقص رجولة، وفى الصعيد كل الرجالة تشخط فى زوجاتهم قدام الناس، ومن وراهم ياخدوا رأى الزوجة.. هكذا ترى عميدة كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان إقبال السمالوطى، تأثير تلك العبارة التى تراها معايرة ذكورية على طريقة «شاوروهم وخالفوهم» و«شورة المرة بخراب سنة لو صحت» التى لا يختلف تبنيها بين البسطاء والمثقفين بحسب رأيها.
لكن السمالوطى ترى فى العبارة نفسها اتهام لمبارك نفسه وليس تهمة لزوجته، لأن المفروض أن تكون قرارات رئيس الجمهورية مستندة إلى أساس علمى ودراسات وآراء الخبراء ومقابلته للناس فى الشارع وحواره معهم، وليس برأى زوجته فقط.
* خيانة وطنية

القول بأن مبارك رضخ لزوجته.. تعبير دقيق وصادق، لأن القاعدة السيكولوجية فى أغلب بيوتنا هى استقواء الزوجة بقوة الابن عند وهن الزوج وتقدمه فى العمر.. هكذا ترى أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف آمنة نصير تلك العبارة، وإن كانت ترى أن هذه القاعدة أهلكت أسرة مبارك، بعد أن غاب عنهم واقع الدولة التى تربعوا على عرشها عقودا، معتقدين أنهم ملكوا الناس، فأوقعوا أنفسهم فى جريمة قانونية وخيانة وطنية، ومدد الله هو الذى جعلهم يسقطون فى بضع ساعات.
وتقارن آمنة بين زوجات الرؤساء الثلاثة (عبدالناصر والسادات ومبارك)، عبدالناصر ذو الأصول الصعيدية كان يشاور زوجته، لكن لم يمنح السيدة تحية أى مساحة للظهور للمشهد السياسى أو الاجتماعى فى مصر، إلى جانب استعدادها الشخصى بالرضا بأن تكون زوجة الرئيس داخل البيت، بخلاف السيدة جيهان السادات التى كان لديها من قوة الشخصية، ومن استمتاعها بإيقاع هذه القوة على أرض الواقع، لأن تفعل ماتشاء دون أن تبحث عن ابن تستقوى به فى المستقبل، لكن السادات كان يختلف فى شخصيته وفهمه للسياسة والحكم ولسيكولوجية الشعب المصرى، عن مبارك الذى سلم عنقه «بغشومية» لزوجته وانكسر لها وترك الحبل على الغارب لابن حاد الشخصية، بحسب وصف آمنة.
* لعب على المشاعر

ولا تتوقف المحامية ومديرة المركز المصرى لحقوق المرأة نهاد أبوالقمصان عند تلك العبارة الجزئية فى المرافعة قائلة: الرضوخ لأحد من أفراد العائلة ليس جريمة ولو كنا فى بلد ديمقراطى لما كان السعى إلى التوريث مشكلة، والدليل أن المرافعة لم تتضمن طلبا بضم الزوجة للمتهمين فى القضية باعتبارها محرضا.
لكن نهاد تبدى قلقها من المرافعة بأكملها: «مرافعة سياسية أكثر منها قانونية.. وبها خداع ومناورة ودغدغة لمشاعر الشعب المصرى، أكثر من الحديث عن حقوق الناس، وبالتالى فهى تجعل مبارك أقرب للبراءة منه للإدانة، لأن المحاكم لا تعرف إلا الأدلة والوقائع وتحديد التهم، كعدد من قتلهم من الثوار وهل قتل بنفسه أم بإصدار الأوامر للغير، وهل قرار الإحالة للمحاكمة يكفى للمحاكمة أم لا».
وتحذر نهاد: «الشك يفسر لصالح المتهم بحسب القاعدة القانونية، والمفروض أن تكون مرافعة النيابة مهنية تبنى على جمع البيانات وربط الأمور ببعضها البعض، وتربط بإجراءات التحقيق، «وليست عريضة بلاغية أو خطبة سياسية».
ويتفق مع رأى نهاد عالم الاجتماع والعميد السابق لآداب القاهرة أحمد زايد، مؤكدا أن المفروض أن تدافع النيابة عن حق الشعب، معتبرا عبارة أن مبارك رضخ لزوجته، بلا دليل وكان يجب أن تحذف من المرافعة، لكنه يرى فى تلك العبارة نوعا من المبالغة التى تتميز بها المرافعات التاريخية، لإشباع رغبات الناس، لافتا إلى أن صياغة المرافعة بهذا القدر من المبالغات يفهم فى إطار السياق العام حول المرافعة، حيث الشعب كاره لهذه الأسرة ولديه رغبة فى محاكمتها.
* حرائر مصر وجواريها

«هذه العبارة تؤكد على أن مجتمعنا لايزال يرى أن المرأة إما أنها الشيطان الذى أخرج آدم من الجنة والدافع وراء كل جريمة، أو أنها السيدة المصونة والجوهرة المكنونة.. لكنها فى الحالتين ليست مواطنا له حقوق وعليه واجبات مثل الرجل».. هذا هو رأى المديرة السابقة لمركز دراسات المرأة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة وأستاذ الصحافة نجوى كامل، مؤكدة أنه لا فرق فى هذه الرؤية التى ترى أن المرأة وراء انحراف أى رجل بين زوجة الموظف التى دفعته للاختلاس من أموال الشركة أو الهيئة، لأنها تطلب منه حاجات كتيرة، وبين زوجة حرامى الفراخ، أو زوجة رئيس الجمهورية.
وترى نجوى أن هذه الفكرة ذكورية تحمل إدانة للرجل أكثر منها إدانة للمرأة، لأنها تصوره إنسانا بلا عقل ولا إرادة ولازم حد يمشيه، إما ابن أمه أو ماشى وراء كلام مراته، وفى المقابل تجعله فى ذات الوقت حاميا للجوهرة المكنونة والسيدة المصونة، ولهذا انتفض الكثيرون فى مليونية سموها رد الشرف لحرائر مصر، لأنهم رأوا فى تعرية الفتاة إهانة لشرف الرجال، وليس لحقها كمواطن وكإنسان، علاوة على التقسيم الطبقى فى كلمة (حرائر)، الذى ينطوى على وجود جوار وإماء فى المجتمع المصرى، لايتساوين مع الحرائر.
* أم الدواهى

وتتفق مع الرأى السابق الصحفية والناشطة اليسارية بهيجة حسين قائلة: «نعم كان لدى سوزان مبارك رغبة فى أن تصبح أما للرئيس، لكن أين كان هو، هل كان مغيبا لينصاع لرغبات ابنه وزوجته، وبنفس الكيفية فإن الاتهام الموجه لسوزان مبارك هو اتهام ثقافى وليس اتهاما حقيقيا له أسانيد، فهى خرابة البيوت التى أهانت تاريخ صاحب الضربة الجوية». لكن بهيجة تتوقف عند الاتهام الواضح والصريح لسوزان مبارك، وترى أنها متهمة بالفعل لأنها أساءت للشعب المصرى، بإساءات يجب أن تحاكم عليها بوصفها كانت فى موقع المسئولية دون سند من الدستور أو القانون لما كانت تمارسه من سلطات وصلاحيات، ويحاكم عليها أيضا مبارك لأنه هو من أعطاها هذه الصلاحيات وكان المسئول وفقا للدستور.
ومن الحاضر إلى التاريخ، تؤكد أستاذة التاريخ بآداب عين شمس لطيفة سالم، أن قصة مبارك وسوزان تكررت كثيرا فى تاريخ كثير من دول العالم، كما فى مصر مع النحاس باشا، والخديو إسماعيل، وعباس حلمى الثانى.
وترى لطيفة أن كل شخصيات التاريخ كان بها جوانب إيجابية وأخرى سلبية..بداية مبارك وسوزان كانت طيبة، حيث رفض أن تسمى سوزان مبارك، وقال لهؤلاء: «لا.. اسمها سوزان ثابت.. كل شيخ وله طريقة»، فى إشارة لجيهان السادات، التى كانت شخصية مسيطرة أيضا، لكن لم تصل معها الأمور إلى ماوصلت إليه مع سوزان، بسبب أحوال الحرب وتغير النظام الاقتصادى وقتها، وتركهم للحكم بسرعة.
وتتابع لطيفة: «بضمير المؤرخ أقول إن سوزان قدمت بعض الأشياء الطيبة بحسب ما رأيته خلال مشاركتى فى العمل بالمجلس القومى للمرأة، لكن طول فترة بقائها فى قصر الرئاسة جعلها تسعى لأن تبقى فيه للأبد، لدرجة أنها كانت تنادى ابنها جمال بلقب «ياريس»، حسبما سمعت ذلك بأذنى فى جلسة منحها الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة قبل عام ونصف العام فقط.

كتب عبير صلاح الدين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire