mercredi 11 janvier 2012

لميس جابر :أرجوكم رفقاً بالوطن.. تهاجم الاعلام وتدوس تانى على البنت المسحولة

22

بقلم د. لميس جابر    ١١/ ١/ ٢٠١٢
محير جداً الخطاب الإعلامى ليس فى هذه الأيام فقط، لكن طوال العام الماضى كله وإلى يومنا هذا.. محير وغريب سواء كان فضائياً أو صحفياً.. يسير على جانب واحد مثلما كان يفعل الإعلام الحكومى، والفرق بسيط: الإعلام الحكومى، كان موجهاً مع السلطة، له ممنوعات ومحظورات ومسموحات، والإعلام الآن مع الرايجة والموجة تجرى ورا الموجة، وملكى أكثر من كل ملوك العالم حتى ملك اللانشون.. ويسير على مبدأ «ارضى الزبون وريح الزبون»، و«غذى الجماهير» بكل صنوف الوجبات المطلوبة حتى حدوث التخمة.. والتخمة هنا هى التشبع بالتضليل وتزييف الواقع.. أتحدث عن الأغلبية وليس عن الجميع حتى لا أظلم أصوات الحقيقة وإن كانت قليلة وأتعجب من هؤلاء السائرين مع التيار ومن ثقتهم المفرطة فى النفس وإيمانهم بأنهم قادرون على القفز من السفينة وهى تأخذ طريقها إلى القاع لا قدر الله لمصر.
لا أحد يزعم أن أى إعلام فى أى بقعة فى العالم غير موجه ولا حتى فى أعتى الدول الديمقراطية، لكن فى هذه الأيام نحن نحتاج إلى أن نوجه كل شىء فى اتجاه مصلحة الوطن الذى على عتبة أيام لا يعلم بها إلا الله.. والغريب أن الكثيرين يقولون شيئاً أمام الكاميرا وآخر بعيداً عنها، المذيع الهمام الذى تحدثه فتاة وتستعمل كل الألفاظ الخارجة والقبيحة لإهانة المجلس العسكرى وتقول إن الجيش حلق لفتاة مناضلة مثلها شعر رأسها وكتب عليها حرف (تى) بالإنجليزية طبعاً وقال لها هذا سيدك «طنطاوى»، وهى قصة لا تدخل على طفل غر، لكن المذيع الإنسان يتنهد ويتهدج صوته ويقول والدمعة هاتفر من عينيه إنه يعتذر لها بالنيابة عن ملايين المصريين!
من أعطاه هذا الحق؟ ومن يقبل أن يعتذر سيادته باسمه لفتاة تلفق حواديت ساذجة وخايبة، وكل ذلك من أجل إهانة المجلس العسكرى والجيش المصرى، وأخرى تقطع الخط على حاكم الشارقة الذى يتحدث عن تبرعه للمجمع العلمى بكتب نادرة وخرائط ووثائق، ليرد قدراً ضئيلاً من فضل مصر على الخليج كله ـ حسب قوله ـ وعندما يتحدث عن حرب تحرير الكويت وفضل جيش مصر.. يقطع الاتصال مع الشكر الجزيل.. وغيرهم الكثيرون الذين استساغوا كلمة «العسكر» وأخذوا يعدون البرامج ويأتون بالضيوف الذين يلطشون فى الجيش والمجلس على مزاجهم، ويطلبون تسليم السلطة فوراً للمدنيين.. ولم يأتوا بأحد من ذوى العقول والفكر ليحدد لنا من هم بالضبط المدنيون الذين سيتسلمون السلطة بعد ساعة واحدة.. وأساميهم ومبدأ «قل ولا تقل» هو المسيطر الآن على ساحة الكلام..
«المسحولة أهم من المجمع العلمى» عبارة قيلت والجميع يهتف بها فى الصحافة والفضائيات.. لأن الأهم هو أن تثبت التهمة على رجال الجيش «بأنهم يدهسون النساء فى الشوارع» كقول «الأسوشيتدبرس» ذات نفسها، وبالطبع هذه الوكالة وغيرها من وكالات الأنباء العالمية يهودية التمويل والهوى والخطط لا تعطى بالاً إلى المجمع العلمى الذى احترق بشكل يبدو عليه التعمد، لأن شرف المرأة المصرية عندها أهم مائة مرة من أن يكون فى مصر كتاب أو تراث أو وثائق نادرة أو خرائط خطيرة استعملت فى قضية طابا ويوماً ما إسرائيل ـ وهى تلعب الكرة فى السودان، وتركب البسكليتة على الحدود وتضرب أى واحد يفكر يهرب مسدس ميه لعبة إلى غزة..
يوم ما تحب تاخد حتة من حلايب أو شلاتين مفيش خريطة عندنا وطبعاً لن تجد خريطة فى أى حتة فى العالم للأسف ومش مشكلة خالص والحمد لله مادام شرف المرأة المصرية بخير فى التليفزيون.. لم نر كاميرا واحدة توحد الله ذهبت إلى حيث المجمع المحروق.. وسيظل الحدث فى وسط شبورة مائية تعوق الرؤية.. لم يذهب مذيع إلى حيث ذهبت بقايا الأوراق المحروقة، ليرصد لنا مدى الخسائر.. ولا قدر الكتب التى سرقت وبيعت فى الشوارع..
ولن يهتم أحد بقدر وعدد الكتب التى دمرت بفعل المياه ولا بوجود أى خطة لترميم الباقى القليل جداً.. لم نر أى مسؤول يتنقل من شاشة إلى شاشة فى لمح البصر مثلما يحدث، ليتحدث عن محتويات المجمع العلمى وعن وجود أشياء يمكن تعويضها، وأخرى لا يمكن تعويضها.. أو عن الخرائط النادرة التى ترصد الحدود والأرض والحقوق التاريخية.
وعندما أصدرت المحكمة حكم براءة الضباط وجنود الشرطة فى قسم السيدة زينب وصل الحال فى إحدى الصحف العريقة لأن تكتب الخبر كالآتى:
مفاجأة من العيار الثقيل: براءة.. وطبعاً الخبر فى الصفحة الأولى وبجواره صورة كبيرة لأهالى الضحايا وهم يصرخون ومذهولون من الصدمة.. هذا الصحفى كان واثقاً من حكم الإدانة ومتأكداً أن رجال الشرطة قتلة وأيضاً متأكداً من أن الذين هاجموا القسم بالمولوتوف والسلاح الأبيض متظاهرون وثوار، لذلك حدثت له المفاجأة الثقيلة، والمهم أن كل الصحف ركزت على البراءة، ولم تكتب حيثيات الحكم بالتفصيل سوى فى جريدة واحدة، وكتبت مبتورة وعلى استحياء فى الباقى وقالت المحكمة فى حيثيات الحكم (إن المتهمين كانوا فى حالة دفاع عن أنفسهم وعن مقر عملهم، الذى يعد منشأة عامة، والتعدى عليه يعد خروجاً على القانون)، وأكدت المحكمة (أن المجنى عليهم الذين هاجموا القسم بالمولوتوف وحاولوا حرقه و«حرقوه» لم يكونوا من المتظاهرين)، ورغم هذه الجملة الأخيرة والمكتوبة فى صحيفة واحدة فإن كل ما كتب كان فيه كلمة (قتلة المتظاهرين) والحال نفسه مع أطفال الشوارع الذين لم نعرف إلى يومنا هذا ماذا كانوا يفعلون فى شارع محمد محمود ولا ماذا كان يفعل معتصمو مجلس الوزراء.. ولا مهاجمو مجلس الشعب مش مهم كل هذا، المهم أن المجلس العسكرى يقتل ويسحل ويعتقل الشعب المصرى، وطبعاً مهم كلام الست كلينتون الجاهز بأن المجلس يتعامل بالعنف المفرط، وهى حزينة لأن الأمريكان حساسون جداً ولا يطيقون رؤية العنف المفرط ولا حتى فى الأفلام.
لم أر بعد هذا الحكم رجل قانون يؤكد سلامة الحكم ويشرح الحيثيات، لكن الجميع إلا القليل قابل الخبر إن لم يكن بالرفض فبالتلميح والتشكيك.. والتركيز على انهيار أهالى المتظاهرين. أريد أن أرى أى عاقل أو مجنون فى أى بقعة من بقاع الأرض يريد هدم جهاز أمنه وشرطته ويهدد بالقصاص منهم بنفسه، لأن القضاء مشكوك فى أحكامه ومرفوضة مسبقاً.. أى شيطان سيطر على العقول وعلى الأقلام لتثير الشعب ضد جيشه وتصم الجيش بكل نقيصة وتتوعد قادته وكبار رجاله بالمحاكمة والقفص.. أى شيطان صور لأصحاب الرأى أن المصلحة والحرية والتغيير والعهد الجديد لا تتحقق إلا بإسقاط الجيش وتسريح الشرطة ولابد أن تغيير النظام يتبعه بالضرورة تغيير الشعب، لماذا لا يرى الجميع أن العدو ليس داخل الوطن والحدود وأى ضلال أصاب أصحاب القلم والكلمة والرأى حتى لم يعودوا يفرقون بين الخبطة الإعلامية والطعنة فى قلب الوطن..
أرجوكم رفقاً بمصر، فهى الوطن الذى ليس لنا سواه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire