samedi 14 janvier 2012

وائل عبد الفتاح : طبَّاخ السمّ

427
يحيّرنى دائما طهاة السلطة: هل يذوقون طبختهم؟
هل يصدقون ما يقولونه؟ أم أنها طبخات للاستخدام وملء فراغ الأدمغة الحائرة؟
هل يصدق طهاة المجلس العسكرى مثلا أن مجرد ظهور فقرة الساحر وهبوط الكوبونات ببضاعة المصانع الحربية سيعود بالشعب إلى الغناء «الجيش والشعب إيد واحدة»؟
أو أن مجرد الحديث عن إنهاء الاحتقان بين الشباب والمجلس سيزيل آثار جرائم لا تسقط بالتقادم ولا بابتسامات اللواء إسماعيل عتمان وهو يعلن برنامج الاحتفال بالثورة؟
هل يتوقع الطهاة أن الاعتماد على صحافة «تحت الطلب» الجاهزة للأدوار والخدمات سينشر الرعب بالحديث المتكرر عن مؤامرة التخريب وسيناريو حرق القاهرة الثانى؟
ألم يتوقع الطهاة أن يسأل أحد متى سيكون الحريق إذا كانت الهليكوبتر ستطوف بالبلد كلها؟ وإذا كان هناك مخطط فهل هناك مخطِّطون؟ وهل هو نفس المخطط الذى يخرج من ثلاجات السلطة كلما شعرت بالأزمة؟ أم أنه مخطط جديد؟ وهل التحقيق مع شخصيات عامة أو القبض على نشطاء تمهيد ليكونوا هم المتهمين فى حريق القاهرة الثانى؟ متى سيكون الحريق؟ قبل أم بعد فقرة الكومبونات؟
أم أن الحريق سيكون بعد هبوط ميليشيات تحدث عنها أكثر من شخص ينتمون غالبا إلى فئة الدعاة التليفزيونيين؟
يا طهاة المجلس ما كل هذا العكّ؟ معدتنا مرهقة؟ وأنتم بلا خبرات ولا موهبة! ذوقكم قديم وطبختكم ثقيلة على المعدة والمخ؟ وأنتم أنفسكم تعرفون أنها فاسدة.
الطهاة لايذوقون السمّ، لأنهم لو فعلوا لكانوا أنقذوا مبارك.
طهاة مبارك سبقوه إلى النهايات الفاجعة.
أتذكر الآن الدكتور مفيد شهاب مثلا.. أين هو؟ إنه فى الكهف ينتظر.. أو ربما يرسل نصائح إلى طهاة المجلس، وكلهم من أصحاب مهارات تشبه بائع ساندوتش الديناميت فى المطاعم الشعبية.. كل صنعته فى إثارة صاحب المحل.. فى بيع شطارته المعدومة.. يضع كل شىء فى الساندوتش.. فول طعمية باذنجان بطاطس… لا تتعرف على أى طعم… ولا تلتقط حواس التذوق سوى هذه اللخبطة المثيرة.
الفارق الوحيد أن ساندوتش الديناميت يكون لذيذا عندما يبحث الجائع عن مزاج حريف، بينما ديناميت طهاة المجلس سينفجر فى وجه الجميع.
كيف يفكرون؟
هل يخيفون القطاعات المذعورة أكثر مما هى خائفة؟ أم يحرضون قواعد التنظيمات الإسلامية وربما قادتهم على المشاركة فى إنهاء فكرة استمرار الثورة؟
هل هم جادون فعلا فى طبختهم؟ أم أنهم يكسبون الوقت؟
لو كانوا جادين فهذه طبخة مسمومة، لن تؤدى إلا إلى مزيد من الاحتقان والاشتعال… وإذا كانوا يكسبون الوقت، فالوقت ليس فى صالحهم لأن الثورة لم يعد من الممكن أن تعود إلى البيوت وتتحول إلى ذكريات على طريقة جمهورية زفتى.
الثورة لن تكون احتفالا ما دام القتلة بعيدا عن المحاسبة.. هم ومن ارتكب جرائم ضد الثوار منذ ٩ مارس حتى اليوم.
الثورة ستحتفل ببرلمان لم يكن من الممكن أن ينعقد لولاها.. كما لن تترك البرلمان يتحول إلى ألعوبة فى يد الجالس على مقعد السلطة.. أو يتحول إلى مسرح عرائس دون صلاحيات.
الثورة لن تتنازل عن دولة القانون.. وستحارب تحويل القانون إلى أداة استبداد.
الثورة لن تسمح بالاعتداء على حرية وكرامة الفرد العادى باسم أى سلطات مقدسة أو مرجعيات عليا.
.. هذه هى الثورة… فما طبختكم؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire