samedi 7 janvier 2012

هكذا تريد النيابة شنق مبارك.. وهكذا يحاول فريد الديب العودة لشرم الشيخ!

117

فى خلال ثلاثة أيام متواصلة استمرت النيابة العامة فى مرافعتها ضد الرئيس المخلوع ونجليه وحسين سالم رجل الأعمال الهارب، والعادلى ومعاونيه، وقد اقتصر اليوم الأول على مقدمة بلاغية مطولة أصابت المتخصصين بالملل، ربما لطبيعتها السياسية القحة.. فى حين ينتظر المحامون إدانات جنائية دامغة، إلا أن النيابة فى اليومين الثانى والثالث قامت بمجهود يحسب لها، ويشى إلى نحو بعيد بالخطة التى ستسير عليها النيابة لتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين.

وبداية فجرت النيابة مفاجأة بإفصاحها عن عدم تعاون أجهزة ومؤسسات الدولة معها فى جمع الدلائل، فجهاز الشرطة المنوط به جمع الاستدلالات حول الجرائم، لم يكن له دور نهائى فالمتهمون هم قيادات هذا الجهاز، ويبدو أن هناك عملية تعمية وتعتيم كاملة قد جرت بغرض طمس الأدلة، فكان على النيابة القيام بكل المهام وحدها، بعدما طلبت من هيئة الأمن القومى إمدادها بدلائل، لكنها أفضت بأنه لا يتوافر لها أى معلومات!

وهو ما يزيد من فرضية أن هذه الأجهزة كانت تعمل لصالح النظام وليس صالح الشعب، وكان الدليل الأبرز هو ما قدمته المخابرات العامة من شرائط تسجيل الكاميرات بالمتحف المصرى والتى هى خاوية من أى دليل، كذلك فقد صدر أمر التكليف للنيابة ببداية التحقيقات فى 16 فبراير 2011 أى بعد التنحى بـ5 أيام كاملة، وبعد زوال آثار العديد من الأدلة على ارتكاب الجرائم، خصوصا مع بقاء بعض المتهمين فى مناصبهم، وقد سمعت النيابة أقوال المئات من الأشخاص، وقامت بمعاينات وإن كان أغلبها فى غضون شهر مارس 2011، لتنهى تحقيقاتها فى القضية المتهم فيها العادلى ومعاونوه خلال شهر ونصف، وهى صعوبات بالغة بالطبع.

وأفصحت النيابة العامة عن صعوبة إثبات التهم ضد المتهمين بقتل المتظاهرين فجريمة التحريض، مثلا، عسيرة الإثبات، وكشفت أن الخطة القانونية التى اتبعتها لإسناد هذه الجرائم ضد المتهمين استندت إلى الدلائل التى تمكنت منها: وهى وجود عدد من المجنى عليهم خرجوا فى مظاهرات سلمية ثم قتلوا وأصيبوا برصاص حى ومطاطى وطلقات رش، ودهسوا بالسيارات، على يد رجال الشرطة، وحاولت إثبات أنهم المحرضون على قتل المتظاهرين، فلولا تحريضهم، سواء بأوامر صريحة أو موافقة ضمنية تتمثل فى عدم اتخاذ قرار بوقف الاعتداء بالأسلحة النارية من رجال الشرطة مرؤسيهم ما حدث ذلك.. واستندت النيابة، للتدليل على هذه الرابطة، بأدلة قولية وفنية ومستندات، كأقوال المصابين وأهالى المجنى عليهم الذين قتلوا، وشهود عيان بادروا بإثبات ما شاهدوه، كذلك أقوال الشهود من بعض رجال الشرطة المثبتة أقوالهم بقائمة أدلة الثبوت.

بل هناك من أقوال المتهمين ما يدينهم هم أنفسهم! كذلك شهادة الأطباء الذين عاينوا جثث القتلى وضمدوا جراح المصابين، والعديد من الأحراز التى تتمثل فى بعض الأسلحة وفوارغ الطلقات التى قدمتها الجامعة الأمريكية والعديد من الأفراد المصابين، وأكدت النيابة أن اتباع ذات الطريقة فى الاعتداء على المتظاهرين فى عدة محافظات بالتزامن دليل كافٍ على اتباع أسلوب ممنهج وليس عشوائيا أو فرديا، بل استناد إلى أمر رئاسى صدر لكل رجال الشرطة فى محافظات مصر.

هذا بالإضافة إلى التقارير الطبية ودفاتر وزارة الداخلية المحرزة والمثبت بها خروج أسلحة، كذلك ما تم بثه مباشرة من بعض القنوات الفضائية نقلا للأحداث خلال الفترة من 25 إلى 31 يناير 2011، ودللت أيضا النيابة على استحالة عدم علم المخلوع بما حدث ضد المتظاهرين!

ولم تلق مرافعة النيابة العامة قبولا فى ما يخص الاتهام بالتربح وتهمة استغلال النفوذ المتهم فيها المخلوع ونجلاه وحسين سالم فى ما يخص موضوع الأربع فيلات، فهل يقتصر الفساد فى عصر المخلوع على هذا الاتهام أو حساب مكتبة الإسكندرية، أو الاتهام بالحصول على سبيكة ذهبية؟!

وكيّفت النيابة بصورة احترافية الاتهامات فى ما يخص قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل التى أبرمت بشروط مجحفة للطرف المصرى بأسعار غير قابلة للتعديل مع مرور الوقت وارتفاع سعر الغاز، مما ألحق ضررا جسيما بالمال العام قدر بـ714 مليونا و89 ألفا و99 دولارا أمريكيا.

مرافعة النيابة وإن لقيت استحسانا، فإن إثبات العلاقة بين تحريض المتهمين وما تم من قتل وإصابة ودهس للمتظاهرين فى ميادين مصر قد بنى على استنتاجات منطقية، وهو نهج مقبول فى ما يخص جريمة التحريض، لكنه يعطى فرصة لدفاع المتهمين للقول بأن الأدلة على إدانة المتهمين بُنيت على الظن والشك والتخمين، وليست على سبيل القطع والجزم واليقين.

أما دفاع حسن عبد الرحمن، رئيس مباحث أمن الدولة السابق، فدائما ما يحاول إثبات أن الجهاز الذى ترأسه موكله كان جهازا معلوماتيا فحسب، كما أن شهادة الشهود الذين يتقدمون قائمة أدلة الثبوت، معظمها سمعية، أو منقولة عن آخرين، لذا فهى ليست قاطعة الدلالة، كذلك شكك دفاع المتهم فى أن الأحراز الموجودة من أسلحة ربما تكون غير تابعة للشرطة، وإن كانت تابعة فمن هم مستخدموها؟ حتى يتم مساءلتهم وسؤالهم عما كان فعله نتيجة تحريض من المتهمين أم لا؟

كذلك عقد الأمر صدور حكم بتبرئة قتلة المتظاهرين بالسيدة زينب، مما ينحرف بالأمر بأن رجال الشرطة كانوا فى حالة دفاع عن النفس والمنشآت الشرطية، لذا فقد أجادت النيابة بفصل جرائم الاعتداء على المتظاهرين فى الميادين عن جرائم الاعتداء عليهم أمام الأقسام، هذا الأمر قد يفصح عن تفرقة بين الشهداء والمصابين بالميادين وبين غيرهم، فإنه أفضل من الناحية القانونية ليطيح بمبرر الدفاع الشرعى فى ظل قانون لا يفرق بين وقوع الأحداث فى ظل ثورة عارمة ضد رموز الظلم والقهر والمتمثلة فى أقسام الشرطة، وبين الظروف الطبيعية.

وفى النهاية للمحكمة القول الفصل، فالقاضى الجنائى له حرية تكوين عقيدته، وله أن يأخذ بما يطمئن إليه «وجدان المحكمة»، فله الاعتماد على دليل وطرح آخر، وأن يأخذ من الدليل القدر الذى يثق فيه ويلتفت عن سواه، وورغم أن القاضى ملزم بتوقيع العقوبة المقررة بالنصوص القانونية، والجريمة الموجهة إلى المخلوع ووزير داخليته الأسبق العادلى وثلاثة من مساعدى وزيره ومدير أمن القاهرة سابقا هى تهمة الاشتراك فى القتل العمد مع سبق الإصرار، وعقوبتها الإعدام.

وللحكم بالإعدام لا بد من إجماع آراء أعضاء المحكمة، أى اتفاق أعضاء هيئة المحكمة جميعا على توقيع هذه العقوبة ولو اختلف رأى أحدهم فلا يجوز توقيع عقوبة الإعدام، ولا نتناسى أن للقاضى سلطة، منحها إياه قانون العقوبات فيحق له النزول بالعقوبة المقررة متى تراءى له ذلك، فالأمر سلطة تقديرية للقاضى فقط، وهو ما يطلق عليه استعمال الرأفة مع المتهمين، وقد يكون كبر السن أحد الأسباب التى تدعو القاضى إلى استعمال الرأفة، فالمادة 17 من قانون العقوبات تمنح القاضى سلطة النزول بالعقوبة درجتين، أى يمكن أن يحكم بعقوبة السجن الموبد أو الموقت بدلا من الإعدام.

السرعة الفائقة التى تسير بها القضية هذه الأيام تشى بأنها -ربما- ستنتهى قبل أسبوعين بالأكثر أى قبل 25 يناير، وننتظر فى شغف هل إصدار الحكم فى هذه القضية التاريخية سيكون سابقا ليوم 25 يناير 2102، لإرضاء الشعب الثائر؟ أم سيتم حجزها فقط للحكم فى تاريخ سابق؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire