dimanche 25 mars 2012

أسرار الحياة الأخرى للرئيس السادات الحلقة الأولى : حكاية البايب الذى آثار أزمة بين مصر وبريطانيا

image

بمناسبة مرور ما يقرب من 33 عاماً على توقيع معاهدة السلام والتى كان بطلها الرئيس الراحل أنور السادات - نحاول النبش فى سيرة السادات أو لبعض من سيرته - عبر قراءة سريعة لبعض جوانب شخصيته ومواقفه وآرائه وأفكاره..
وبالرغم من أن عشرات الكتب قد صيغت عن السادات منذ اغتياله فى 6 أكتوبر 1981 سواء فى مصر أو خارجها إلا أن الكثير قد تجاهل أسرار الحياة الأخرى للرئيس الراحل أو ما يمكن أن نطلق عليه الوجه الآخر له.. وكيف كان فلاحاً قروياً.. لكنه كان يقاوم فى داخله كل يوم وكل ساعة ذلك الشعور الذى يسميه بالسذاجة والغباء والخوف والجبن..
وأيضاً كيف حار المحللون كثيراً فى تغيير جوانب كثيرة من سياسته وحياته.. لذلك نحاول خلال السطور القادمة عرض بعض أسرار حياته الأخرى وزياراته ولقاءاته..فى أحد الاحتفالات بذكرى يوليو بالإسكندرية كان حاضرًا هذا الاحتفال الرئيس السودانى جعفر نميرى حيث قدم قائد المنطقة العسكرية الشمالية للرئيس السادات سيفا مكتوب عليه «فوق الأراضى المصرية لاتوجد إرادة فوق إرادة الشعب»..


وكان الحفل به بعض الأطفال ممن يؤدون بعض الأكروبات وبعد أن انتهى الاحتفال غادر نميرى المكان إلى المطار فى موكب رسمى مهيب جدًا.

وغادر السادات وزوجته الاسكندرية فى طائرته «الماستير النفاثة» إلى القاهرة.
وفى الذكرى الأولى لوفاة شاه إيران رضا بهلوى ذهب أنور السادات لزيارة قبره، وكان السادات يرى أن هذا الرجل لم يقف أحد بجواره فى محنته وكان الناس يتحدثون عنه وكأنه لم يكن حاكماً لدولة كبيرة فى يوم من الأيام.. وتركه العالم يواجه أقداره بمفرده عدا الشعب المصرى الذى أكد أنه كريم وودود وأهل لكرم الضيافة وحريص على مواقف الصداقة وأنه شعب ذو قيم جميلة وصاحب حضارة وأنه شعب يتمسك بالروحانيات فى عصر تسود فيه الماديات.
بين السماء والأرض


لقد كان السادات دائم الترحال أو بمعنى أدق غالباً ما كان معلقاً بين السماء والأرض فهو يخرج من طائرة ليدخل أخرى يذهب إلى الإسكندرية بالطائرة ليحضر احتفالات 26 يوليو ويعود إلى القاهرة أيضاً بالطائرة.. يذهب ليقرأ الفاتحة على قبر شاه إيران.. يستقل الطائرة المروحية لزيارة أحد أصدقائه فى إحدى محافظات مصر وربما كان ذلك أحد أسباب أنه كان دائماً مشدودًل ومتوترًا خاصة فى أيامه الأخيرة وكذلك فإن هذا الأمر كان يكلف الدولة أموالاً باهظة.
فى الرابع من شهر يونيو عام 1981 حضر مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ليلتقى بالرئيس أنور السادات وكان مكان اللقاء قد تحدد فى شرم الشيخ داخل «فيلا» بسيطة على الشاطئ وكان هدف بيجين من هذه الزيارة أن يظهر للعالم وللشعب الإسرائيلى أنه أيضاً أحد مهندسى السلام وليس السادات فقط.. خاصة أنه خلال هذه الفترة كان بيجين مقدماً على عملية الانتخابات الإسرائيلية.


وأيضاً فإن السادات كان يريد أن يؤكد للعالم أنه قائد ليبرالى كبير وحدث أثناء هذه الزيارة أن كانت القوات السورية قد بدأت فى غزو لبنان وكان من المقرر وصول المبعوث الأمريكى آنذاك فيليب حبيب إلى المنطقة.. وقد طلب من بيجين أن يجعل مهمة حبيب سهلة وميسرة وعلى الأقل أن يتم وقف إطلاق النار فى لبنان.
حدث أيضاً أن ظهر فى البحر قارب عليه عشرات من الإسرائيليين يلوحون فى شبه مظاهرة منددين بعودة سيناء إلى مصر، وكان السادات قد حدد شهر أبريل عام 1982 موعدا لعودة الجزء المتبقى من سيناء إلى السيادة المصرية، وقد استطاع رجال الأمن فض هذه المظاهرة البحرية والتى كان القائمون بها من أهالى قرية ياميت أو مستوطنة ياميت الإسرائيلية.
وكان السادات آنذاك على استعداد لتحمل أى شىء حتى تعود سيناء بكاملها إلى مصر حيث كان يخشى ألا يتم ذلك وما يمكن أن يعقبه من مشاكل!


أزمة «البايب»
خلال رحلة أنور السادات إلى لندن فى طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الأولى من شهر أغسطس عام 1981، حيث وصلت طائرة السادات إلى لندن يوم 2 أغسطس 1981، حيث كانت بداية سيئة جداً لهذه الرحلة خاصة لرجال الأمن المرافقين للرئيس السادات.
وبعد أن هبط أنور السادات من الطائرة ومعه زوجته وأبناؤه وأحفاده والوفد المرافق له وكل من كان برفقته على الطائرة فوجئوا بوجود اثنين من رجال الأمن الإنجليزى يمنعان مرور أى شخص وذلك دونما يعيران أى اهتمام بحركات وتحركات رجال الأمن المرافقين لأنور السادات مما جعل هناك احتمال ظهور نوع من القلق والتوتر بشأن العلاقة مع انجلترا.
هذان الشرطيان الإنجليزيان وقفا وبعد عدة أسئلة مع زملائهم من أفراد الأمن المرافقين للرئيس السادات رفضا مرور أى شخص إلا بعد أن ينزع مرافقو الرئيس السادات من رجال الأمن المصريين أسلحتهم ورغم حدوث نوع من الغضب إلا أن المصريين اضطروا لتسليم أسلحتهم لهذين الرجلين، وكان ذلك سبباً لتوتر رجال الأمن المصريين طوال فترة الإقامة فى لندن، حيث كانوا يشعرون بالخوف حتى عندما كانوا يسيرون بمفردهم وكانوا يخشون أن يعتدى عليهم أحد ولم يكن معهم أسلحتهم، حتى ليدافعوا عن أنفسهم.
وكان من المقرر أن يلتقى السادات ومارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك.. وفى الوقت المحدد كانت تنتظر السادات وتتحدث «هامسة» وبعصبية لرجال الحرس الملكى البريطانى من كثرة الضغط عليها فى المواعيد وكثرة حفلات الاستقبال ثم نظرت فى ساعتها، وقالت إن الرئيس السادات قد تأخر عن موعده أربع عشرة دقيقة ونصف الدقيقة وأن هذا لا يليق.


ويبدو أن السادات وقتها كان متعمداً ذلك خاصة بعدما حدث له أثناء وصوله من الشرطيين الإنجليزيين.. وأنه قد اعتبر نفسه قد استقبل لحظة وصوله لندن بواسطة اثنين من الخدم «وهما الشرطيان اللذان كانا أسفل الطائرة»..
ولكن فى النهاية وصل السادات مستقلا سيارة «رولز رويس» ونزل منها متجهاً لمصافحة «مارجريت تاتشر».. ولكن كان «البايب» الخاص به فى يده!! مما أزعج رجال البروتوكول الإنجليز وأنه شىء معيب أن يسمح السادات لنفسه بمصافحة رئيسة الوزراء وهو ممسكاً ب «البايب»..!
وقد فشلت إيماءات رجال الحرس الخاص بالسادات فى أن يتدارك ذلك الموقف إلى أن تدافعوا نحوه.. وحتى أخذ منه أحدهم «البايب».. ثم سارت الأمور بعد ذلك وفقاً لما هو مخطط له بروتوكولياً..!
وكان السادات يرى أنه ومنذ التقى وزير الخارجية البريطانى اللورد «كاريلنجتون» فى مصر أنه كان قد تأكد أن بريطانيا تريد أن يكون لها دور فى مشكلة الشرق الأوسط والمشكلة الفلسطينية.. وكان يرى أيضاً أن وجود هذا الدور بالإضافة إلى مبادرة «استارز بورج» و«كامب ديفيد» فى النهاية سوف تحرك الموقف إيجابياً.
بل إن السادات نفسه طلب من الإنجليز أن يطلبوا من الأمريكان أن يكون لهم معهم دور فى المفاوضات والاجتماعات واللقاءات الخاصة بمحاولة إيجاد حل للقضية الفلسطينية..!


وخلال إقامة السادات بمنزل السفير المصرى بلندن كان عدد من الفلسطينيين يتجمعون ويهتفون ضد السادات وبعضهم كان ممسكاً بمكبرات صوت وقد اتهموه بأنه مخادع كبير وأنه قد خدعهم هم أنفسهم.. إلا أن الشرطة فرقتهم بعد ذلك.
أيضاً كان لقاء السادات بملكة بريطانيا «إليزابيث الثانية» فيه شىء من الإجحاف والدهشة، حيث كان المفروض أن تستقبله الملكة على باب القصر إلا أنها لم تفعل ذلك وإنما دخل السادات القصر وانتظر حوالى عشرين دقيقة ثم ذهب إليها فى غرفتها حيث استقبلته هناك.. مما أثار دهشة المرافقين للسادات وغضبهم من تصرف الملكة وبالتأكيد أيضاً أنور السادات.
ريجان ممثل جيد
فى الفترة من 4 إلى 10 أغسطس 1981 كانت زيارة السادات لواشنطن وحقيقة الأمر أن الحكومة الأمريكية فى ذلك الوقت لم يكن لديها أى استعداد لأية مشاكل خارجية، حيث كانت مشاكلها الداخلية تستغرقها تماماً بمعنى أن مشكلة الشرق الأوسط أو القضية الفلسطينية فى هذا الوقت تحديداً كانت بمثابة قضية ثانوية جداً للأمريكان وكان هناك أيضاً قلق شديد لدى الأمريكان آنذاك بشأن ما يقدمه الاتحاد السوفيتى من دعم عسكرى لبعض دول منطقة الشرق الأوسط..


وكان ما يهم الأمريكان فى ذلك الوقت أيضاً هو أن يحصل الفلسطينيون على الحكم الذاتى فى أى مكان سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية..
وكان الرئيس ريجان معروفا بأنه ممثل كبير خلال فترة حكمه وأن تمثيله هذا كان أكثر أمام الكاميرات منه أمام الميكروفونات كما أنه أيضاً كان يهتم جداً وأكثر من أى رئيس أمريكى آخر بالاحتفالات داخل البيت الأبيض.. وبالتالى كان رجال البيت الأبيض والمسئولون عن البروتوكول دائماً مشغولين ومتوترين بسبب كثرة الاحتفالات والمآدب.. وكان لديهم يقين بأن مظهر بلادهم يتوقف بالدرجة الأولى على مدى الدقة فى مثل هذه المناسبات والشكل الذى يكون عليه أبهة احتفالات البيت الأبيض.
وخلال مراسم استقبال السادات الرسمية كان السادات يسخر من العلامات التى كانت موجودة على الأرض والتى تحمل توجيهات وإرشادات. كيفية السير ومكان الوقوف.. وغيرها. وكان بجوار جيهان السادات من يوجهونها. كيف تقف ومع من تتحدث.إلخ.


وفى هذا اليوم كان الجو شديد الحرارة لدرجة أن بعض الرجال كانوا يحاولون الوقوف بجوار السيدات اللائى يرتدين قبعات لعل جزء من الظل قد يكون من نصيبهم بسبب هذه القبعات.. ولذلك انهارت «ابنة» السادات من شدة حرارة الشمس وسقطت على الأرض وسرعان ما تم نقلها إلى أحد المستشفيات.
ورغم أن ريجان كان يمارس ولعه بالتمثيل من خلال استعراض نفسه أمام كاميرات المصورين إلا أن السادات وزوجته استطاعا أن يسرقا الكاميرات من ريجان.. حيث كانا يتصرفان بتلقائية وبساطة وكان الحاضرون من الشعب الأمريكى تبدو عليهم السعادة لرؤيتهم أنور السادات..
وكان مقدراً أن يلتقى السادات بمن كان يعتبرهم أصدقاءه.. الرئيس السابق ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد وصديقه الصدوق جيمى كارتر..!
كذلك فإن حفل الاستقبال هذا والذى كان فى «بلير هاوس» ليس به من المراسم أو البروتوكول ما يعكر صفو الموجودين وذلك بسبب أنه لم يكن مصرحاً لدخول أى من الإعلاميين على الإطلاق..
وكان من بين الواقفين وزير الخارجية الأمريكية ألكسندر هيج ووزير الدفاع كاسبار واينبرجر آنذاك ونائب الرئيس الأمريكى آنذاك جورج بوش وجميعهم كان ينتظر دوره فى تحية أنور السادات..
وكانت المقابلات جميعها لا يغلب عليها الطابع الرسمى بسبب عدم دخول أجهزة الإعلام إلى الفندق كما ذكرنا ولكن هناك من كانوا يؤدون بعض الأعمال مثل هيج.. وهناك من كانوا يذهبون ويأتون دونما أى شىء أو دونما أن يكون لهم دور معين مثل جورج بوش نائب الرئيس الأمريكى.


وهناك من يطلقون بعض النكات أو القفشات المضحكة مثلما كان يفعل جيرالد فورد..
أما واينبرجر فكان هو الوحيد الذى يتحدث كثيراً مع الرئيس السادات عن تسليح مصر وزيادة هذا التسليح.. حيث كانوا يريدون مصر أن تكون مميزة من حيث التسليح كصديق أو كشريك أو كحليف مثلها مثل إسرائيل.
وحيث كان السادات له تعبير مشهور عن مصر من أنها جزيرة للوفاق أو جزيرة للسلام وسط منطقة مليئة بالاضطرابات والقلاقل..! مثلما كان يحدث فى لبنان والعداء بين سوريا والعراق والتوتر الذى كان موجوداً فى إيران آنذاك.. فمصر كانت بالنسبة لكل ذلك - على حد تعبير السادات - ما هى إلا واحة للأمان والسلام والهدوء.
وكان السادات يحاول إقناع واينبرجر بأن يكون إمداد الولايات المتحدة الأمريكية لمصر بهذا السلاح بأسرع مما يمكن لما سوف يكون لذلك من أثر طيب حتى وإن كان السادات لن يستطيع المضى فى مباحثات السلام بخطى سريعة.. أو هكذا كان تصود الأمريكان!!


وفى نفس الوقت كانوا متأكدين أن الدول العربية ذات الأنظمة المحافظة لن تستطيع الوقوف أمام الاتحاد السوفيتى قبل أن تحل هذه المشاكل الخاصة بالقضية الفلسطينية وأيضاً فإن السادات كان قد حدد موقفه فى هذا الخصوص من أنه لن يحاول إنجاز أى شىء قبل أن تنفذ جميع الوعود التى وعد بها خلال توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
وكانت وجهة نظره ورأيه الشخصى والذى كثيراً ما صرح به لعدد غير قليل من المقربين إليه.. بأن أيًا من ذلك لن يتم إلا عندما يهيىء الأمريكان والإسرائيليون أنفسهم للجلوس مع الفلسطينيين والتفاهم معهم كما أنه كان قد عقد العزم على أن يبلغ ذلك التصور خلال زيارته هذه إلى الرئيس الأمريكى رونالد ريجان..!


إلا أن ما حدث هو أن الرئيس ريجان كان قد خيب آمال السادات عندما أعلن أكثر من مرة أن منظمة «فتح» الفلسطينية ما هى إلا منظمة إرهابية وبالتالى فإنها لا يمكن أبداً أن تكون شريكًا فى أية مفاوضات..
وبغض النظر عما إذا كان السادات وقتها قد توقع ذلك من عدمه إلا أنه كان هناك نوع من التملق والرياء المتبادلين خلال الكلمتين اللتين تحدث بهما كل من السادات وريجان بمناسبة هذه الزيارة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire